المنشورات

متكنّفي جنبي عكاظ كليهما … يدعو وليدهم بها عرعار

البيت آخر أبيات تسعة للنابغة الذبياني، حذّر بها عمرو بن المنذر بن ماء السماء، ملك الحيرة من أعدائه، وهم قوم النابغة. أخبره بأنهم نزلوا بعكاظ وهم كثيرون، ينتظرون وقوع الربيع، فيرعونه ويحاربونه، وأولها:
من مبلغ عمرو بن هند آية … ومن النصيحة كثرة الإنذار
لا أعرفنّك عارضا لرماحنا … في جفّ تغلب وارد الأمرار
إلى أن قال:
فيهم بنات العسجديّ ولاحق … ورق مراكلها من المضمار
تشلى توابعها إلى ألّافها … خبب السباع الولّه الأبكار
متكنّفي .. البيت.
ومعنى البيت الشاهد: أنهم يقيمون في كنفي جنبي عكاظ، والكنف: الناحية، وهو جمع مذكر سالم حذفت منه نونه
للإضافة، والإضافة لفظية ولذلك صح إعراب متكنّفي: حالا من أصحاب هذه الخيل. وعكاظ: السوق المعروفة في نواحي الطائف.
وكليهما: توكيد لقوله «جنبي» والوليد: الصبي، وبها: الضمير يعود إلى عكاظ، و (عرعار) لعبة للصبيان، إذا خرج الصبي من بيته ولم يجد أحدا يلاعبه، رفع صوته فقال: (عرعار)، أي: هلمّوا إلى العرعرة، فإذا سمعوا صوته خرجوا ولعبوا معه تلك اللعبة. وعرعار مبني على الكسر، وهو معدول عن قولهم «عرعر» أي: اجتمعوا للعب، ويريد الشاعر: أنهم آمنون في إقامتهم هناك لعزّهم وكثرتهم، وصبيانهم يلعبون بهذه
اللعبة لبطرهم ورفاهيتهم، والشاهد: أن عرعار اسم فعل أمر معدول عن الرباعي «عرعر».
قال أبو أحمد: وقصة هذا البيت، من أمثلة كثيرة، نفنّد بها آراء نقدة الأدب الذين يقولون: إنّ القصيدة العربية مفككة وإن البيت وحده القصيدة، وهل يمكن فهم هذا البيت دون وضعه في سياقه؟ وقد عرضنا هذه القضية في مقدمة هذا الكتاب، فانظر القول الفصل فيها. [الخزانة/ 6/ 314، وشرح المفصل/ 4/ 52، والأشموني/ 3/ 160].




مصادر و المراجع :

١-  شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية «لأربعة آلاف شاهد شعري»

المؤلف: محمد بن محمد حسن شُرَّاب

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید