المنشورات

ولا تهيّبني الموماة أركبها … إذا تجاوبت الأصداء بالسّحر

الببيت لتميم بن مقبل، بل تميم بن أبيّ بن مقبل، شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام وعاش مائة وعشرين سنة، والبيت من قصيدة طويلة في ديوانه، وكان السبب في نظم هذه القصيدة أنه خرج في بعض أسفاره فمرّ بمنزل (عصر العقيلي) وقد جهده العطش فاستسقى، فخرجت إليه ابنتاه بعسّ [وعاء] فيه لبن، فرأتاه أعور كبيرا، فأبدتا له بعض الجفوة، وذكرتا عوره وكبره، فرجع ولم يشرب، فبلغ أباهما الخبر، فتبعه ليردّه، فلم يرجع، فقال: ارجع ولك أعجبهما إليك، فرجع وقال هذه القصيدة، يفخر وينصح، ومما يستجاد منها:
لوما الحياء ولوما الدين عبتكما … ببعض ما فيكما إذ عبتما عوري
وقوله: تهيبني، أي: تتهيبني، بتاءين فحذف إحداهما، والموماة: بضم الميم، المفازة، أو الصحراء الخالية، يقول: أسافر في المفازة وحدي وأركب الطريق منفردا، ولا أهابها خشية عدوّ أو سبع، ولا سيما بالليل ووقت الأسحار وعند تجاوب الأطيار، فإن المسافر إذا كان وحده، يهاب الطريق، وقوله: الأصداء: مفرده صدى، وهو طائر يصيح في الليل، وقالوا: هو ذكر البوم.
والشاهد في البيت: قلب الإسناد، فقال: تتهيبني الموماة وأصله: يهاب الرجل
الموماة، فالموماة مهوبة ولكنه قلب وهو كثير في كلام العرب، كقولهم: عرضت الناقة على الماء، ويريدون: عرضت الماء عليها. [شرح أبيات المغني/ 8/ 115، والحيوان/ 7/ 59].




مصادر و المراجع :

١-  شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية «لأربعة آلاف شاهد شعري»

المؤلف: محمد بن محمد حسن شُرَّاب

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید