المنشورات

ابن المُعْتَمِر

المفسر: بشر بن المعتمر الكوفي ثم البغدادي، أبو سهل.
كلام العلماء فيه:
• الأنساب: "أما البشرية فهم جماعة من المعتزلة وهم ينتمون إلى بشر بن المعتمر الذي أفرط القول بالتولد وزعم أن الإنسان يصح أن يكون قادرًا على أن يفعل غيره لونًا وطعمًا ورائحة وإدراكًا وسمعًا ورؤية بالتولد إذا فعل أسبابها: وقد تحامق في سبب التعديل والتجوير وزعم أن الله قادر على تعذيب الطفل ظالمًا في تعذيبه إياه ولو فعل ذلك لكان الطفل بالغًا عاقلًا عاصيًا مستحقًا للعقاب  وهذا في التحقيق كأنه يقول إن الله يقدر أن يظلم ولو ظلم لكان عادلًا فيكون أول كلامه منقوضًا بآخره" أ. هـ.
• معجم المفسرين: "أحد علماء المعتزلة من أهل الكوفة، قصد البصرة حتى تلقى مبادئ الاعتزال على الزعفراني ثم سكن بغداد فانتهت إليه رياسة المعتزلة بها، ثم انفرد عنهم في بعض المسائل وكان مقربًا إلى يحيى البرمكي، أديبًا ممتازًا في شعره ونثره ويعد من مؤسسي البلاغة، تنسب إليه الطائفة البشرية من المعتزلة" أ. هـ.
• قلت: قال صاحب "الفرق بين الفرق" صفحة (140) في ذكر البشرية: "هؤلاء أتباع بشر بن المعتمر، وقال إخوانه من القدرية بتكفيره في أمور هو فيها مصيب عند غير القدرية.
فمما كفَّرته القدرية فيه قوله: "إن الله تعالى قادرٌ على لطفٍ لو فعله بالكافر لآمن طوعًا".
وكفروه أيضًا في قوله: "إن الله تعالى لو خلق العُقلاء ابتداء في الجنة وتفضَّل عليهم بذلك لكان ذلك أصلح لهم".
وكفروه أيضًا بقوله: "إن الله لو علم من عبده أنه لو أبقاه لآمَنَ كان إبقاؤه إياه أصلح له من أن يُميته كافرًا".
وكفروه أيضًا بقوله: "إن الله تعالى لم يزل مريدًا".
وفي قوله: "إن الله تعالى إذا علم حدوث شيء من أفعال العباد ولم يمنع منه فقد أراد حُدوثه".
والحقُّ في هذه المسائل الخمس التي كفَّرت المعتزلة البصرية فيها بشرًا - مع بشر، والمكفرون له فيها هم الكافرة، ونحن نكفر بشرًا في أمور سواها كل واحد منها بدعة شنعاء:
أولها: قول بشر بأن الله تعالى ما والى مؤمنًا في حال إيمانه، ولا عادى كافرًا في حال كفره.
ويجب تكفيره في هذا على قول جميع الأمَّة، أما على قول أصحابنا فلأنا نقول: إن الله تعالى لم يزل مُواليًا لمن علم أنه يكون وليًّا له إذا وجد، ومعاديًا لمن علم أنه إذا وجد كفر ومات على كفره، يكون معاديًا له قبل كفره وفي حال كفره وبعد موته، وأما على أصول المعتزلة غير بشر فلأنهم قالوا: إن الله لم يكن مواليًا لأحد قبل وجود الطاعة منه فكان في حال وجود طاعته مواليًا له، وكان معاديًا للكافر في حال وجود الكفر منه، فإن ارتدَّ المؤمنُ صار الله تعالى معاديًا له بعد أن كان مواليًا له عندهم.
وزعم بشر أن الله تعالى لا يكون مواليًا للمطيع في حال وجود طاعته، ولا معاديًا للكافر في حال وجود كفره، وإنما يوالى المطيع في الحالة الثانية من وجود طاعته، ويعادى الكافر في الحالة الثانية من وجود كفره، واستدل على ذلك بأن قال: "لو جاز أن يوالى المطيع في حال طاعته، ويعاقب الكافر في حال كفره". فقال أصحابنا: لو فعل ذلك لجاز. فقال: "لو جاز ذلك لجاز أن يمسَخَ الكافر في حال كفره"، فقلنا له: لو فعل ذلك لجاز.
الفضيحة الثانية من فضائح بشر: إفراطه بالقول في التولُّد، حتى زعَمَ أنه يصح من الإنسان أن يفعل الألوان والطعوم والروائح والرؤية والسمع وسائر الإدراكات على سبيل التولد إذا فعل أسبابها، وكذلك قوله في الحرارة والبرودة  والرطوبة واليبوسة وقد كفره أصحابنا وسائر المعتزلة في دعواه أن الإنسان قد يخترع الألوان والطعوم والروائح والإدراكات.
الفضيحة الثالثة من فضائحه: قوله بأن الله تعالى قد يغفر للإنسان ذنوبه، ثم يعود فيما غفر له فيعذبه عليه إذا عاد إلى معصيته.
فسئل على هذا عن كافر تاب عن كفره ثم شرب الخمر بعد توبته عن كفره من غير استحلال منه للخمر وفاجأه الموت قبل توبته عن شرب الخمر، هل يعذبه الله يوم القيامة على الكفر الذي تاب منه؟
فقال: نعم.
فقيل له: يجب على هذا أن يكون عذاب من هو على ملة الإسلام مثل عذاب الكافر.
فالتزم ذلك.
الفضيحة الرابعة من فضائحه: قوله بأن الله تعالى يقدر على أن يعذب الطفل ظالمًا له في تعذيبه إياه، فإنه لو فعل ذلك لكان الطفل بالغًا عاقلًا مستحقًا للعذاب.
وهذا في التقدير كأنه يقول: إن الله تعالى قادر على أن يظلم، ولو ظلم لكان بذلك الظلم عادلًا، وأول هذا الكلام ينقض آخره.
وأصحابنا يقولون: إن الله تعالى قادر على تعذيب الطفل، ولو فعل ذلك كان عَدْلًا منه فلا يتناقض قولهم في هذا الباب، وقول بشر فيه متناقض.
الفضيحة الخامسة من فضائحه: قوله بأن الحركة تحصل وليس الجسم في المكان الأول ولا في المكان الثاني، ولكن الجسم يتحرك به من الأول إلى الثاني.
وهذا قول غير معقول في نفسه، واختلف المتكلمون قبله في الحركة: هل هو معنى أم لا؟ فنفاها نُفَاة الأعراض، واختلف الذين أثبتوا الأعراض في وقت وجود الحركة:
فمنهم من زعم أنها توجد في الجسم وهو في المكان الأول فينتقل بها عن الأول إلى الثاني، وبه قال النظام وأبو شمر المرجئ.
ومنهم من قال: إن الحركة تحصل في الجسم وهو في المكان الثاني، لأنها أول كون في المكان الثاني، وهذا قول أبي الهُذَيل والجبائي وابنه أبي هاشم، وبه قال شيخنا أبو الحسن الأشعري رحمه الله.
ومنهم من قال: إن الحركة كونان في مكانين، أحدهما في المتحرك وهو في المكان الأول، والثاني يوجد فيه وهو في المكان الثاني. وهذا قول الرواندي، وبه قال شيخنا أبو العباس القلانسي.
وقد خرج قولُ بشر بن المعتمر عن هذه الأقوال بدعواه أن الحركة تحصل وليس الجسم في المكان الأول ولا في المكان الثاني، مع علمنا بأنه لا واسطة بين حالى كونه في المكان الأول وكونه في المكان الثاني، وقوله هذا غير معقول له، فكيف يكون معقولًا لغيره" أ. هـ.
وفاته: سنة (210 هـ) عشر ومائتين.
من مصنفاته: "متشابه القرآن". وله مصنفات في الاعتزال منها قصيدة في أربعين ألف بيت ردّ فيها على جميع المخالفين، و "الحجة في إثبات النبوة".




مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید