المنشورات

الهَرَوي

النحوي، اللغوي، المفسر المقرئ: عبد الله بن محمّد بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن جعفر الأنصاري، أبو إسماعيل.
ولد: سنة (396 هـ) ست وتسعين وثلاثمائة.
من مشايخه: سمع من عبد الجبار بن محمّد الجرّاحي، والقاضي أبي منصور محمّد بن محمّد الأزدي وغيرهما.
من تلامذته: محمّد بن طاهر، وعبد الله بن أحمد بن السمرقندي، والمؤتمن الساجي وغيرهم.
كلام العلماء فيه:
• السير: "قال السلفي: سألت المؤتمن الساجي عن أبي إسماعيل الأنصاري، فقال: كان آية في لسان التذكير والتصوف، من سلاطين العلماء ...
قلت: كان يدري الكلام على رأي الأشعري، وكان شيخ الإسلام أثريًا قُحًا، ينال من المتكلمة، فلهذا أعرض عن الحيريّ، والحيريُّ: ثقة عالم، أكثر عنه البيهقي والناس ..
قلت: ... ولقد بالغ أبو إسماعيل في (ذم الكلام) على الإتباع فأجاد، ولكنه له نفس عجيب لا يشبه نفس أئمة السلف في كتابه (منازل السائرين) ففيه أشياء مُطربة، وفيه أشياء مشكلة، ومن تأمَّله لاح له ما أشرتُ إليه ... وكان طودًا رأسًا في السنة لا يتزلزل ولا يلين، لولا ما كدَّر كتابه (الفاروق في الصفات) بذكر أحاديث باطلة يجب بيانها وهتكها، والله يغفر له بحسن قصده ...
قلتُ: قد انتفع به خلق، وجهل آخرون فإن طائفة من صوفية الفلسفة والإتحاد يخضعون لكلامه في (منازل السائرين) وينتحلونه، ويزعمون أنه موافقهم، كلا، بل هو رجل أثري، لهج بإثبات نصوص الصفات، منافر للكلام وأهله جدًّا، وفي (منازله) إشارات إلى المحو والفناء، وإنما مرادهُ بذلك الفناء هو الغيبة عن شهود السوِّى، ولم يُردْ محوَ السِّوى في الخارج، ويا ليته لا صنف ذلك، فما أحلى تصوف الصحابة والتابعين ما خاضوا في هذه الخطرات والوساوس ...
وسمعت خادمه أحمد بن أميرجه يقول: ... قال العلويُّ الدبوسي: يأذن الشيخ الإمام أن أسأل؟ قال سل. قال: لم .. تلعن أبا الحسن الأشعري؟ فسكت الشيخ، وأطرق الوزير، فلما كان بعد ساعة، قال الوزير: أجبه، فقال: لا أعرف أبا الحسن، وإنما ألعنُ من لم يعتقد أن الله في السماء وأن القرآن في المصحف".
ثم قال أيضًا: "قال -أي خادمه أحمد بن أميرجه-: وسمعت أصحابنا بهراة يقولون: لما قدم السلطان ألب أرسلان هراة في بعض قدماته، اجتمع مشايخ البلد ورؤساؤه، ودخلوا على أبي إسماعيل، وسلّموا عليه، وقالوا: ورد السلطان ونحن على عزم أن نخرج، ونسلم عليه، فأحببنا أن نبدأ بالسلام عليك، وكانوا قد تواطؤوا على أن حملوا معهم صنمًا من نحاس صغيرًا، وجعلوه في المحراب تحت سجادة الشيخ، وخرجوا، وقام الشيخ إلى خلوته، ودخلوا على السلطان، واستغاثوا من الأنصاري، وأنه مجسم، وأنه يترك في محرابه صنمًا يزعم أن الله تعالى على صورته، وإن بعث السلطان الآن يجده، فعظم ذلك على السلطان، وبعث غلامًا وجماعة، فدخلوا، وقصدوا المحراب، فأخذوا الصنم، فألقى الغلام الصنم، فبعث السلطان من أحضر الأنصاري، فأتى فرأى الصنم والعلماء، وقد اشتد غضب السلطان، فقال له السلطان: ما هذا؟ قال: صنم يعمل من الصفر شبه اللعبة. قال: لستُ عن ذا أسألك. قال: فعمّ يسألني السلطان؟ قال: إن هؤلاء يزعمون أنك تعبد هذا، وأنك تقول: إن الله على صورته. فقال شيخ الإسلام بصولةٍ وصوتٍ جهوري: سبحانك! هذا بهتان عطيم.
فوقع في قلب السلطان أتهم كذبوا عليه. فأمر به، فأخرج إلى داره مكرمًا، وقال لهم: اصدقوني. وهددهم، فقالوا: نحن في يد هذا في بلية من استيلائه علينا بالعامة، فأردنا أن نقطع شره عنا. فأمر بهم. ووكل بهم، وصادرهم، وأخذ منهم وأهانهم.
قال ابن طاهر: وسمعت أبا إسماعيل يقول: كتاب أبي عيسى الترمذي عندي أفيد من كتاب البخاري ومسلم. قلت: ولم؟ قال: لأنهما لا يصل إلى الفائدة منهما إلا من يكون من أهل المعرفة التامة، وهذا كتاب قد شرح أحاديثه. وبينها، فيصل إلى فائدته كل فقيهٍ وكل محدث.
وقال عبد الغافر بن إسماعيل: كان أبو إسماعيل الأنصاري على حظ تام من معرفة العربية والحديث والتواريخ والأنساب، إمامًا كاملًا في التفسير، حسن السيرة في التصوف، غير مشتغلٍ بكسب، مكتفيًا بما يباسط به المريدين والأتباع من أهل مجلسه في العام مرة أو مرتين على رأس الملأ، فيحصل على ألوفٍ من الدنانير وأعداد من الثياب والحُلي، فيأخذها، ويفرقها على اللحام والخباز، وينفق منها.
إذا انصرف إلى بيته، عاد إلى المرقعة والقعود مع الصوفية في الخانقاه يأكل معهم، ولا يتميز بحال، وعنه أخذ أهل هراة التبكير بالفجر، وتسمية الأولاد غالبًا بعبدٍ المضاف إلى أسماء الله تعالى قال أبو سعد السمعاني: كان أبو إسماعيل مظهرًا للسنة، داعيًا إليها، محرضًا عليها، وكان مكتفيًا بما يباسط به المريدين، ما كان يأخذ من الظلمة شيئًا، وما كان يتعدى إطلاق ما ورد في الظواهر من الكتاب والسنة، معتقدًا ما صح، غير مصرح بما يقتضيه تشبيه وقال مرة: من لم ير مجلسي وتذكيري، وطعن فيّ، فهو مني في حل.
قلت: غالب ما رواه في كتاب "الفاروق" (1) صحاح وحسان، وفيه باب إثبات استواء الله على عرشه فوق السماء السابعة بائنًا من خلقه من الكتاب والسنة، فساق دلائل ذلك من الآيات والأحاديث إلى أن قال: وفي أخبار شتى أن الله في السماء السابعة على العرش، وعلمه وقدرته واستماعه ونظره ورحمته في كل مكان .. " أ. هـ.
• تاريخ الإسلام: "قلت -أي الذهبي- خرّج أبو إسماعيل خلقًا كثيرًا بهراة، وفسر القرآن زمانًا، وفضائله كثيرة. وله في السوق كتاب (منازل السائرين) وهو كتاب نفيس في التصوف، ورأيت الإتحادية تعظم هذا الكتاب وتنتحله وتزعم أنه على تصوفهم الفلسفي.
وقد كان شيخنا ابن تيمية بعد تعظيمه لشيخ الإسلام يحط عليه ويرميه بالعظائم بسبب ما في هذا الكتاب -أي منازل السائرين- نسأل الله العفو" أ. هـ.
• الأعلام: "كان مظهرًا للسنة داعيًا إليها، إمتحن وأوذي وسمع يقول عُرضت على السيف خمس مرات، لا يقال إلي ارجع عن مذهبك، لكن يقال إسكت عمن خالفك، فأقول: لا أسكت! " أ. هـ.
وفاته: سنة (481 هـ) إحدى وثمانين وأربعمائة.
من مصنفاته: "ذم الكلام وأهله"، و "الفاروق في الصفات" و "منازل السائرين" و "سيرة الإمام أحمد" وغير ذلك.





مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید