المنشورات

يا ما أمليح غزلانا شدنّ لنا … من هؤليّائكنّ الضّال والسّمر

... البيت من جملة أبيات، بل من مجموعات متعددة من الأبيات. يذكر منها هذا البيت، وينسب إلى العرجي، وإلى بدوي اسمه كامل الثقفي، وإلى غيرهما. [انظر شرح أبيات المغني] والأبيات التي يذكر البيت معها من أجمل وأرقّ ما قرأت من الشعر في الغزل، ومنها:
حوراء لو نظرت يوما إلى حجر … لأثّرت سقما في ذلك الحجر
يزداد توريد خدّيها إذا لحظت … كما يزيد نبات الأرض بالمطر
فالورد وجنتها والخمر ريقتها … وضوء بهجتها أضوا من القمر
يا من رأى الخمر في غير الكروم ومن … هذا رأى نبت ورد في سوى الشجر
كادت ترفّ عليها الطير من طرب … لما تغنّت بتغريد على وتر
بالله يا ظبيات القاع قلن لنا … ليلاي منكنّ أم ليلى من البشر
ولكن البيت الشاهد أفسد جمال الأبيات، بكلمة (هؤليائكن) التي تعوق انسياب الرقّة والعذوبة، والرونق، لما فيها من النشاز ... ومع ذلك لا يخلو البيت الشاهد من الفوائد.
فقوله: يا: حرف نداء، والمنادى محذوف، أي: يا صاحبي، و «ما» للتعجب، مبتدأ، وقوله «أميلح» تصغير «أملح» وهو فعل ماض والفعل لا يصغّر، ولكنه صغّره تشبيها له بأفعل التفضيل، قال سيبويه في تعليله: إنه أراد تصغير
الموصوف بالملاحة كأنك قلت «مليّح» لكنهم عدلوا عن ذلك وهم يعنون الأول، ومن عادتهم أن يلفظوا بالشيء وهم يريدون شيئا آخر. والغزال: ولد الظبية، وهو يمرّ بمراحل من حين ولادته:
فهو طلي ثم غزال، ثم شادن ثم شصر [عمره شهر] ثم جداية [للمذكر والمؤنث] ثم الرّشأ [وهو الفتيّ] ثم ظبي والأنثى ظبية.
وقوله: شدنّ: ماضي: شدن الغزال، أي: قوي وطلع قرناه، واستغنى عن أمّه، والنون الثانية في شدنّ ضمير الغزلان. فاعل شدن والجملة صفة لغزلان، وقوله: لنا، ومن هؤلاء متعلقان ب: شدنّ، وقوله: من هؤليائكن: بتشديد الياء، مصغّر هؤلاء شذوذا، وأصله: أولاء: بالمدّ والقصر و «ها» للتنبيه، وأولاء: اسم إشارة، يشار به إلى الجمع بنوعيه والكاف حرف خطاب، والنون حرف لجمع الإناث، والضّال: صفة اسم الإشارة أو عطف بيان لها، وهو السدر البري، واحده ضاله، والسّمر: بفتح السين وضم الميم، شجر شائك عظيم، واحده سمرة. [الإنصاف/ 127، وشرح المفصل/ 1/ 61، والهمع/ 1/ 76، والأشموني/ 3/ 18].




مصادر و المراجع :

١-  شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية «لأربعة آلاف شاهد شعري»

المؤلف: محمد بن محمد حسن شُرَّاب

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید