المنشورات

أبو الحسن الأشعري

المفسر علي بن إسماعيل بن أبي بشر إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بُردة بن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري.
ولد: سنة (260 هـ) ستين ومائتين، وقيل: سنة (270 هـ) سبعين ومائتين.
من مشايخه: أبو علي الجبّائي، وزكريا الساجي، وسهل بن نوح وغيرهم.
من تلامذته: زاهر بن أحمد السَّرَخْسِي، وأبو عبد الله بن مجاهد، وأبو الحسن الطبري وغيرهم.
كلام العلماء فيه:
• تاريخ الإسلام: "المتكلم صاحب التصانيف في الكلام والأصول .. كان معتزليًا ثم تاب من الاعتزال .. وصعد يوم الجمعة كرسيًا بجامع البصرة ونادى بأعلى صوته: من عرفني، ومن لم يعرفني فأنا فلان بن فلان، كنت أقول بخلق القرآن، وأن الله لا يرى بالأبصار وأن أفعال الشر أنا أفعلها، وأنا تائب معتقد الرد على المعتزلة مبين لفضائحهم ... وقال أبو الحسن علي بن محمّد بن يزيد الحلبي: سمعت أبا بكر الصيرفي يقول: كانت المعتزلة قد رفعوا رؤوسهم حتى أظهر الله الأشعري فحجرهم في أقماع السمسم" أ. هـ.
• السير: "العلامة إمام المتكلمين ... كان عجبًا في الذكاء وقوة الفهم، ولما برع في معرفة الاعتزال كرهه وتبرأ منه، وصعد للناس فتاب إلى الله تعالى منه، ثم أخذ يرد على المعتزلة ويهتك عِوَارَهم ... قلت -أي الذهبي- رأيت لأبي الحسن أربعة تواليف في الأصول يذكر فيها قواعد مذهب السلف في الصفات، وقال فيها تمر كما جاءت، ثم قال: وبذلك أقول وبه أدين، ولا تؤول ... ولأبي الحسن ذكاء مفرط وتبحر في العلم، وله أشياء حسنة وتصانيف جمة تقضي له بسعة العلم ... رأيت -أي الذهبي- للأشعري كلمة أعجبتني وهي ثابتة رواها البيهقي، سمعت أبا حازم العَبْدَوي، سمعت زاهر بن أحمد السرخسي يقول: لما قَرُبَ حضور أجل أبي الحسن الأشعري في داري ببغداد، دعاني فأتيته، فقال: اشهد عليَّ أني لا أكفر أحدًا من أهل القبلة، لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد، وإنما هذا كله اختلاف العبارات قلت -أي الذهبي- وبنحو هذا أدين، وكذا كان شيخنا ابن تيمية في أواخر أيامه يقول، أنا لا أكفر أحدًا من الأمة، ويقول: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن) فمن لازم الصلوات بوضوء فهو مسلم" أ. هـ.
• المنتظم: "تشاغل بالكلام، وكان على مذهب المعتزلة زمانًا طويلًا حتى عنَّ له مخالفتهم وأظهر مقالة خبطت عقائد الناس وأوجبت الفتن المتصلة، وكان الناس لا يختلفون في أن هذا المسموع كلام الله وأنه نزل به جبريل على محمّد - صلى الله عليه وسلم - فالأئمة المعتمد عليهم قالوا هو مخلوق، فوافق الأشعري المعتزلة في أن هذا مخلوق، وقال: ليس هذا كلام الله، إنما كلام الله صفة قائمة بذاته، فأنزل ولا هو مما يسمع. وما زال منذ أظهر هذا خائفًا على نفسه لخلافه أهل السنة حتى استجار بدار أبي الحسن التميمي خدرًا من القتل ثم تبع أقوام السلاطين مذهبه فتعصبوا له وكثر أتباعه حتى تركت الشافعية معتقد الشافعي - رضي الله عنه - ودانوا بقول الأشعري" أ. هـ.
• الشذرات: "قلت -أي ابن العماد- ومما بيض به وجوه أهل السنة النبوية وسوّد به رايات أهل الاعتزال والجهمية، فأبان به وجه الحق الأبلج ولصدور أهل الإيمان والفرقان أثلج، مناظرته مع شيخه الجبّائي، التي بها قصم ظهر كل مبتدع ومرائي" أ. هـ.
• طبقات الشافعية للسبكي: "شيخ طريقة أهل السنة والجماعة، وإمام المتكلمين، وناصر سنة سيد المرسلين والذاب عن الدين، والساعي إلى حفظ عقائد المسلمين، سعيًا يبقى أثره إلى يوم يقوم الناس لرب العالمين" أ. هـ.
• قلت: قد بالغ السبكي كثيرًا في أثناء ترجمته لأبي الحسن الأشعري ولا عجب في ذلك فهو أشعري من رأسه حتى أخمص قدميه، وفي نفس الوقت بالغ كثيرًا في التنقص من الإمام الذهبي واتهمه بتعصبه لمذهبه الاعتقادي، ولا أدري من المتعصب هو أم الإمام الذهبي؟ فدونك كتب الإمام الذهبي وكتاب طبقات الشافعية للسبكي؛ لتحكم على ذلك، وعندها ستعلم علم اليقين أن السبكي هو المتعصب الغالي لمذهبه الأشعري.
وأن الإمام الذهبي قد ترجم للأشعري ترجمة وافيه في كتابه "تاريخ الإسلام" لا كما زعم السبكي، وكذلك في كتابه "سير أعلام النبلاء".
قلت: (أبو الحسن الأشعري صاحب العقيدة المشهورة غني عن التعريف فقد أسهبت كتب التراجم -فضلًا عن الكتب التي تناولته بالتفصيل- في التعريف به وبعقيدته ومن هم شيوخه وتلامذته وما هي كتبه ومؤلفاته ولعل المسألة المهمة التي يجب أن نتطرق إليها ونحن نترجم لأبي الحسن الأشعري هي مسألة الأطوار (العقدية) التي مرّ بها الأشعري.
فالشيخ أبو الحسن الأشعري مرّ في حياته بأطوار، منها ما هو متفق عليه بين العلماء والمترجمين له، ومنها ما وقع حوله خلاف، وقد شغل الناس قديمًا وحديثًا في هذا الأمر، ولا شك أن التطور الذي حدث لمذهب الأشعرية - بعد الأشعري - كان من أسباب طرق هذا الموضوع الذي يتصل بمؤسسه ومن ينتسبون إليه؛ وذلك من خلال علاقته ودوره في هذا التطور الذي حدث للمذهب الأشعري، وشيء آخر وهو محاولة الدفاع عن هذا المذهب من خلال بيان سلامة عقيدة من ينتسبون إليه ورجوعه إلى مذهب السلف.
وسيكون الكلام حول هذا الموضوع من خلال ما يلي:
أ- طور الأشعري الأول، المتفق عليه:
لم يشك أحد في أن الأشعري نشأ على مذهب المعتزلة، وأنه أقام على ذلك فترة طويلة من الزمن وليس أدل على ذلك من اعترافه هو حين قال في كتابه "العمد" يعدد مؤلفاته: "وألفنا كتابًا كبيرًا في الصفات عن مسائل أهل الزيغ والشبهات، نقضنا فيه كتابًا كنا ألفناه قديمًا فيها على تصحيح مذهب المعتزلة، لم يؤلف لهم كتاب مثله، ثم أبان الله سبحانه لنا الحق فرجعنا عنه، فنقضناه وأوضحنا بطلانه، وفي هذا النص نلمح للمستوى الذي وصل إليه في مرحلة الاعتزال، وكيف أنه صار يؤلف الكتب على مذهبهم بل أن هذا الكتاب المنقوص يذكر أنه لم يؤلف للمعتزلة مثله.
ب - رجوعه عن الاعتزال وتاريخه وأسبابه:
أعلن الأشعري رجوعه عن الاعتزال، فقد غاب في بيته ثم خرج إلى الناس بعد صلاة الجمعة وأعلن رجوعه عليهم، وأنه يتبرأ من جميع أقواله السابقة وأظهر بعض مؤلفاته الجديدة، والملاحظ أن مترجمي الأشعري يشيرون إلى أن مدة مقدمه في الاعتزال أربعون سنة، فإذا كان الأشعري ولد سنة (260 هـ) والجبائي توفي سنة (303 هـ) ورجوع الأشعري كان قبل وفاة الجبائي لأن الجبائي نفسه ردّ على الأشعري، فالأولى أن يعتبر هذا الكلام تقريبًا وأن المقصود أن رجوع الأشعري كان وهو قريب من الأربعين في عمره، ولذلك عبر المقريزي في خططه (2/ 359) بأن إقامة الأشعري في الاعتزال كانت عدة سنين.
أما عن الأسباب التي دفعت الشيخ أبو الحسن الأشعري إلى الرجوع عن مذهب الاعتزال فمتعددة ونحيلك عزيزي القارئ إلى كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة (1/ 372 - 377) خشية الإطالة.
فقد فصّل مؤلفه الدكتور صالح المحمود حفظه الله ذلك تفصيلًا جيدًا ومهما قيل في أسباب الرجوع فإن أيًا من هذه الأسباب لا يرمي إلى درجة اليقين، إذ لم يرد عن الأشعري بطريق صحيح أو في أحد كتبه المعتمدة السبب المباشر لتحوله ورجوعه، لذلك لا بد من التماس ذلك في أكثر من سبب، علمًا بأن الرجوع إلى الحق ونبذ الباطل إنما هو عودة إلى الهداية الموافقة للفطرة. وهو أمر يقذفه الله في قلب عبده المؤمن فليس الأمر غريبًا أو مخالفًا للمعقول حتى يتلمس له السبب، والله أعلم.
جـ- مذهب الأشعري بعد رجوعه، هل كان طورًا أو طورين، ويمكننا تلخيص الأقوال الواردة في مسألة رجوع الأشعري -رحمه الله- كما يلي:
1. أن الأشعري تحول عن الاعتزال إلى التوسط، أو ما يسمى بمذهب الأشعري، وإن ما رجع إليه هو الحق.
2. أنه رجع إلى مذهب السلف والقول الحق - الذي هو مذهب الإمام أحمد - ولم تختلف أقواله ولا كتبه.
3. أنه رجع إلى مذهب الحق لكنه تابع ابن كلاب وبقيت عليه بقايا اعتزالية.
4. أنه رجع أولًا إلى التوسط ومتابعة ابن كلاب، ثم رجع إلى مذهب السلف رجوعًا كاملًا.
5. أنه رجع أولًا إلى مذهب السلف، ثم انتقل إلى التوسط واستقر عليه.
والراجح من هذه الأقوال هو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية من أن الأشعري وإن كان في "الإبانة" قد قرب كثيرًا من مذهب أهل السنة إلا أنه قد بقيت عليه بقايا من مذهب ابن كلاب، والله أعلم، مختصرًا من "موقف ابن تيمية من الأشاعرة".
وفاته: سنة (324 هـ) أربع وعشرين وثلاثمائة، وقيل (330 هـ) ثلاثين وثلاثمائة، وقيل: سنة نيف وثلاثين وثلاثمائة.
من مصنفاته: "المختزن" في علوم القرآن. قال السبكي: "وهو كتاب عظيم جدًّا بلغ فيه سورة الكهف"، وله كتاب "الإبانة" عامَّتهُ في عقائد أهل السنة وهو مشهور. قاله الذهبي وله كتب كثيرة.





مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید