المنشورات

النَّسَفِي

المفسر: عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي، حافظ الدين أبو البركات.
من مشايخه: شمس الأئمة الكردري، روى الزيادات عن أحمد بن محمّد العتابي وغيرهما.
من تلامذته: سمع منه الصغناقي وغيره.
كلام العلماء فيه:
* الجواهر المضيئة: "أحد الزهاد المتأخرين. صاحب التصانيف المفيدة في الفقه والأصول" أ. هـ.
* المفسرون بين التأويل والإثبات: "من غلاة الأشعرية المؤولة، أول جميع الصفات بدون استثناء، بل هو متعصب في التأويل، يتمحل لمذهبه قدر ما يستطيع.
صفة الغضب:
قال عند قوله تعالى: {غَيرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} وغضب الله إرادة الانتقام من المكذبين وإنزال العقوبة بهم وأن يفعل بهم ما يفعله الملك إذا غضب على من تحت يده (1).
صفة الاستهزاء:
قال عند قوله تعالى: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} الآية أي يجازيهم على استهزائهم فسمى جزاء الاستهزاء باسمه كقوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيهِ} فسمى جزاء السيئة سيئة، وجزاء الاعتداء اعتداء وإن لم يكن الجزاء سيئة واعتداء وهذا لأن الاستهزاء لا يجوز على الله تعالى من حيث الحقيقة لأنه من باب العبث وتعالى عنه. قال الزجاج: هو الوجه المختار (2).
صفة الحياء:
قال عند قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا}.
أي لا يترك ضرب المثل بالبعوضة ترك من يستحيي أن يتمثل بها لحقارتها، وأصل الحياء تغير وانكسار يعتري الإنسان من تخوف ما يعاب به ويذم، ولا يجوز على القديم التغير وخوف الذم ولكن الترك لما كان من لوازمه عبر عنه به، ويجوز أن تقع هذه العبارة في كلام الكفرة، فقالوا: أما يستحيي رب محمّد أن يضرب مثلًا بالذباب والعنكبوت فجاءت على سبيل المقابلة وأطباق الجواب على السؤال وهو فن من كلامهم بديع (1).
صفة الاستواء:
ذهب النسفي في تفسيره عند قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} من سورة الأعراف مذهب الجهمية فقال: أضاف الاستيلاء إلى العرش وإن كان سبحانه وتعالى مستوليًا على جميع المخلوقات لأن العرش أعظمها وأعلاها، وتفسير العرش بالسرير والاستواء بالاستقرار كما تقوله المشبهة باطل لأنه تعالى كان قبل العرش ولا مكان وهو الآن كما كان لأن التغير من صفات الأكوان والمنقول عن الصادق والحسن وأبي حنيفة، ومالك رضي الله عنهم أن الاستواء معلوم والتكييف فيه مجهول والإيمان به واجب والجحود له كفر والسؤال عنه بدعة (2).
قلت: والنسفي ينقل قولة الإمام مالك المشهورة ومع ذلك يتنكب عنها ويثبت خلافها، هذا إن كان يدري معناها وأما إن كان لا يدري فتلك مصيبة والله يهدينا إلى سبيل الرشاد.
صفة الكلام:
قال عند قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} بلا واسطة ولا كيفية، وروى أنه كان يسمع الكلام من كل جهة، وذكر الشيخ في التأويلات أن موسى - عليه السلام - سمع صوتًا دالًا على كلام الله تعالى وكان اختصاصه باعتبار أنه أسمعه صوتًا تولى تخليقه من غير أن يكون ذلك الصوت مكتسبًا لأحد من الخلق وغيره يسمع صوتًا مكتسبًا للعباد فيفهم منه كلام الله تعالى (3).
التعليق:
ويلاحظ من عبارة الشيخ التمحل الكبير الذي لا يصدر إلا من أشعري مغرق في الأشعرية مثله ولو رجعوا إلى مذهب السلف لأراحوا أنفسهم من هذه التصورات الخيالية التي لا تستند إلى نص ولا إلى عقل".
قلت: يبدو أن الأستاذ المغراوي في كتابه هذا لا يفرق بين الأشعرية والماتريدية فالذين قالوا بأن كلام الله لا يسمع، إنما يسمع ما هو عبارة عنه، وموسى إنما سمع صوتًا وحروفًا خلقها الله دالة على كلامه هم الماتريدية وليس الأشعرية، وهذه المسألة هي إحدى المسائل المهمة التي وقع فيها الخلاف بين الماتريدية والأشعرية. وذهب الأشاعرة في هذه المسألة إلى جواز سماع كلام الله تعالى، وأن ما سمعه موسى - عليه السلام - هو كلام الله تعالى النفسي، وذلك يكون بخلق إدراك في المستمع. [انظر كتاب الماتريدية دراسة وتقويمًا لـ (أحمد اللهيبي الحربي)]
ثم يذكر المغراوي شواهد أخرى على تأويلة:
صفة الوجه:
النسفي من المؤولين لصفة الوجه والمعطلين لها في جميع موادرها في القرآن.
وقال عند قوله تعالى من سورة الكهف: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ و} رضا الله (1).
وقال عند قوله تعالى: {كُلُّ شَيءٍ هَالِكٌ إلا وَجْهَهُ} أي إلا إياه فالوجه يعبر عن الذات وقال مجاهد: يعني علم العلماء إذا أريد به وجه الله (2).
وقال عند قوله تعالى من سورة الروم: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ... يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ} [الروم: 38] أي ذاته أي يقصدونه بمعروفهم إياه خالصًا (3).
وقال عند قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} ذاته ذو الجلال، ذو العظمة والسلطان وهو صفة الوجه (4).
وقال عند قوله تعالى: {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى} أي وما لأحد عند الله نعمة يجازيه بها إلا أن يفعل فعلًا يبتغي به وجه ربه فيجازيه عليه (5).
قلت: والملاحظة أن النسفي في سورة الرحمن يصف الوجه أو يثبت صفة الوجه بقوله: {ذُو الْجَلَالِ} ومع ذلك يفسرها بالذات وفي سورة الليل يفسرها بعموم الوجه.
فالظاهر كما تقدم في معظم تفاسير الآيات أنه يؤولها ويعطلها وما ورد من ذلك مما يوهم الإثبات فهو محمول على المفسر - والله أعلم-" أ. هـ.
قلت: ذكر الأستاذ المغراوي بقية الصفات التي أولها النسفي فمن أراد الاستزادة فليرجع إلى كتاب الآنف الذكر.
* الماتريدية وموقفهم من الأسماء والصفات: "هو من كبار أئمة الحنفية وأهم أعيان الماتريدية ولكتبه أهمية بالغة له (عمدة عقائد أهل السنة) و (الاعتماد شرح عمدة العقائد) وهو شرح للمتن المذكور ولأهمية هذا المتن عند الماتريدية قام جمع بشرحه ونظمه بتصرف بسيط" أ. هـ.
قلت: والصحيح ما قاله صاحب كتاب الماتريدية من أن النسفي ماتريدي العقيدة وليس أشعري العقيدة كما ذهب إلى ذلك المغراوي ويؤيد أنه ماتريدي صاحب كتاب الأصول التي بنى عليها المبتدعة مذهبهم في الصفات حيث قال: "إما من أئمة الماتريدية ويلقب عندهم بـ (حافظ الدين") أ. هـ. والله أعلم.
وفاته: سنة (710 هـ) عشر وسبعمائة.
من مصنفاته: "مدارك التنزيل" ثلاث مجلدات في تفسير القرآن، و"كنز الدقائق" وغير ذلك.






مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید