المنشورات

الشَّرْقاوي

النحوي: عبد الله بن حجازي بن إبراهيم  الشافعي الأزهري الشهير بالشرقاوي.
ولد: تقريبًا سنة (1150 هـ) خمسين ومائة وألف.
من مشايخه: سمع من الملوي، والجوهري، والحفني وغيرهم.
كلام العلماء فيه:
• حلية البشر: "العلامة النحرير، والفهامة الشهير والأصولي الفقيه، والفاضل النبيه، شيخ الإسلام، وعمدة الأنام، نشأ في غاية الكمال واللطف، وأخذ الطريقة على الشيخ محمود الكردي" أ. هـ.
* قلت: عند مراجعة كتابه (شرح الحكم العطائية) وجدنا فيه كثير من الأمور والأحوال الصوفية بل فيه كثير من تأويلات الأشعرية فانظر إليه مثلًا وهو يؤول الاستواء بالاستيلاء ويؤول الرحمة بالإحسان. . الخ حيث قال في صفحة (11): "والإخلاص يختلف باختلاف الناس فإِخلاص العباد سلامة أعمالهم من الرياء الجلي والخفي وكل ما فيه حظ للنفس فلا يعملون العمل إلا لله تعالى طلبًا للثواب وهربًا من العقاب مع نسبة العمل إليهم والاعتماد عليه في تحصيل ما ذكر وإخلاص المحبين هو العمل لله إجلالًا وتعظيمًا لأنه تعالى أهل لذلك لا لقصد ثواب ولا هرب من عقاب ولذا قالت رابعة العدوية ما عبدتك خوفًا من نارك ولا طمعًا في جنتك فنسبت العبادة إليها وإخلاص العارفين شهودهم انفراد الحق بتحريكهم وتسكينهم من غير أن يروا لأنفسهم في ذلك حولًا ولا قوّة فلا يعملون العمل إلا بالله لا بحولهم ولا قوتهم وهذا أرفع مما قبله.
وقال في ص (20): " (كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الظاهر قبل وجود كل شيء) لتحقق هذا الاسم له أزلا وابدأ فظهوره تعالى ذاتي له غير مكتسب ولا مستفاد ولا معلول وظهور الأكوان ناشئ من تجليه عليها بصفة الظهور فكيف تكون حاجبة له (كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو أظهر من كل شيء) لأن الوجود أظهر من العدم على كل حال ولأن الظهور الذاتي أقوى من العرضي والظهور المطلق أقوى من المقيد والدائم أقوى من المنصرم وإنما لم يدرك للعقول مع شدة ظهوره لأن شدة الظهور لا يطيقها الضعفاء كالخفاش يبصر بالليل دون النهار لا لخفاء النهار واستنارته بل لشدة ظهوره فإن بصر الخفاش ضعيف يبهره نور الشمس إذا أشرقت فيكون شدة ظهور النهار مع ضعف بصره سببًا لامتناع إبصاره فلا يرى شيئًا إلا إذا امتزج الظلام بالضوء وضعف ظهوره فكذلك العقول ضعيفة وجمال الحضرة الإلهية في غاية الإشراق والاستنارة فصارت شدة ظهوره سببًا لخفائه (كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الواحد الذي ليس معه شيء) إذ كل شيء سواء عدم لا وجود له على التحقيق فليس ثم شيء سواه عدم لا وجود له على التحقيق فليس ثم شيء يحجبه إذ الوجود الحقيقي كله له ولا شيء منه لغيره (كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو أقرب إليك من كل شيء) لثبوت إحاطته بك وقيوميته عليك قال تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}. فهو قريب لنا بذاته عند أهل الشهود وأما أهل الحجاب فيقولون هو قريب بعلمه وقدرته وإرادته إلى غير ذلك (كيف يتصور أن يحجبه  شيء ولولاه ما كان وجود كل شيء) حتى استدل به المشاهدون على الأشياء قال تعالى {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ شَهِيدٌ} ومقتضى ولو أسقط لفظ كل لكان أظهر في إفادة العموم والقصد بهذا الكلام المبالغة في نفي الحجاب فلا يضر كون هذا الوجه بمعنى الوجه الأول وبعضهم أئبتت التغاير بينهما بما فيه كلفة (يا عجبًا كيف يظهر الوجود في العدم) لأن العدم ظلمة والوجود نور وهما ضدان لا يجتمعان (أم كيف يثبت الحادث مع من له وصف القدم) لأن الحادث باطل والله تعالى حق والباطل لا يثبت مع ظهور الحق قال تعالى {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}. فالظاهر والثابت هو الحق تعالى لا الكون وما بدا إلا وجهه الحق فهو المظهر والظاهر والموجود دون كل المظاهر والتعجب المذكور ناشيء من غلبة الشهود فإنه إذا قوى على العبد اضمحلت الأكوان في نظره وفنى عنها بالمرة.
وقال في صفحة (33 - 34): "ثم قال (شعاع البصيرة) ويعبر عنه بنور العقل وبعلم اليقين (يشهدك قربه منك وعين البصيرة) ويعبر عنه بنور العلم وبعين اليقين (يشهدك عدمك لوجوده وحق البصيرة) يعبر عنه بنور الحق وبحق اليقين (يشهدك وجوده لا عدمك ولا وجودك). والحاصل أن السالك يهتف على قلبه أنوار إلهية يعبر عنها بهذه العبارات ويترتب على كل واحد ثمرات وفوائد. قال بعضهم لا يبلغ العبد حقيقة التواضع إلا عند لمعان نور المشاهدة في قلبه فعند ذلك تذوب النفس وتنطبع للحق وللحق بمحو آثارها وسكون وهجها وغبارها وبين المصنف أن الذي ينكشف بالنور الأول قرب الله منك وثمرة ذلك ونتيجته مراقبته تعالى والاستحياء منه حتى لا يراك حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك والذي ينكشف بالثاني عدمية كل موجود في وجود الحق تعالى فبشهد الأكوان عدمًا فلا يعبأ بها ولا يلتفت إليها إذ وجودها عارية والوجود الحقيقي له سبحانه وتعالى وثمرة ذلك أن لا يبقى في نظرك ما تستند إليه ولا ما تستأنس به فيتم لك التوكل والتفويض والرضا والاستسلام والذي ينكشف بالثالث الذات المقدسة وثمرة ذلك الفناء الكامل الذي هو دهليز البقاء فيفنى عن فنانه وعدمه استهلاكًا في وجود سيده وناهيك بما يحصل له حينئذ من المواهب والأسرار الإلهية فإذا ترقى عن ذلك حل في مقام البقاء لا يحجبه الحق عن الخلق ولا الخلق عن الحق والفاني محجوب بالحق عن الخلق أ. هـ. (كان الله ولا شيء معه) يعني أن هذا حال من هو متحقق بمقام الفناء وهو عدم رؤيته غير مولاه (وهو الآن على ما عليه كان) أي أن الأمر الذي حصل لذلك الشاهد وهو أن الوجود الحقيقي له سبحانه وتعالى وغيره لا وجود له هو الوصف المتحقق له سبحانه في الواقع وعدم إدراك ذلك له قبل ذلك إنما هو لوجود الحجاب فقوله وهو الآن أي عند مشاهدة هذا السالك له على هذا الوصف على ما عليه كان أي هو متصف به في الواقع وقبل إدراك هذا المشاهد له لكن عدم إدراكه ذلك إنما هو للحجاب القائم به.
وقال في صفحة (37): " (ولكن ارحل من الأكوان إلى المكوّن) بأن تخلص عملك لمولاك وحده دون حظ عاجل أو آجل فمن عمل لأجل  الدنيا واقعة في الآخرة للمؤمنين فعزه تعالى اقتضى حجب ما سواه عن رؤيته فإن العزيز معناه المنيع الذي لا يوصل إليه يقال حصن عزيز إذا تعذر الوصول إليه وقيل العزيز الذي لا يرتقي إليه وقيل العزيز الذي ضلت العقول في عظمته وحارت الألباب عن إدراك أنى نعته وكلت الألسن عن استيفاء مدحته (يا من تجلى) على قلوب العارفين (بكمال بهائه) أي بمحاسن صفاته أي بصفة جلاله وجماله (فتحققت عظمته) أي كونه عظيمًا عظمًا لا نهاية له (الأسرار) أي بواطن القلوب (كيف تخفى وأنت الظاهر) بذاتك أي في جميع الأشياء كما يقوله أهل الشهود أو بظهور أفعالك وتصرفاتك في العالم كما يقول غيرهم (أم كيف تغيب وأنت الرقيب) أي المراقب لنا في حركاتنا وسكناتنا (الحاضر) الذي ليس بغائب وأتى به لأنه لا يلزم من المراقبة الحضور إذ قد تحصل الإحاطة بأفعال الغير وأحواله بالمكاتبة والمراسلة" أ. هـ.
قلت: وصف الشرقاوي نفسه في بداية شرحه هذا بأنه خلوتي الطريقة، وهذا يدل على أنه كان من أرباب طرق التصوف وليس من المعجبين بها فقط ثم وصف نفسه بأنه الأشعري المعتقد.
وفاته: سنة (1220 هـ)، وقيل: (1227 هـ) عشرين، وقيل: سبع وعشرين ومائتين وألف.
من مصنفاته: شرح مختصر في العقائد والفقه والتصوف مشهور في بلاد داغستان، و"شرح ورد السحر للبكري"، ومختصر المغني في النحو، وله "شرح الحكم" الوصايا الكردية في التصوف.





مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید