المنشورات

اللَّمْطِي

المفسر، المقرئ: أحمد بن مبارك بن محمد بن علي بن مبارك، أبو العباس، السجلماسي اللمطي.
ولد: سنة (1090 هـ) تسعين وألف.
من مشايخه: العارف باللهِ الولي الكامل عبد العزيز بن مسعود الدبّاغ، وأخذ عن الشيخ محمّد بن عبد القادر الفاسي وغيرهما.
من تلامذته: الشيخ التاوري، ومحمد بن حسن بناني وغيرهما.
كلام العلماء فيه:
• قلت: من مقدمة كتابه الأبريز الذي ألفه في مناقب شيخه عبد العزيز الدباغ، ما يدل على أنه صوفي منحرف جدًّا، وإلى القاري الكريم بعض المواضع من كتابه هذا.
فيقول: "الحمد لله الذي فتح لأوليائه طريق الوسائل، وأجرى على أيديهم الكريمة أنواع الفضائل، فمن اقتدى بهم انتصر واهتدى، ومن حاد عن طريقهم انتكس وتردى، ومن تمسك بأذيالهم أفلح وأدرك، ومن قابلهم بالاعتراض انقطع وهلك".
ثم يبدأ بمدح شيخه فيقول:
" (أما بعد) فإنه لما من الله علي وله الحمد والشكر بمعرفة الولي الكامل، الغوث الحافل، الصوفي الباهر، نجم العرفان الزاهر، صاحب الإشارات العلمية، والعبارات السنية، والحقائق القدسية، والأنوار المحمدية، والأسرار الربانية، والهمم العرشية منشئ معالم الطريقة بعد خفاء آثارها، ومدى علوم الحقائق بعد خبو أنوارها، الشريف المسيب، الوجيه النسيب، ذي النسبتين الطاهرتين الجسمية والروحية، والسلالتين الطيبتين الشاهدية والغيبية، والولايتين الكريمتين الملكية والملكوتية، المحمدي العلوي الحسني، قطب السالكين، وحامل لواء العارفين".

ثم يقول:
"فشاهدت من علومه ومعارفه وشمائله ولطائفه ما غمرني وبهرني وقادني بكلتي وأسرني.
وسمعت منه في جانب صيد الوجود وعلم الشهود سيدنا ومولانا محمّد - صلى الله عليه وسلم - من المعرفة بقدره العظيم، وجاهه الكريم، ما لم يطرق سمعي منذ نشأت من إنسان ولا رأيته مسطورًا في ديوان، وسترى بعضه إن شاء الله تعالى أثناء الكتاب، وأعرف الناس به أولاهم به يوم الحساب، وكذا سمعت منه من المعرفة بالله تعالى وعلى صفاته وعظيم أسمائه ما لا يكيف ولا يطاق، ولا يدرك إلا بعطية الملك الخلاق.
وكذا سمعت منه من المعرفة بأنبياء الله تعالى ورسله الكرام عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام ما تخصه به كأنه كان مع كل نبي في زمانه، ومن أهل عصره وأوانه؛ وكذا سمعت منه من المعرفة بالملائكة الكرام، واختلاف أجناسهم وقفاوت مراتبهم العظام ما كنت أحسب أن البشر لا يبلغون إلى علم ذلك، ولا يتخطون إلى ما هنالك.
وكذا سمعت منه من المعرفة بالكتب السماوية والشرائع النبوية السالفة الأعصار المتقادمة الليل والنهار ما نقطع وتجزم إذا سمعته بأنه سيد العارفين وإمام أولياء أهل زمانه أجمعين، وكذا سمعت منه من المعرفة باليوم الآخر وجميع ما فيه من حشر ونشر وصراط وميزان ونعيم باهر ما نعرف إذا سمعته أنه يتكلم عن شهود وعيان، ويخبر عن تحقيق وعرفان.
فأيقنت حينئذ بولايته العظمى، وانتسبت لجنابه الأحمي، وقلت: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ}.
فإن كل مؤمن إنما تكون طلبته معرفة الأمور السابقة وبذلك تكون صفقته رابحة ونافقة، وقد سأل سيدنا جبريل عليه الصلاة والسلام سيدنا، ومولانا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - عن حقيقة الإيمان فقال:
(أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره من الله).
فمن كان أعرف النَّاس بهذه الأمور كان أحسنهم إيمانًا وقولهم عرفانا، فهذه -وفقك الله- هي المحجة البيضاء، والطريقة التي فجرها أضاء، وكان اجتماعي به -ولله الحمد- في رجب سنة خمس وعشرين ومائة وألف فبقيت في عشرته وتحت لواء محبته أسمع من معارفه التي لا تعد ولا تحصى، ولم يجر الله تعالى على يدي تقييد شيء من كلامه، بل كنت أسمعه وأعقله وأذكره لبعض أحبابي وخاصة أصحابي حتى علموا بذلك أسرار الولاية وأوصاف المحبين وسمات العارفين، ومناقب الصادقين وأحوال الهادين المهتدين، هذا مع كونهم من أكابر العلماء وفحول الققهاء، وحين سمعوا مني بعض كلام شيخنا رضي الله عنه أمروني بالدوام على محبته وقالوا هذا والله الولي الكامل والعارف الواصل.
كل هذا المديح وشيخه هو أمي جاهل لم يكن يحفظ حزبًا واحدًا من القرآن بشهادة تلميذه أحمد بن مبارك ولكنه مع ذلك كان يستطيع التفريق بين القرآن والحديث بمجرد السماع، بل كان يستطيع أيضًا أن يفرق بين القرآن والحديث النبوي والحديث القدسي وكل ذلك بالكشف من غير علم ولا تعليم، وليس كذلك فقط بل كان يستطيع أيضًا أن يفرق ويعلم صحيح الحديث من موضوعه وضعيفه فإذا ألقى إليه الحديث علم هل قاله الرسول أو لا ويقول أحمد بن مبارك اختبرته في ذلك فكنت ألقي عليه الحديث من الجامع الصغير للسيوطي فما قال فيه السيوطي صحيح كان يقول الشيخ عنه صحيح وما قال فيه موضوع يقول موضوع دون أن يتلقى هذا بالعلم وإنما بالكشف فقط بل كان يعرف إن كان الحديث في البخاري أو مسلم أو فيهما أو انفرد فيه أحدهما .. الخ .. ولم يكن هذا هو كل علم عبد العزيز الدباغ بل كان يعرف معاني القرآن كلها وتفسيره الباطني وعلم الحروف المقطعة في القرآن، بل وكان يعلم جميع الكتب المنزلة على جميع الأنبياء، ويعلم تفاسيرها ومعانيها. ولم يكن هذا فقط هو علم الدباغ أستاذ أحمد بن مبارك المزعوم بل كان يعلم ما في اللوح المحفوظ كله من المقادير بل كان هذا الذي لا يحفظ حزبًا من القرآن بشهادة تلميذه لا تغيب عنه ذرة في الأرض ولا في السماء، وأنه هو الغوث الأكبر المتحكم بالعالم العلوي والسفلي والوارث للحقيقة الهمدية والحقيقة الهمدية في الفكر الصوفي هو الله المستوي على العرش كما قال ابن عربي: "الحقيقة المحمدية هي الموصوفة بالاستواء على العرش", المهم أن أحمد بن مبارك يزعم فيما يزعم أن شيخه هذا الأمي الذي لا يحفظ حزبًا من القرآن كان هو الغوث الأكبر وهو رئيس الديوان الصوفي وأنه استفاد منه علومًا جمة من بعضها كتابه الإبريز.
وإليك بعض انحرافات هذا الشيخ من كتاب الإبريز ومدح أحمد بن المبارك له في كل مرة يذكر فيها تلك الانحرافات والخرافات التي يسميها كرامات.
قال رضي الله عنه: "وأما عاد الأولى، فإنهم كانوا قبل قوم نوح - عليه السلام -، وأرسل الله إليهم نبيًّا يسمى "هويد" بهاء مضمومة قريبة من همزة بين وواو ساكنة سكونًا ميتًا بعدها ياء ساكنة سكونًا حيًّا قال رضي الله عنه: وهو رسول مستقل بشرعه بخلاف هود الذي أرسل إلى عاد الثانية فإنه مجدد لشرع من قبله من المرسلين، قال رضي الله عنه: وكل رسول مستقل فلا بد أن يكون له كتاب، قال: ولسيدنا هويد المذكور كتاب وأنا أحفظه كما أحفظ جميع كتب المرسلين، فقلت له: وتعدها؟ قال: أحفظها ولا أعدها، اسمعوا مني ثم جعل يعدها كتابًا كتابًا قال: ولا يكون الولي وليًّا حتى يؤمن بحميع هذه الكتب تفصيلا ولا يكفيه الإجمال، فقلت هذا لسائر الأولياء المفتوح عليهم فقال رضي الله عنه: بل لواحد فقط وهو الغوث فاستفدت منه في ذلك الوقت أنه رضي الله عنه هو الغوث وعلومه رضي الله عنه دالة على ذلك").
وفي موضع آخر:
"وسألته رضي الله عنه عن معنى الساق، في قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}.
فقال رضي الله عنه: الساق بلغة السريانية هو الجد ضد الهزل، فقلت: وهو في لغة العرب أيضًا كذلك يقولون انكشف الحرب عن ساق أي عن جد، فقال لي فهو إذا من توافق اللغتين، قلت: وما رأيت من يعرف السريانية وجمع اللغات التي لبني آدم وللجن وللملائكة وللحيوانات مثله".
وفي موضع آخر:
"وسألته رضي الله عنه عن القرآن العزيز: هل هو مكتوب في اللوح المحفوظ باللغة العربية؟ فقال رضي الله عنه: نعم، وبعضه بالسريانية فقلت: وما هذا البعض؟ فقال رضي الله عنه: فواتح السور.
قال - رضي الله عنه -: ولا يعلم ما في فواتح السور إلا أحد رجلين: رجل ينظر في اللوح المحفوظ، ورجل يخالط ديوان الأولياء أهل التصرف رضي الله عنهم، وغير هذين الرجلين لا طمعية له في معرفة فواتح السور أبدًا.
وسألته رضي الله عنه: عن (الم) التي في أول البقرة، وعن (الم) التي في أول سورة آل عمران، هل أشير بهما إلى شيء واحد أو معناهما مختلف؟ .
فقال رضي الله عنه: بل معناهما يختلف، وكل واحدة منهما قد شرحت بما في سورتها، سمعت هذا الكلام منه في أول ما لقيته، فعلمت أنه - رضي الله عنه - من كابر الأولياء؛ لأني رأيت أكابر الصوفية رضي الله عنهم إذا تعرضوا لفواتح السور ورمزوا إلى شيء مما ذكره الشيخ رضي الله عنه، صرحوا بأنه لا يعرف معنى فواتح السور إلا الأولياء الذين هم أوتاد الأرض، فكانت هذه عندي شهادة عظيمة بولاية هذا السيد الجليل، رزقنا الله محبته ووصلنا إلى العلوم التي تبدو لنا عنه، ولم يتعاط شيئًا منها لا في كبره ولا في صغره، بل ولا قرأ القرآن ولا يحفظ منه إلا سورًا قليلة من حزب (سبح) وإذا سمعته يتكلم في تفسير آية سمعت العجب العجاب، وهذه نصوص من أكابر الصوفية رضي الله عنهم الشاهدة بولايته وجميع ما أشار إليه الشيخ - رضي الله عنه -".
وفي موضع آخر:
"وسألته رضي الله عنه عن قوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ}.
فإن علماء التفسير رضي الله عنهم اختلفوا في ذلك اختلافًا كثيرًا وذكرت له بعض ما قالوه.
فقال رضي الله عنه: لا أفسر لكم الآية إلا بما سمعت من النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكره لنا في تفسيرها بالأمس.
فقال رضي الله عنه: إن ما يقع في خواطر العباد مما يتعلق بالأمور الكائنة على قسمين قسم لا يقع وإليه الإشارة بقوله: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ} وقسم يقع وإليه الإشارة بقوله {وَيُثْبِتُ} يعني أن الخواطر المتعلقة بالأمور الاستقبالية كنزول مطر وقدوم قادم ووقوع حادث منها ما يخيب وهو الممحو، ومنها ما يجيب بالجيم وهو المثبت (وعنده) تعالى (أم الكتاب) وهو العلم القديم الذي لا يخيب أصلًا، هكذا فسره النبي - صلى الله عليه وسلم - فاعتمده واطرح ما سمعت من غيره، وذلك أني كنت سمعت منه في الآية تفسيرًا آخر طالما أفصح فيه عن حقائق عرفانية والله تعالى أعلم".
وقال في موضع آخر:
"وسألته رضي الله عنه: عن قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}.
هل هذا خاص بموسى - عليه السلام -؟ وهل ما يذكر السادات الصوفية رضي الله عنهم من المكالمة حق مثل قول الشيخ العارف بالله أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه في الحزب الكبير: وهب لنا مشاهدة تصحبها مكالمة.
فقال - رضي الله عنه -: ما ذكره الشيخ أبو الحسن وغيره من الصوفية في المكالمة حق لا شك فيه، ولا يعارض ذلك الآية الشريفة إذ لا حصر فيها" أ. هـ.
• قلت: وللمزيد يراجع كتابه هذا فيرى القارئ فيه العجب من شطحات الصوفية والانحرافات .. نسأل الله تعالى السلامة.
وفاته: سنة (1156 هـ) وقيل (1155 هـ) ست وقيل خمس وخمسن ومائة وألف.
من مصنفاته: "الإبريز" ألفه في مناقب شيخه الدبّاغ، و"تقييدات على السلم للأخضري" وله تأليف في قوله تعالى "وهو معكم أينما كنتم" وغير ذلك.




مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید