المنشورات

الشِّيرازِي

المفسر: عبد الواحد بن محمّد بن علي بن أحمد، أبو الفرح الحنبلي الشيرازي الأصل الحراني المولد. وكان يعرف في بغداد بالمقدسي.
من مشايخه: أبو الحسن علي بن السّمسار، وعبد الرزاق بن الفضل الكلاعي وغيرهما.
كلام العلماء فيه:
• تاريخ الإسلام: "الشيخ القدوة ... الفقيه الحنبلي، الواعظ الحنبلي الشيرازي".
وقال: "وصنف التصانيف في الفقه والأصول.
قال أبو الحسين بن الفراء: صحب والدي وسافر إلى الشام وحصل له الأتباع والغلمان.
قال: وكانت له كرامات ظاهرة، ووقعات مع الأشاعرة، وظهر عليهم بالحجة في مجالس السلطان بالشام.
قال أبو الحسين: ويقال أنه اجتمع مع الخضر مرتين (1)، وكان يتكلم على الخاطر، كما كان يتكلم على الخاطر الزاهد ابن القزويني، وكان تُتُش يعظمه لأنه تم له معه مكاشفة. وكان ناصرًا لاعتقادنا متجردًا في نشره، وله تصانيف في الفقه والوعظ والأصول" أ. هـ.
• العبر: "ونشر بالشام مذهب أحمد، وتخرج به الأصحاب وكان إمامًا عارفًا بالفقه والأصول صاحب حال وعبادة وتأله" أ. هـ.
• السير: "الإمام القدوة، شيخ الإسلام ... من كبار أئمة الإسلام" أ. هـ.
• ذيل طبقات الحنابلة: "قرأت بخط الناصح عبد الرحمن بن نجم بن عبد الوهاب بن الشيخ أبي الفرج قال: حدثنا الشريف الجواني النسابة عن أبيه قال: تكلم الشيخ أبو الفرج -أي الشيرازي الخزرجي- في مجلس وعظه، فصاح رجل متواجدًا، فمات في الجلس وكان يومًا مشهودًا، فقال المخالفون في المذهب: كيف نعمل إن لم يمت في مجلسنا أحد، وإلا كان وهنًا. فعمدوا إلى رجل غريب دفعوا له عشرة دنانير، فقالوا: احضر مجلسنا، فإذا طاب الجلس فصح صيحة عظيمة، ثم لا نتكلم حتى نحملك ونقول: مات. ونجعلك في بيت، فاذهب في الليل وسافر عن البلد ففعل، وصاح صيحة عظيمة، فقالوا: مات، وحمل فجاء رجل من الحنابلة، وزاحم حتى حصل تحته، وعصر على خُصاه فصاح الرجل فقالوا: عاش، عاش. وأخذ الناس في الضحك، وقالوا المحال ينكشف" أ. هـ.
• المنهج الأحمد: "كان وافر العلم، متين الدين، حسن الوعظ، محمود السمت" أ. هـ.
• طبقات المفسرين للداودي: "كان إمامًا عارفًا بالفقه والأصول، شديدًا في السنة، زاهدًا عارفًا، عابدًا متالهًا، ذا أموال وكرامات" أ. هـ.
• موقف ابن تيمية من الأشاعرة، قال في كلامه عن مسألة (أول واجب على المكلف): "هذه المسألة مبنية على مسألة أخرى، وهي كيفية حصول المعرفة بالله عند الإنسان، حيث وقع الخلاف فيها على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن معرفة الله لا تحصل إلا بالنظر، وهذا قول كثير من المعتزلة والأشاعرة وأتباعهم من أصحاب المذاهب الأربعة وغيرهم.
القول الثاني: أن المعرفة يبتديها الله اختراعًا في قلوب العباد من غير سبب يتقدم، ومن غير نظر ولا بحث، وهذا قول كثير من الصوفية والشيعة، ومعنى هذا القول أن المعرفة بالله نفع ضرورة القول الثالث: أن المعرفة بالله يمكن أن تقع ضرورة، ويمكن أن يقع بالنظر، وهذا قول جماهير طوائف المسلمين.
إذا تبين هذا فالذين قالوا بأن المعرفة لا تحصل إلا بالنظر اختلفوا في أول واجب على المكلف:
1. فقال بعضهم: أول واجب النظر الصحيح المفضي إلى العلم بحدوث العالم.
2. وقالت طائفة: أول واجب القصد إلى النظر الصحيح.
3. وقالت طائفة أخرى: أول واجب الشك.
4. وقالت طائفة رابعة: أول واجب المعرفة بالله.
ويقابل هذه الأقوال من يرى أن أول واجب على المكلف الشهادتان: شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمدًا رسول الله، وإفراد الله بالعبودية.
وهذه المعرفة التي يوجبها الأشاعرة مباشرة أو بوسائلها من النظر أو القصد إلى النظر هي معرفة الله تعالى، أي الإقرار بوجوده تعالى وأنه خالق العالم وأن ما سواه مخلوق محدث.
وشيخ الإسلام يوضح في هذا الباب أمرين مهمين:
أحدهما: أن الخلاف الذي وقع بين الأشاعرة حول أول واجب: هل هو المعرفة أو النظر أو القصد إلى النظر أو الشك -خلاف لفظي-، "فإن النظر واجب الوسيلة، من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
والمعرفة واجبة وجوب المقاصد، فأول واجب وجوب الوسائل هو النظر، وأول واجب وجوب المقاصد هو المعرفة، ومن هؤلاء من يقول: أول واجب هو القصد إلى النظر، وهو أيضًا نزاع لفظي، فإن العمل الإختياري مطلقًا مشروط بالإرادة". فهذا تحليل لحقيقة الخلاف، وأن من قال: إن أول واجب النظر أو القصد، لم يقصد حقيقة ذلك، وإنما قصد أنهما مؤديان إلى المعرفة بالله فوجوبهما لذلك.
أما القول بأن أول واجب هو الشك -وهو قول منسوب إلى أبي هاشم الجبائي المعتزلي، وقد أخذ به الغزالي- كما مر -ونسبه ابن حزم إلى الأشعرية- فيرى شيخ الإسلام أنه مبني على أصلين: "أحدهما: أن أول الواجبات النظر المفضي إلى العلم، والثاني: أن النظر يضاد العلم، فإن الناظر طالب العلم، فلا يكون في حال النظر عالمًا"، أي أنه لو كان غير شاك لما احتاج إلى النظر.
الثاني: أن حكاية الأقوال -في كثير من مسائل العقيدة- إنما يحكيها هؤلاء وينسبوها إلى أئمة أهل السنة بحسب ما يعتقدون هم، لا بحسب المروى حقيقة عن هؤلاء الأئمة، يقول شيخ الإسلام: "ولما كان الكلام في هذه الأبواب المبتدعة مأخوذًا في الأصل عن المعتزلة والجهمية ونحوهم، وفد تكلم هؤلاء في أول الواجباب: هل هو النظر، أو القصد، أو الشك، أو المعرفة؟ . صار كثير من المنتسبين إلى السنة والمخالفين للمعتزلة في جمل أصولهم يوافقونهم على ذلك، ثم الواحد من هؤلاء إذا انتسب إلى إمام من أئمة العلم كمالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد، وصنف كتابًا في هذا الباب يقول فيه: قال أصحابنا، واختلف أصحابنا، فإنما يعني بذلك أصحابه الخائضين في هذا الكلام، وليسوا من هذا الوجه من أصحاب ذلك الإمام؛ فإن أصحابه الذين شاركوه في مذهب ذلك الإمام إنما بينهم وبين أصحابه المشاركين له في ذلك الكلام عموم وخصوص، فقد يكون الرجل من هؤلاء، وبالعكس، وقد يجتمع فيه الوصفان".
ويضرب لذلك مثلًا يقول أبي الفرج المقدسي الحنبلي في كتابه "التبصرة في أصول الدين": "فصل في أول ما أوجب الله على العبد المكلف، وفي ذلك وجهان لأصحابنا: أحدهما: أن أول ما أوجب الله على العبد معرفته، والثاني: أن أول ما أوجب الله على البد النظر والإستدلال المؤديان إلى معرفة الله تعالى".
يقول شيخ الإسلام معلقًا: "قلت فهذا الكلام وأمثاله يقول كثير من أصحاب الأئمة الأربعة، ومعلوم أن الأئمة الأربعة لا قالوا هذا القول، ولا هذا القول، وإنما قال ذلك من أتباعهم من سلك السبيل المتقدمة" أي المبتدعة والتي سبق أن ذكرها شيخ الإسلام من دليل الأعراض وغيره.
والغرض من ذكر هذه الحقيقة هنا -مع أنها لا تختص في هذا الموضع- الإشارة إلى أمرين: أحدهما: أن هذا جزء من منهج شيخ الإسلام ابن تيمية، فهو دائمًا يركز على وجوب الإهتمام بصحة نسبة الأقوال إلى أصحابها، ولما كان البحث هنا في أول مسألة من المسائل التي خالف فيها الأشاعرة مذهب أهل السنة، ناسب ذكر هذه المسألة التي تدل على خطأ منهجي وعلمي يمارسه كثير من أهل الكلام، والأمر الثاني: أن شيخ الإسلام ضرب مثالًا برجل حنبلي، وخطأه فيما نسب إلى أئمة الحنابلة من أقوال حين شمل بتعميمه جميع الحنابلة من كان منهم سائرًا على مذهب السلف ومن كان خائضًا فيما خاض فيه أهل الكلام، وكأن شيخ الإسلام قصد أن هذا الأسلوب إذا كان قد وقع لبعض الحنابلة حين نسبوا إلى بعض أئمتهم ما لم يقولوه فلأن يقع في غيرهم من باب أولى، ومع ذلك فهو يدل على العدل والإنصاف الذي تحلى به شيخ الإسلام في أحكامه وأقواله؛ إذ لم يمنعه ميله إلى الحنابلة ودفاعه عنهم بأنهم أقل الطوائف انحرافًا -وإن كان قد يوجد فيهم من وافق أهل الأهواء- لم يمنعه ذلك من ضرب المثال بخطأ أحد أعلامهم" أ. هـ.
وفاته: سنة (486 هـ) ست وثمانين وأربعمائة.
من مصنفاته: "المبهج"، و "الإيضاح"، و "التبصرة في أصول الدين، وله "الجواهر في تفسير القرآن".






مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید