المنشورات

ابن باديس

المفسر: عبد الحميد بن محمّد المصطفى بن مكي بن باديس.
ولد: سنة (1305 هـ)، وقيل: (1308 هـ) خمس، وقيل: ثمان وثلاثمائة وألف.
من مشايخه: حمدان لونيسي.
كلام العلماء فيه:
* الأعلام: "رئيس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر. من بدء قيامها (1931 م) إلى وفاته. ولد في قسنطينة وأتم دراسته في الزيتونة بتونس.
وكان شديد الحملات على الاستعمار ... وقيل إنه مات مسمومًا" أ. هـ.
* قلت: قال مؤلف كتاب "ابن باديس وعروبة الجزائر" (ص 11): "نظمت في الجزائر جمعية علماء جزائريين لنشر مذهب المنار، كانت الجمعية تعارض بصفة خاصة المرابطين والطرق الصوفية. وذهب الجزائريون إلى أبعد مما ذهب إليه حزب المنار. فزيادة عن دعايتهم المطبوعة والشفوية، شرعوا في إحياء المدارس القرآنية الابتدائية وإنشائها في جميع أنحاء البلاد للتأثير على الجيل الصاعد .. ".
وقال في صفحة (ص 12): "لم يلبث ابن باديس, أن شعر بعد تفرغه للتدريس, تحقيقًا لحلمه بأن حلقات الدرس في الجامع الأخضر لا تكفي لتحقيق ما يطمح إليه من تغيير وما يصبوا إليه من تجديد.
لذلك أسس منذ سنة (1925 م) صحيفة المنتقد التي كان عنوانها وحده عبارة عن برنامج كامل، فقد أرادها تحطيمًا لعالم قديم، عالم كانت تهيمن عليه الزوايا والطرق الصوفية. وتحاول مع رياح من الدخول إليه بواسطة تجسيم شعارها آنذاك (اعتقد ولا تنتقد) " أ. هـ.
* قال في مقدمة تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير (ص 8): "واحد من العلماء المصلحين المفكرين الرواد في الوطن الإسلامي والعربي، وهم -مع الأسف- لم يكونوا كثرة في العدد، وإن كانوا قوة في الأثر.
إنهم كانوا قلة لأن ما لهم من خصائص فكرية وإيمانية، تجعل منهم نماذج فقط، والوقت الذي عاشوه بما لهم من سمات، وبما دار فيه من اتجاهات، ووقع فيه من أحداث، يرى هؤلاء فلتات خرجوا على طبيعته، ونشروا عن سنن الحياة فيه.
إن "عبد الحميد بن باديس" حلقة في سلسلة ابتدأت بـ "جمال الدين الأفغاني" و "محمد عبده" في القرن التاسع عشر، وثنت بـ "رشيد رضا" في القرن العشرين.
إنه واحد من أولئك الذين رأوا الإسلام نظامًا لحياة الإنسان لأنه إنسان، في أي وقت وفي أي مكان, ورأوا الإيمان بالله غاية الحياة الدنيا, ورأوا القرآن وحدة لها اكتفاؤها الذاتي في التوجيه واكتفاؤها الذاتي في التفسير، واكتفاؤها الذاتي في تحديد معالم البشرية وتاريخها، وقوانين تطورها.
ومن قبله رأى ذلك جمال الدين الأفغاني، وترجم هذا الرأي محمد عبده في تفسيره، وأفصح عنه رشيد رضا في مناره.
وعبد الحميد بن باديس في تفسيره في مجالس التذكير، اتخذ هذا الرأي قاعدة فيما شرح، ودستورًا لقوله ومنطقه فيما دعا وتحدث. وسنة للعمل فيما طبق.
لم ينافق ولم يمالي، ولم يطلب دنيا بدين، ولا متاعًا عارضًا بإيمان، ولم يليس في تذكره ومجلسه وفي رسالته لباس الحرفة والمهنة، ولم يخدع نفسه ومواطنيه".
* وقال في المقدمة أيضًا (ص 24) عن إرهاصات التجديد:
"فكانت إرهاصات التجديد لهذا العلم ظاهرة في ثلاثة من أذكى علمائنا وأوسعهم اطلاعًا:
الشوكاني، والألوسي، وصديق حسن خان. مع تفاوت بينهم في قوة النزعة الاستقلالية، وفي القدرة على التخلص من الصبغة المذهبية التقليدية.
إمام المفسرين:
ثم كانت المعجزة بعد ذلك الإرهاص بظهور إمام المفسرين بلا منازع "محمد عبده" (1) أبلغ من تكلم في التفسير، بيانًا لهديه، وفهمًا لأسراره، وتوفيقًا بين آيات الله في القرآن، وبين آياته في الأكوان؛ فبوجود هذا الإمام وجد علم التفسير وتم، ولم ينقصه إلا أنه لم يكتبه بقلمه كما بينه بلسانه، ولو فعل لأبقى للمسلمين تفسيرًا لا للقرآن بل لمعجزات القرآن.
تلميذه:
ولكنه مات دون ذلك.
فخلفه ترجمان أفكاره ومستودع أسراره "محمد رشيد رضا" (2) فكتب في التفسير ما كتب، ودون آراء الإمام فيه، وشرع العلماء منهاجه، ومات قبل أن يتمه.
فانتهت إمامة التفسير بعده في العالم الإسلامي كله، إلى أخينا وصديقنا، ومنشيء النهضة الإصلاحية العلمية بالجزائر، بل بالشمال الإفريقي (عبد الحميد بن باديس).
خصائص التفسير الباديسي:
كان للأخ الصديق "عبد الحميد بن باديس" رحمه الله ذوق خاص في فهم القرآن كأنه حاسة زائدة خص بها. يرفده -بعد الذكاء المشرق، والقريحة الوقادة؛ والبصيرة النافذة- بيان ناصع؛ واطلاع واسع؛ وذرع فسيح في العلوم النفسية والكونية، وباع مديد في علم الاجتماع، ورأي سديد في عوارضه وأمراضه.
يمد ذلك كله شجاعة في الرأي، وشجاعة في القول، لم يرزقهما إلا الأفذاذ المعدودون من البشر.
وله في القرآن رأي بنى عليه كل أعماله في العلم، والإصلاح، والتربية والتعليم: وهو أنه لا فلاح للمسلمين إلا بالرجوع إلى هدايته، والاستقامة على طريقته وهو رأي الهداة المصلحين من قبله.
السبب في عدم التدوين:
وكان يرى -حين تصدى لتفسير القرآن- أن تدوين التفسير بالكتابة مشغلة عن العمل المقدم؛ لذلك آثر البدء بتفسيره درسًا تسمعه الجماهير فتتعجل من الاهتداء به ما يتعجله المريض المنهك من الدواء، وما يتعجله المسافر العجلان من الزاد.
وكان -رحمه الله- يستطيع أن يجمع بين الحسنيين، لولا أنه كان مشغولًا مع ذلك بتعليم جيل، وتربية أمة، ومكافحة أمية، ومعالجة أمراض اجتماعية، ومصارعة استعمار يؤيدها.
فاقتصر على تفسير القرآن درسًا ينهل منه الصادي، ويتزود منه الرائح والغادي، وعكف عليه إلى أن ختمه في خمس وعشرين سنة. ولم يختم التفسير درسًا ودراية بهذا الوطن غيره، منذ ختمه (أبو عبد الله الشريف التلمساني) في المائة الثامنة" أ. هـ.
وفاته: سنة (1359 هـ) تسع وخمسين وثلاثمائة وألف.
من مصنفاته: "تفسير القرآن الكريم" اشتغل به تدريسًا زهاء (14) عامًا ونشر قسم منه باسم "مجالس التذكير" وله غير ذلك.






مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید