المنشورات

يهز الهرانع عقده عند الخصى … بأذلّ حيث يكون من يتذلّل

وقبل البيت:
إنّا لنضرب رأس كل قبيلة … وأبوك خلف أتانه يتقمّل
والبيتان للفرزدق، من قصيدة يهجو فيها جريرا. يقول في البيت الأول: نحن لعزّنا وكثرتنا نحارب كلّ قبيلة ونقطع رؤوسها، وأبوك لذله وعجزه يقتل قمله خلف أتانه (أنثى الحمار). والبيت الشاهد تفسير للبيت الذي قبله، ولكنه تفسير يشبه بمن يلقم السائل حجرا، ويقول له: اسكت؛ لأنه فسّره بكلام موغل في البداوة والحوشية، وما أظنّ عامة الناس في زمانه فهموا مراده، وما يستطيع أحد في زماننا أن يفهمه دون الرجوع إلى المصادر، ولو كان أحد أعضاء مجامع اللغة العربية في دمشق والقاهرة وبغداد. وإليك فكك غامضة:
يهز: مضارع وهز وهزا، إذا نزع القملة وقصعها.
الهرانع: مفعول «يهز» مقدم على الفاعل، جمع هرنع، وهو القمل، الواحدة هرنعة،
وقيل: واحده الهرنوع، وهو القملة الضخمة، ويقال: الصغيرة.
وعقد: فاعل «يهز»، وهو بفتح العين وسكون القاف، والضمير راجع إلى قوله: (وأبوك)، وهو هيئة تناول القملة
بإصبعين: الإبهام والسبّابة. وعند الخصى: ظرف لقوله: «يهز».
وقوله: بأذلّ: «الباء» بمعنى «في»، متعلقة بمحذوف على أنه حال من ضمير (عقده)، يقول:
نحن لعزّنا وكثرتنا نحارب كل قبيله، وأبوك لذله يقتل قمله خلف أتانه، فهو يتناول قملة بإصبعه من بين أفخاذه، حالة كونه جالسا في أحقر موضع يجلس فيه الذليل، وهو خلف الأتان، فنحن نقتل الأبطال، وأبوك يقتل القمل والصئبان، فشتان ما بيني وبينك.
والشاهد: في «حيث»، فقد قال الفارسي: إن جملة «يكون» صفة ل «حيث»، لا أنها مضاف إليه؛ لأن «حيث» هنا اسم بمعنى موضع، لا أنها باقية على ظرفيتها، والتقدير:
بأذل موضع. ومثلها اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ. [الأنعام: 124]. [الخزانة ج 6/ 533، واللسان «هرنع»].




مصادر و المراجع :

١-  شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية «لأربعة آلاف شاهد شعري»

المؤلف: محمد بن محمد حسن شُرَّاب

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید