المنشورات

ابن الدَّيرِي

المفسر: سعد بن محمّد بن عبد الله بن سعد بن أبي بكر بن مصلح، أبو السعادات، سعد الدين، النابلسي الأصل، المقدسي، المعروف بابن الدَّيري (1).
ولد: سنة (768 هـ) ثمان وستين وسبعمائة.
من مشايخه: أبو الخير العلائي، ووالده، والكمال السريحي وغيرهم.
كلام العلماء فيه:
* الضوء اللامع: "شيخ المذهب وطراز علمه المذهب العالم الكبير وحامل لواء التفسير".
وقال: "اجتمع بحماعة من مشايخ الصوفية كالشيخ محمّد القرمي وعبد الله البسطامي وسعد الهندي وأبي بكر الموصلي قال: وكنت ودعته عند توجهي للحج في سنة سبع وتسعين ودعا لي، وكان والدي أوصاني أن لا أنزل إلا في وسط الناس فلم يمكني ذلك إلا في عرفة بل كنا إذا نزلنا في الوسط يرتحل من بجانبنا اتفاقًا حتى نبقى في الطرف فكنت أتعجب من ذلك قال ومع هذا فإننا حفظنا ولم نفقد مما معنا سوى سكين كنت أشتريها في الطريق وكان يختلج في فكري أن فيها شبهة، ولا زلت أتعجب مما اتفق لنا إلى أن لقيت بأراضي غزة شيخًا يتكلم بكلام جيد في علم التصوف فكنت أتعجب منه إلى أن أعلمني أنه أدرك جماعة منهم الموصلي المشار إليه كان قد حج به قال وأنه لم يزل يوصيني أن لا أنزل إلا في طرف الناس فإنه أطيب راحة وأقر لقضاء الحاجة والمحفوظ من حفظ الله؛ قال حينئذ علمت أن ما اتفق لنا في الانفراد كان من مدده".
ثم قال: "وبالجملة فكان إمامًا عالمًا علامة جبلًا في استحضار مذهبه قوي الحافظة حتى بعد كبر السن سريع الإدراك شديد الرغبة في المباحثة في العلم والمذاكرة به مع الفضلاء والأئمة، مقتدرًا على الاحتجاج لما يروم الانتصار له بل لا ينهض أحد يزحزحه غالبًا عنه، ذا عناية تامة بالتفسير لا سيما معاني التنزيل؛ وبالمواعيد يحفظ من متون الأحاديث ما يفوق الوصف غير ملتزم الصحيح من ذلك؛ وعنده من الفصاحة وطلاقة اللسان في التقرير ما يعجز عن وصفه لكن مع الإسهاب في العبارة وصار منقطع القرين مفخر العصرين ذا وقع وجلالة في النفوس وارتفاع عند الخاصة والعامة على الرؤوس من السلاطين والأمراء والعلماء والوزراء فمن دونهم بحيث عرض على كل من ابن همام والأمين الاقصرائي الاستقرار في القضاء عوضه فامتنع مصرحًا بأنه لا يحسن التقدم مع وجوده وقدم أولهما مرة من الحج فابتدأ بالسلام عليه في المؤيدية قبل وصوله إلى بيته؛ وعقد مجلس بالصالحية بسبب وقف العجمي سبط الدميري فسئل الأمين إذ ذاك عن الحكم فأجاب بقوله: أنا أفتيت ولا شعور عندي بكون الاستفتاء متعلقًا بحكم مولانا، وأشار إليه فإن الذي عندي أن مشايخنا المتأخرين لوكانوا في جهة وهو في جهة كان أرجح وأوثق.
وأما شيخنا فكان أمرًا عجبًا في تعظيمه والاعتراف بمحاسنه، وترجمته له في "رفع الأصر" مع كونها مختصرة شاهدة لعنوان ذلك.
وكذا كان صاحب الترجمة يكثر التأسف على فقد شيخنا بعد موته ولا يزال يترحم عليه ويذكر ما معناه: أنه صار بعده غريبًا فريدًا. 
ويحكي من مذاكرته معه جملة ويقبح من كان يمشي بينهما بالإفحاش المقتضي للاستيحاش فرحمهما الله تعالى فلقد كان للزمان بوجودهما البهجة، وبهما في كل حادثة المحجة، ولذلك سمع هاتف يقول بعد أحمد وسعد ما يفرح أحد، وقد اشتهر ذكره وبعد صيته ونشره حتى إن شاة رخ بن تيمور ملك الشرق وسأل من رسول الظاهر جقمق عنه في جماعة فلما أخبره ببقائهم أظهر السرور وحمد الله على ذلك. وكثرت تلامذته وتبجح الفضلاء من كل مذهب وقطر بالانتماء إليه والأخذ عنه حتى أخذ الناس عنه طبقة بعد أخرى وألحق الأبناء بالآباء بل الأحفاد بالأجداد وقصد بالفتاوى من سائر الآفاق، وحدث بالكثير قرأت عليه أشياء وكتبت من فوائده ونظمه جملة أوردت الكثير من ذلك في معجمي وفي الذيل على رفع الأصر. وقرظ لي بعض تصانيفي في سنة خمسين ووصفني بخطه بالشيخ الإمام الفاضل المحدث الحافظ المتقن وكنت أشهد منه مزيد الميل والمحبة، ومما حكاه أنه كان عنده في القدس وهو شاب يهودي طبيب منجم؛ وكان حاذقًا فامتحنوه فيما حكى له بأن أخذوا بول حمار فجعلوه في قنينة وقالوا له انظر بول هذا العليل فنظر فيه طويلًا ثم قال اذهبوا به إلى البيطار؛ وأنه قال لهم أنا أموت في هذه السنة فكان كذلك.
وكان مع ما تقدم قد رزقه الله السمت الحسن وصحة الحواس وكبر السن الذي لا يتأخر بسببه عن عظيم رغبته في الإلمام بأهله لكن أعانه على ذلك ما سمعته منه غير مرة من أن الناس كلما تقدموا في السن غالبًا يتغير مزاجهم من الحرارة إلى البرودة وأنه هو بالضد من ذلك ولهذا كان لم يزل محمر الوجنتين كل هذا مع كثرة البشر ولين الجانب والمحاضرة الفكهة وفرط التواضع؛ والقرب من كل أحد مع الوقار والمهابة والشهامة على بني الدنيا والتقلل من الاجتماع بهم والدين المتين وسلامة الصدر جدًّا ومزيد التعصب لمذهبه والميل الزائد لأصحابه وانقياده معهم واتباع هواهم تحسينًا للظن بهم؛ وما أتى إلا من قبل ذلك، مذكورًا بإجابة الدعوة عظيم الرغبة في القيام بأمر الدين وقمع من يتوهم إفساده لعقائد المسلمين.
اتفق أنه أحضر إليه شيخ من أهل العلم حصنى فادعى عليه بين يديه أن عنده بعض تصانيف ابن عربي وأنه ينتحلها واعترف بكونها عنده وأنكر ما عدا ذلك فأمر بتعزيره فعزر بحضرته بضرب عصيات ثم أمر به الظاهر جقمق فنفى رحمهما الله كيف لو أدرك هذا الزمن الذي حل به الكثير من الرزايا والمحن؛ ولم يشغل رحمه الله نفسه بالتصنيف مع كثرة اطلاعه وحفظه ولذلك كانت مؤلفاته قليلة فمما عرفته منها شرح العقائد المنسوبة للنسفي، وقد قرأه عليه الزيني قاسم الحنفي والكواكب النيرات في وصول ثواب الطاعات إلى الأموات اقتفى فيه أثر السروجي مع زيادات كثيرة والسهام المارقة في كبد الزنادقة في كراريس" أ. هـ.
* البدر الطالع: "برع في الفقه حتى صار المرجوع إليه وشارك في سائر الفنون وتولى قضاء الحنفية وصار معظمًا عند الملوك والوزراء والأمراء" أ. هـ.
* الشذرات: "كان إمامًا علامة شيخ مذهب  النعمان في زمنه" أ. هـ.
• معجم المفسرين: "مفسر، متكلم، قاضٍ، من فقهاء الحنفية".
وقال: "وضعف بصره، فاعتزل القضاء" أ. هـ.
• قلت: وذكر الشمس الأفغاني في كتابه "الماتريدية" صاحب الترجمة ضمن أشهر أعلام الماتريدية وطبقاتهم وأهم مؤلفاتهم الكلامية ... من مصنفاته: "شرح عقائد النسفي "، و"الكواكب النيرات في وصول ثواب الطاعة إلى الأموات"، و"السهام المارقة في كبد الزنادقة" وغير ذلك.
وفاته: سنة (867) هـ سبع وستين وثمانمائة.





 

مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید