المنشورات

أيا طعنة ما شيخ … كبير يفن بالي تقيم المأتم الأعلى … على جهد وإعوال ولولا نبل عوض في … أعاليّ وأوصالي لطاعنت صدور الخي … ل طعنا ليس بالآلي

الأبيات للفند الزّمّاني، من أهل الجاهلية.
وقوله: أيا طعنة، أراد: يا طعنة شيخ، و «ما» زائدة. واللفظ لفظ نداء، والمعنى للتعجب والتفخيم، أراد: ما أهولها من طعنة، ويا لها طعنة بدرت من شيخ كبير السن.
واليفن: الشيخ الهرم، ويجوز أن يكون المنادى محذوفا، و «طعنة» منصوب بفعل مضمر، كأنه أراد: يا قوم اذكروا طعنة.
وقوله: تقيم المأتم، أي: تقتل من تصيبه، فيجتمع الناس للرزيّة.
وقوله: الأعلى، يريد: المأتم الأفظع؛ لأن المقتول كان رئيسا. والإعوال: رفع الصوت بالبكاء. والجهد: أراد شدة البلاء.
وقوله: ولولا نبل عوض، عوض هنا: اسم الدهر، وقال بعضهم: رجل كان يعمل النبال جيدة.
وقوله: أعاليّ، يريد: انحناء ظهره، وتشنج جلده، واضطراب خلقه، وانحلال قواه.
ويروى مكان أعالي: (حظبّاي)، بضم الحاء والظاء، ثم باء مشددة، ومعناها الظهر.
وروي: (خضمّاتي)، جمع «خضمّة»، وهي ما غلظ من الساق والذراع. والأوصال جمع (وصل)، بكسر الواو، وهو المفصل، والمعنى: لولا رميات الدهر في مفاصلي، ومجماع أعضائي، لكان تأثيري في الحرب أكثر ما كان.
وقوله: صدور الخيل، أراد بالخيل: الفرسان، وأراد بالصدور: الرؤساء والأكابر، أي:
لولا ما قدمت من العذر، لدافعت بالطعن أوائل الخيل طعنا لا تقصير فيه ولا قصور.
والآلي: من ألوت في الأمر آلو، أي: قصّرت، وجعل التقصير للطعن على المجاز.
والشاهد في الأبيات قوله: (نبل عوض)، على أن «عوضا»، قد يستعمل لمجرد الزمان فيعرب، أي الزمان المجرد عن العموم والاستغراق؛ بأن يكون نكرة غير مضمّن معنى الإضافة، فإن ضمّن الإضافة، بني على الضم، وإن أضيف لفظا، أعرب، ويكون ل «عوض» ثلاثة وجوه:
الأول: ما نكّر، بأن قطع عن الإضافة لفظا ومعنى، فيعرب جرا؛ لكونه مضافا إليه.
والثاني: ما حذف منه المضاف إليه وضمن معناه، فبني على الضم، نحو: لا أفعله عوض، والأصل: عوض
العائضين.
والثالث: ما أضيف لفظا، ك «عوض العائضين»، وهنا ينصب. وعوض في الأصل:
مصدر عاضني الله منه عوضا، بفتح فسكون، وعوضا، بكسر ففتح، وعياضا. فالعوض:
كل إعطاء يكون خلفا من شيء، وسمي الدهر «عوضا»؛ لأنه من التعويض، وذلك أنه كلما مضى جزء من الدهر، خلف آخر من بعيده، فكان الثاني كالعوض من الأول.
[الحماسة بشرح المرزوقي 538، والهمع/ ج 1/ 213، والخزانة ج 7/ 116].




مصادر و المراجع :

١-  شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية «لأربعة آلاف شاهد شعري»

المؤلف: محمد بن محمد حسن شُرَّاب

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید