المنشورات

وليل يقول الناس من ظلماته … سواء صحيحات العيون وعورها كأنّ لنا منه بيوتا حصينة … مسوحا أعاليها وساجا كسورها

.. البيتان للشاعر مضرّس بن ربعيّ، وهو شاعر جاهلي ... والمسوح: جمع مسح، بالكسر، وهو نسيج من الشعر
الأسود، وتصنع منه غرائر كبار يجعل فيه التبن، والساج:
ضرب من الشجر، خشبه أسود. والساج: الطيلسان الأخضر. والكسور: جمع كسر بكسر الكاف، وهو أسفل شقّة البيت التي تلي الأرض من حيث يكسر جانباه من يمينك ويسارك. شبه الشاعر الليل بالبيوت الحصينة، للتحصين بهول الظلام فإنه لا يقدر أحد أن يهجم على أحد، وأن العيون الصحيحة والعيون العور سواء في عدم رؤية شيء لتكاثف الظلام.
والشاهد في البيت الثاني أنّ مسوحا وساجا نعتان لقوله «بيوتا» وصحّ النعت بهما مع أنّ كلا منهما اسم جوهر، أي: جسم، لتأويلهما بالمشتق، فالأول (مسوحا) يؤول ب (سودا) والثاني (ساجا) ب (كثيفا) ورفع الأعالي والكسور ب (مسوح)، و (ساج)، لإقامتهما مقام (سود).
وأراد الشاعر أن أعلاه أشدّ ظلاما من جوانبه، لأن الإنسان إذا كان قائما في الظلام لا يكاد يرى شيئا، وإذا لطئ بالأرض فربّما رأى شيئا. وقوله: من ظلماته، من:
للتعليل، وسواء: خبر مقدم، وصحيحات: مبتدأ مؤخر، والجملة مقول القول. [الخزانة/ 5/ 18].



مصادر و المراجع :

١-  شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية «لأربعة آلاف شاهد شعري»

المؤلف: محمد بن محمد حسن شُرَّاب


تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید