المنشورات

العَظْمَة

المفسر: أحمد مظهر العظمة.
ولد: سنة (1329) تسع وعشرين وثلاثمائة وألف.
من مشايخه: المحدِّث الأكبر العلامة الشيخ محمد بدر الحسيني، والشيخ صالح الحمصي، وغيرهما.
كلام العلماء فيه:
• أعلام دمشقَ: "كان حنفي المذهبِ في توسطٍ واعتدال، وله شعر جيد، وكان من الخطباء المجيدين والكُتَّاب البارعين ... انتابه المرض فاقتصر على طبع المقدمات في التفسير لمجلة التمدن الإِسلامي" أ. هـ.
• في كتابه "كلمات" في موضعه المنشور في صحيفة المنار (دمشق) العدد (7) (1/ 3 / 1369 هـ / 1950 م) من مقاصد الذكرى -أي ذكرى المولد النبوي- قال:
"أيها العرب!
وأيها المسلمون!
احتفلوا بذكريات رسولكم الكريم وزعيمكم العظيم بتقدير شريعته، والعمل بها في حياتكم، فأنتم بها أقوياء أغنياء سعداء: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (3/ 139) " أ. هـ.
ثم أذكر للقارئ العزيز بعض المواضع التي تعطي المُعتَقَدَ السليم لدى العظمة وخاصة في الصِّفات، على أنَّنا سوف نذكر ما قاله في معنى الاستواء وكيف جعله على ما هو عليه كما قال السَّلف، وإن العظمة كغيره في هذا القرن وللضعفِ العلمي الذي نعاني منه سنة بعد أخرى وخاصة في معرفة مقاصد الشريعة الغرّاء من ناحية العقيدة والتمييز بين مختلف فِرَق المسلمين في معرفة الاعتقاد الحق كالأشعرية، والماتريديّة، والإباضية، والشيعة، وغيرهم من الفرق الّتي أغرقت في الاعتقاد إن كان في الأسماء والصفات أو غيرها من الإيمان وغيره أيضًا. ولهذا قد ترى في هذا القرن علماء المسلمين يتذبذبون في تلك الفرق على أساس معين كأصحاب اللغة والنحو والبلاغة وغيرها من العلوم العقلية، يجعلون هوى إرشاد القارئ  إلى كلمة لغوية ما أو جملة ما أو عبارة على ما عندهم من العلم والشواهد وغيرها مما يُسنُد اتجاههم في توضيح تلك المعلومة حتى لو كان القول قول المعتزلة أو الأشعرية أو غيرهما من فرق المسلمين الّذين حادوا عن سبيل الاعتقاد الصحيح لدى السلف، ولعل مثالا نسوقه إليك على صاحب الترجمة فإنّه يرشد إلى الاحتفال بالمولد النبوي الشريف الّذي استحدثته الصوفية وبعض عامّة المسلمين لأمور عبادية بدعية وأخرى عدائية وغيرها جاهليَّة، نسأل الله -تعالى- العافية ... هكذا يوجه العظمة الناس لأمر ما كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا على عهد صحابته من بعده ولا من تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين. هذا منهج اعتمده صاحب الترجمة في موقف ما، ثمّ نذكر أنه تكلّم في صفة الاستواء بما تكلم به السلف الصَّالح والمعتقد الصحيح فيه، ففي وقت يميل إلى بعض بدع الصوفيّة وفي وقت آخر يميل ويتكلم كما قاله السَّلف، ولو أنّ القول بمولد الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - لا يوازي القول بصفة من صفات الله -تعالى- وخاصة القول بالاستواء - أي استواء الله تعالى على العرش -كما قالت المعتزلة بأن الاستواء يعني: الاستيلاء ... وغير ذلك مما تبعها من الانحرافات لديهم ولدى غيرهم من فرق المسلمين من بعدهم. وإليك بعض الأقوال للعظمة من كتب مختلفة ألفها في وقته:
قال في كتابه "حديث الثلاثاء" (1) (ص 8) في بدعة عاشوراء في غير صومه:
"أما ما عدا الصيام فهو بدعة لم يسنّها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا خلفاؤه -رضي الله عنهم- ولا استحبّها أحد من أئمّة المسلمين، لكل بعض المتأخرين من أتباع الأئمة كانوا يدعون إلى جملة أعمال ويروون فيها آثارًا لم يصح شيء منها لدى العلماء المحققين، أدى إلى ظهور بعضها الخلاف قديمًا بين جهلة السنة والشيعة".
وقال في الاستعانة بغير الله -تعالى- واستنكارها، وفي الرقى والتعويذات (ص 76):
"فلا شك أن الاستعانة بغير الله ضرب من الشرك في آية صورة من الصور التي يكون عليها، ومن ذلك هذه التمائم التي يعلّقها كثير من العامة ومَن في حكمهم من الخاصة، فهي في حقيقة معناها لجوء إلى غير الله -تعالى- في دفع السوء المتوقع وجلب الخير المرتقب. وكل ما لم يكن شرعيًا من ذلك كان ضربًا من الشرك".
ثم قال (ص 77): "أما ما كان مشروعًا من الرقى (التعويذات) كأن يكون بأسماء الله أو بكلامه أو ما أثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا غير داخل فيما نستنكره طبعا، فعن عوف بن مالك - رضي الله عنه - قال: كنا نرقي في الجاهليَّة فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى في ذلك؟ . فقال: اعرضوا عليّ رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك، وقد صرّحت بالتحذير من التمائم أحاديث عديدة".
ويقول بعدها: "ومن العجيب بعد هذا أن ترى في المسلمين في خرافات التمائم ما يُزري بهم، ويصوّر الإِسلام لمن لا يحرفه بصورة دين خرافي  وهو من ذلك بريء".
ثمّ نذكر إليك تفسيره لسورة الحديد وكيف ينزّه الله -تعالى- عما لا يليق به -سبحانه- حيث قال في كتاب "حديث الثلاثاء" (2) (ص 73):
"تسبيح الله والتسبيح له: تنزيهه عمّا لا يليق به وتعظيمه، وكل ما في السموات والأرض سبح لله بهذا المعنى بلسان حاله ومقاله إن كان عاقلًا، أو بلسان حاله إن كان غير عاقل وهو الأكثر كما عبّرت الآية الكريمة عنه بـ (ما)، وهو العزيز الحكيم في ملكه العظيم، وإرادته الغالبة وتدبيره الذي تصحبه الحكمة الكبرى ثوابًا وعقابًا وخلقًا وتصريفًا ... ".
وقال في تفسير سورة الحديد أيضًا (ص 75): "هو الأول (لأنه الخالق الموجد)، والآخر (أي الباقي بعد فناء خلقه)، والظاهر (بالأدلة الناطقة الكثيرة التي تثبت وجوده)، والباطن (الذي لا تدركه الأبصار والحواس وهو يدرك الأبصار ولا تخفى عليه خافية)، وهو بكل شيء عليم (سواء أكان ظاهرًا أو باطنًا، جليًا أو خفيًّا).
ثم قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} خلقها كذلك تنفيذًا لمقتضيات حكمته وإن يومًا عنده كألف سنة مما تعد من السنين، ثمّ استوى على عرشه استواء يليق بألوهيته، وقد خاض في هذا المعنى الخائضون".
انظر إلى تفسيره لآية الاستواء كيف اتَّخذ من قول السّلف في إيرادها كما يليق بحلاله سبحانه: هي القول لديه وذلك الاعتقاد الصحيح، والله - تعالى- الموفق.
وقال في تفسير نفس السورة (ص 76): "وهو معكم أينما كنتم (لا يبرحكم علمه وقدرته سبحانه وتعالى)، والله بما تعملون بصير (من أمور دينكم ودنياكم).
كان الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- ينشد هذين البيتين:
إذا ما خَلَوتَ الدهرَ يوما فلا تقُل ... خَلَوتُ ولكن قُل علي رقيبُ
ولا تحسَبَن الله يَغفَلُ سَاعَةً ... ولا أن ما تخفي عَلَيهِ يَغيبُ"
وقال في كتاب "سبل السلام" (ص 73) يتكلّم على ما حصل من المسلمين من جهل في دينهم ودنياهم من أجل جعلِ ما أنعم الله - تعالى- به للناس ولأمة المسلمين خاصة في خدمة الدين الإِسلامي، وعلو هذا الدين في الأرض لإصلاح البشريّة كما أنزله الله -تعالى- على رسوله - صلى الله عليه وسلم - ليعلمَ به النَّاسَ ويخرجَهم من الظلمات إلى النور:
"والَّذي يحزُّ في النَّفس أيضًا أن الخرافات والبدع والأوهام من طبول وزمور وشموع وبخور وتواكل وانعزال وجمود وجهل باسم توكل أو قضاء وقدر ونحو ذلك مما لم يفهم فهمًا إسلاميًا صحيحًا، كل ذلك كثيرًا ما يعزى زورًا إلى الإسلام, ويستبسل أنصاره في سبيله كل الاستبسال، وهو يشوه الإِسلام الجميلَ الكريمَ  الّذي يتجه إلى معالي الأمور ويكره سفاسفها".
وانظر إلى قوله في علم التاريخ وجعله لخدمة الإِسلام لا للفتن والخلاف بين المسلمين حيث قال (ص 30): "وكان السلف الصَّالح لهذا ونحوه من الإرشاد الصحيح يتعلمون مع العلم العمل، فيغنمون الثمرات النفيسة والحيوية الكثيرة، فقد كانت السورة من القرآن مثلًا تحفظ بعد العلم والعمل بها، وكان من الصّحابة الكرام من يُروون أبناءهم المغازي النبوية كما يُحفظونهم السورة من القرآن ليكون التّاريخ الرشيد للاقتداء الصحيح، وشتان بين هذا وأن يُدرس التاريخ للوقوف على أساليب المكر والغدر والفساد في الأرض" أ. هـ
قلت: هذه النقولات من بعض كتبه -وكما أسلفنا سابقًا- توضح للقارئ مدى محاربة "العظمة" للبدع والانحرافات الّتي عليها المسلمون اليومَ، إن كان في وقته أو في يومنا هذا، وكيف هو يميل، بل يتحرى القول الصحيح في توضيح شيء ما من آية أو سورة أو صفة من صفات الله -تعالى- أو إلى جعلِ مصب العلوم في خدمة الدين الإسلامي عمومًا، وفي تثبيت العقيدة الصحيحة الخالية من الوثنية والانحرافات وغيرها من مساوئ أهل البدع والشرك وأهوائهم، خصوصًا، ما ذكرناه سابقًا من أنه قد دعا إلى بدعة المولد. نقول: إنّ النهر العذبَ لا يضره إنْ وضع فيه حفنة من ملح، ولعل النفس في ما تتوق إليه من صفاء الناس ورؤية الفرَق الضالة تجعل من صاجها الاجتهاد والنفور ضدّ الضلال ولو كان فيها شيئًا من قشور، وعليه فالعظمة مصلح خيّر صاحب دين وتقوى. نسأل الله -تعالى- أن يلهمنا الصواب، إنَّه مجيب رحيم.
وفاته: سنة (1403 هـ) ثلاث وأربعمائة وألف.
من مصنفاته: له تفسير أجزاء من القرآن الكريم منفردة: "جز عم، وتبارك، وقد سمع، والذاريات". و "سبل السلام" كلمات أذيعت تبيانا لمناهج الإِسلام.







مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید