المنشورات

قلاية العمر

والعمر عندهم: اسم للدّير أيضا. وقلاية العمر بسرّمن رأى، ويعرف أيضا بعمر نصر «1» ، فإن كانت القلاية مضافة إلى الموضع «2» ، فإنما هو العمر بالضم، وهو من متنزهات آل المنذر بالحيرة. قاله خالد بن كلثوم. وكان الحسين ابن الضحاك يألفه، وكان إلى جانبه خمّار يقال له يوشع، وله ابن أمرد حسن الوجه شماس، فكان الحسين يتألف الخمار من أجل ابنه، حبّا له.
قال الحسين: اصطبحت «أنا» وإخوان لى فى عمر سرّ من رأى، ومعنا أبو الفضل رذاذ وزنام الزامر، فقرأ الراهب سفرا من أسفارهم حتى طلع الفجر، وكان شجىّ الصوت «3» ، ورجع من نغمته ترجيعا لم أسمع مثله، فتفهمه رذاذ وزنام، فغنّى «4» ذلك عليه، وزمر هذا، فجاء له معنى أذهل العقول، وضجّ الرّهبان بالتقديس، قال الحسين: فقلت «5» :
يا عمر نصر لقد هيجت ساكنة ... هاجت بلابل صب بعد إقصار
لله هاتفة هبّت مرجّعة ... زبور داود طورا بعد أطوار
لما حكاها زنام فى تفنّنها ... وافتنّ يتبع مزمورا بمزمار
عجّت أساقيفها فى بيت مذبحها ... وعجّ رهبانها فى عرصة الدار
خمّار حانتها إن زرت حانته ... أذكى مجامرها بالعود والغار
تلهيك ريقته عن طيب خمرته ... سقيا لذاك جنى من طيب «6» خمّار

قال عمر بن محمد: شربنا يوما فى هذا الدير ومعنا حسين «1» ، وبتنا فيه سكارى، فلما طلع الفجر أنشدنى «2» فيه لنفسه:
آذنك الناقوس بالفجر ... وغرّد الراهب بالعمر
فحنّ مخمور إلى خمره ... وجادك الغيث على قدر
واطّردت عيناك فى روضة ... تضحك عن صفر وعن حمر
واستمتعت نفسك من شادن ... قد جاد بالبطن وبالظّهر
فعاط ندمانك حيريّة ... مزاجها معترف الغدر «3»
على خزاماه وحوذانه ... ومشرق من حلل التّبر
يا حبّذا الصّحبة فى العمر ... وحبّذا نيسان من شهر
بحرمة الفصح وسلّافكم ... يا عاقد الزّنّار فى الخصر
لا تسقنى إن كنت بى عالما ... إلا التى أضمر فى سرّى
هات التى تعرف وجدى بها ... واكن بما شئت عن الخمر
 

مصادر و المراجع :

١- معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع

المؤلف: أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز بن محمد البكري الأندلسي (المتوفى: 487هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید