المنشورات

النعت بالجملة

الجملة التي تصلح نعتاً1 لا بد أن تجمع الشروط الأربعة الآتية: 1- أن يكون منعوتها نكرة محضة، مثل كلمتي "فارس وشجاع" في قولهم: "أقبلَ فارس يبتسم، وانتصر شجاع لا يخاف، ويتحقق هذا بخلُوها من "أل الجنسية"، ومن كل شيء آخر يُخَصَّص ويُقَلَّل الشيوع؛ كالإضافة، والنعت، وسائر القيود التي تفيد التخصيص2. والنكرة غير المحضة: هي التي لم تتخلص مما سبق؛ بأن يكون المنعوت إمَّا: مشتملاً على "أل الجنسية" التي تجعل لفظه معرفة، ومعناه نكرة، كقول الشاعرُ: ولقد أَمُرّ على اللئيم يَسبني … فَأَعِفُّ، ثُمّ أقول: لا يَعنيني فجملة: "يسُب"، يصح إعرابها نعتاً في محل جر، مراعاة للناحية المعنوية، والمنعوت هو كلمة: "اللئيم"، ويصح أن يكون حالاً في محل نصب، مراعاة؛ لوجود "أل الجنسية"3. وإما مقيداً بقيد يفيد التخصيص؛ نحو: استمعت لمحاضرةٍ نفسيةٍ ألقاها عالم كبير زار بلادنا. فالنكرة هنا: "محاضرة -عالم" غير محضة؛ لأنها مقيدة بالنعت بعدها "وهو: نفيسة -كبير" ولذلك يصح إعراب الجملة الفعلية: "ألقي ×" "زار ×" نعتاً بعد كل واحد منهما4 … ومما يلاحظ أن المنعوت إذا كان غير محضة، فإن الجملة بعده –وكذا شبهها1 لا تعيين نعتًا. وإنما يجوز أن تكون نعتًا، وأن تكون حالًا والمنعوت يصير صاحب الحال، "وقد سبق3 بيان هذا بإسهاب … ". 2- أن يكون المنعوت مذكورًا؛ نحو: إن رجلًا يصاحب الأشرار لا بد أن يحترق بأذاهم، وقول الشاعر: إن في أضرعنا أَفئدةً … تَعشق المجد، وتأبى أن تضاما ويجوز حذف المنعوت بشرط أن يكون مرفوعًا، وبعض اسم متقدم عليه مجرور بالحرف: "من"، أو: "في"، والنعت جملة أو شبهها؛ مثل: "نحن –الشرقيين – أصحابُ مجدٍ تَلِيدِ؛ منَّا3 سَبَقَ إلى كشف نظريات العلوم الكونية، ومنا استخدمها في الاختراع والابتكار، ومنا اهتدى قبل غيره إلى مَجاهل كوكبه، ومنا هَدَى البشرية إلى أقوم السبل لإسعادها؛ فليس فينا إلا كَشَف، أو: اخترع، أو: اهتدى ،أو: هدى … " تريد: منَّا فريق سبق ،منا فريق استخدم ،منا فريق اهتدى منا فريق هدى، ليس فينا إلا فريق كشف … "وسيجيء الكلام مفصلًا على مواضع حذفه، قريبًا"4. 3- أن تكون الجملة النعتية خبرية، كبعض ما سبق، وكالتي في قول الشاعر: ولا خيرَ في قوم تُذَلُّ كرامُهم … ويعطُم فيهم نَذْلُهم، ويسود فلا تصلح الإنشائية "بنوعيها الطلبي وغير الطلبي"، ولا يصح: رأيتَ مسكينًا عاونْه، وشاهدت محتاجًا هل تساعدُه؟ أو: لا تهنْه....، ولا يصح هذا كتاب بِعتكَهُ؛ تريد: إنشاء البيع الآن "وقت النطق"، والموافقة عليه، لا أنك تخبر بأن البيع حصل قبل النطق5 4- اشتمال الجملة الخبرية على ضمير يربطها بالمنعوت1، ويطابقه في الإفراد والتذكير وفروعهما2، ويجعل الكلام والمعنى متماسَكْين متصلين، ولذا يسمَّى:،الرابط،، والأغلب أن يكون مذكورًا -سواء أكان بارزًا، أو مسْتترًا 3 -فالمذكور البارز كالأمثلة السالفة؛ وقوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} ، ومثل: نصيحة يتبعها عاقل قد تجلب خبرًا غامرًا، وتدفع بلاء قائلًا. وقول الشاعر كلُّ بيتٍ أَنت ساكنه … غير محتاج إلى السُّرُج4 والمستتر كقول الشاعر: وكلّ امرئٍ يُولِ الجميل مُحَبَّب … وكل مكان ينبت العز طيّب وقول الآخر: وإذا أراد الله نثر فضيلة … طُوِيت5 أتاح لها لسان حسود وقد يكون محذوفًا6 إذا كانت معروفًا بقرينة من السياق، أو غيره، ولا لبس في حذفه، كقول القائل: وما أَدري أَغَيَّرهمْ تَناءٍ … وطولُ الدّهر، أم مالٌ أَصابوا التقدير: أصابوه. ومثل:،ما شيءٌ حميتَ بمستباح1،. أي: حتميته. وقول الآخر: قال لي: كيف أنت؟ قلت: عليلُ … سهرٌ دائم،،وليلٌ طويلٌ أي: أنا علي؛ سهره دائم، وليله طويل2 …وقد يغني عنه وجوده في جملة معطوفة1 بالفاء، أو: بالواو، أو: ثم على الجملة النعتية الخالية منه؛ نحو: مررت برجل تقصف الرعود، فيرتجف؛ أو: فيرتجب. أو: ثم يرتجف. التقدير: "هو" لا في كل ذلك 











مصادر و المراجع:

1-المفتاح في الصرف المؤلف: أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الفارسي الأصل، الجرجاني الدار (ت ٤٧١هـ)

2- أبنية الأسماء والأفعال والمصادر المؤلف: ابن القَطَّاع الصقلي (المتوفى ٥١٥ هـ)

3-المقدمة الجزولية في النحو المؤلف: عيسى بن عبد العزيز بن يَلَلْبَخْت الجزولي البربري المراكشي، أبو موسى (ت ٦٠٧هـ)

4- الخلاصة في النحو، ألفية ابن مالك المؤلف: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك الأندلسي (ت ٦٧٢ هـ)

5-ارتشاف الضرب من لسان العرب المؤلف: أبو حيان محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان أثير الدين الأندلسي (ت ٧٤٥ هـ)

6- النحو الوافي المؤلف: عباس حسن (ت ١٣٩٨هـ)

7-الجمل في النحو المؤلف: أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري (ت ١٧٠هـ)

8-الكتاب المؤلف: عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالولاء، أبو بشر، الملقب سيبويه (ت ١٨٠هـ) 9- المقتضب المؤلف: محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالى الأزدي، أبو العباس، المعروف بالمبرد (ت ٢٨٥هـ)

10-الأصول في النحو المؤلف: أبو بكر محمد بن السري بن سهل النحوي المعروف بابن السراج (ت ٣١٦هـ)

11-شرح كتاب سيبويه المؤلف: أبو سعيد السيرافي الحسن بن عبد الله بن المرزبان (ت ٣٦٨ هـ) 12-الإيضاح العضدي المؤلف: أبو علي الفارسيّ (٢٨٨ - ٣٧٧ هـ)

13-علل النحو المؤلف: محمد بن عبد الله بن العباس، أبو الحسن، ابن الوراق (ت ٣٨١هـ)

14-شرح أبيات سيبويه المؤلف: يوسف بن أبي سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان أبو محمد السيرافي (ت ٣٨٥هـ)

15-اللمع في العربية المؤلف: أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت ٣٩٢هـ)

16-الخصائص المؤلف: أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت ٣٩٢هـ)

17-المفصل في صنعة الإعراب المؤلف: أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (ت ٥٣٨هـ)

18- المرتجل (في شرح الجمل) المؤلف: أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد ابن الخشاب (٤٩٢ - ٥٦٧ هـ)

19- نتائج الفكر في النَّحو للسُّهَيلي المؤلف: أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد السهيلي (ت ٥٨١هـ)

20-البديع في علم العربية المؤلف: مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد

21- المقدمة الجزولية في النحو المؤلف: عيسى بن عبد العزيز بن يَلَلْبَخْت الجزولي البربري المراكشي، أبو موسى (ت ٦٠٧هـ)

22- شرح المفصل للزمخشري المؤلف: يعيش بن علي بن يعيش ابن أبي السرايا محمد بن علي، أبو البقاء، موفق الدين الأسدي الموصلي، المعروف بابن يعيش وبابن الصانع (ت ٦٤٣هـ)

23-الكناش في فني النحو والصرف المؤلف: أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن علي بن محمود بن محمد ابن عمر بن شاهنشاه بن أيوب، الملك المؤيد، صاحب حماة (ت ٧٣٢ هـ)

24-شرح ابن الناظم على ألفية ابن مالك المؤلف: بدر الدين محمد ابن الإمام جمال الدين محمد بن مالك (ت ٦٨٦ هـ)

25-الشافية في علم التصريف (ومعها الوافية نظم الشافية للنيساري - المتوفى في القرن ١٢)

 

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید