المنشورات

الجَمَل

المفسر: سليمان بن عمر بن منصور العجيلي الأزهري، المعروف بالجَمَل.
من مشايخه: الحفني، وأخذ عنه طريقة الخلوتية ولقنه الأسماء، والشيخ عطية الأجهوري وغيرهما.
كلام العلماء فيه:
• عجائب الآثار: "الصوفي الصالح ... واشتهر بالزهد والصلاح ويتردد كئيرًا لزيارات المشايخ والأولياء، ولم يزل على حالته حتى مات" أ. هـ.
• الأعلام: "مفسر من فقهاء الشافعية، فاضل من أهل منية عجيل (إحدى قرى الغربية بمصر) انتقل إلى القاهرة" أ. هـ.
• معجم المفسرين: "درس الفقه والحديث والتفسير بالمدرسة الأشرفية والمشهد الحسني" أ. هـ.
• قلت: والآن نذكر بعض المواضع من حاشية الجمل على تفسير الجلالين، وهذه المواضع هي تفسيره لآيات تتضمن الصفات وتأويلها على المذهب الأشعري، وهو ما سيلاحظ من خلال المواضع الآتية، وهو يفوض الصفات أو بعضها، كما في صفة الاستواء.

قال في صفة اليد (1/ 508): "قوله بل يداه مبسوطتان عطف على مقدر يقتضيه المقام أي ليس الأمر كذلك بل هوفي غاية الجود أ. هـ. أبو السعود وعبارة الخازن اختلف العلماء في معنى اليد على قولين أحدهما وهو مذهب جمهور السلف وعلماء أهل السنة وبعض المتكلمين أن يد الله صفة من صفات ذاته كالسمع والبصر والوجه فيجب علينا الإيمان بها وإثباتها له تعالى بلا كيف ولا تشبيه فقد نقل الفخر الرازي عن أبي الحسن الأشعري أن اليد صفة قائمة بذات الله وهي صفة سوى القدرة من شأنها التكوين على سبيل الاصطفاء قال والذي يدل عليه أنه تعالى جعل وقوع خلق آدم بيده على سبيل الكرامة لآدم واصطفائه له فلو كانت اليد عبارة عن القدرة امتنع كون آدم مصطفى بذلك لأن ذلك حاصل في جميع المخلوقات فلا بد من إثبات صفة أخرى وراء القدرة يقع بها الخلق والتكوين على سبيل الاصطفاء والقول الثاني قول جمهور المتكلمين أهل التأويل فإنهم قالوا اليد تذكر في اللغة على وجوه أحدها الجارحة وهي معلومة ثانيها النعمة ثالثها القدرة رابعها الملك يقال هذه الصيغة في يد فلان أي في ملكه أما الجارحة فمنتفية عنه تعالى بشهادة العقل والنقل وأما المعاني الثلاثة الباقية فممكنة في حقه تعالى لأن أكثر العلماء من المتكلمين ذهبوا إلى أن اليد في حق الله تعالى عبارة عن القدرة وعن الملك وعن النعمة وههنا إشكالان أحدهما أن يقال إذا فسرت اليد في حق الله تعالى بالقدرة فقدرة الله تعالى واحدة فما وجه تثنيتها في الآية وأجيب عنه بأن اليهود لما جعلوا قوله تعالى يد الله مغلولة كناية عن البخل أجيبوا على وفق كلامهم فقال بل يداه مبسوطتان أي ليس الأمر على ما وصفتموه من البخل بل هو جواد كريم على سبيل الكمال فإن من أعطى بيديه فقد أعطى على أكمل الوجوه، الإشكال الثاني أن اليد إذا فسرت بالنعمة فنعم الله كثيرة لا تحصى بنص القرآن فما وجه التثنية هنا وأجيب بأن التثنية بحسب الجنس أي النعم جنسان: مثل نعمة الدنيا ونعمة الدين ونعمة الظاهر ونعمة الباطن ونعمة الدفع ثم يدخل تحت كل واحد من الجنسين أنواع كثيرة لا نهاية لها فالمراد بالتثنية المبالغة في وصف النعمة أ. هـ. ملخصًا وقوله أما الجارحة فممتنعة عليه تعالى الخ هذا الامتناع هو عند المؤمنين وأما اليهود فتقدم أنهم مجسمة فيصح حمل اليد على الجارحة بحسب اعتقادهم الفاسد" أ. هـ. وانظر (4/ 160).
وقال في قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} الآية (4/ 389): "أي هذا التركيب وهو يكشف عن ساق عبارة الخ أي من قبيل الكناية أو الاستعارة التمثيلية وأصل هذا الكلام يقال لمن شمر عن ساقه فاستعير الساق والكشف عنها لشدة الأمر انتهت ونائب فاعل يكشف هو قوله عن ساق وقال الزمخشري الكشف عن الساق والإبداء عن الحزام مثل في شدة الأمر وصعوبة الخطب وأصله في الزوع والهزيمة وتشمير المخدرات عن سوقهن في الحرب وإبداء حزامهن عند ذلك أ. هـ. سمين، وفي القرطبي قال أبو عبيدة: إذا اشتد الأمر والحرب قيل كشف الأمر عن ساقه والأصل فيه من وقع في شيء يحتاج فيه إلى الجد شمر عن ساقه فاستعير الساق والكشف في
موضع الشدة وقيل ساق الشيء أصله الذي به قوامه كساق الشجرة وساق الإنسان أي يوم يكشف عن أصل الامر فتظهر حقائق الأمور وأصولها وقيل: يكشف عن ساق جهنم وقيل عن ساق العرش وقيل يريد وقت اقتراب الأجل وضعف البدن أي يكشف المريض عن ساقه ليبصر ضعفه"أ. هـ.
وقال في العرش (2/ 149): "يسمى فيها أيضًا مجلس السلطان عرشًا اعتبارًا بعلوه في العرف عن السلطان والمملكة بالعرش هذا وأما المراد به هنا فهو الجسم النوراني المرتفع على كل الأجسام المحيط بكلها. أ. هـ. شيخنا".
ثم قال في الاستواء: " (قوله استواء يليق به) هذه طريقة السلف الذين يفوضون علم المتشابه إلى الله بعد صرفه عن ظاهره وطريقة الخلف التأويل بتعيين مجمل للفظ فيؤولون الاستواء بالاستيلاء أي التمكن والتصرف بطريق الاختيار أي ثم استولى على العرش يتصرف فيه بما يريد منه أ. هـ. شيخنا".
وقال عن الاستواء في (2/ 488) أيضًا: " (وقوله استواء يليق به) هذا مذهب السلف"أ. هـ.
والذي يعني به التفويض لعلم المتشابه إلى الله بعد صرفه عن ظاهره، كما سبق.
وكرر قوله هذا أيضًا (3/ 82): "تقدم في سورة الأعراف أن هذا على طريقة السلف المفوضين لعلم المتشابه إلى الله تعالى وأما على طريقة الخلف المؤولين والمفسرين له بمعنى مخصوص فيقال المراد بالاستواء الاستيلاء بالتصرف والقهر أ. هـ.".
وقال في معنى الكرسي لتفسيره لآية الكرسي من سورة البقرة (1/ 207): "أي سلطانه إشارة إلى أن كرسيه مجاز عن علمه أو ملكه مأخوذ من كرسي العالم والملك أو هو تمثيل لعظمته مجرد كقوله وما قدروا الله حق قدره ... ".
وقال في (2/ 331) من سورة يونس: "قد اعترض بعضهم على هذا التفسير أن العرش غير الكرسي وأن الكرسي أصغر من العرش فكيف يفسر به وهو مدفوع بأن المسألة خلافية فالمشهور ما سمعته وقيل إنهما اسمان لشيء واحد فالعرش والكرسي معناهما الجسم العظيم المحيط بجميع المخلوقات المسمى بالعرش على القول وهذا القول نقله الخازن عن الحسن في تفسير سورة البقرة فيكون الشارع قد جرى عليه هنا فالاعتراض عليه من القصور" أ. هـ.
وقال في قوله تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} (2/ 394): (قوله بأعيننا) وذلك أن جبريل قال له ربك يأمرك أن تصنع الفلك فقال كيف أصنعها ولست نجارًا قال فإن ربك يقول لك اصنع فإنك بأعيننا فأخذ القدوم وجعل ينجر فلا يخطئ أ. هـ. خازن والباء للملابسة أي ملتبسا بأعيننا أي بإبصارنا لك وتعهدنا وقيل هم الملائكة تشبيها لهم بعيون الناس أي اللذين يتفقدون الأخبار والجمع حينئذ على حقيقته أ. هـ.
وفي الكرخي قوله بمرأى منا وحفظنا أشار بهذا إلى أنه لا يمكن إجراءه على ظاهره لوجوه أحدها أنه يقتضي أن يكون لله أعين كثيرة وهذا يناقض قوله تعالى ولتصنع على عيني وثانيها أنه يقتضي أن يصنع الفلك بتلك الأعين كقولك قطعت بالسكين وكتبت بالقلم ومعلوم أن ذلك باطل وثالثه أنه تعالى منزه عن الأعضاء والأبعاض فوجب المصير إلى التأويل وهو أن معنى بأعيننا بنزول الملك فيعرفه بخبر السفينة يقال فلان بعين فلان أي ناظر إليه وأن من كان عظيم العناية بالشيء فإنه يضع عينه عليه فلما كان وضع العين على الشيء سببا لمبالغة الحفظ جعلت العين كناية عن الاحتفاظ" أ. هـ. وانظر أيضًا (3/ 188).
وقال في الرؤيا من سورة القيامة (4/ 448): "قوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} وجوه مبتدأ وناضرة خبر ويومئذ منصوب بالخبر وسوغ الابتداء بالنكرة هنا العطف عليها وكون الموضع موضع تفضيل كقوله: فثوبًا ليست وثوبًا أجر وناظرة خبر ثان أو خبر مبتدأ محذوف وإلى ربها متعلق بناظرة وعبارة السين قوله وجوه يومئذ ناضرة فيه وجهان أحدهما أن يكون وجوه مبتدأ وناضرة نعت له ويومئذ منصوب بناضرة وناظرة خبره وإلى ربها متعلق بالخبر والمعنى أن الوجوه الحسنة يوم القيامة ناظرة إلى الله تعالى وهذا معنى صحح وتخريج سهل والناضرة من النضرة وهي التنعم ومنه غصن ناضر الثاني أن يكون وجوه مبتدأ أيضًا وناضرة خبره ويومئذ منصوب بالخبر كما تقدم وسوغ الابتداء هنا بالنكرة كون الموضع موضع تفصيل ويكون ناظرة نعتا لوجوه أو خبرًا ثانيًا أو خبر المبتدأ محذوف وإلى ربها متعلق بناظرة كما تقدم" أ. هـ.
وقال في المجيء لقوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} سورة الفجر (4/ 534) بعد تفسيره في الجلالين: "أي أمره" أ. هـ. قال الجمل: "أي حصل تجليه على الخلائق وظهر سلطانه وظهرت أهوال يوم الموقف وغير ذلك مما لا يكاد يحصر وفي البيضاوي وجاء ربك أي ظهرت آيات قدرته وآثار ذلك بما يظهر عند ظهور السلطان من آثار هيبته وسياسته" أ. هـ.
وفاته: سنة (1204 هـ) أربع ومائتين وألف.
من مصنفاته: "الفتوحات الإلهية" بتوضيح تفسير الجلالين بالدقائق الخفية أربع مجلدات.




مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید