المنشورات

ولو أنّ مجدا أخلد الدّهر واحدا … من الناس أبقى مجده الدّهر مطعما

لحسان بن ثابت يرثي مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصيّ أحد أجواد مكة. يريد: أنه لا بقاء لأحد في هذه الدنيا مهما يكن نافعا لمجموع البشر.
لو: حرف شرط غير جازم. (أن مجدا أخلد) المصدر المؤول فاعل لفعل محذوف والتقدير: لو ثبت ... وهو فعل الشرط. الدهر: منصوب على الظرفية الزمانية. أبقى:
جواب الشرط. مجده: فاعل أبقى - والهاء: مضاف إليه يعود إلى «مطعم» المتأخر.
والشاهد: أبقى مجده مطعما: حيث أخر المفعول به - مطعما - عن الفاعل، وهو، «مجده» مع أنّ الفاعل مضاف إلى ضمير يعود إلى المفعول، فيقتضي أن يرجع الضمير إلى متأخر لفظا ورتبة.
ويبدو أن القول بأن المفعول به متأخر في الرتبة، ليس ثابتا، لأن المفعول به قد يتقدم في منازل لا يتطاول إليها الفاعل، حيث يتقدم كثيرا على الفعل فتقول: «الكتاب قرأت» والفاعل لا يتقدم. ويتقدم على الفاعل كثيرا فنقول: «قرأ الكتاب محمد». فهاتان منزلتان يتقدم فيها المفعول، وليس للفاعل إلا منزلة واحدة. ويتقدم المفعول به على الفاعل، لأهداف بلاغية، لا تذكر لتقدم الفاعل على المفعول .. حيث يتقدم الفاعل
فقط، لأنه الأصل، أو الركن وفيه نظر: لأن المفعول به قد يوجد قبل أن يوجد الفاعل - ولا أريد الفاعل الجسم - وإلا فالمفعول الجسم، هو موجود أيضا - ولكني أريد الفاعل (المعنى) بمعنى الفعل الخالق للمفعول ... والتصور الفلسفي:
أنّ زيدا موجود، ولكن لا يكون فاعلا قبل أن يفعل المفعول ... ثم يطرأ أمامه طارئ الفعل، فيوجد معنى الفاعل فيه ليفعله. وبهذا يسبق المفعول به الفاعل في رتبة خلق الأشياء. فمن أين جاءت إلى النحويين فكرة القول: إن الفاعل متقدم لفظا ورتبة والمفعول مؤخر في اللفظ والرتبة. لعلّ ذلك جاءهم من فكرة أن الله الخالق، متقدم، أو هو القديم، والمخلوق متأخر. ولكن هذا مردود: لأن الفاعل والمفعول في النحو، متعلقان بالناس والمخلوقين فقط. ثم إن خلق الله مكتوب في اللوح، وهو قديم، لأن «الخالق» من صفات الله القديمة، فيكون مخلوقه قديم محدث ولكنه محدث بالنظر إلى رؤيتنا له. والله أعلم. [الأشموني/ 2/ 58، وشرح أبيات المغني/ 7/ 71].




مصادر و المراجع :

١-  شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية «لأربعة آلاف شاهد شعري»

المؤلف: محمد بن محمد حسن شُرَّاب

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید