المنشورات

النَّابُلسي

اللغوي، المفسر: عبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني بن إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم الدمشقي الصالحي، الحنفي، النقشبندي، القادري، النابلسي.
ولد: سنة (1050 هـ) خمسين وألف
من مشايخه: الشيخ محمد المحاسني، ومحمد بن أحمد الأسطواني، وغيرهما.
كلام العلماء فيه:
* سلك الدرر: "أستاذ الأساتذة .. صاحب المصنفات التي اشتهرت شرقًا وغربًا .. وأخذ طريق النقشبندية عن الشيخ سعيد البلخي ..

وأدمن المطالعة في كتب محيي الدين بن العربي، وكتب السادة الصوفية كابن سبعين والعفيف والتلمساني" أ. هـ.
* معجم المفسرين: "شاعر عالم بالدين والأدب رحالة متصوف كان له اطلاع واسع على علوم عصره، تيتم صغيرًا ودخل في الطريقة القادرية النقشبندية وله نحو من (223) مصنف في التصوف والرحلة والأدب واللغة والشعر والتفسير والمنطق" أ. هـ.
* طبقات الأولياء: "أستاذ الأساتذة وجهبذ الجهابذة قطب الأقطاب الذي لم تنجب بمثله الأحقاب، العارف بربه والفائز بقربه وحبه، ذو الكرامات الظاهرة والمكاشفات الباهرة، وبالجملة فهو الأستاذ الأعظم والملاذ الأعصم والعارف الكامل والعالم الكبير العامل القطب الرباني والغوث الصمداني .. وله كرامات لا تحصى وكان لا يحب أن تظهر عليه ولا أن تحكى عنه، هذا مع إقبال الناس عليه ومحبتهم له واعتقادهم فيها" أ. هـ.
قلت: وعبد الغني النابلسي من الصوفية المنحرفين جدًّا عن جادة الصواب ومن الداعين إلى الشرك وزيارة القبور وتعظيمها والتبرك بها ودعاء الأموات وتعظيم الأولياء -بزعمه- وكتبه خير شاهد على ذلك.
ونضع بين يديك عزيزي القارى نصًّا من كتابه "كشف النور" نقلًا عن كتاب جهود الحنفية لأننا لم نجد كتابه فيما بين أيدينا من المراجع حال كتابتنا لما تقرأ -حتى يتبين لك ما قصدنا من قولنا السابق.
من تعظيم الأولياء بناء القبب على قبورهم، والستور والثياب عليها، لأنهم أفضل من الكعبة، وكسوة الكعبة أمر مشروع، ومن تعظيم الأولياء إيقاد القناديل والشموع، عند قبورهم، وكذا وضع اليدين على القبور والتماس البركة من مواضع روحانيات الأولياء، ومن تعظيمهم نذر الزيت والشمع للأولياء لتوقد عند قبورهم وكذا نذر الدراهم والدنانير للأولياء.
وأما قول بعض المغرورين: إن هذه الأمور كلها حرام، لأنها وسيلة إلى الشرك بالله واعتقاد العوام التصرف في الأولياء- فهذا إهانة للأولياء، بل هو كفر صريح مأخوذ من فرعون" أ. هـ.
تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي: "إن الطريقة النقشبندية تعد من الطرق الصوفية التي اشتهرت باعتناق أهلها عقيدة وحدة الوجود، حتى قال عبد الرحمن دمشقية: "ومن أخطر ما عند النقشبندية عقيدة الفناء ووحدة الوجود".
ثم نقل عن الفاروقي النقشبندي قوله: "وجدت الله عين الأشياء كما قاله أرباب التوحيد الوجودي مِن متأخري الصوفية، ثم وجدت الله في الأشياء من غير حلول ولا سريان ... ثم ترقيت في البقاء وهو ثاني قدم في الولاية فوجدت الأشياء ثانيًا فوجدت الله عينها بل عين نفسي، ثم وجدته تعالى في الأشياء ثم بل نفسي ثم مع الأشياء بل مع نفسي".
وباعتبار النابلسي أحد أتباع هذه الطريقة فلا ينتظر منه أن يعتقد غير ما يعتقد أهلها، ولكننا اخترناه من بين النقشبنديين لأمرين:
أ- لشهرته ومشاركاته العلمية الكثيرة حتى في  علوم السنة النبوية، فيقصد من وراء اختيار
التعريف بحقيقته حتى يأخذ كل قارئ لكتبه ما يلزم من الحيطة والحذر حتى لا يتأثر بكل ما يكتب هذا الرجل.
ب- التنبيه إلى خطورة سلوك هذه الطرق الصوفية، لأن سالكها حتى وإن كان من المشتغلين فسيلقي علم الكتاب والسنة وراء ظهره ويعتنق العقائد الفلسفسية والنصرانية التي توارثوها من البسطامي والحلاج وابن الفارض وابن عربي والغزالي وابن سبعين والتلمساني.
أما النصوص التي نمثل بها من هذا الرجل فمن كتاب "جواب عبد الغني في حكم شطح الولي" لأنه من آخر ما كتب حيث كتبه قبل موته بأربع سنين فقط، ولا ريب أنه لم يكتبه إلا بعد أن قطع جميع المراحل الصوفية ولأنه كتب في الموضوع الذي نحن بصدده.
أما ظروف تحرير هذا الجواب فإن سؤالًا من أهل جاوا -من أقصى الهند- ورد إلى الملا إبراهيم الكوراني في سنة (1086) جاء فيه:
"ماذا تقولون في قول بعض من أهل جاوة ممن ينسب إلى العلم والورع: أن الله نفسنا ووجودنا، ونحن نفسه ووجوده هل له تأويل صحيح كما قال بعض أهل جاوة، أم هو كفر صريح كما قال بعض العلماء الواردين إليها؟ ... فأجاب عليه الكوراني جوابًا لعله لم يعجب النابلسي فأجاب عليه جوابًا آخر بعد خمسين سنة من جواب الكوراني مما يؤكد أن قصده الرد عليه وإن لم يعلن ذلك حيث يقول في المقدمة: "وقد أجاب الملا إبراهيم المذكور عند ذلك عندما فتح له سالكا أحسن المسالك، ونحن الآن نجيب بما يفيض الله تعالى علينا من البيان ... ".
ومما ورد في هذا الجواب:
1 - قوله: "إن الله تعالى قال في القرآن العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيدِيهِمْ} [الفتح: 10] فقد أخبر تعالى أن نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - هو الله تعالى وتقدس، وبيعته بيعة الله ويده التي مده هي يد الله، تعالى كما سمعت من الآية الشريفة".
2 - قوله: تحت قوله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى * إِذْ رَأَى نَارًا فَقَال لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى * فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَامُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه: 8 - 12] "وهذا هو الهدى الذي كان يتوقعه موسى - عليه السلام - لمعرفته بأن الله يظهر حسب ما يريد، وما في العالم سواه".
3 - قوله تحت قوله تعالى: {وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} [طه: 13]: "أي: وأنا اخترتك لنفسي بأن تكون أنا وكون أنا أنت. {فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} وهذا نظير حديث الإنسان الغافل لنفسه يحدثها وتحدثه". نلاحظ: أنه أحس بأن في الآية موحيًا وموحى إليه وهذا يقتضي الغيرية والاثنينية وينقض عقيدتهم فبادر من أجل ذلك إلى تأويله وتحريفه بهذا الأسلوب البارد.
4 - وتحت قوله تعالى: {وَأَلْقَيتُ عَلَيكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَينِي} [طه: 39] يقول: (أي: على ذاتي فأظهر بك وتغيب أنت، وتظهر أنت  وأغيب أنا، وما هما اثنان بل عين واحدة".
5 - وتحت قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ} [محمد: 19] يقول: "أي: لا موجود إلا الله".
6 - وعن آية الدعوة {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: 108] يقول: {قل} يا محمّد {هذه سبيلي} أي طريقي في رجوع الأعيان الكثيرة إلى العين الواحدة. وذلك رجوع الكثرة إلى الموحدة وهو التوحيد الحقيقي والإيمان الكامل {أدعو إلى الله} أي أرجع كل عين حادثة إلى عينه القديمة {على بصيرة} أي: معرفة تامة حقيقية. {أنا ومن اتبعني} فورث علومي الحقيقية لا الخيالية. {وسبحان الله وما أنا من المشركين} أي: الذين ألهاهم التكاثر: الكثرة عن الموحدة، حتى زرتم المقابر، أي: ماتوا على كثرة أعيانهم ولم يرجعوا إلى العين الواحدة".
نلاحظ هنا:
أ- كيف أنه سار على نهج من قبله من أهل وحدة الوجود فيجعل الموحدة هي التوحيد والإيمان الكامل، وبطلان ذلك معروف عند صبيان الموحدين.
ب- أن المشرك عندهم هو من شغله الفرق عن الجمع وهذا التقرير جار على قواعدهم في أن التوحيد الحقيقي هو وحدة الوجود، لأن معنى ذلك أن من لم ير الموحدة فهو المشرك ولذا سهل على هؤلاء الناس أن يقارفوا كل أنواع الشرك والفسوق والعصيان ما داموا مؤمنين بالوحدة.
جـ- كيف أنه لم يستح حتى جعل علوم النبي - صلى الله عليه وسلم - قسمين: علوم حقيقية وعلوم خيالية، وذلك هو منتهى الوقاحة والحماقة. خاصة إذا علمت أنه يقصد بالعلوم الحقيقية وحدة الوجود. ويكفينا هنا لدحض باطله وتأويلاته التعسفية أن نورد هنا ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية عن آية الفتح حيث قال: "إن قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} لم يرد بك أنك أنت الله، وإنما أراد أنك أنت رسول الله، ومبلغ أمره ونهيه فمن بايعك فقد بايع الله، كما أن من أطاعك فقد أطاع الله، ولم يرد بذلك بأن الرسول هو الله، ولكن الرسول أمر الله به فمن أطاعه فقد أطاع الله كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من أطاعني فقد أطاع الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصاني فقد عصا الله ومن عصى أميري فقد عصاني، ومعلوم أن أميره ليس هو إياه، ومن ظن في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} أن المراد به أن فعلك هو فعل الله، أو المراد أن الله حال فيك ونحو ذلك فهو مع جهله وضلاله بل كفره وإلحاده فقد صلب الرسول خاصيته وجعله مثل غيره، وذلك أنه لو كان المراد به أنه خاك لفعلك لكان هناك قدر مشترك بينه وبين سائر الخلق، وكان من بايع أبا جهل فقد بايع الله، ومن بايع مسيلمة فقد بايع الله، ومن بايع قادة الأحزاب فقد بايع الله، وعلى هذا التقدير فالمبايع هو الله أيضًا فيكون الله قد بايع الله".
وفي آخر جوابه قال: "وهذا الذي كتبناه من فيض الوارد الرحماني والفاتح الرباني، فمن آمن به وصدق فهو من عند الله من المؤمنين الصادقين ومن جحد وأنكر فحسابه عند رب العالمين. فرغ ما جرى به قلم الإمداد ورسمه في الطرس روح الاستعداد، بصورة اسم عبد الغني في عشية نهار الجمعة الثالث عشر من شعبان لسنة تسع وثلاثين ومائة وألف".
قلت من تأمل هذا الجواب علم يقينا أنه وارد شيطاني، ونفخ من نفخ الخناس الذي يوسوس في صدور الناس. وأن من آمن كدلول تلك الكلمات التي أملاها عليه إبليس واقترفت يمينه أو شماله جريمة تدوينه، فقد وجب عليه أن يجدد إسلامه، فإنه خارج عن دائرة الإسلام، إذا دخلها من قبل". نسأل الله العافية" أ. هـ.
قلت قد ذكرها صاحب كتاب الماتريدية وموقفهم من الأسماء والصفات الإلهية ضمن أشهر أعلام الماتريدية.
وفاته: سنة (1143 هـ) ثلاث وأربعين ومائة وألف.
من مصنفاته: "التحرير الحاوي بشرح تفسير البيضاوي) و "الرد على من تكلم في ابن عربي" و "أجمع الأسرار في منع الأشرار عن الطعن في الصوفية الأخيار وأهل التواجد بالأذكار".




مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید