المنشورات

أأطعمت العراق ورافديه … فزاريّا أحذّ يد القميص

البيت للفرزدق، في هجاء عمر بن هبيرة، ويروى مطلعه «أوليت العراق». وقوله:
أحذّ، أي: سريع اليد خفيفها، يصفه بالغلول وسرعة اليد، أي: السرقة. والشطر الثاني ذكره نقّاد الأدب القدماء شاهدا على الشعر المتكلف، فقال ابن قتيبة: يريد: أوليها خفيف اليد، يعني: في الخيانة، فاضطرته القافية إلى ذكر القميص. وفي لسان العرب:
وقوله: أحذّ يد القميص، أراد أحذّ اليد، فأضاف إلى القميص لحاجته. وقال الأستاذ
محمود شاكر في حاشية تحقيق الطبقات: رجل أحذّ، سريع اليد خفيفها في إخفاء السرقة، وأضاف اليد إلى القميص لسرعته في إخفاء ما يسرق، كما يخفي السارق ما سرق في كمه. ويقولون: الأحذّ: المقطوع اليد، كأنه أراد أنه مشهور بالسرقة، كأنه حدّ فيها وقطعت يده، وإن لم يكن هناك قطع على الحقيقة.
وقال ابن برّي: يريد أنه قصير اليد عن نيل المعالي، فجعله كالأحذ الذي لا شعر لذنبه، وهو لا يحبّ لمن هذه صفته أن يولّى العراق.
قال أبو أحمد: والقول بتكلف الفرزدق في هذا البيت، ليس متفقا عليه، ويؤخذ من تفسير ابن برّي، أن الشاعر يصف ابن هبيرة باللؤم والضعف عن نيل المعالي، واليد أداة نيل المعالي، فإذا كانت حذّاء، فصاحبها لا يظهرها لطلب المجد، وكأنه يخفيها في كمّه جبنا. والله أعلم.
واستشهد السيوطي في «الهمع» بالشطر الأول على جواز استخدام المثنى بدل المفرد سماعا، وقال في عقبه: أي: رافده، لأن العراق ليس له إلا رافد واحد، قال أبو أحمد:
وهذا كلام لا يصح، فالعراق له رافدان، هما دجلة والفرات.
والمخاطب في قوله «أوليت» أحد خلفاء بني أمية. [الهمع: ج 1/ 50، والشعر والشعراء ص 32، من المقدمة، واللسان (حذّ)].



مصادر و المراجع :      

١-  شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية «لأربعة آلاف شاهد شعري»

المؤلف: محمد بن محمد حسن شُرَّاب

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید