المنشورات

ابن سينا

النحوي، اللغوي: الحسين بن عبد الله بن سينا الرئيس، أبو علي العلامة الشهير الفيلسوف. كان أبوه من دعاة الإسماعيلية.
ولد: سنة (370 هـ) سبعين وثلاثمائة.
من مشايخه: والده، وإسماعيل الزاهد، وأبو عبد الله النائلي وغيرهم.
من تلامذته: أبو عبيد عبد الواحد الجوزجاني وغيره.
كلام العلماء فيه:
• السير: "هو رأس الفلاسفة الإسلامية لم يأت بعد الفارابي مثله، وقد كفره الغزالي في كتاب (المنقذ من الضلال) وكفر الفارابي" أ. هـ.
• قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (الرد  على المنطقيين) (142) ما نصه: "ثم أن هؤلاء إن يتبعون كلام ابن سينا، وابن سينا يتكلم في أشياء من الإلهيات والنبوات والمعاد والشرائع لم يتكلم فيها سلفه ولا وصلت إليها عقولهم ولا بلغتها علومهم، فإن استفادها من المسلمين وإن كان إنما أخذ عن الملاحدة المنتسبين إلى المسلمين كالإسماعيلية وكان أهل بيته من أهل دعوتهم من أتباع الحاكم العبيدي الذي كان هو وأهل بيته وأتباعه معروفين عند المسلمين بالإلحاد. أحسن ما يظهرونه دين الرفض، وهم في الباطن يبطئون الكفر المحض.
وقد صنف المسلمون في كشف أسرارهم وهتك أستارهم كتبًا كبارًا وصغارًا، وجاهدوهم باللسان واليد، إذ كانوا أحق بذلك من اليهود والنصارى، ولو لم يكن إلا كتاب (كشف الأسرار وهتك الأستار) للقاضي أبي بكر محمد بن الطيب، وكتاب عبد الجبار بن أحمد، وكتاب أبي حامد الغزالي، وكلام أبي إسحاق، وكلام ابن فورك، والقاضي أبي يعلى، وابن عقيل، والشهرستاني وغير هؤلاء مما يطول وصفه.
والمقصود هنا أن ابن سينا أخبر عن نفسه أن أهل بيته -أباه وأخاه- كانوا من هؤلاء الملاحدة، وأنه إنما اشتغل بالفلسفة بسبب ذاك، فإنه كان يسمعهم يذكرون "العقل" و"النفس".
وهؤلاء المسلمون الذين كانوا ينتسب إليهم، هم مع الإلحاد الظاهر والكفر الباطن أعلم بالله من سلفه الفلاسفة، كأرسطو وأتباعه، فإن أولئك ليس عندهم من العلم بالله إلا ما عند عبّاد مشركي العرب ما هو خير منه.
وقد ذكرت كلام أرسطو نفسه الذي ذكره في "علم ما بعد الطبيعة" في "مقالة اللام" وغيرها. وهو آخر منتهى فلسفته، وبينت بعض ما فيه من الجهل، فإنه ليس في الطوائف المعروفين الذين يتكلمون في العلم الإلهي مع الخطأ والضلال مثل علماء اليهود والنصارى وأهل البدع من المسلمين وغيرهم أجهل من هؤلاء، ولا أبعد عن العلم بالله تعالى منهم.
نعم لهم في "الطبيعيات" كلام غالبه جيد، وهو كلام كثير واسع. ولهم عقول عرفوا بها ذلك. وهم قد يقصدون الحق، لا يظهر عليهم العناد.
لكنهم جهال بن "العلم الالهي" إلى الغاية، ليس عندهم منه إلا قليل كثير الخطأ.
وابن سينا لما عرف شيئًا من دين المسلمين -وكان قد تلقى ما تلقاه عن الملاحدة وعمن هو خير منهم من المعتزلة والرافضة- أراد أن يجمع بين ما عرفه بعقله من هؤلاء وبين ما أخذه من سلفه. فتكلم في الفلسفة بكلام مركب من كلام سلفه ومما أحدثه مثل كلامه في النبوات وأسرار الآيات والمنامات بل وكلامه في بعض الطبيعيات والمنطقيات وكلامه في واجب الوجود ونحو ذلك. وإلا فأرسطو وأتباعه ليس في كلامهم ذكر واجب الوجود ولا شيء من الأحكام التي لواجب الوجود. وإنما يذكرون العلة الأولى ويثبتونه من حيث هو علة غائبة للحركة الفلكية يتحرك الفلك للتشبه به.
فابن سينا أصلح تلك الفلسفة الفاسدة بعض إصلاح حتى راجت على من لم يعرف دين الإسلام من الطلبة النظار وصاروا يظهر لهم  بعض ما فيها من التناقض فيتكلم كل منهم بحسب ما عنده، ولكن سلموا لهم أصولًا فاصدة في المنطق والطبيعيات والإلهيات ولم يعرفوا ما دخل فيها من الباطل فصار ذلك سببًا إلى ضلالهم في مطالب عالية إيمانية ومقاصد سامية قرآنية خرجوا بها عن حقيقة العلم والإيمان وصاروا بها في كثير من ذلك لا يسمعون ولا يعقلون بل يتسفسطون في العقليات ويقرمطون في السمعيات" أ. هـ.
• لسان الميزان: "قال ابن أبي الدم الحموي الفقيه الشافعي شارح (الوسيط) في كتابه (الملل والنحل): لم يقم أحد من هؤلاء يعني فلاسفة الإسلام مقام أبي نصر الفارابي وأبي علي بن سينا، وكان أبو على أقوم الرجلين وأعلمهم إلى أن قال: وقد اتفق العلماء على أن ابن سينا كان يقول بقدم العالم ونفي المعاد الجسماني ولا ينكر المعاد النفساني ونقل عنه أنه قال: إن الله لا يعلم الجزيئات بعلم جزئي بل بعلم كلي فقطع علماء زمانه ومن بعدهم من الأئمة ممن يعتبر تولهم أصولًا وفروعًا بكفره وبكفر أبي نصر. الفارابي من أجل اعتقاد هذه المسائل وإنها خلاف اعتقاد المسلمين ... وكان يعتمد على قوة مزاجه حتى صار أمره إلى أن أخذه القولج حتى حقن نفسه في يوم ثمان فظهر به سحج ثم صرع فنقل إلى أصبهان واشتد ضعفه ثم اغتسل وتاب وتصدق ورد كثيرًا من المظالم و. لازم التلاوة ومات بهمدان" أ. هـ.
• طبقات الأطباء: "قال: الشيخ الرئيس: إن أبي كان رجلًا من أهل بلخ، وانتقل منها إلى بخارى في أيام نوح بن منصور واشتغل بالتصوف، وتولى العمل في أثناء أيامه بقرية يقال لها خرميثن من ضياع بخارى، وهي من أمهات القرى، وبقربها قرية يقال لها أفشنة، وتزوج أبي منها بوالدتي وقطن بها وسكن، وولدت منها بها. ثم ولدت أخي، ثم انتقلنا إلى بخارى. وأحضرت معلم القرآن ومعلم الأدب، وأكملت العشر من العمر وقد أتيت على القرآن وعلى كثير من الأدب، حتى كان يقضى مني العجب، وكان أبي ممن أجاب داعي المصريين ويعد من الإسماعيلية. وقد سمع منهم ذكر النفس والعقل على الوجه الذي يقولونه ويعرفونه هم، وكذلك أخي، وكانوا ربما تذاكروا بينهم وأنا أسمعهم وأدرك ما يقولونه ولا تقبله نفسي، وابتدأوا يدعونني أيضًا إليه، ويجرون على ألسنتهم ذكر الفلسفة والهندسة وحساب الهند، وأخذ يوجهني إلى رجل كان يبيع البقل، (ويقوم بحساب الهند حتى أتعلمه منه)، ثم جاء إلى بخارى أبو عبد الله النائلي وكان يدعى المتفلسف، ونزله أبي دارنا رجاء تعلمي منه. وقيل قدومه كنت أشتغل بالفقه والتردد فيه على إسماعيل الزاهد، وكنت من أجود السالكين، وقد ألفت طرق المطالبة ووجوه الاعتراض على الجيب على الوجه الذي جرت عادة القوم به.
ثم ابتدأت بكتاب ايساغوجي على النائلي، ولما ذكر لي حد الجنس، أنه هو المقول على كثيرين مختلفين بالنوع في جواب ما هو، فأخذت في تحقيق هذا الحد بما لم يسمع بمثله، وتعجب مني كل العجب وحذر والدي من شغلي بغير العلم، وكان أي مسألة قالها لي أتصورها خيرًا منه، حتى قرأت ظواهر المنطق عليه. وأما دقائقه فلم يكن  عنده منها خبرة، ثم أخذت أقرأ الكتب على نفسي وأطالع الشروح حتى أحكمت علم المنطق. وكذلك كتاب اقليدس فقرأت من أوله خمسة أشكال أو ستة عليه، ثم توليت بنفسي حل بقية الكتاب بأسره. ثم انتقلت إلى المجسطي، ولما فرغت من مقدماته وانتهيت إلى الأشكال الهندسية، قال لي النائلي تول قراءتها وحلها بنفسك، ثم اعرضها علي لأبين لك صوابه من خطئه، وما كان الرجل يقوم بالكتاب، وأخذت أحل ذلك الكتاب فكم من شكل ما عرفه إلى وقت ما عرضته عليه وفهمته إياه. ثم فارقني النائلي متوجهًا إلى كركانج، واشتغلت أنا بتحصيل الكتب من الفصوص والشروح، من الطبيعي والإلهي، وصارت أبواب العلم تنفتح علي.
ثم رغبت في علم الطب وصرت أقرأ الكتب المصنفة فيه، وعلم الطب ليس من العلوم الصعبة، فلا جرم أني برزت فيه في أقل مدة حتى بدأ فضلاء الطب يقرأون علي علم الطب. وتعهدت المرضى فانفتح على من أبواب المعالجات المقتبسة من التجربة ما لا يوصف، وأنا مع ذلك أختلف إلى الفقه وأناظر فيه.
وأنا في هذا الوقت من أبناء ست عشرة سنة.
ثم توفرت على العلم والقراءة سنة ونصفًا، فأعدت قراءة المنطق وجميع أجزاء الفلسفة، وفي هذه المدة ما نمت ليلة واحدة بطولها، ولا اشتغلت النهار بغيره وجمعت بين يدي ظهورًا، فكل حجة كنت أنظر فيها اثبت مقدمات قياسية، ورتبتها في تلك الظهور، ثم نظرت فيما عساها تنتج، وراعيت شروط مقدماته حثى تحقق لي حقيقة الحق في تلك المسألة، وكلما كنت أتحير في مسألة ولم أكن أظفر بالحد الأوسط في قياس ترددت إلى الجامع، وصليت وابتهلت إلى مبدع الكون، حتى فتح لي المنغلق، وتيسر المتعسر.
وكنت أرجع بالليل إلى داري وأضع السراج بين يدي، وأشتغل بالقراءة والكتابة. فمهما غلبني النوم أو شعرت بضعف، عدلت إلى شرب قدح من الشراب ريثما تعود الي قوتي، ثم أرجع إلى القراءة، ومهما أخذني أدنى نوم أحلم بتلك المسائل بأعيانها، حتى إن كثيرًا من المسائل اتضح لي وجوهها في المنام. وكذلك حتى استحكم معي جميع العلوم، ووقفت عليها بحسب الإمكان الإنساني. وكل ما علمته في ذلك الوقت فهو كما علمته الآن لم ازدد فيه إلى اليوم، حتى أحكمت على المنطق والطبيعي والرياضي، ثم عدلت إلى الإلهي، وقرأت كتاب ما بعد الطبيعة. فما كنت أفهم ما فيه، والتبس علي غرض واضعه، حتى أعدت قراءته أربعين مرة وصار لي محفوظًا. وأنا مع ذلك لا أفهمه ولا المقصود به، وأيست من نفسي وقلت: هذا كتاب لا سبيل إلى فهمه. وإذا أنا في يوم من الأيام حضرت وقت العصر في الوراتين، وبيد دلال مجلد ينادي عليه، فعرضه عليّ فرددته رد متبرم، معتقد أن لا فائدة من هذا العلم، فقال لي اشتر مني هذا فإنه رخيص أبيعكه بثلاث دراهم، وصاحبه محتاج إلى ثمنه، واشتريته فإذا هو كتاب لأبي نصر الفارابي في أغراض كتاب ما بعد الطبيعة: ورجعت إلى بيتي وأسرعت قراءته، فانفتح عليّ في الوقت أغراض ذلك الكتاب بسبب أنه كان لي محفوظًا على ظهر القلب. وفرحت بذلك وتصدقت في ثاني يومه بشيء كثير على الفقراء شكرًا لله تعالى وكان سلطان بخارى في ذلك الوقت نوح بن منصور، واتفق له مرض اتلج الأطباء فيه، وكان اسمي اشتهر بينهم بالتوفر على القراءة، فأجروا ذكري بين يديه وسألوه إحضاري، فحضرت وشاركتهم في مداواته وتوسمت بخدمته فسألته يومًا الإذن لي في دخول دار كتبهم ومطالعتها وقراءة ما فيها من كتب الطب، فأذن لي فدخلت دارًا ذات بيوت كثيرة في كل بيت صناديق كتب منضدة بعضها على بعض، في بيت منها كتب العربية والشعر، وفي آخر الفقه وكذلك في كل بيت كتب علم مفرد.
فطالعت فهرست كتب الأوائل وطلبت ما احتجت إليه منها، ورأيت من الكتب ما لم يقع اسمه إلى كثير من الناس قط، وما كنت رأيته من قبل ولا رأيته أيضًا من بعد، فقرأت تلك الكتب وظفرت بفوائدها، وعرفت مرتبة كل رجل في علمه، فلما بلغت ثماني عشرة سنة من عمري، فرغت من هذه العلوم كلها، وكنت إذ ذاك للعلم أحفظ، ولكنه اليوم معي أنضج، وإلا فالعلم واحد لم يتجدد لي بعده شيء. وكان في جواري رجل يقال له أبو الحسين العروضي، فسألني أن أصنف له كتابًا جامعًا في هذا العلم، فصنفت له المجموع وسميته به، وأتيت فيه على سائر العلوم سوى الرياضي، ولي إذًا إحدى وعشرون سنة من عمري، وكان في جواري أيضًا رجل يقال له أبو بكر البرقي، خوارزمي المولد، فقيه النفس، متوحد في الفقه والتفسير والزهد، مائل إلى هذه العلوم؛ فسألني شرح الكتب له فصنفت له كتاب الحاصل والمحصول في قريب من عشرين مجلدة؛ وصنفت له في الأخلاق كتابًا سميته كتاب البر والإثم، وهذان الكتابان لا يوجدان إلا عنده فلم يعر أحدًا ينسخ منهما، ثم مات والدي وتصرفت بي الأحوال، وتقلدت شيئًا من أعمال السلطان، ودعتني الضرورة إلى الإخلال ببخارى والانتقال إلى كركانج. وكان أبو الحسين السهلي المحب لهذه العلوم بها وزيرًا، وقدمت إلى الأمير بها وهو علي بن مأمون وكنت على زي الفقهاء إذ ذاك بطيلسان وتحت الحنك، وأثبتوا لي مشاهرة دارة بكفاية مثلي. ثم دعت الضرورة إلى الانتقال إلى نسا، ومنها إلى باورد، ومنها إلى طوس، ومنها إلى شقان، ومنها إلى سمنيقان ومنها إلى جاجرم رأس حد خراسان، ومنها إلى جرجان وكان قصدي الأمير قابوس، فاتفق في أثناء هذا أخذ قابوس وحبسه في بعض القلاع وموته هناك، ثم مضيت إلى دهستان ومرضت بها مرضًا صعبًا وعدت إلى جرجان، فاتصل أبو عبيد الجوزجاني بي وأنشأت في حالي قصيدة فيها بيت القائل:
لما عظمت فليس مصر واسعي ... لما غلا ثمني عدمت المشتري
• قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (11/ 570): "إنه متهم بالزندقة وهو الذي أحدث فلسفة ركبها من كلام سلفه اليونان ومما أخذه من أهل الكلام المبتدعين الجهمية ونحوهم وسلك طريق الملاحدة الإسماعيلية في كثير من أمورهم العلمية والعملية ومزجه بشيء من كلام الصوفية وحقيقته تعود إلى كلام إخوانه الإسماعيلية القرامطة الباطنية فإن أهل بيته كانوا من الإسماعيلية" أ. هـ.

• وقال في "منهاج السنة" (2/ 164): "وأما الجهمية وغيرهم كالمعتزلة ومن وافقهم من الشيعة والفلاسفة كابن سينا ونحوه فإنهم ينفون صفات الله عن الله ويقولون إن إثباتها تجسيم وتشبيه وتركيب" أ. هـ.
• البلغة: "ذكر أن السلطان محمّد بن المظفر أخرجه من قبره وأحرقه" أ. هـ.
• قلت: نقل ابن كثير تكفير الغزالي له في ثلاث مسائل وهي قوله: بقدم العالم، وعدم المعاد الجثماني، وأن الله لا يعلم الجزئيات، وبدّعه في البواقي، ويقال إنه تاب عند الموت فالله أعلم.
• تاريخ الإسلام: "ذكر الذهبي وصية له لأبي سعيد بن أبي الخير الصوفي الميهنِي، قال فيها: "ليكن الله تعالى أول فكر له وآخره، وباطن كل اعتبار وظاهره، ولتكن عين نفسك مكحولة بالنظر إليه، وقدمها موقوفة على المثول بين يديه، مسافرًا بعقله في الملكوت الأعلى وما فيه من آيات ربه الكبرى، وإذا انحط إلى قراره، فلينزه الله في آثاره، فإنه باطن وظاهر، تجلى لكل شيء بكل شيء، ففي كل شيء له آية تدل على أنه واحد، فإذا صارت هذه الحال له مَلَكة انطبع فيها نقش الملكوت، وتجلى له قدس اللاهوت فألف الأنس الأعلى، وذاق اللذة القصوى، وأخذه عن نفسه من هو بها أولى، وفاضت عليه السكينة، وحقت له الطمأنينة، وتطلع على العالم الأدنى اطلاع راحم لأهله، مستوهن لحبله، مستخف لثقله، مستخش به لعقله، مستضل لطرقه، وتذكر نفسه وهي بها بهجة، وببهجتها بهجة، فيعجب منها ومنهم تعجبهم منه، وقد ودعها، وكان معها كأن ليس معها، وليعلم أن أفضل الحركات الصلاة، وأمثل السكنات الصيام، وأنفع البر الصدقة، وأزكى السر الاحتمال، وأبطل السعي المراءاة، وأن تخلص النفس عن الدرن، ما التفتت إلى قيل وقال، ومنافسة وجدال، وانفعلت بحال من الأحوال، وخير العمل ما صدر عن خالص نية، وخير النية ما ينفرج عن جَنَابِ علم، والحكمة أم الفضائل، ومعرفة الله أول الأوائل {إِلَيهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}.
إلى أن قال: وأما المشروب فيهجر شربه تلهيًا لا تشفيًا وتداويًا، ويعاشر كل فرقة بعادته ورسمه ويسمح بالمقدور والتقدير من المال ويركب لمساعدة الناس كثيرًا مما هو خلاف طبعه ثم لا يقصر في الأوضاع الشرعية ويعظم السنن الإلهية والمواظبة على التعبدات.
إلى أن قال: عاهد الله أن يسير بهذه السيرة ويدين بهذه الديانة والله ولي الذين آمنوا" أ. هـ.
• قلت: وقال الشمس الأفغاني في كتابه "علماء جهود الحنفية ... " ما نصه: "حنفي المذهب، قُرمطي المشرب، باطني متفلسف، .... ولقد فصل بالإسلام ما فعل بولس اليهودي بالنصرانية من التحريف، قال فيه الإمام ابن الصلاح (643 هـ) في فتاواه (1/ 209): (كان شيطانًا من شياطين الإنس).
وقال فيه العلامة أنور الكشميري الحنفي (1352 هـ) في فيض البادي (1/ 166):
لسنا نقول كما يقول الملحد الـ ... زنديق صاحب منطق اليونان
هو ابن سينا القرمطي غدا مدى ... شرك الردى وشريطة الشيطان
قلت -الشمس الأفغاني-: مع هذا كله ترى  الماتريدية يعظمونه حتى جعلوه وليًّا لله، صاحب كرامات، ... ويحاول الكوثري الدفاع عنه متهالكًا .. "تبديد الظلام" (137) الكوثري" أ. هـ.
وقال الشمس الأفغاني في كتابه "الماتريدية" ذاكرًا لأحد نصوص ابن سينا في الصفات: "أن نصوص الصفات في الكتب السماوية والأحاديث النبوية لم يقصد بها الاعتقاد بها، وأن الرسل لم يتجبروا عن الله بما يطابق الواقع، بل هذه النصوص إنما جاءت لإقناع الجمهور العوام لاستدراجهم لمصلحة دعوتهم إلى الحق -وهو التنزيه- استدراجًا ورويدًا، ولو جاءت النصوص صريحة دفعة واحدة في بيان حقيقة التوحيد والتنزيه -من أن الله لا داخل العالم ولا خارجه، ولا فوق ولا تحت- لبادروا إلى العناد، وسارعوا إلى الإنكار".
قال الشمس الأفغاني تعليقًا على هذا النص: "وهذهِ والله زندقة أيما زندقة، وإلحاد غاية الإلحاد، وتحريف الباطني قرمطي، وتكذيب صريح للرسل عليهم السلام، وتقوّل عليهم، وأنهم أخبروا عن الله كذبًا، وجاءوا بتوحيد مشوه إرضاءً للعوام! نعوذ بالله من هذهِ الكفريات"أ. هـ.
وفاته: سنة (428 هـ) ثمان وعشرين وأربعمائة.
من مصنفاته: "المجموع"، و "الحاصل والمحصول" عشرون مجلدة، و "الإنصاف" عشرون مجلدة، و "المعاد" وغيرها كثير، وله السان العرب" لم يبيض في اللغة وغير ذلك.




مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید