المنشورات

العقيق

بفتح أوله، وكسر ثانيه، على وزن فعيل عقيقان: عقيق بنى عقيل، ومن أوديته قوّ، وفيه دفن صخر بن عمرو بن الشريد أخو خنساء، قالت ترثيه:
وقالوا إنّ خير بنى سليم ... وفارسهم بصحراء العقيق
وهو على مقربة من عقيق المدينة، وعقيق المدينة قد تقدّم ذكره فى رسم النّقيع «4» ، وهو على ليلتين منها.
وقال الخليل: العقيقان: بلدان فى ديار بنى عامر، ممّا بلى اليمن، وهما عقيق تمرة «5» ، وعقيق البياض، والرمل بينهما رمل الدّبيل، ورمل يبرين «6» ، وأنشد:
دعا قومه لمّا استحلّ حرامه ... ومن دونهم عرض الأعقّة فالرمل
وقال عمارة بن عقيل: العقيق واد لبنى كلاب؛ فأمّا قول جرير:
إذا ما جعلت السّىّ بينى وبينها ... وحرّة ليلى والعقيق اليمانيا 

فإنّما نسبه إلى اليمن، لأنّ أرض هوازن فى نجد مما يلى اليمن، وأرض غطفان مما يلى الشام. وإنّما سمّى عقيق المدينة، لأنّه عقّ فى الحرّة. وهما عقيقان: الأكبر والأصغر، فالأصغر فيه بئر رومة التى اشتراها عثمان رحمه الله، والأكبر فيه بئر عروة التى قالت فيها الشعراء، وقد تقدّم ذكر ذلك فى رسم النّقيع.
روى نافع عن ابن عمران أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر الصلاة بالعقيق.
وروى سالم عن أبيه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قيل له وهو بالعقيق: إنك ببطحاء مباركة. وروى عكرمة عن ابن عبّاس، عن عمر بن الخطّاب، وقال:
سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول بوادى العقيق: أتانى آت من ربّى وقال:
صلّ فى هذا الوادى المبارك، وقل حجّة فى عمرة. خرجها البخارىّ وغيره.
وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم قد أقطع بلال بن الحارث العقيق، فلّما كان عمر قال له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقطعك العقيق لتحجره، فأقطع عمر الناس العقيق. وإنما أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا العقيق وهو من المدينة، وأهل المدينة أسلموا راغبين فى الإسلام غير مكرهين، ومن أسلم على شىء فهو له، لأنّ أبا صالح روى عن ابن عبّاس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا قدم المدينة جعلوا له كلّ أرض لا يبلغها الماء، يصنع فيها ما شاء. قال ذلك أبو عبيد. قال: وقال بعض أهل العلم: إنّما أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا العقيق لأنّه من أرض مزينة «1» ، ولم يكن لأهل المدينة وهذا نحو ما قاله عمارة.
وحدّث عبد الله بن القاسم الجعفيّ. قال: قلت لجعفر بن محمد: إنى أنزل «2» .
العقيق، وهى كثيرة الحيّات؛ قال: فإذا رجعت من المدينة، فاستقبلت الوادى، فأذّن، فإنك لا ترى منها شيئا إن شاء الله، ففعلت، فما رأيت منها شيئا.
والدّوداء، على وزن فعلاء، ساكنة العين، بدالين مهملتين: مسيل يدفع فى العقيق. وتناضب: شعبة من بعض أثناء الدّوداء.
والطريق إلى مكة: من المدينة على العقيق.
من المدينة إلى ذى الحليفة ستة أميال، وقيل سبعة، وهو الميقات للناس، وهنالك «1» . منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم واردا وصادرا؛ ثم إلى الحفين «2» ، ثمانية أميال من ذى الحليفة؛ ثم إلى ملل ثمانية أميال؛ ثم إلى السّيالة سبعة أميال؛ ثم إلى الرّوحاء أحد عشر ميلا، ثم إلى الرّويثة أربعة وعشرون ميلا؛ ثم إلى الصّفراء اثنا عشر ميلا؛ ثم إلى بدر عشرون ميلا.
وطريق آخر إلى بدر: تعدل من الرّوحاء فى المضيق إلى خيف نوح، اثنا عشر ميلا؛ ثم إلى الخيام أربعة أميال؛ ثم إلى الأثيل ثلاثة عشر ميلا، والاثيل من الصفراء؛ ثم إلى بدر؛ ويستقيم الطريق من بدر إلى الجحفة يومان «3» فى قفر به آبار عذبة.
وطريق آخر من الرّويثة، وهو أكثر سلوكا: من الرويثة إلى الأثاية اثنا عشر ميلا؛ ومن الأثاية إلى العرج ميلا؛ ومن العرج إلى السّقيا سبعة عشر ميلا؛ ومن السّقيا إلى الأبواء تسعة عشر ميلا؛ ومن الأبواء إلى الجحفة ثلاثة وعشرون ميلا؛ وربّما عدل الناس عن الأبواء، فساروا من السّفيا إلى ودّان، وهى وراء الأبواء، ناحية عن الطريق، بينهما نحو ثمانية أميال؛ ومن ودّان إلى عقبة هرشى خمسة أميال؛ وعقبة هرشى إلى ذات الأصافر ميلان؛ ثم إلى الجحفة؛ وليس بين الطريقين إلّا نحو ميلين.
فهذا ذكر الطريق من المدينة إلى الجحفة.
وعلى سبعة أميال من السّقيا بئر الطّلوب، وهى بئر عاديّة، وهى التى اطّلع فيها معاوية، فأصابته اللّقوة، فأغذّ السير إلى مكّة. وكان نضلة بن عمرو الغفارىّ ينزل بئر الطّلوب؛ وعلى أثر الطلوب لحى جمل، ماء، وهو الذي احتجم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم على وسط رأسه وهو محرم، وفى رواية وهو صائم، وفى أخرى وهو صائم محرم. روى البخارىّ قال: (نا) «1» محمد بن سواء (نا) «2» هشام عن عكرمة عن ابن عبّاس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم بلحى جمل وهو محرم فى وسط رأسه، من شقيقة كانت به.
وكان ينزل لحى جمل عبد الله بن أرقم البلوىّ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبل السّقيا بنحو من ميل وادى العبابيد، وهو القاحة.
روى أبو حاضر ومقسم وغيرهما عن ابن عبّاس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، احتجم بالقاحة وهو محرم. ورواه ابن أبى ليلى عن نافع عن ابن عمر.
وروى محمد بن عبد الرحمن وحكيم بن جبير، أنّهما سمعا رجلا من بنى تميم يقال له ابن الحوتكيّة يقول: قدمنا على عمر بن الخطاب، رضى الله عنه فقال لنفر عنده:
أيّكم حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بالقاحة، إذ أهدى الأعرابىّ إليه الأرنب؟ فقال قائل: أنا أحدّثكم، كنت معه بالقاحة، فأهدى أعرابىّ إليه أرنبا. وكان لا يأكل هديّة بعد الشاة المسمومة حتى يأكل صاحبها منها، فقال للأعرابىّ: كل. رجع بنا القول إلى ذكر الطريق:
من الجحفة إلى كليّة اثنا عشر ميلا، وهى ماء لبنى ضمرة، ومن كليّة إلى المشلّل تسعة أميال، وعند المشلّل كانت مناة «1» فى الجاهلية، وبثنيّة المشلّل دفن مسلم بن عقبة، ثم نبش وصلب هناك، وكان يرمى كما يرمى قبر أبى رغال. ومن المشلّل إلى قديد ثلاثة أميال، وبينهما خيمتا أمّ معبد، ومن قديد إلى خليص عين ابن يزيع سبعة أميال. وكانت عينا ثرّة عليها نخل وشجر كثير ومشارع، خرّبها إسماعيل بن يوسف، فغاضت العين ثم رجعت بعد سنة ثمانين ومائة. ومن خليص إلى أمج ميلان، ومن أمج إلى الرّوضة أربعة أميال، ومن الروضة إلى الكديد ميلان، ومن الكديد إلى عسفان ستّة أميال. وغزال ثنيّة عسفان تلقاها قبله بأرجح من ميل، وعند تلك الثّنيّة واد يجيء من ناحية ساية، يصبّ إلى أمج.
ومن حديث أبى سعيد الخدرىّ، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا قتادة على الصدقة، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه محرمين، حتّى نزلوا ث؟ يّة الغزال بعسفان، فإذا هم بحمار وحش، وذكر الحديث.
وقال عمر بن أبى ربيعة، فذكر عامّة هذه المواضع:
ما عناك الغداة من أطلال وحمراء الأسد منتظمة بالعقيق؛ قال الزبير: كان سعد بن أبى وقّاص قد اعتزل بطرف حمراء الأسد فى قصر بناه، واتّخذ هناك أرضا حتى مات فيه، ودفن بالمدينة.
ومن عسفان إلى كراع الغميم ثمانية أميال والغميم: واد، والكراع: جبل أسود عن يسار الطريق، طويل شبيه بالكراع. وقبل الغميم بميل سقاية العدنىّ ومسجده. وعلى أثر ذلك موضع يقال له مسدوس، آبار لبعض ولد أبى لهب.
ومن كراع الغميم إلى بطن مرّ خمسة عشر ميلا، وقبل كراع الغميم بثلاثة أميال الجنابذ، آبار وقباب ومسجد «1» ، وهى المنصف بين عسفان وبطن مرّ. ودون مرّ «2» بثلاثة أميال مسلك خشن، وطريق زقب «3» بين جبلين، وهو الموضع الذي أسلم فيه أبو سفيان، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبّاسا عمّه أن يحبسه هناك حتى يرى جيوش المسلمين، قال الراجز:
حلّ بمرّ النّاعجات العين ... ناديت صحبى إنّنى رهين
فقلت باسم الله فاستعينوا ... إذا أردتم سفرا فكونوا
مهذّبى السّير ولا تلينوا ... وبطن مرّ دونه حزون
ومن مرّ إلى سرف سبعة أميال؛ ومن سرف إلى مكّة ستّة أميال؛ فمن المدينة إلى مكّة مائتا ميل. وبين مرّ وسرف سرف «4» التّنعيم، ومنه يحرم من أراد العمرة، وهو الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن أبى بكر أن يعمر «5» منه عائشة، ودونه إلى مكّة مسجد عائشة، بينه وبين التنعيم ميلان؛ وبعده بنحو ميلين أيضا فجّ.
قال ابن إسحاق: لمّا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر سلك على نقب المدينة، ثم على العقيق، ثم على ذى الحليفة، ثم على ذات الجيش، ثم على تربان، ثم على ملل، ثم على غميس الحمام، من مرّيين، ثم على صخيرات اليمام، ثم على السيّالة، ثم فجّ الرّوحاء، [ثم على شنوكة، وهى الطريق المعتدلة، ثم على عرق الظّبية، ونزل سجسج، وهى بئر الرّوحاء «1» ] ، ثم ارتحل حتى إذا كان بالمنصرف ترك طريق مكّة بيسار، وسلك ذات اليمين على النازية، حتى جزع «2» وادبا يقال له رحقان، بين النازية وبين مضيق الصّفراء، ثم على المضيق، ثم انصبّ فيه، حتّى إذا كان قريبا من الصّفراء نزل، ثم ارتحل واستقبل الصفراء، ف؟؟ كها بيسار، تفؤّلا بجبليها، وسلك ذات اليمين، على واد يقال له ذفران، وجزع فيه، ثم أتاه الخبر بمسير قريش ليمنعوا عيرهم، ثم ارتحل فسلك على ثنايا يقال لها الأصافر، ثم انحطّ على بلد يقال له الدّبّة، وترك الحنّان بيمين، وهو كئيب عظيم كالجبل، ثم نزل قريبا من بدر.
 

مصادر و المراجع :

١- معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع

المؤلف: أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز بن محمد البكري الأندلسي (المتوفى: 487هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید