المنشورات

القشيري

المفسر: عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد القشيري.
ولد: (376 هـ) ست وسبعين وثلاثمائة.
من مشايخه: أبو بكر بن محمد الطوسي، وأخذ الكلام عن أبي بكر بن فورك، وغيرهما.
كلام العلماء فيه:
* تاريخ بغداد: "كان ثقة وكان يقص وكان حسن الموعظة، مليح الإشارة وكان يعرف الأصول على مذهب الأشعري والفروع على مذهب الشافعي" أ. هـ.
* الأنساب: "الأستاذ الإمام .. أحد مشاهير الدنيا بالفضل والعلم والزهد" أ. هـ.
* المنتظم: "كان يهوى مخالفة أهل الدنيا، فحضر عند أبي علي الدقاق فجذبه إليه .. ثم اختلف إلى أبي بكر بن فورك فأخذ عنه الكلام .. وصار رأسًا في الأشاعرة .. وخرج إلى الحج في رفقة فيها أبو المعالي الجويني، وأبو بكر البيهقي فسمع معهما الحديث ببغداد .. ولم يدخل أحد من أولاده بيته ولا مسّ ثيابه ولا كتبه إلا بعد سنين احترامًا له وتعظيمًا" أ. هـ.
* وفيات الأعيان: "كان علامة في الفقه والتفسير والحديث والأصول والأدب والشعر والكتابة وعلم التصوف .. جمع بين الشريعة والحقيقة .. فاتفق حضوره إلى نيسابور مع الشيخ أبي علي الحسن بن علي النيسابوري المعروف بالدقاق وكان إمام وقته فلما سمع كلامه -أعجبه ووقع في قلبه فرجع عن ذلك العزم- في تعلم الحساب- وسلك طريق الإرادة فقبله الدقاق وأقبل عليه، وتفرس فيه النجابة فجذبه بهمته وأشار عليه بالاشتغال بالعلم .. ثم تردد إلى الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني .. وجمع بين طريقته وطريقة ابن فورك" أ. هـ.
* النجوم: "فجذبه أبو علي الدقاق فصار من الصوفية" أ. هـ.
* الشذرات: "الصوفي الزاهد .. قال أبو سعد السمعاني، لم ير أبو القاسم مثل نفسه في كماله وبراعته جمع بين الشريعة والحقيقة".
ثم قال: "قال السخاوي: المفسر المحدث الفقيه الشافعي، المتكلم الأصولي الأديب النحوي، الكاتب الشاعر، الصوفي، لسان عصره وسيد وقته سيد لم ير مثل نفسه في كماله وبراعته جمع بين علمي الشريعة والحقيقة" أ. هـ.
* معجم المفسرين: "عالم بالفقه والتفسير والحديث والأصول والأدب والشعر والكتابة وعلم التصوف" أ. هـ.
* دمية القصر: "لو قدح الصخر بسوط تحذيره لذاب، ولو ربط إبليس في مجلسه لتاب" أ. هـ.

* موقف ابن تيمية من الأشاعرة - متحدثًا عن عقيدة القشيري في الأسماء والصفات بعد استعراض كتبه: (ومع ذلك فليس من العسير استخلاص مذهبه وآرائه في العقيدة، - التي وافق فيها المشهور من مذهب الأشاعرة - من خلال ما يشير إليه في ثنايا كتبه المختلفة.
فالقشيري ممن ينكر قيام الصفات الاختيارية بالله -وهي مسألة حلول الحوادث- ولذلك فهو يقول بأزلية المحبة، والرضا والغضب، كما أنه ينكر العلو، وينقل عن غيره من الصوفية تأويلاتهم للاستواء، وأنه لا يدل على العلو، ويقول: إن الله يرى بلا مقابلة، وهو يثبت الصفات السبع من صفة البقاء، ويستدل لبعضها بالعقل، وبتأول صفة المحبة، والضحك وفي القدر مع إثباته له ينكر التعليل، ويقول: إن القدرة مع الفعل فقط، كما هو مذهب الأشاعرة، وحين يتحدث عن معنى "التوحيد" يرى أنه يشمل الأقسام الثلاثة المشهورة عند أهل الكلام: وهو أن الله واحد في ذاته لا قسيم له، وواحد في صفاته لا شبيه له، وواحد في أفعاله لا شريك له، كما أنه يرى أن الواجب الاشتغال بالتأويل الصحيح، ويرد على من يسميهم بالحشوية، ويرى أن كثيرًا ممن يناظره في زمنه ليس له تحقيق ولا تحصيل، وفي مسألة النبوة والمعجزات ينقل عن الباقلاني).
ثم يتكلم عن دور القشيري في المذهب الأشعري وتطويره، وأنه قد تمثل في جانبين -فيقول-:
(أما دور القشيري في المذهب الأشعري وتطويره فتمثل في جانبين:
أحدهما: دفاعه عن الأشاعرة وقت المحنة التي مروا بها، وقد فاق في دفاعه عنهم أقطاب الأشاعرة في زمنه، وكتب رسالته "الشكاية" يبث فيها أشجانه ويدافع عن الأشعري وعن الأشاعرة ويرد على التهم الموجهة إليهم، ويصور الأمر وكأنه ليس في الأمة الإسلامية إلا الأشاعرة، والمعتزلة، وأن قول الأشاعرة إذا بطل لا يبقى إلا قول المعتزلة فهل يكون هو المعتمد؟ يقول القشيري بعد كلام طويل: "وإذا لم يكن في مسألة لأهل القبلة غير قول المعتزلة، وقول الأشعري قول زائد، فإذا بطل قول الأشعري فهل يتعين بالصحة أقوال المعتزلة، وإذا بطل القولان فهل هذا إلا تصريح بأن الحق مع غير أهل القبلة؟ وإذا لعن المعتزلة والأشعري في مسألة لا يخرج قول الأمة عن قوليهما، فهل هذا إلا لعن جميع أهل القبلة؟ ".
ثم يقول:
(وبهذا الدفاع الذي جاء بأسلوب بث الشكوى برز القشيري كعلم من أعلام الأشاعرة، وكان لذلك دوره في تبني ما كان عنده من تصوف.
الجانب الآخر: إدخال التصوف في المذهب الأشعري، وربطه به، وذلك حين ألف القشيري رسالته المشهورة في التصوف وأحواله وتراجم رجاله المشهورين، فذكر في أحد فصول الرسالة، وفي ثناياها أن عقيدة أعلام التصوف هي عقيدة الأشاعرة فنسب إليهم أنهم يقولون: "إنه أحدي الذات، ليس يشبه شيئًا من المصنوعات، ولا يشبهه شيء من المخلوقات ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض، ولا صفاته أعراض، ولا يتصور في الأوهام، ولا يتقدر في العقول، ولا له جهة ولا مكان، ولا يجري عليه وقت وزمان، ولا يجوز في وصفه زيادة ولا نقصان، ولا يخصه هيئة حد، ولا يقطعه نهاية وحد، ولا يحله حادث، ولا يحمله على الفعل باعث .. ولا يقال له: أين، ولا حيث ولا كيف .. يرى لا عن مقابلة .. خالق أكساب العباد".
ويركز على نفى أن الله في جهة العلو، ثم يقول في أواخر الرسالة: "فإذا كان أصول هذه الطائفة أصح الأصول، ومشايخهم أكبر الناس وعلماؤهم أعلم الناس، فالمريد الذي له إيمان بهم: إن كان من أهل السلوك والتدرج إلى مقاصدهم فهو يساهمهم فيما خصوا به من مكاشفات الغيب، فلا يحتاج إلى التطفل على من هو خارج عن هذه الطائفة، وإن كان مريدًا طريقة الاتباع وليس بمستقل بحاله، ويريد أن يعرج في أوطان التقليد إلى أن يصل إلى التحقيق فليقلد سلفه وليجر على طريقة هذه الطبقة فإنهم أولى به من غيرهم" فهو يرى أن من أراد دخول طريقة التصوف كوشف مع شيوخه، ومن لم يرد دخول طريقة التصوف فعليه بتقليدهم في العقائد؛ لأنهم أولى من غيرهم.
ودعوى القشيري أن هذه عقائد شيوخ الصوفية ليست مسلمة، وليس هذا موضع مناقشة ذلك ولكن الذي حدث هو تبني أعلام الأشاعرة للتصوف وتمثل ذلك بشكل واضح في الغزالي ومن جاء بعده).
ثم يتكلم د. عبد الرحمن المحمود عن تصوف القشيري، وأنه لم يكن تصوفًا سنيًا بعيدًا عن شطحات وبدع الصوفية، بل على العكس من ذلك، فيذكر أمثلة على ذلك، منها:
1 - صلته بطائفة الملامتية (1)، التي انتشرت في بلده نيسابور، وقد ترجم لبعض أعلامها، ويربط بعض الدارسين بين ما عند هذه الطائفة من كتمان لأحوالهم وما عند الرافضة من التقية، ويشير إلى أمر مستغرب وهو أن القشيري لم يرد على طائفة الباطنية الذين عظم شأنهم في زمنه.
2 - إيمانه بوجود القطب (2)، والأوتاد (3)، والأبدال (1)، والغوث (2)، وتفسير القرآن بما يوافق ذلك، فمثلًا يقول في قوله تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَال} [الكهف: 47]: "كما تقتلع الأرض يوم القيامة بأوتادها، تسير اليوم بموت الأبدال الذين هم والقطب كجبال الأرض، إذ هم في الحقيقة أوتاد العالم.
3 - إقراره لما يقع للمتصوفة في حال فنائهم بربهم إلى حد أن يقول أحدهم: أنه الحق أو سبحاني، يبرر ذلك.
4 - قوله أن "هو" اسم موضوع للإشارة، وأنه عند الصوفية إخبار عن نهاية التحقيق، وينقل عن ابن فورك أنه قال: "هو: حرفان، هاء وواو، فالهاء تخرج من أقصي الحلق، وهو آخر المخارج، والواو تخرج من الفم، وهو أول المخارج، فكأنه يشير إلى ابتداء كل حادث منه وانتهاء كل حادث إليه" ويقول: إن أهل الإشارة يقولون: "إن الله كاشف الأسرار بقوله هو وكاشف القلوب بما عداه من الأسماء".
5 - دعوته إلى أدب المريد مع الشيخ، وأنه يجب عليه أن يكون بره بشيخه أكثر من بره بوالديه، ويروي عن أبي عبد الرحمن السلمي يقول: "سمعت الأستاذ أبا سهل الصعلوكي يقول: من قال لأستاذ: لم، لا يفلح أبدًا".
6 - ينصح المريدين بسلوك طريق الصوفية، ويفضلهم على أهل النقل والأثر وأرباب العقل والفكر، ويرى أن الصوفية أهل الوصال، والأنس أهل الاستدلال، ويرى ليس هناك عصر من العصور إلا وفيه شيخ من شيوخ هذه الطائفة، وأن علماء الوقت يخضعون له ويتبركون به، ويذكر قصة لأحمد بن حنبل والشافعي مع شيبان أحد الصوفية، ويرى على المريد إذا لم يجد من يتأدب معه في بلده أن يهاجر إلى من هو منصوب في وقته لإرشاد المريدين، ثم يقيم عليه ولا يبرح عن سدته -أي داره- إلى وقت أن يأذن له الشيخ، ثم يعقب القشيري بكلام خطير حيث يقول: "إن تقديم معرفة رب البيت -سبحانه- على زيارة البيت واجب، فلولا معرفة رب البيت ما وجبت زيارة البيت، وينعى على الشبان الذين يحجون من غير إشارة الشيوخ".
7 - إباحته للسماع، وذكره للأدلة في ذلك، ومناقشته للمخالفين ثم يتم كلامه عن القشيري فيقول:
هذه مقتطفات من منهج وأصول القشيري أحد أعلام الأشاعرة، وهي تبين مدى صلته بالصوفية وتمكنه فيها حتى صار شيخًا فيها، ومدى ثقته بعقيدة الأشاعرة حتى نسب إلى شيوخ الصوفية أنهم لا يخالفونها، ولا شك أن القشيري يمثل مدرسة كان لها الأثر الكبير في عقائد ومنهج الأشاعرة أ. هـ.

وفاته: سنة (465 هـ) خمس وستين وأربعمائة.
من مصنفاته: "التفسير الكبير" وهو من أجود التفاسير وأوضحها و"الرسالة".





مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید