المنشورات

ابن عُقْدة

النحوي: أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني الكوفي، أبو العباس، المعروف بابن عقدة.
من مشايخه: أبو جعفر بن عبيد الله بن المنادي، وأحمد بن عبد الحميد الحارثي، والحسن بن علي بن عفان، وخلق كثير.
من تلامذته: الطبراني، وابن عدي، وابن جُميع الغساني، وخلائق.
كلام العلماء فيه:
• السير: "أخبرنا أبو الغنائم المسلم بن محمد القيسي، والمؤمل بن محمد البالسي -كتابة- قالا: أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا أبو بكر الحافظ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن أحمد بن موسى بن هارون بن الصلت الأهوازي، حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى الطلحي، حدثنا محمد بن الحسن، حدثنا شريك، عن أبي الوليد، عن الشعبي، عن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا عنده، وأقبل أبو بكر وعمر: (يا عليّ هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين. إلا النبيين والمرسلين) (1).
وبه إلى الحافظ أبي بكر: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن حماد الواعظ، حدثنا أبو

العباس بن عقدة إملاء في صفر سنة ثلاثين وثلاث مئة، حدثنا عبد الله بن الحسين بن الحسن بن الأشقر قال: سمعت عثام بن علي العامري، قال: سمعت سفيان، وهو يقول: لا يجتمع حب على وعثمان إلا في قلوب نبلاء الرجال.
قلت: قد رمي ابن عقدة بالتشيع، ولكن روايته لهذا ونحوه، يدل على عدم غلوه في تشيعه، ومن بلغ في الحفظ والآثار مبلغ ابن عقدة، ثم يكون في قلبه غل للسابقين الأولين، فهو معاند أو زنديق، والله أعلم.
وبه إلى الحافظ أبي بكر، قال: وإنما لقب والدُ أبي العباس بعقدة لعلمه بالتصريف والنحو، وكان يورق بالكوفة، ويعلم القرآن والأدب، فأخبرني القاضي أبو العلاء، أخبرنا محمد بن جعفر بن النجار، قال: حكى لنا أبو علي النقار، قال: سقطت من عقدة دنانير، فجاء بنخالٍ ليطلبها، قال عقدة: فوجدتها ثم فكرت فقلت: ليس في الدنيا غير دنانيرك؟ فقلت للنخال: هي في ذمتك، وذهبت وتركته.
قال: وكان يؤدب ابن هشام الخرّاز، فلما حذق الصبي وتعلم، وجه إليه أبوه بدنانير صالحة، فردها فظن ابن هشام أنها استقلت فأضعفها له، فقال: ما رددتها استقلالًا، ولكن سألني الصبي أن أعلمه القرآن، فاختلط تعليم النحو بتعليم القرآن، ولا أستحل أن آخذ منه شيئًا، ولو دفع إلي الدنيا.
ثم قال ابن النجار: وكان عقدة زيديًا، وكان ورعًا ناسكًا، سمي عقدة لأجل تعقيده في التصريف، وكان وراقًا جيد الخط، وكان ابنه أحفظ من كان في عصرنا للحديث.
قال أبو أحمد الحاكم: قال لي ابن عقدة: دخل البرديجي (1) الكوفة، فزعم أنه أحفظ مني، فقلت: لا تطول نتقدم إلى دكان وراق، ونضع القبان، ونزن من الكتب ما شئت، ثم يلقى علينا، فنذكره قال: فبقي.
الحاكم: سمعت أبا علي الحافظ، يقول: ما رأيت أحدًا أحفظ الحديث الكوفيين من أبي العباس بن عقدة.
وبه إلى الخطيب أبي بكر: حدثني محمد بن علي الصوري، سمعت عبد الغني بن سعيد، سمعت أبا الفضل الوزير، يقول: سمعت علي بن عمر -وهو الدارقطني- يقول: أجمع أهل الكوفة أنه لم ير من زمن عبد الله بن مسعود إلى زمن أبي العباس بن عقدة أحفظ منه".
• ثم قال: "يمكن أن يقال: لم يوجد أحفظ منه وإلى يومنا وإلى قيام الساعة بالكوفة، فأما أن يكون أحد نظيرًا له في الحفظ، فنعم، فقد كان بها بعد ابن مسعود وعلي، علقمة، ومسروق، وعبيدة، ثم أئمة الحفاظ كإبراهيم النخعي، ومنصور، والأعمش، ومسعر، والثوري، وشريك، ووكيع، وأبي نعيم، وأبي بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وأبي كريب، ثم هؤلاء يمتازون عليه بالإتقان والعدالة التامة، ولكنه أوسع دائرة في الحديث منهم.

قال أبو الطيب أحمد بن الحسن بن هرثمة: كنا بحضرة أبي العباس بن عقدة نكتب عنه وفي المجلس رجل هاشمي إلى جانبه، فجرى حديث حفاظ الحديث، فقال أبو العباس: أنا أجيب في ثلاث مئة ألف حديث من حديث أهل بيت هذا سوى غيرهم، وضرب بيده على الهاشمي".
ثم قال: "وبه (1): حدثنا محمد بن يوسف النيسابوري، حدثنا محمد بن عبد الله الحافظ، سمعت أبا بكر بن أبي درام الحافظ، يقول: سمعت أبا العباس أحمد بن محمد بن سعيد، يقول: أحفظ لأهل البيت ثلاث مئة ألف حديث.
وبه: حدثنا أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب -غير مرة- سمعت أبا الحسن محمّد بن عمر بن يحيى العلوي، يقول: حضر ابن عقدة عند أبي، فقال له: يا أبا العباس قد أكثر الناس في حفظك للحديث، فأحب أن تخبرني بقدر ما تحفظ، فامتنع، وأظهر كراهية لذلك، فأعاد أبي المسألة، وقال: عزمت عليك إلا أخبرتني فقال أبو العباس: أحفظ مئة ألف حديث بالإسناد والمتن، وأذاكر بثلاث مئة ألف حديث.
قال أبو العلاء: وسمعت جماعة يذكرون عن أبي العباس مثل ذلك".
وقال أيضًا: "وبه: أخبرنا الصوري، قال لي عبدُ الغني: سمعت الدارقطني يقول: ابن عقدة، يعلم ما عند الناس، ولا يعلم النَّاس ما عنده.
قال الصوري: وقال لي أبو سعد المالني: أراد ابن عقدة أن ينتقل، فاستأجر من يحمل كتبه، وشارط الحمالين أن يدفع إلى كل واحدٍ دانقًا، قال: فوزن لهم أجورهم مئة درهم، وكانت كتبه ست مئة حملة.
وبه: أخبرنا أبو منصور محمّد بن عيسى الهمذاني، حدثنا صالح بن أحمد الحافظ، سمعت أبا عبد الله الزعفراني، روى ابن صاعد ببغداد حديثًا أخطأ في إسناده، فأنكر عليه ابن عقدة [فخرج عليه أصحاب ابن صاعد، وارتفعوا إلى الوزير علي بن عيسى وحبس ابن عقدة] , فقال الوزير: من نسأل ونرجع إليه؟ فقالوا: ابن أبي حاتم، فكتب إليه الوزير يسأله, فنظر وتأمل، فهذا الحديث على ما قال ابن عقدة، فكتب إليه بذلك، فأطلق ابن عقدة، وارتفع شأنه.
وبه: حدثنا حمزة بن محمد الدقاق، سمعت جماعة يذكرون أن ابن صاعد كان يملي من حفظه، فأملى يومًا عن أبي غريب، عن حفص بن غياث، عن عبيد الله بن عمر، فعرض على أبي العباس بن عقدة، فقال: ليس هذا عند أبي محمد، عن أبي غريب، وإنما سمعه من أبي سعيد الأشج، فاتصل هذا القول بابن صاعد، فنظر في أصله فوجده كما قال، فلما اجتمع الناس، قال: كنا حدثناكم عن أبي غريب حديث كذا، ووهمنا فيه. إنما حدثناه أبو سعيد وقد رجعنا عن الرواية الأولى.
قلت لحمزة: ابن عقدة هو الذي نبه يحيى؟ فتوقف، ثم قال: ابن عقدة أو غيره.
وبه: حدثنا القاضي أبو عبد الله الصيمري، حدثني أبو إسحاق الطبري، سمعت ابن الجعابي

يقول: دخل ابن عقدة بغداد ثلاث دفعات، سمع في الأولى من إسماعيل القاضي ونحوه، ودخل الثانية في حياة ابن منيع، فطلب مني شيئًا من حديث ابن صاعد لينظر فيه، فجئت إلى ابن صاعد، فسألته، فدفع إلي "مسند" علي، فتعجبت من ذلك، وقلت في نفسي: كيف دفع إلي هذا وابن عقدة أعرف الناس به؟ مع اتساعه في حديث الشيخ، هل فيه شيء يستغرب؟ فقال: نعم، فيه حديث خطأ، فقلت: أخبرني به، فقال: لا والله لا عرفتك ذلك حتى أجاوز الياسرية، وكان يخاف من أصحاب ابن صاعد، فطالت على الأيام انتظارًا لوعده، فلما خرج إلى الكوفة، سرت معه، فلما أردت مفارقته، قلت: وعدك؟ قال: نعم، الحديث عن أبي سعيد الأشج، عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ومتى سمع منه؟ وإنما ولد أبو سعيد في الليلة التي مات فيها يحيى بن زكريا، فودعته، وجئت إلى ابن صاعد، فاعلمته بذلك، فقال: لأجعلن على كل شجرة من لحمه قطعة -يعني ابن عقدة- ثم رجع يحيى إلى الأصول، فوجد عنده الحديث عن شيخ غير الأشج، عن ابن أبي زائدة، فجعله على الصواب.
قلت: كذا أورد الخطيب هذه الحكاية، وخلاها، وذهب غير متعرض لنكارتها.
فأما يحيى بن زكريا أحد حفاظ الكوفة، فتوفي سنة ثلاث وثمانين ومئة. وقد روى عنه ابن معين. وأبو غريب. وهناد. وعلي بن مسلم الطوسي، وخلق كثير، من آخرهم يعقوب الدورقي، ويقال: مات سنة اثنتين وثمانين. وكان إذ ذاك أبو سعيد الأشج شابًّا مدركًا ملتحيًا. وقد ارتحل وسمع من هشيم. وموته بعد يحيى بأشهرٍ. فما يبعد سماعه من يحيى بن زكريا.
قال الحاكم: قلت لأبي علي الحافظ: إن بعض الناس يقول في أبي العباس، قال: في ماذا؟ قلت: في تفرده بهذه المقحمات عن هؤلاء المجهولين. فقال: لا تشتغل بمثل هذا، أبو العباس إمام حافظ محله محل من يسأل عن التابعين وأتباعهم.
وبه قال الخطيب: حدثنا أبو الحسن عليّ بن أحمد بن نعيم البصري -لفظًا- حدثنا عقد بن عدي بن زحر، سمعت محمد بن الفتح القلانسي، سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل، يقول: منذ نشأ هذا الغلام أفسد حديث الكوفة- يعني -ابن عقدة-.
أخبرني أحمد بن سليمان بن علي الواسطي المقرئ، أخبرنا أبو سعد الماليني، حدثنا ابن عدي، سمعت عبدان الأهوازي يقول: ابن عقدة قد خرج عن معاني أصحاب الحديث، ولا يذكر حديثه معهم -يعني: لما كان يظهر من الكثرة والنسخ-. وتكلم فيه مطين بأخرة لما حبس كتبه عنه.
وبه: حدثني الصوري، قال لي زيد بن جعفر العلوي، قال لنا علي بن محمد التمار، قال لنا أبو العباس بن عقدة: كان قُدامي كتاب فيه نحو خمس مئة حديث، عن حبيب بن أبي ثابت الأسدي لا أعرف له طريقًا. قال التمار: فلما كان يوم من الأيام، قال لبعض وراقيه: قم بنا إلى بجيلة موضع المغنيات، فقال: أيش نعمل؟ قال: بلى، تعال فإنها فائدة لك، فامتنعت فغلبني على المجئ، فجئنا جميعًا إلى الموضع، فقال لي: سل عن قصيعة المخنث، فقلت: الله الله يا سيدي، ذا فضيحة،  قال: فحملني الغيظ، فدخلت، فسألت عن قصيعة، فخرج إلى رجل في عنقه طبل مخضب بالحناء، فجئت به إليه، فقال: يا هذا امض، فاطرح ما عليك، والبس قميصك، وعاود فمضى، ولبس قميصه، وعاد. فقال: ما اسمك؟ قال: قصيعة. فقال: ما اسمك على الحقيقة" قال: محمّد بن علي. قال: صدقت، ابن من؟ قال: ابن حمزة، قال: ابن من؟ قال: لا أدري والله يا أستاذي، قال: ابن حمزة بن فلان بن فلان بن حبيب بن أبي ثابت الأسدي، فأخرج من كمه الجزء، فدفعه إليه، فقال: أمسك هذا، فأخذه، فقال: ادفعه إلي. ثم قال له: قم فانصرف. ثم جعل أبو العباس، يقول: دفع إلي فلان بن فلان كتاب جده، فكان فيه كذا وكذا.
قال الخطيب: سمعت من يذكر أن الحفاظ كانوا إذا أخذوا في المذاكرة، شرطوا أن يعدلوا عن حديث ابن عقدة لاتساعه، وكونه مما لا ينضبط".
وقال أيضًا: "قال أبو جعفر الطوسي في "تاريخه": كان ابن عقدة زيديًا (1) جاروديًا (2)، على ذلك مات، وإنما ذكرته في جملة أصحابنا (3) لكثرة رواياته عنهم. وله تاريخ كبير [في] ذكر من روى الحديث من الناس كلهم وأخبارهم، ولم يكمل. و"كتاب السنن" وهو عظيم، قيل: إنه حمل بهيمة، وله "كتاب من روى عن علي"، و "كتاب الجهر بالبسملة"، وكتاب "أخبار أبي حنيفة"، وكتاب "الثوري"، وذكر أشياء كثيرة. ابن عدي: سمعت أبا بكر بن أبي غالب يقول: ابن عقدة لا يتدين بالحديث؛ لأنه كان يحمل شيوخًا بالكوفة على الكذب، يسوي لهم نسخًا، ويأمرهم أن يرووها.
قال ابن عدي: سمعت الباغندي يحكي فيه نحو ذلك، وقال: كتب إلينا أنه خرج بالكوفة شيخ عنده نسخ، فقدمنا عليه، وقصدنا الشيخ، فطالبناه بأصول ما يرويه، فقال: ليس عندي أصل، وإنما جاءني ابن عقدة بهذه النسخ، فقال: اروه يكن لك فيه ذكر، ويرحل إليك أهل بغداد.
حمزة السهمي: سألت محمّد بن أحمد بن سفيان الحافظ بالكوفة عن ابن عقدة، فقال: دخلت إلى دهليزه، وفيه رجل يقال له: أبو بكر البستي، وهو يكتب من أصل عتيق، حدثنا محمد بن القاسم السوداني، حدثنا أبو غريب، فقلت له: أرني، فقال: أخذ علي ابن سعيد أن لا يراه معي أحد، فرفقت به حتى أخذته، فهذا أصل كتاب الأشناني الأول من مسند جَابر وفيه سماعي. وخرج ابن سعيد وهو في يدي، فحرد على البستي، وخاصمه، ثم التفت إلى، فقال: هذا عارضنا به الأصل، فأمسكت عنه، قال ابن سفيان: وهو ذا الكتاب عندي، قال حمزة: وسمعت ابن سفيان، يقول: كان أمره أبين من هذا.
وبه: حدثني أبو عبد الله أحمد بن أحمد القصري، سمعت محمّد بن أحمد بن سفيان الحافظ، يقول: وجه إلى ابن عقدة بمالٍ من خراسان، وأمر أن  يعطيه بعض "الضعفاء" وكان على بابه صخرة عظيمة، فقال لابنه: ارفعها، فلم يستطع، فقال: أراك ضعيفًا، فخذ هذا المال، ودفعه إليه.
وبه: حدثنا حمزة بن محمّد بن طاهر، قال: سئل الدارقطني -وأنا أسمع- عن ابن عقدة، فقال: كان رجل سوء.
وبه: أخبرنا البرقاني، سألت أبا الحسن عن ابن عقدة، ما أكثر ما في نفسك عليه، قال: الإكثار بالمناكير.
وبه: حدثني علي بن محمد بن نصر، سمعت حمزة بن يوسف، سمعت أبا عمر بن حيويه يقول: كان ابن عقدة في جامع براثا يملي مثالب الصحابة، أو قال: الشيخين، فلا أحدث عنه شيئًا.
قال أبو أحمد بن عدي: هو صاحب معرفةٍ وحفظ وتقدم في الصنعة، رأيت مشايخ بغداد يسيئون الثناء عليه. ثم إن ابن عدي قوى أمره، ومشاه، وقال: لولا أني شرطت أن أذكر كل من تكلم [فيه -يعني و] لا أحابي- لم أذكره، لما فيه من الفضل والمعرفة.
ثم إن ابن عدي والخطيب لم يسوقا له شيئًا منكرًا.
وذكر ابن عدي في ترجمة أحمد بن عبد الجبار العطاردي، أن ابن عقدة، سمع منه، ولم يحدث عنه لضعفه عنده.
وقيل: إن الدارقطني كذب من يتهمه بالوضع، وإنما بلاؤه من روايته بالوجادات، ومن التشيع.
قال ابن عدي: رأيت فيه من المجازفات، حتى إنه يقول: حدثتني فلانة، قالت: هذا كتاب فلان، قرأت فيه، قال: حدثنا فلان، أ. هـ. قوله في السير.
• تذكرة الحفاظ: "ما يعلى ابن عقدة مثل هذا إلا وهو غير غال في التشيع، ولكن الكوفة تغلى بالتشيع وتفور، والسني فيها طرفة، قال الوزير أبو الفضل ابن حنزابة سمعت الدارقطني يقول: أجمع أهل الكوفة أنه لم ير بالكوفة من زمن ابن مسعود إلى زمن ابن عقدة أحفظ منه. قال أبو أحمد الحاكم قال لي ابن عقدة: دخل البرديجي الكوفة فزعم أنه أحفظ مني فقلت لا تطول نتقدم إلى دكان وراق ونزن بالقبان من الكتب ما شئت ثم تلقى علينا فنذكره؟ قال: فبقي".
وقال أيضًا: "قال البرقاني قلت للدارقطني: ايش أكبر ما في نفسك من ابن عقدة؟ قال: الإكثار بالمناكير، وسأل السلمي أبا الحسن عنه فقال: حافظ محدث ولم يكن في الدين بقوي، لا أزيد فيه على هذا، وقال حمزة بن عقد طاهر سمعت الدارقطني يقول: هو رجل سوء. وقال أبو عمر بن حيويه: كان ابن عقدة يملى مثالب الصحابة فتركت حديثه. وقال عبدان الأهوازي: خرج ابن عقدة عن معاني أصحاب الحديث ولا يذكر معهم، يعني لما كان يظهر من الكثرة. قال ابن عدي سمعت أبا بكر بن أبي غالب يقول: ابن عقدة لا يتدين بالحديث لأنه كان يحمل شيوخًا بالكوفة على الكذب، يسوى لهم نسخًا ويأمرهم أن يحدثوا بها ثم يرويها عنهم، قلت ما علمت ابن عقدة اتهم بوضع [متن] حديث، أما الأسانيد فلا أدري، وقد أفردت ترجمته في جزء. وقع لي حديثه بعلو" أ. هـ.
• ميزان الاعتدال: "وقال أبو عمر بن حيويه: كان ابن عقدة يملي مثالب الصحابة، أو قال: مثالب الشيخين، فتركت حديثه، وقال ابن عدي: رأيت فيه مجازفات حتى كان يقول: حدثتني فلانة، قالت: هذا كتاب فلان فرأيت فيه قال: حدثنا فلان وقال: كان مقدمًا في الشيعة.
قال ابن عدي: وسمعت أبا بكر بن أبي غالب يقول: ابن عقدة لا يتدين بالحديث؛ لأنه كان يحمل شيوخًا "الكوفة" على الكذب، يسوي لهم نسخًا، ويأمرهم أن يرووها، ثم يرويها عنهم" أ. هـ.
• لسان الميزان: "في (تذكرة الحفاظ) عقب الحكاية الأخيرة -يقصد التي في ميزان الاعتدال- ما علمت ابن عقدة اتهم بوضع حديث، أما الإسناد فلا أدري. قلت أنا -أي ابن حجر-: ولا أظنه كان يضع في الإسناد إلا الذي حكاه ابن عدي، وهي الوجادات التي أشار إليها الدارقطني. وقال أبو علي الحافظ: ما رأيت أحدًا أحفظ لحديث الكوفيين من أبي العباس بن عقدة فقيل له ما يقول له بعض النَّاس فيه؟ فقال: لا يشتغل بمثل هذا، أبو العباس إمام حافظ محله محل من يسأل عن التابعين وأتباعهم، فلا يسأل عنه أحد من الناس، وقال ابن عدي أيضًا: سمعت أبا بكر الباغندي يقول: كتب إلينا ابن عقدة قد خرج شيخ بـ "الكوفة" عنده نسخ للكوفيين، فقدمنا عليه وقصدنا الشيخ، فطالبناه بالأصول فقال: ما عندي أصل، وإنما جاءني ابن عقدة بهذه النسخ، وقال لي: ارو هذه يكون لك ذكر ويرحل إليك أهل بغداد، قال ابن عدي: وقد كان ابن عقدة من الحفظ والمعرفة بمكان.
قال: وسمعت ابن مكرم يقول: كنا عند ابن عُثْمَان بن سعيد في بيت، وقد وضع بين أيدينا كتبًا كثيرة، فنزع ابن عقدة سراويله، وملأه منها سرًّا من الشيخ ومنًا، فلما خرجنا قلنا: ما هذا الذي تحمله؟ فقال: دعونا من ورعكم هذا. قال: وسمعت عبدان يقول: ابن عقدة قد خرج عن معاني أصحاب الحديث، فلا يذكر معهم. وقال حمزة السهمي: ما مثل أبي العباس بالوضع إلا طبل. وقال حمزة عن الدارقطني أشهد أن من اتهمه بالوضع فقد كذب.
قلت: ومما يدل على سعة حفظه، ما ذكره أحمد بن أحمد الحافظ في تاريخه قال: سمعت أبا عبد الله الزعفراني يقول: روى ابن صاعد ببغداد في أيامه حديثًا أخطأ في إسناده، فأنكر عليه ابن عقدة، فخرج عليه أصحاب ابن صاعد وارتفعوا إلى الوزير علي بن عيسى، فحبس ابن عقدة، ثم قال الوزير: من يرجع إليه في هذا؟ فقالوا: ابن أبي حاتم، فكتبوا إليه في ذلك، فنظر وتأمل. فإذا الصواب مع ابن عقدة، فكتب إلى الوزير بذلك، فأطلق ابن عقدة وعظم شأنه. وقال مسلمة بن قاسم: لم يكن في عصره أحفظ منه. وكان يزن بالتشيع والناس يختلفون في أمانته فمن راض، ومن ساخط به. وقال أبو ذر الهروي: كان ابن عقدة رجل سوء. وقال ابن الهرواني: أراد الحضرمي أبو جعفر يعني مطينًا أن ينشر أن ابن عقدة كذاب، ويصنف في ذلك، فتوفي رحمه الله قبل أن يفعل" أ. هـ.
• البداية والنهاية: "وكان أيضًا ابن عقدة في الورع والنسك، وكان من الحفاظ الكبار، سمع الحديث الكثير، ورحل، فسمع من خلائق من المشايخ ويقال: . "إنه كان يحفظ نحوًا من ستمائة ألف حديث، منها ثلاثمائة ألف من فضائل أهل البيت، بما فيها من الصحاح والضعاف، وكان ينسب مع هذا كله إلى التشيع والمغالاة" أ. هـ.
• وقال العاملي في "أعيان الشيعة" بعد ذكر من قدح فيه:
"الرجل ثقة حافظ ورع لا ذنب له سوى التشيع كما صرح الذهبي بأنه مقت لتشيعه وأبو الحسن بأنه لا يزيد على أنه حافظ محدث ليس بقوي في الدين وأراد بعدم قوته في الدين نسبته إلى التشيع: ومر تفسير الذهبي قول ابن عدي كان رجل سوء بالرفض أما رواية المناكير فلأنه يروي ما يرونه منكرًا لمخالفته رأيهم وما ألفوه وذلك لا يجعله منكرًا مع أن ابن عدي لم يسق له شيئًا منكرًا وأما خبر قصيعة المخنث في السخافة بمكان لا يصدقه إلا سخيف العقل وما الذي يحمله على الفعل وهو بالمكانة العالية من العلم والحفظ والرجل لو لم يكن متدينًا فهو عاقل وهذا ما لا يفعله عاقل، كما أن حمله شيوخ الكوفة على الكذب لا يقبله عقل فإذا كان يريد الكذب فليقتصر على أمرهم بالرواية عنه ولماذا يعود فيرويها عنهم وهو رجل عاقل وكذلك حكاية الدهليز هي من هذا النوع وأسخف الكل حكاية السراويل فكيف تمكن أن يملأ سراويله كتبًا ويحملها ولا يعلم به صاحب البيت ولا الحضور ثم يراه الحضور بعد خروجه ولا يراه صاحب البيت والظاهر أن هذه حكايات وضعوها عليه قصد شينه حسدًا أو بغضًا كحكاية الصخرة. وأما الوجادة فهي إحدى طرق تحمل الرواية فلا ينبغي أن يتهم بالوضع من أجلها بعد ما ظهرت وثاقته، وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ بعد نقل كلام أبي بكر بن غالب المتقدم قلت ما علمت ابن عقدة اتهم بوضع حديث أما الأسانيد فلا أدري (اهـ) وفي لسان الميزان بعد نقل ما مر عن تذكرة الحفاظ قلت أنا -أي ابن حجر- ولا أظنه كان يضع في الإسناد إلا الذي حكاه ابن عدي وهي الوجادات التي أشار إليها الدارقطني قال وقيل لأبي على الحافظ ما يقوله بعض الناس فيه فقال لا تشتغل بمثل هذا أبو العباس إمام حافظ محله محل من يسأل عن التابعين وأتباعهم فلا يسأل عنه أحد من الناس (أهـ) وإذا كان ابن عدي صح عنده قول أبي غالب فلماذا قال إني لولا ما شرطته لم أذكره أي في المقدوحين للفضل الذي كان فيه والمعرفة والله العالم بأسرار عباده" أ. هـ.
• روضات الجنات: "وقال النجاشي: إنه جليل في أصحاب الحديث مشهور بالحفظ، وكان زيديًا جاروديًا، وعلى ذلك مات، وذكره أصحابنا لاختلاطه بهم ومداخلته إياهم، وعظم محله، وثقته، وأمانته .. " أ. هـ.
• الأعلام: "حافظ زيدي .. " ثم قال في الهامش نقلًا عن كتاب "ضوء المشكاة" وهو مخطوط: "ذكرنا من جملة أصحابنا -أي الشيعة- لكثرة روايته عنهم وخلطته بهم وتصنيفه لهم" أ. هـ.
• قلت: من هذا نعلم مدى الصراع الذي يكتنف الشيعة في الذود عن من دخل مذهبهم، ويكفينا قول علماء الجرح والتعديل المعتمد عليهم كالذهبي وابن حجر وغيرهما على ما أورده من علماء السلف في حق المترجم له آنفًا، في روايته للحديث وما ذكروا فيه، واكتفينا في معرفة معتقده على ما أوردناه من كلام الذهبي وابن حجر رحمهما الله تعالى في تشيعه المتوسط،

البائن في الكلام السابق ... والله أعلم.
ثم أحببنا أن نذكر ما قاله المعلمي في التنكيل حول ابن عقدة بعد ذكر أقوال العلماء فيه، قال المعلمي: "الذي يتحرر من هذه النقول وغيرها أن ابن عقدة ليس بعمدة، وفي سرقة الكتب والأمر بالكذب، وبناء الرواية عليه ما يمنع الاعتماد على الرجل فيما ينفرد به" أ. هـ. قلت: مع تشيعه، كما ذكر آنفًا، والله الموفق.
وفاته: سنة (332 هـ) وقيل: (333 هـ) اثنتين وقيل ثلاث وثلاثين وثلاثمائة.




مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید