المنشورات

الثعلبي

النحوي، اللغوي، المفسر المقرئ: أحمد بن محمّد بن إبراهيم أبو إسحاق النيسابوري الثعلي (وقيل الثعالبي).
وقال السمعاني: يقال له الثعلبي والثعالبي، وهو لقب لا نسب أ. هـ. قاله في اللباب.
من مشايخه: أبو محمّد المخلدي وطبقته من أصحاب السراج كأبي بكر بن هانئ، وأبي بكر بن الطرازي وغيرهم.
من تلامذته: أبو الحسن الواحدي.
كلام العلماء فيه:
• معجم الأدباء: "ذكره عبد الغافر في "السياق" فقال: .. الثعلبي المقرئ المفسِّر الواعظ الأديب الثقة الحافظ، صاحب التصانيف الجليلة من التفسير الحاوي أنواع الفوائد من المعاني والإشارات، وكلمات أرباب الحقائق، ووجوه الإعراب والقراءات، ثم كتاب العرائس والقصص وغير ذلك مما لا يحتاج إلى ذكره لشهرته، وهو صحيح النقل موثوق به" أ. هـ.
• تاريخ الإسلام: "كان واعظًا حافظًا عالمًا، بارعًا في العربية، موثقًا" أ. هـ.
• السير: "الإمام الحافظ العلامة، شيخ التفسير .. كان أحد أوعية العلم" أ. هـ.
• العبر: "كان حافظًا واعظًا، رأسًا في التفسير والعربية، متين الديانة" أ. هـ.
• روضات الجنات: "ويروي عنه صاحب "الكشاف" وغيره الحديث المعروف الوارد في فضل من مات على حب آل محمّد - صلى الله عليه وسلم -، وفي إيراده لذلك إيماء بحسن عقيدته كما استظهره بعض الأصحاب، ومال إليه العلامة المجلسي -رحمه الله - ولذا ينقل عنه في كتاب "البحار" أيضًا كثيرًا، وذكر أنه لتشيعه أو لقلة تعصبه كثيرًا ما ينقل من أحاديثنا" أ. هـ.
• قلت: إن في هذا الكلام ما يدل على تصنيف المترجم له -الثعلبي- في فهارس وأعلام الشيعة، وذلك أمر بعيد، فليس كل من يذكر أحاديث أو روايات عن آل بيت الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مدحهم أو بالإشادة بهم فهو من شيعتهم ومنتسب لهم، وما أرى صاحب الروضات إلا متحيزًا في كلامه  أخذًا بأدنى الأشياء والأمور لذلك العالم أو العلم، لجعله في مصاف الشيعة أو قريبًا منهم، وهذا ما قاله آنفًا في الثعلبي: "ذلك إيماء بحسن عقيدته" التي يقصد بها عقيدة ومذهب الشيعة عنده، والله أعلم.
• البداية والنهاية: "وكان كثير الحديث واسع السماع ولهذا يوجد في كتبه من الغرائب شيء كثير ... ورؤيت له منامات صالحة رحمه الله" أ. هـ.
• النجوم: "قال الحافظ أبو الفرج بن الجوزي: ليس فيه ما يعاب به إلا ما ضمنه من الأحاديث الواهية التي هي في الضعف متناهية خصوصًا في أوائل السور" أ. هـ.
• وقال الدكتور عبد الرحمن الفريوائي في كتابه "شيخ الإسلام ابن تيمية وجهوده في الحديث وعلومه" ما نصه: "الثعلبي هو الإمام الحافظ العلامة شيغ التفسير أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم، له كتاب التفسير الكبير، وكتاب عرائس المجالس في قصص الأنبياء، توفي عام سبع وعشرين وأربع مئة، كان أحد أوعية العلم، وكان صادقًا موثقًا، بصيرًا بالعربية، طويل الباع في الوعظ".
ثم قال نقلًا لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية في الثعلبي: "وقد أثنى شيخ الإسلام على ما فيه من دين وخير إلَّا أنه في باب الرواية وصفه بحاطب ليل، وتكلم فيه في غير موضع فقال:
"و (الثعلبي) وهو في نفسه كان فيه من دين وخير، وكان حاطب ليل، ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع، و"الواحدي" صاحبه كان أبصر منه بالعربية، لكن هو أبعد عن السلامة واتباع السلف، والبغوي تفسيره مختصر من الثعلبي لكنه صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة والآراء المبتدعة" (1).
وقال: "ما ينقله الثعلبي في تفسيره لقد أجمع أهل العلم بالحديث أنه روى طائفة من الأحاديث الموضوعة، كالحديث الذي يرويه في أول كل سورة وأمثال ذلك. ولهذا يقولون: هو كحاطب ليل" (2).
وقال: "جمهور العلماء متفقون على أن ما يرويه الثعلبي وأمثاله لا يحتجون به لا في فضيلة أبي بكر وعمر، ولا في إثبات حكم من الأحكام إلا أن يعلم ثبوته بطريقه" (3).
وقال: "الثعلبي يروي ما وجد صحيحًا كان أو سقيمًا، هان كان غالب الأحاديث التي في تفسيره صحيحة، ففيه ما هو كذب موضوع" (4) أ. هـ.
• ثم قال الفريوائي في هامش كتابه: "وذكر شيخ الإسلام أمثله كثيرة من الموضوعات الواردة في هذا التفسير في كتابه العظيم منهاج السنة، وذكر أكثر من مرة أن فيها من الموضوعات ما لا يعد ولا يحصى. انظر مثلًا (4/ 18 و 28 و 31 و 46 و 48 و 83 و 84 و 95 و 105 - 116)، وقال الأستاذ حسين الذهبي: ومن يقرأ تفسير الثعلبي يعلم أن ابن تيمية لم يتقول عليه، ولم يصفه إلا بما فيه (5). 


وقال الدكتور محمد محمد أبو شهبة: وهذا الذي ذكره ابن تيمة هو الحق فليكن القارئ بهذا التفسير على بينة من أمره، ولا يغتر بكل ما يذكر فيه، فقد أساء صاحبه إلى نفسه وإلى كتابه بهذا الصنيع المذموم ومن وجد شيئًا مما ذكره عند نقد المرويات تفصيلا؛ فلينبذه، ولا يذكره إلا مقترنا ببيان وضعه، أو ضعفه (الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير 179)، وانظر أيضًا: الإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير للدكتور رمزي نعناعة (215 - 217) " أ. هـ. قول الفريوائي.
• المفسرون بين التأويل والإثبات في آيات الصفات: "اشتهر تفسيره عنه باسم تفسير الثعلبي. هذا هو الكتاب الذي جمع فيه صاحبه بين العقرب والنون، يعتبر مصدرا كبيرا للإسرائيليات، وللخرافات، وللأحاديث الموضوعة والمكذوبة، واعتمده كل من جاء بعده واستقى من معينه الغث. وهو ضخم في مجلدات توجد منه بعض النسخ في مخطوطات الجامعة الإسلامية، وفي دار الكتب المصرية على أنه لو تيسر طبعه، وإظهار ما فيه من الأباطيل والخرافات والإسرائيليات لكان ذلك من النصيحة للمسلمين".
قلت: ثم قال صاحب كتاب "المفسرون" محمد المغراوي حول عقيدته من تفسيره: "وإن كنا لم يتيسر لنا الوقوف على جميع الصفات في تفسيره نظرا لرداءة المخطوطة ونقصانها، فقد أخدنا منه ما يمكن أن يستفاد من عقيدته، فأخذنا منه الاستواء والوجه، واليد، والكرسي، والإتيان، والمجيء، والمحبة، ففي هذه الصفات مؤول على مذهب الأشاعرة، وقد يذكر مذهب السلف، ولكن على طريقة العرض لا على طريقة التبني والترجيح وبيان المذهب الحق".
وإليك عزيزي القارئ الصفات التي تكلم عليها المغراوي في كتابه هذا:
1 - صفة الاستواء (2/ 6): "قال عند قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} الآية، أي قصد وعمد إلى خلق السماء.
وقال عند قوله تعالى في سورة الأعراف: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}.
قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} قال الكلبي، ومقاتل: استقر وقال أبو عبيدة: عمد وقيل: استولى وغلب، وقيل: ملك، وكلها فاسدة والصحيح ما قاله أهل المعاني: أن معناه أقبل على خلق العرش وعمد إلى خلقه بعد خلق السماوات والأرض يدل عليه قوله {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} يعني عمد لخلق السماء.
وقال أهل الحق من المتكلمين: أحدث فعلا سماه استواء وهو كالإتيان والمجيء، والنزول كلها من صفات أفعاله.
وعن أم سلمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن قوله {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} فقال: (الكيف غير معقول والاستواء غير مجهول والإقرار به إيمان والجحود له كفر) (1).


وسئل مالك بن أنس كيف استوى فقال: الكيف مجهول والاستواء معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة، وسئل الأوزاعي عن قوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} فقال: هو على العرش كما وصف نفسه وإني لأراك رجلًا ضالًا.
التعليق:
وهذه العبارات هي التي نقلها ابن عطية والقرطبي في تفسيريهما وكلها تأويل مذموم.
3 - صفة المجيء والإتيان (2/ 8): "قال عند قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} ـ
قال في معرض تفسير الآية: اختلف الناس في ذلك، فقال بعضهم: (في) بمعنى الباء، وتعاقب حروف الصفات سائغ مشهور في كلام العرب، تقدير الآية، إلا أن يأتيهم الله بظلل من الغمام وبالملائكة، أو مع الملائكة، وعلى هذا التأويل زال الإشكال، وسهل الأمر.
وأجرى الباقون الآية على ظاهرها، ثم اختلفوا في تأويلها، ففسرها قوم على الإتيان الذي هو الانتقال من مكان إلى مكان، وأدخلوا فيه بلا كيف، واتبعوا فيه ظواهر أخبار وردت لم يعرفوا تأويلها.
قلت: وهذا غير مرضي من القول، لأنه إثبات المكان لله تعالى، وإذا كان متمكنًا، وجب أن يكون محدودًا متناهيًا ومحتاجًا فقيرًا، وتعالى الله عزَّ وجلَّ عن ذلك علوًا كبيرًا.
قال بعض المحققين الموفقين أظنه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: من زعم أن الله في شيء أو من شيء، أو على شيء، فقد ألحد، لأنه لو كان من شيء لكان محدثًا، ولو كان في شيء لكان محصورًا، ولو كان على شيء لكان محمولًا.
وسكت قوم عن الخوض في معنى الإتيان فقالوا: نؤمن بظاهره ونقف عن تفسيره، لأنا قد نهينا أن نقول في كتاب الله ما لا نعلم، ولم ينبهنا الله تعالى ولا نبهنا رسوله على حقيقة معناه.
قال الكلبي: هذا من المكتوم الذي لا يفسر، وكان مالك والأوزاعي وأحمد، وإسحاق، وجماعة من المشايخ يقولون فيه وفي أمثاله: أمروها كما جاءت بلا كيف، وزعم قوم أن في الآية إضمارًا واختصارًا، تقديره إلا أن يأتيهم أمر الله وهو الحساب والعذاب، يدل عليه قوله تعالى {وَقُضِيَ الْأَمْر} أي وجب العذاب، وفرغ من الحساب.
قالوا: وهذا كقوله {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} والعرب تقول: قطع الوالي اللص وضربه، وإنما فعل ذلك أعوانه بأمره، ويقال: خشينا أن يأتينا بنو أمية أي حكمهم، وعلى هذا يحمل قوله تعالى {وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} لأنه سبحانه لم يرم، ولم يل ذلك، وهذا معنى قول الحسن البصري.
وقالت طائفة من أهل الحقائق إن الله عزَّ وجلَّ يحدث فعلًا يسميه إتيانًا، كما أحدث فعلًا سماه نزولًا، وأفعاله بلا آلة ولا علة.
قلت: ويحتمل أن يكون معنى الإتيان ها هنا راجعًا إلى الجزاء، فسمى الجزاء إتيانًا، كما سمى التخريب والتعذيب في قصة ثمود إتيانًا.
قال عزَّ وجلَّ: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيثُ لَا يَشْعُرُونَ}.
وقال في قصة بني النضير {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ}. وقال الله تعالى: {وَإِنْ كَانَ مِثْقَال حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَينَا بِهَا} وإنما احتمل الإتيان هذه المعاني لأن أصل الإتيان عند أهل اللسان هو القصد إلى الشيء، فمعنى الآية هل ينظرون إلا أن يظهر الله عزَّ وجلَّ فعلًا من أفعاله على خلق من خلقه، فيقصد إلى مجازاتهم ويقضي في أمرهم ما هو قاض، ويجازيهم على فعلهم، ويمضي فيهم ما أراد يدل عليه ما أخبرني الحسين بن محمّد بن الحسين الثقفي قال: حدثنا عصمة بن محمّد قال: حدثنا موسى بن عقبة، عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إذا كان يوم القيامة يأتي الله عزَّ وجلَّ في ظلل من الغمام والملائكة، فيتكلم بكلام طلق ذلق فيقول: أنصتوا فطالما أنصت لكم منذ خلقتكم، أرى أعمالكم، وأسمع أقوالكم، وإنما هي صحائفكم تقرأ عليكم، فمن وجد خيرًا فليحمد الله سبحانه، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه".
وقال عند قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا}. قال الحسن: أمره، وقضاؤه، وقال أهل الإشارة: ظهرت قدرة ربك وقد استوت الأمور، وأن الحق لا يوصف بتحويل من مكان إلى مكان، وأنى له التحويل والتنقل، ولا مكان له ولا أوان، ولا يجري عليه وقت ولا زمان، لأن في جريان الوقت على الشيء فوت الأوقات، ومن فاته شيء فهو عاجز والحق منزه أن تحوي صفاته الطبائع أو تحيط به الصدور.
التعليق:
وواضح أن النص للفقه والاستنباط كالأساس للبيت والبناء (فأين الرواية والسند وبين المفسر وبين الحسن خرق القتاد غفر الله له هذه الكبوة وتلك الزلة).
4 - تفسير الكرسي (2/ 10): "قال عند قوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}.
أي الملك وأحاط به، واختلفوا في الكرسي، فقال ابن عباس، وسعيد ابن جبير، ومجاهد، كرسيه علمه، ومنه قيل للصحيفة يكون فيها علم مكتوب كراسة، ومنه قول الراجز في صفة قانص:
.. حتى إذا ما جاءها تكرسها ..
يعني علم. ويقال للعلماء الكراسي قال الشاعر:
تحف بهم بيض الوجوه وعصبة ... كراسي بالأحداث حين تنوب
أي علمًا بها.
وقال بعضهم: كرسيه، سلطانه، وملكه، وقدرته، والعرب تسمي الملك القديم كرسيًا. وتسمى أصل كل شيء الكرسي يقال: فلان كريم الكرسي أي الأصل: قال العجاج:
قد علم القدوس مولى القدس ... أن أبا العباس أولى نفس
في معدن الملك القديم الكرس
ورأيت في بعض التفاسير كرسيه سره وأنشدوا فيه:
ما لي بأمرك من سر أكاتمه ... ولا بكرسي علم الله مخلوق وزعم محمّد بن جرير الطبري أن الكرسي، الأعل أي وسع عبادك السماوات والأرض.
وقال أبو موسى، والسدي، وغيرهما: هو الكرسي بعينه، وهو لؤلؤ، وما السماوات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس ثم ذكر الخبر المعروف بطوله.
وقال الحسن البصري: الكرسي هو العرش بعينه، وحكى أبو سعيد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد عن بعض المتقدمين أن الكرسي اسم ملك من الملائكة، أضافه إلى نفسه، تخصيصًا وتفضيلًا، نبه بهذا عباده على عظمته وقدرته. فقال: إن خلقًا من خلقي يملأ السماوات والأرض فكيف يقدر قدري وتعرف عظمتي. والله أعلم.
التعليق:
وقد تقترح أن الصحيح هو تفسير ابن عباس بأنه موضع القدمين.
5 - صفة النفس (2/ 12): "قال عند قوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيءٍ إلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}.
(ويحذركم الله نفسه) أي يخوفكم الله على موالاة الكفار وارتكاب النهي ومخالفة المأمور من نفسه.
قال المفسرون: من عذاب نفسه وعقوبته وبطشه وقال أهل المعاني: ويحذركم إياه لأن الشيء والنفس والذات عبارة عن الوجود ونفس الشيء هو الشيء بعينه كقوله تعالى {أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} أي ليقتل بعضكم بعضًا قال الأعمش:
يومًا بأجود نائلًا منه إذا ... نفس البخيل تجهمت سؤالها
أي إذا البخيل تجهم سؤاله".
6 - صفة المحبة (2/ 12): "قال عند قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
(فاتبعوني يحببكم الله) أي اتبعوا شريعتي وسنتي يحببكم الله وحب المؤمنين لله اتباعهم أمره، وقصدهم طاعته ورضاه، وحب الله للمؤمنين ثناؤه عليهم، وثوابه لهم، وعفوه عنهم فذلك قوله {وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
التعليق:
أين ذهبت بصفة المحبة اللائقة بحلال الله فإذا أثبت الصفة فأثبت لازمها".
7 - صفة اليد (2/ 13): "قال عند قوله تعالى: {وَقَالتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}.
قوله: (بل يداه مبسوطتان).
اختلف في اليد فقيل: إن لله يدًا كالأيدي وأشاروا باليد إلى الجارحة ثم نفوا التشبيه بقولهم: لا كالأيدي وهذا فاسد وقيل: يده قوته وقدرته، كقوله تعالى: {أُولِي الْأَيدِي وَالْأَبْصَارِ} وقيل: هي ملكه، كما يقال لعبد الرجل ملك يمينه، قال الله تعالى {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} أي أنه يملك ذلك وعلى هذين القولين يكون لفظه تثنية، ومعناه واحد كقوله تعالى {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} أي جنة واحدة.

وقيل أراد نعمتاه، كما يقال لفلان عندي يد أي نعمة وعلى هذا القول لفظه تثنية، ومعناه جمع كقوله تعالى {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}.
والعرب تضع الواحد موضع الجمع كقوله تعالى {وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا} [الفرقان: 55]. وقال {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: 4] و {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: 2].
وتقول العرب: الدينار والدرهم في أيدي الناس وتضع التثنية موضع الجمع كقوله تعالى {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} [ق: 24] أراد الزبانية.
قال امرؤ القيس:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللِوى بين الدخول فحومل
وقال محمّد بن مقاتل: أراد نعمتاه مبسوطتان، نعمته في الدنيا ونعمته في الآخرة، وهذه التأويلات كلها مدخولة لأن الله تعالى خلق آدم بيده على طريق التخصيص والفضل لآدم على إبليس، فلو كان تأويل اليد على ما ذكروا لم يكن للتخصيص معنى لأن إبليس مخلوق بقدرة الله تعالى وفي ملكه ونعمة.
التعليق:
وقول أهل الحق هذا مطرد في جميع الصفات من غير تفرقة وقد تقدم تفصيل ذلك بين ثنايا البحث فليرجع إلى مواضعه.
وقال أهل الحق: هذه صفة من صفات ذاته كالسمع والبصر، والوجه قال الحسن: إن لله يدًا لا. توصف، ودليل هذا التأويل أن ذكره مرة اليد بلفظ الواحد. فقال: {قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ} [آل عمران: 73]، وقال: {بِيَدِكَ الْخَيرُ} [آل عمران: 26]. وقال: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيدِيهِمْ} وقال: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} وقال: {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيءٍ} [يس: 83].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله يضع يده لمسيء الليل ليتوب بالنهار ولمسيء النهار ليتوب بالليل حتى تطلع الشمس من مغربها) (1).
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - (يمين الله ملأى لا تفيضها نفقة سحاء الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يقض ما في يده شيئًا وبيده القسط يخفض ويرفع) (2) ومثناة مرة، فقال: (لما خلقت بيدي) (بل يداه مبسوطتان).
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (كلتا يديه يمين) وجمعها مرة فقال (مما عملت أيدينا أنعامًا) (3). انتهى قول المغراوي في كتابه "المفسرون .. ".
من أقواله: ومن شعر الثعلبي:
وإني لأدعو الله والأمر ضيق ... عليَّ فما ينفك أن يتفرَّجا
ورُبَّ فتى سُدَّت عليه وجوهه ... أصاب له في دعوة لله مخرجا
وفاته: سنة (427 هـ)، وقيل (437 هـ) سبع وعشرين وأربعمائة، وقيل سنة سبع وثلاثين وأربعمائة.

من مصنفاته: "التفسير الكبير" الذي فاق غيره من التفاسير، وكتاب "العرائس" في قصص الأنبياء، وغير ذلك.




مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید