المنشورات

ابن راهويه

المفسر: إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم الحنظلي التميمي المروزي، أبو يعقوب ابن راهويه (1).
ولد: سنة (161 هـ) إحدى وستين ومائة وقيل في مولده غير هذا .. قاله الخطيب وأثبت الأول من مشايخه: عبد الله بن المبارك، وسفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح وغيرهم.
من تلامذته: بقية بن الوليد، ويحيى بن آدم وخلق كثير.
كلام العلماء فيه:
* الجرح والتعديل: "حدثنا عبد الرحمن حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي وسئل عن إسحاق بن راهويه فقال: مثل إسحاق يسأل عنه؟ إسحاق عندنا من أئمة المسلمين" أ. هـ.
* حلية الأولياء: "الإمام الهمام، المشهور بالحفظ والفقه مذكور، قرين الإمام المعظم المبجل، أحمد بن حنبل أو خدين الإمام المفضل محمد بن إدريس الشافعي، كان إسحاق للآثار مثيرا, ولأهل البدع والزيع مبيرا .. " أ. هـ.
* تاريخ بغداد: "كان أحد أئمة المسلمين وعلما من علماء الدين، اجتمع له الحديث والفقه والحفظ، والصدق والورع، والزهد، ولم أر في أحاديث البغداديين شيئًا استدل به على أنه حدث ببغداد إلا أن يكون على سبيل التذكرة .. ولله أعلم" أ. هـ.
* تهذيب الكمال: "أحد أئمة المسلمين وعلماء الدين اجتمع له الحديث والفقه والحفظ والصدق والورع والزهد ورحل إلى العراق والحجاز واليمن والشام وعاد إلى خراسان فاستوطن نيسابور إلى أن مات بها وانتشر علمه عند أهلها .. ".
ثم قال: "قال أبو زرعة الدمشقي، كان من الثقات البكائين، وقال أيضًا: كان أبو مسهر يوثقه وقال إسحاق بن سيار النصيبي وأبو حاتم الرازي والدارقطني: ثقة، وقال النسائي: ليس به بأس" أ. هـ.
* السير: "هو الإمام الكبير شيخ المشرق، سيد الحفاظ .. قال حرب الكرماني: قلت لإسحاق: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إلا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7] كيف تقول فيه؟ قال: حيثما كنت، فهو أقرب إليك من حبل الوريد، وهو بائن من خلقه، وأبين شيء في  ذلك قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5].
وقال أبو بكر المروزي، حدثنا محمَّد بن الصباح النيسابوري، حدثنا أبو داود سليمان بن داود الخفاف، قال: قال إسحاق بن راهويه: إجماع أهل العلم أنه تعالى على العرش استوى، ويعلم كل شيء في أسفل الأرض السابعة.
قال نعيم بن حماد: إذا رأيت الخراساني يتكلم في إسحاق بن راهويه، فاتهمه في دينه.
وقال أحمد بن حفص السعدي، شيخ ابن عدي: سمعت أحمد بن حنبل، يقول: لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق، وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضًا.
وقال محمَّد بن أسلم الطوسي، حين مات إسحاق: ما أعلم أحدًا كان أخشى لله من إسحاق، يقول الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] , قال: وكان أعلم الناس، ولو كان سفيان الثوري في الحياة، لاحتاج إلى إسحاق.
وقال أحمد بن سعيد الرِّباطي: لو كان الثوري والحمادان في الحياة، لاحتاجوا في إسحاق في أشياء كثيرة.
قال أبو محمَّد الدارمي: ساد إسحاق أهل المشرق والمغرب بصدقه.
قال السَّرَّاج: أخبرني عبد الله بن محمد، سمعت أبا عبد الله البخاري، يقول: قال علي بن حجر: لم يُخَلِّف إسحاق يوم فارق مثله بخراسان علمًا وفقهًا. قال حنبل: سمعت أبا عبد الله, وسئل عَنْ إسحاق بن راهويه، فقال: مثل إسحاق يُسأل عنه؟ ! إسحاق عندنا إمام.
وعن الإمام أحمد أيضًا، قال: لا أعرف وإسحاق في الدنيا نظيرًا.
قال النسائي: ابن راهويه أحد الأئمة، ثقة مأمون، سمعت سعيد بن ذؤيب، يقول: ما أعلم على وجه الأرض مثل إسحاق.
وقال إمام الأئمة ابن خزيمة: والله لو كان إسحاق في التابعين، لأقروا له بحفظه وعلمه وفقهه.
قال أحمد بن كامل: أخبرنا أبو يحيى الشعراني، أن إسحاق توفي سنة ثمان وثلاثين، وأنه رحمه الله، كان يخضب بالحناء، وقال: ما رأيت بيده كتابًا قط، وما كان يحدث إلا حفظًا، وقال: كنت إذا ذاكرت إسحاق العلم، وجدته فيه بحرًا فردًا، فإذا جئت إلى أمر الدنيا رأيته لا رأي له.
قلت: قد كان مع حفظه إمامًا في التفسير، رأسًا في الفقه، من أئمة الاجتهاد.
قال أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق الحنظلي، رضي الله عنه يقول: ليس بين أهل العلم اختلاف أن القرآن كلام الله ليس بمخلوق، وكيف يكون شيء خرج من الرب، عزَّ وجلَّ، مخلوقًا؟ ! .
قال أبو العباس السراج: سمعت إسحاق الحنظلي، يقول: دخلت على طاهر بن عبد الله بن طاهر، وعنده منصور بن طلحة، فقال لي منصور: يا أبا يعقوب، تقول: إن الله ينزل كل ليلة؟ قلت: نؤمن به. إذا أنت لا تؤمن أن لك في السماء ربًا، لا تحتاج أن تسألني عَنْ هذا، فقال له طاهر الأمير: ألم أنهك عَنْ هذا الشيخ؟ .
قال أبو داود السجستاني: سمعت ابن راهويه، يقول: من قال: لا أقول مخلوق، ولا غير مخلوق، فهو جهمي. 

وورد عَنْ إسحاق أن بعض المتكلمين، قال له: كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء، فقال: آمنت برب يفعل ما يشاء.
قلت: هذه الصفات من الاستواء والإتيان والنزول، قد صحت بها النصوص، ونقلها الخلف عَنْ السلف، ولم يتعرضوا لها برد ولا تأويل، بل أنكروا على من تأولها مع إتفاقِهم على أنها لا تشبه نعوت المخلوقين، وأن الله ليس كمثله شيء، ولا تنبغي المناظرة، ولا التنازع فيها، فإن في ذلك محاولة للرد على الله ورسوله، أو حوْمًا على التكييف أو التعطيل.
قال أبو عبد الله الحاكم، إسحاق، وابن المبارك، ومحمد بن يحيى هؤلاء دفنوا كتبهم.
قلت: هذا فعله عدة من الأئمة، وهو دال أنهم لا يرون نقل العلم وجادة، فإن الخط قد يتصحف على الناقل، وقد يمكن أن يزاد في الخط حرف فيغير المعنى، ونحو ذلك. وأما اليوم فقد اتسع الخرق، وقيل تحصيل العلم من أفواه الرجال، بل ومن الكتب غير المغلوطة، وبعض النقلة للمسائل قد لا يحسن أن يتهجى .. ) أ. هـ.
* طبقات الشافعية للسبكي: "إمام جليل ثقة .. كان حصل عند الإمام أحمد رضي الله عنه شيء لأنه قيل، خلط في مسألة القرآن، كأنه مجمع في الجواب" أ. هـ.
قلت: وأرى ذلك منه تقية وخوفًا، ولكن الإمام أحمد مشهور بصلابته، جزاه الله عَنْ الإسلام خيرًا، ولو كلف الناس ما كان عليه الإمام أحمد لم يسلم إلا القليل" أ. هـ.
* البداية والنهاية: "أحد الأعلام وعلماء الإسلام والمجتهدين من الأنام" أ. هـ.
* التقريب: "ثقة حافظ مجتهد قرين أحمد بن حنبل، ذكر أبو داود أنه تغير قبل موته بيسير .. " أ. هـ.
قلت: انظر ما ذكره الإمام الذهبي تعليقًا على أقوال أبي داود في الفقرة التالية.
* السير: قال الإمام الذهبي: "فائدة لا فائدة فيها، نحكيها لنليشها. قال أبو عبيد محمَّد بن علي الآجري صاحب كتاب "مسائل أبي داود"، -وما علمت أحدًا لينه-: سمعت أبا داود السجستاني، يقول: إسحاق بن راهويه تغير قبل موته بخمسة أشهر. وسمعت منه في تلك الأيام، فرميت به.
قلت: فهذه حكاية منكرة، وفي الجملة فكل أحد يتعلل قبل موته غالبًا ويمرض فيبقى أيام مرضه متغير القوة والحافظة، ويموت إلى رحمة الله إلى تغيره، ثم قبل موته بيسير يختلط ذهنه، ويتلاشى علمه، فهذا قضى، زال بالموت حفظه. فكان ماذا؟ أفبمثل هذا يلين عالم قط؟ ! كلا، والله، ولا سيما مثل هذا الجبل في حفظه وإتقانه.
نعم ما علمنا استغربوا من حديث ابن راهويه على سعة علمه سوى حديث واحد، وهو حديثه عَنْ سفيان بن عيينة، عَنْ الزهري، عَنْ عبيد الله بن عبد الله، عَنْ ابن عباس، عَنْ ميمونة في الفأرة التي وقعت في سمن، فزاد إسحاق في المتن من دون سائر أصحاب سفيان هذه الكلمة: (وإن كان ذائبًا، فلا تقربوه)، ولعل الخطأ فيه من بعض المتأخرين، أو من راويه عَنْ إسحاق.
نعم وحديث تفرد به جعفر بن محمَّد الفريابي، قال: حدثنا إسحاق، حدثنا شبابة، عَنْ الليث، عَنْ عقيل، عَنْ ابن شهاب، عَنْ أنس، قال: (كان رسول الله - صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، إذا كان في سفر فزالت الشمس، صلى الظهر والعصر، ثم ارتحل)، فهذا منكر، والخطأ فيه من جعفر، فقد رواه مسلم في "صحيحه" عَنْ عمرو الناقد، عَنْ شبابة، ولفظه: (إذا كان في سفر وأراد الجمع، أخر الظهر، حتى يدخل أول وقت العصر، ثم يجمع بينهما). تابعه الحسن بن محمَّد الزعفراني، عَنْ شبابة، وقد اتفقا عليه في "الصحيحين" من حديث عقيل عَنْ ابن شهاب، عَنْ أنس. ولفظه: (إذا عجل به السير، أخر الظهر إلى أول وقت العصر، فيجمع بينهما).
ومع حال إسحاق وبراعته في الحفظ، يمكن أنه لكونه كان لا يحدث إلا عَنْ حفظه، جرى عليه الوهم في حديثين من سبعين ألف حديث. فلو أخطأ منها في ثلاثين حديثًا لما حط ذلك رتبته عَنْ الاحتجاج به أبدًا، بل كون إسحاق تتبع حديثه، فلم يوجد له خطأ قط سوى حديثين، يدل على أنه أحفظ أهل زمانه" أ. هـ.
وفاته: سنة (238 هـ) ثمان وثلاثين ومائتين.
من مصنفاته: كتاب "السنن" في الفقه، و"المسند"، و"التفسير" وهو مفقود وغير ذلك.




مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید