أ" تَعَدُّدُ النعت في الحالات التي يكون فيها عامله واحدًا:
1- إذا تعدد النعت، والمنعوت فغير متعدد -لأنه واحد- وجب تفريق النُعوت1، مسبوقة بواو العطف2 أو غير مسبوقة، إلا الأول، فلا يُسبَق بها. نحو: لا شيء يقبُح في العين كرؤية عالم مختال، مغرُورٍ، أو: عالمٍ زَرِيِّ وضيعٍ، ويصح: كرؤية عالم مختال ومغُرور، أو: عالم زريّ ووضيع3 …
وتمتنع واو العطف إذا كان المعنى المراد لا يتحقق بنعت واحد، ولا يستفاد إلا من انضمام نعت إلى آخر فينشأ من مجموعهما المعني المقصود: نحو: الفصول أربعة: أطيبها الربيع البارد الحارّ، أي: المعتدل في درجة حرارته وبرودته، ولا يجوز البارد والحارّ؛ لأن المعنى المراد -وهو: الاعتدال- لا يؤخذ لا من اشتراك الاثنين في تأديته، وانضمام كل منهما إلى الآخر: فكلاهما جزء يتمم نظيره ويلازمه في تكوين المعنى الكامل المقصود منهما معًا. والكلمتان هنا بمنزلة كلمة واحدة ذات قطرين: لا يصح أن يَفْصِل بين شطريها حرف عطف أو غيره. ومثل: شرب المريض الدواء الحلو المرّ، أي: المتوسط في حلاوته ومرارته. ومثل: اشتريت صوفًا ناعمًا خشنًا، ومثل: هذا زجاج صُلب هّشّ …
2- وإذا تعدد النعت والمنعوت متعددٌ بغير تفريق، وبغير أن يكون اسم إشارة فإن كانت النعُوت متحدة في لفظها ومعناها معًا وجب عدم تفريقها، وأن تكون مثناة أو جمعًا على حسب منعوتها. نحو: ما أعجب الهرمينِ القديمينِ!. ولا يصح: ما أعجب الهرمين القديم والقديم. ونحو: ما أجمل الزهرات اليانعات، ولا يصح: اليانعة، واليانعة، واليانعة.
فإن كانت النعوت مختلفة في لفظها ومعناها معًا أو في أحدهما وجب التفريق بالواو العاطفة؛ فمثال الاختلاف في اللفظ والمعنى قول الشاعر:
بكيْتُ، وما بُكَا رجلٍ حزينٍ … على رُبْعينِ؛ مسلوبٍ1، وبالٍ
وقول أحد المؤرخين … ولما انتهت الموقعة بهزيمة الأعداء بحثنا عن قادة جيشهم، فعرفنا القادة: القتيلّ، والجريح، والأسيرَ، والمذهولَ من هول ما رأى وسمع …
ومثال الاختلاف في اللفظ دون المعنى: أبصرت سيارتين: ذاهبة ومنطلقةً قاومت طوائف؛ باغيةً، ومعتديةً، وظالمةً.
ومثال المختلفة في المعنى دون اللفظ. تنصحت رجلين هاويًا وهاويًا2 فإحدى الكلمتين فعلها: "هَوِىَ" بمعنى: "أَحَبَّ" والأخرى فعلها: "هَوَى" بمعنى سقط على الأرض. ولا بد من قرينة تدل على هذا الاختلاف المعنوي. ومثل: عرفت رجالًا؛ كاسية، وكاسية، وكاسية، بمعنى: كاسية غيرها: وبمعنى: مكسوة، وبمعنى: غنية.
واذا كان المنعوت المتعدد اسم إشارة لم يجز في نعته المتعدد التفريق لأن نعت أسماء الإشارة لا يكون مختلفًا عنها في المطابقة اللفظية؛ فلا يصح مررت بهذين الطويل والقصير على اعتبارهما نعتين1.
3- إذا تعدد النعت والمنعوت متعدد متفرق فإن كانت النعوت متحدة في ألفاظها ومعانيها وجب عدم تفريقها؛ مثل: سافر محمود، وعلي، وحامد المهندسون. وان كانت مختلفة وجب أحد أمرين.
إمَّا تقديم المنعوتات المتفرقة كلها متوالية، يليها النعوت كلها متوالية متفرقة أيضًا ومرتبة؛ بحيث يكون النعت الأول للمنعوت الأخير؛ والنعت الثاني للمنعوت الذي قبل الأخير، وهكذا، حتى ينتهي الترتيب بأن يكون النعت الأخير للمنعوت الأول "فملخص هذه الطريقة: أن يكون كل نعت مقصورًا على أقرب منعوت إليه".
وإما: وضع كل نعت عقب منعوته مباشرة.
فعلى الطريقة الأولى نقول: ما أعظمَ الثمار التي نجنيها من الكتب، والصحف، والمجلات، والإذاعة، والمؤلفين … البارعين، المختارةِ، الرفيعة، الصادقة، النافعة،.... فكلمة "البارعين" نعت للمؤلفين، وكلمة "المختارة": نعت للإذاعة و"الرفيعة": نعت للمجلات، و"الصادقة": نعت للصحف، و"النافعة": نعت للكتب وعلى الطريقة الثانية نقول: ما أعظم الثمار التي نجنيها من الكتب النافعة. والصحف الصادقة، والمجلات الرفيعة، والإذاعة المختارة، والمؤلفين البارعين. وللمتكلم أن يختار من الطريقتين ما يراه أنسب للمقام بشرط أمن اللبس، بحيث يتعين كل نعت لمنعوته، دون اشتباه
مصادر و المراجع:
1-المفتاح في الصرف المؤلف: أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن
محمد الفارسي الأصل، الجرجاني الدار (ت ٤٧١هـ)
2- أبنية الأسماء والأفعال والمصادر المؤلف: ابن القَطَّاع الصقلي
(المتوفى ٥١٥ هـ)
3-المقدمة الجزولية في النحو المؤلف: عيسى بن عبد العزيز بن
يَلَلْبَخْت الجزولي البربري المراكشي، أبو موسى (ت ٦٠٧هـ)
4- الخلاصة في النحو، ألفية ابن مالك المؤلف: أبو عبد الله محمد بن
عبد الله بن مالك الأندلسي (ت ٦٧٢ هـ)
5-ارتشاف الضرب من لسان العرب المؤلف: أبو حيان محمد بن يوسف بن علي
بن يوسف بن حيان أثير الدين الأندلسي (ت ٧٤٥ هـ)
6- النحو الوافي المؤلف: عباس حسن (ت ١٣٩٨هـ)
7-الجمل في النحو المؤلف: أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن
تميم الفراهيدي البصري (ت ١٧٠هـ)
8-الكتاب المؤلف: عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالولاء، أبو بشر،
الملقب سيبويه (ت ١٨٠هـ) 9- المقتضب المؤلف: محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالى
الأزدي، أبو العباس، المعروف بالمبرد (ت ٢٨٥هـ)
10-الأصول في النحو المؤلف: أبو بكر محمد بن السري بن سهل النحوي
المعروف بابن السراج (ت ٣١٦هـ)
11-شرح كتاب سيبويه المؤلف: أبو سعيد السيرافي الحسن بن عبد الله بن
المرزبان (ت ٣٦٨ هـ) 12-الإيضاح العضدي المؤلف: أبو علي الفارسيّ (٢٨٨ - ٣٧٧ هـ)
13-علل النحو المؤلف: محمد بن عبد الله بن العباس، أبو الحسن، ابن
الوراق (ت ٣٨١هـ)
14-شرح أبيات سيبويه المؤلف: يوسف بن أبي سعيد الحسن بن عبد الله بن
المرزبان أبو محمد السيرافي (ت ٣٨٥هـ)
15-اللمع في العربية المؤلف: أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت ٣٩٢هـ)
16-الخصائص المؤلف: أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت ٣٩٢هـ)
17-المفصل في صنعة الإعراب المؤلف: أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد،
الزمخشري جار الله (ت ٥٣٨هـ)
18- المرتجل (في شرح الجمل) المؤلف: أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد
بن أحمد ابن الخشاب (٤٩٢ - ٥٦٧ هـ)
19- نتائج الفكر في النَّحو للسُّهَيلي المؤلف: أبو القاسم عبد الرحمن
بن عبد الله بن أحمد السهيلي (ت ٥٨١هـ)
20-البديع في علم العربية المؤلف: مجد الدين أبو السعادات المبارك بن
محمد بن محمد بن محمد ابن عبد
21- المقدمة الجزولية في النحو المؤلف: عيسى بن عبد العزيز بن
يَلَلْبَخْت الجزولي البربري المراكشي، أبو موسى (ت ٦٠٧هـ)
22- شرح المفصل للزمخشري المؤلف: يعيش بن علي بن يعيش ابن أبي السرايا
محمد بن علي، أبو البقاء، موفق الدين الأسدي الموصلي، المعروف بابن يعيش وبابن
الصانع (ت ٦٤٣هـ)
23-الكناش في فني النحو والصرف المؤلف: أبو الفداء عماد الدين إسماعيل
بن علي بن محمود بن محمد ابن عمر بن شاهنشاه بن أيوب، الملك المؤيد، صاحب حماة (ت
٧٣٢ هـ)
24-شرح ابن الناظم على ألفية ابن مالك المؤلف: بدر الدين محمد ابن
الإمام جمال الدين محمد بن مالك (ت ٦٨٦ هـ)
25-الشافية في علم التصريف (ومعها الوافية نظم الشافية للنيساري -
المتوفى في القرن ١٢)
تعليقات (0)