المنشورات

دعاهنّ ردفي فارعوين لصوته … كما رعت بالجوت الظماء الصواديا وأوده ردفي فارعوين لصوته … ... الصواديا

وقع البيت في شعري شاعرين. الأول في شعر عويف بن معاوية، من شعراء الدولة الأموية، وقيل له «عويف
القوافي» لقوله:
سأكذب من قد كان يزعم أنني … إذا قلت قولا لا أجيد القوافيا
وأما الثاني، فهو في شعر سحيم عبد بني الحسحاس - كما قال البغدادي - وهو شاعر مخضرم عاش الجاهلية والإسلام، واختلفوا في معنى بيت عويف: فقالوا: أراد بالرّدف:
تابعه من الجنّ، وضمير دعاهنّ: للقوافي: أي: دعا شيطاني القوافي فأجبنه وانثلن عليه، يعني: أن الشعر أطاعه، وكانوا يزعمون أن لكل شاعر تابعا من الجنّ يوحي له بالشعر.
والرّدف في الأصل: الذي يركب خلف الراكب والارعواء: النزوع عن الجهل، وحسن الرجوع عنه ورعت بالخطاب، وهو من قولهم: هذه شربة راع بها فؤادي، أي: برد بها غلّة روعي - بالضم - وهو القلب أو موضع الفزع منه وقيل: هو من راعه، بمعنى أعجبه. والظماء: جمع ظمآنة، وظمآن من ظمئ كفرح أي: عطش أو اشتد عطشه.
والصوادي: جمع صاديه، من الصدى وهو العطش. والجوت - صوت نداء الإبل للماء.
والمعنى الثاني للبيت: أن رديفه لما دعا النساء، اجتمعن ورجعن عما كنّ عليه من الشغل، كما لو دعت إلى الشرب الإبل، فالتففن وتضاممن للشرب. فضمير دعاهن للناس. والبيت مفرد، لا يمكن الحكم بأيّ المعنيين أصحّ.
وأما قول سحيم «أوده: فهو فعل ماض: أي: صاح بالإبل لتشرب.
والشاهد: أن بعض الأصوات قد يدخله أداة التعريف كما في (جوت) صوت دعاء الإبل، وأصله «جوت» مفتوح الجيم. فإما أن يبقى مبنيا على الكسر، أو على الضم، أو على الفتح، حيث يروى بالثلاث. وإما أن يعرب بالحركات، كما قال ابن الناظم في شرح الألفية. [الخزانة ج 6/ 381، وشرح المفصل ج 4/ 75، 82].



مصادر و المراجع :

١-  شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية «لأربعة آلاف شاهد شعري»

المؤلف: محمد بن محمد حسن شُرَّاب

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید