المنشورات

فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع … فألهيتها عن ذي تمائم محول

هذا البيت لامرئ القيس من معلقته، وأورده ابن هشام في «المغني» شاهدا على أنّ
«مثلك» مجرور بعد الفاء بإضمار «ربّ»، ويجوز نصب «مثلك» بالفعل بعده. ولذلك يروى «ومثلك حبلى قد طرقت ومرضعا». والشاعر كاذب فيما قاله؛ لأنه يزعم أنه محبب إلى النساء والمراضع على زهدهنّ في الرجال، فكيف الأبكار الراغبات. قال الباقلاني في «إعجاز القرآن»: البيت عابه عليه أهل العربية، ومعناه عندهم حتى يستقيم الكلام: فربّ مثلك قد طرقت، وتقديره: أنه زير نساء، وأنه يفسدهنّ، ويلهيهنّ عن حبلهنّ ورضاعهنّ؛ لأنّ الحبلى والمرضعة أبعد من الغزل وطلب الرجال. وهذا البيت في الاعتذار والاشتهار والتهيام غير منتظم مع المعنى الذي قدمه؛ لأنّ تقديره: لا تبعديني عن نفسك، فإني أغلب النساء، وأخدعهنّ عن رأيهنّ، وأفسدهنّ بالتغازل، وكونه مفسدة لهنّ، لا يوجب له وصلهنّ، وترك إبعادهنّ إياه، بل يوجب هجره، والاستخفاف به؛ لسخفه ودخوله كلّ مدخل فاحش، وركوبه كلّ مركب فاسد، وفيه من الفحش والتفحش، ما يستنكف الكريم من مثله، ويأنف من ذكره. (إعجاز القرآن ص 255). وقال المرزباني في الموشح: عيب على امريء القيس فجوره وعهره في شعره، كقوله:
«ومثلك حبلى»، وقالوا: هذا معنى فاحش، قالوا: كيف قصد للحبلى والمرضع دون البكر، وهو ملك وابن ملوك، ما فعل هذا إلا لنقص همته.
قال أبو أحمد: وتصريح امريء القيس بما كان منه مع الحبليات والمرضعات، يدل على جهله بطبائع النساء، فالمرأة من طبعها الغيرة، وتريد من الرجل أن يكون لها وحدها، وما صرح به لصاحبته، كان من دواعي نفورها منه؛ لأنه كشف من أخلاقه عدم إخلاصه لها.




مصادر و المراجع :

١-  شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية «لأربعة آلاف شاهد شعري»

المؤلف: محمد بن محمد حسن شُرَّاب

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید