المنشورات

أتعرف أم لا رسم دار معطّلا … من العام يغشاه ومن عام أوّلا قطار وتارات خريق كأنّها … مضلّة بوّ في رعيل تعجّلا

البيتان للشاعر القحيف العقيلي، من شعراء الجاهلية. معطلا: صفة رسم، أي: خاليا من السكان. من العام. أي: هذا العام. ومن عام أول: العام السابق. قطار: فاعل يغشاه، والقطار: جمع قطر، وهو المطر. وتارات: جمع تارة، بمعنى مرة. والخريق: الريح الباردة الشديدة الهبوب. شبه الريح العاصفة في رسم الدار بناقة أضاعت ولدا في جمع خيل أسرع ومضى، فهي والهة تريد اللّحاق إليه، فتسرع بأشدّ ما يمكنها. والبوّ: جلد الحوار، أي: ولد الناقة يحشى إذا مات، فتعطف عليه الناقة فتدرّ. والرعيل: الجماعة من الخيل.
وفي البيتين شاهد على أن الشاعر قد فصل بالظرف (تارات) بين العاطف، وهو «الواو»، وبين المعطوف، وهو «خريق»، والأصل: قطار وخريق تارات. [الخزانة/ 5/ 131، وحاشية ياسين على التصريح ج 2/ 163، ونوادر أبي زيد/ 208].
فائدة: الفرق بين العام والسنة؟
قال البغدادي في خزانة الأدب ج 5/ 132، قال ابن الجواليقي:
السنة: من أيّ يوم عددته إلى مثله.
والعام: لا يكون إلا شتاء وصيفا.
وفي «التهذيب» العام حول يأتي على شتوة وصيفة، وعلى هذا، فالعام أخصّ من السنة، وليس كل سنة عاما. أقول: وقد تكون السنة عاما إذا تضمنت الشتوة والصيفة.
قال: وإذا عددت من يوم إلى مثله فهو سنة، وقد يكون فيه نصف الصيف ونصف الشتاء، والعام لا يكون إلا صيفا وشتاء متواليين، اه.
أقول: وفي هذا إشكال لم أفهمه: لأنني أفهم من هذا، أنّ التواريخ التي نعدها لا تكون إلا سنوات، سواء أكانت بالتقويم الهجري، أم بالتقويم الميلادي؛ لأن السنة الهجرية ليس لها بداية ثابتة. والسنة الميلادية تبدأ في كانون الثاني، وهو في منتصف الشتاء. ومعنى هذا أن التقويم الشمسي لا يكون إلا سنة، لأنه لا يكون فيه شتاء كامل،
ويكمل فيه الربيع والصيف والخريف فقط، أما السنة الهجرية فقد تصادف أول الشتاء، فيكون فيها صيف وهذا نادر؛ ولهذا لا يكون فيما نقوم به إلا «السنة»، ونقول: «العام»، إذا تحدثنا عن عام زراعة، أو مناخ، أو تجارة ... الخ.
وبناء على هذا كيف نفسر قوله تعالى: فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً؟ [العنكبوت: 14].



مصادر و المراجع :

١-  شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية «لأربعة آلاف شاهد شعري»

المؤلف: محمد بن محمد حسن شُرَّاب


تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید