المنشورات

أبو الفتوح الغَزَالي

المفسر: أحمد بن محمّد بن محمّد بن أحمد، أبو الفتوح، مجد الدين الطوسي الغزالي، أخو أبي حامد الغزالي (1).
كلام العلماء فيه:
• المنتظم: "كان متصوفًا فزاهدًا في أول أمره، ثم وعظ فكان متفوهًا وقبله العوام، وجلس في بغداد في التاجية ورباط بهروز .. وكان له نكت لطيفة إلا أن الغالب على كلامه التخليط ورواية الأحاديث الموضوعة والحكايات الفارغة والمعاني الفاسدة، وقد علق عنه كثير من ذلك، وقد رأينا من كلامه الذي علق عنه وعليه خطه إقرارًا بأنه كلامه.
فمن ذلك أنه قال: قال موسى رب أرني أنظر إليك، قيل له: لن تراني، فقال: هذا شأنك تصطفي آدم تم تسود وجهه وتخرجه من الجنة، وتدعوني إلى الطور ثم تشمت بي الأعداء، هذا عملك بالأخبار، كيف تصنع بالأعداء.
وقال: نزل إسرافيل بمفاتيح الكنوز على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجبريل جالس عنده فاصفر وجه جبريل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يا إسرافيل) هل نقص مما عنده شيئًا، قال: لا، قال: ما لا ينقص الواهب ما أريده. وقال: دخل يهودي إلى الشيخ أبي سعيد، فقال أريد أن أسلم، فقال له، لا ترد، فقال الناس: يا شيخ تمنعه من الإسلام، فقال له: تريد ولابد، قال: نعم، قال: برئت من نفسك ومالك، قال: نعم، قال: هذا الإسلام عندي احملوه الآن إلى الشيخ أبي حامد حتى يعلمه لا - لا المنافقين يعني لا إله إلا الله- قال أحمد الغزالي: الذي يقول لا إله إلا الله غير مقبول ظنوا أن قول لا إله الله مشور ولايته أفنسوا عزله.
وحكى عنه القاضي أبو يعلى أنه صعد المنبر يومًا، فقال: معاشر المسلمين كنت دائمًا أدعوكم إلى الله فأنا اليوم أحذركم منه، والله ما شدت الزنانير إلا من حبه، ولا أديت الجزية إلا في وأنبانا محمّد بن ناصر الحافظ، عن محمّد بن طاهر المقدسي قال: كان أحمد الغزالي آية من آيات الله تعالى في الكذب، توصل إلى الدُّنْيا بالوعظ، سمعته يومًا بهمذان يقول: رأيت إبليس في وسط هذا الرباط يسجد لي فقال له: ويحك، إنه الله عزَّ وجلَّ أمره بالسجود لآدم فأبى: والله لقد سجد لي أكثر من سبعين مرة، فعلمت أنه لا يرجع إلى دين ومعتقد، قال: وكان يزعم أنه يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عيانًا في يقظته لا في نومه، وكان يذكر على المنبر أنه كلما أشكل عليه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله على ذلك المشكل فدله على الصواب.
قال: وسمعته يومًا يحكي عن بعض المشايخ، فلما نزل سألته عنها فقال: أنا وضعتها في الوقت.
قال: وله من هذه الجهالات والحماقات ما لا يحصى.
قال مؤلف الكتاب: وكان أحمد الغزالي يتعصب لإبليس ويعذره، حتى قال يومًا: لم يدر ذاك المسكين أن أظافر القضاء إذا حكث أدمت وقسي القدر إذا رمت أصمت ثم انشد:
وكنا وليلى في صعود من الهوى ... فلما توافينا ثبت وزلت
وقال: التقى موسى وإبليس عند عقبة الطور، فقال: يا إبليس لم لم تسجد لأدم؟ فقال كلا، ما كنت لأسجد لبشر يا موسى ادعيت التوحيد وأنا موحد، ثم التفت إلى غيره وأنت قلت أرني فنظرت إلى الجبل فأنا أصدق منك في التوحيد، قال: أسجد للغير ما سجدت من لم يتعلم التوحيد من إبليس فهو زنديق، يا موسى كلما ازداد محبة لغيري ازددت له عشقًا.
قال المصنف: لقد عجبت من هذا الهذيان الذي قد صار عن جاهل بالحال، فإنه لو كان إبليس غار لله محبة ما حرض النّاس على المعاصي، ولقد أدهشني نفاق هذا الهذيان في بغداد وهي دار العلم، ولقد حضر مجلسه يوسف الهمذاني، فقال: مدد كلام هذا شيطاني لا رباني ذهب دينه والدنيا لا تبقى له.
وشاع عن أحمد الغزالي أنه كان يقول بالشاهد، وينظر إلى المردان ويجالسهم، حتى حدثني أبو الحسين بن يوسف أنه كتب إليه في حق مملوك له تركي فقرأ الرقعة ثم صاح باسمه، فقام إليه وصعد المنبر فقبل بين عينيه، وقال: هذا جواب الرقعة" أ. هـ.
• وفيات الأعيان: "كان واعظًا مليح الوعظ حسن المنظر صاحب كرامات وإشارات، وكان من الفقهاء، غير أنه مال إلى الوعظ فغلب عليه، ودرس بالمدرسة النظامية نيابة عن أخيه أبي حامد لما ترك التدريس زهادةً فيه، وطاف البلاد وخدم الصوفية بنفسه، وكان مائلًا إلى الانقطاع والعزلة، أ. هـ.
• السير: "واعظ مشهور .. له قبول عظيم في الوعظ، يُزَنُّ برقة الدين وبالإباحة" أ. هـ.
• ميزان الاعتدال: "جاءت عنه حكايات تدل على اختلاله، وكان يضع.
قال الحافظ السِّلفي: حضرت مجلس وعظه بهمذان، وكنّا في رباط واحد، وبينتا إلفه وتودد، وكان أذكى خلق الله، وأقدرهم على الكلام، فاضلًا في الفقه وغيره. انتهى.
قال ابن النجار: من أحسن الناس كلامًا في  الوعظ وأرشقهم عبارةً، مليح التصرف فيما يورده حلو الاستشهاد، أظرف أهل زمانه، وألطفهم طبعًا، خدم الصوفية في عنفوان شبابه، وصحب المشايخ، واختار الخلوة والعزلة حتى انفتح له الكلام على طريقة القوم، ثم خرج إلى العراق ومالت إليه قلوب النّاس وأحبوه" أ. هـ.
• البداية والنهاية: "كان واعظًا مفوّهًا، ذا حظ من الكلام والزهد وحسن التأني، وله نكت جيدة، ... وتكلم فيه ابن الجوزي بكلام طويل كثير، قال ونسب إلى محبة المردان والقول بالمشاهدة فالله أعلم بصحة ذلك" أ. هـ.
• لسان الميزان: "ذكره أبو سعد بن السمعاني في (ذيل بغداد) فقال: حلو الكلام، ملح الوعظ، قادر على التصرف فيما يورده، اجتهد في شبيبته بـ "طوس"، واختار العزلة، ثم خدم الصوفية، وخرج إلى "العراق"، وتكلم على الناس، فحصل له القبول التام، واصطاد الخواص والعوام، وكان يحضر مجلسه عالم لا يحصى. قال: وكان شيخنا يوسف بن أيوب الهمذاني سيء الرأي فيه، حتى قال أحمد الغزالي وسخ الطريقة، وسمع كلامه مرة فقال: كلامه كالنار المشتعلة، ولكن مدده شيطاني لا رباني، ونقل عن أبي الفضل مسعود بن محمّد الطرازي، أن جماعةً من الصوفية حضروا سماعًا، فقال القوال شيئًا، فقام أبو الفتح وتواجد واضطرب، وقام على رأسه يدور، ورجلاه في الهواء حتى ذهبت طائفة من الليل وأعيى الجمع، وما وضع له يدًا ولا رجلًا على الأرض. ونقل عنه أيضًا: أنهم كانوا في وليمة، فحضر الطعام، فوقع لأبي الفتوح حالة، فتغير لونه وشغل عن الطعام، وكان للرباط شيخ زاهد كثير العبادة، فجاء إلى الشيخ يوسف بن أيوب فقال له: لقد ابتلينا بزمان سوء، ظهرت فيه المنكرات والحالات، فقال له: وما ذاك؟ قال: إن أبا الفتوح لما امتنع من الأكل، بعد أن وقع له ما جرى، سئل عن سبب ذلك، فقال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - قد رفع لقمة من القصعة ووضعها في فمي، فقال له الشيخ يوسف: هذا صحيح، وهي خيالات، تظهر لسالكي الطريقة في الابتداء، وليست لها حقيقة، ونقل عن أبي الرضى الجرجاني قال: حضر أحمد عند أخيه أبي حامد وهو يقرأ "سورة الأنعام"، فوقف على الباب ساعة ثم رجع فقال له من الغد: سمعت أنك حضرت فلم رجعت؟ فإني كنت أقرأ سورة الأنعام، فقال له أحمد: ما سمعت سورة الأنعام، ولكن سمعت حساب البقال، فقال: نعم، أخذت الحوائج من البقال، فبلغ الحساب مبلغًا، فشغل قلبي وغلبني حالة القراءة.
وقال ابن أبي الحديد في شرح "نهج البلاغة": كان أبو الفتوح قاصًا ظريفًا واعظًا، سلك في وعظه مسلكًا منكرًا، لأنه كان يتعصب لابليس ويقول: إنه سيد الموحدين، وقال يومًا: من لم يتعلم من إبليس فهو زنديق، لأنه أمر أن يسجد لغير سيده فأبى.
وقال مرة لما قال له موسى أرني، فقال لن تراني هذا شغلك، تصطفي آدم ثم تسود وجهه وتخرجه من الجنة، وتدعوني إلى الطور ثم تشمت بي الأعداء، إلى غير ذلك من هذا الشطح" أ. هـ.
• الشذرات: "الواعظ شيغ مشهور فصيح مفوه، صاحب قبول تام لبلاغته وحسن إيراده وعذوبة لسانه ... ولكنه كان رقيق الديانة مُتكلمًا في عقيدته" أ. هـ.
• روضات الجنات: "ونقل عن شرح المثنوى أن أخاه الإمام الغزالي المشهور قال له يومًا: نعم الفقيه أنت لو اجتهدت في الشريعة أكثر من هذا، فقال له الشيخ أحمد: ونعم العالم أنت لو اهتممت في الحقيقة أكثر من هذا، فقال الإمام: أزعم أن لي السبق في مضمار الحقيقة، فقال الشيخ: متاع التصور والحسبان ليس له كثير رواج في سوق الأسرار. فقال: وليكن بيننا حكم، فقال الشيخ: وحكم هذا الطريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال الإمام: وكيف لنا به حتى نرى مكانه ونسمع بيانه، قال: ولما يجد حظًا من الحقيقة من ليس يراه حيث أراد، ولم يسمع من أسراره وحقائقه، فاشتعل من أثر هذا الملام نائرة الغيرة في باطن الإمام، ثم إنهما جعلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكمًا لأنفسهما وافترقا حتى إذا جاء الليل، وأخذ كل منهما طريق تعبده، فبالغ الإمام في التضرع والبكاء والتوسل إلى أن سخنت عيناه، فرأى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - دخل عليه مع رجل من أصحابه وبشره بشرف المعرفة بهذا الأمر، وكان على يدي ذلك الصحابي طبق من الرطب، ففتح عن طرف منه وأعطاه من ذلك تميرات، فلما أفاق الإمام رأى تلك التميرات موجودة في كفّه على خلاف سائر مناماته. فقام مبتهجًا مسرورًا إلى حجرة أخيه، وجعل يدقّ الباب بقوته، فإذا هو يقول من وراء الباب: لا ينبغي مثل هذا العجب، والدلال على تميرات معدودة. فزاد تحيّر الإمام من دهشته هذا القول. فلمّا دخل على أخيه قال: وكيف علمت ما لحقني من التشريف؟ فقال الشيخ: - ولم يعطيك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أعطاك حتى لم يعرضه عليّ سبع مرات، وإن لم تصدّقني في ذلك فقم إلى رف الحجرة وانظر ماذا ترى، فلما قام الإمام رأى ذلك الطبق الذي كان على يدي الصحابي هناك، وقد نقص من طرف منه تلك التميرات، فعلم أن ما بلغه منه أيضًا كان من بركات أنفاس الشيخ. ثم إنه أخذ في طريقة السير والسلوك واستكشاف أسرار الحقايق إلى أن صار مقتدى أصحاب الطريقة بلا كلام إلا أنه كان يعترف بفضيلة الشيخ، ويرى نفسه عنده كمثل الطفل عند معلمه الكبير.
وللشيخ الموصوف مصنفات كثيرة في غوامض الأسرار والمعارف منها كتاب (سوانحة) الذي جرى الشيخ فخر الدين الغراقي على سننه في كتاب (اللمعات) أ. هـ.
من أقواله: الوافي: "وسئل عن قوله تعالى في قول الخليل - عليه السلام - {أَرِنِي كَيفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَال أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَال بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} وقول عليّ رضي الله عنه: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينًا. اليقين يتصور عليه الجحود، والطمأنينة لا يتصور عليها الجحود. قال الله تعالى {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ}.
وجاء في كلامه: من كان في الله تلفه كان عليه خلفه. وقال: قيل إن بعض العشاق كان مشغوفًا بجميل وكان ذلك لجميل موافقًا له فاتفق أنه جاءه يومًا بكرة وقال له: انظر إلى وجهي فأنا اليوم أحسن من كل يوم، فقال له: وكيف ذلك؟ فقال: نظرت في المرآة فرأيت وجهي فاستحسنته فأردت أن تنظر إليه فقال: بعد أن نظرت إلى وجهك قبلي لا تصلح لي. ومن شعره:
أتاني الحبيبُ بلا موعد ... فأخلق خُلقَ الورى بالكرمْ
أعاد الوصال وعادي الفراق ... فحُقَّ التلاف وزال التهمْ
فما زلتُ أرتَعُ روضَ المنى ... كما كنتُ أقرَعُ سِنَّ الندمْ
قال محب الدين بن النجار: أخبرني محمّد بن محمود الشُّذباني بهراة، قال: سمعت أبا سعد ابن السمعاني يقول، سمعت أبا الحسن عليّ بن هبة الله بن يوسف الصوفي يقول: خرج أحمد الغزال المحول وخرجنا معه فركبنا إلى البساتين والنواعير التي على الفرات فوقف عند ناعورة تئن أنين المصابة فطاب وقته وأخذ الطيلسان من رأسه ورماه على الناعورة وأدارها الماء وصار نتفة نتفة، انتهى.
وعظ في دار السلطان محمود فأعطاه ألف دينار فلما خرج رأى فرس الوزير فركبه فقال دعوه ولا يعاد، قال الشيخ شمس الدين: وقد رمي بأشياء صدرت منه تخالف الطريق. قال ابن طاهر: كان لا يرجع إلى دين، وقال محمّد بن طاهر المقدسي: كان آية في الكذب" أ. هـ.
وفاته: سنة (520 هـ) عشرين وخمسمائة.
من مصنفاته: مختصر إحياء علوم الدين سماه "لباب الإحياء"، و "الذخيرة في علم البصيرة"، و "بحر المحبة في أسرار المودة".






مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید