المنشورات

ابن سيد الناس

اللغوي: محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن سيد الناس الربعي اليعمري الأندلسي الإشبيلي ثم المصري، فتح الدين، أبو الفتح.
ولد: سنة (671 هـ) إحدى وسبعين وستمائة.
من مشايخه: القاضي شمس الدين محمد بن العماد وغيره.
من تلامذته: تقي الدين ابن قاضي شهبة، والصفدي وغيرهما.
كلام العلماء فيه:
• تذكرة الحفاظ: "كان صدوقًا في الحديث حجة فيما ينقله، له بصر نافذ بالفن وخبرة بالرجال وطبقاتهم ومعرفة بالاختلاف" أ. هـ.
• الوافي: "لعل مشيخته يقاربون الألف ... قلت -يعني الصفدي-: صحبته زمانًا طويلًا ودهرًا داهرًا ونمت معه ليالي فكنت أراه في كثير من الأوقات يصلي كل صلاة مرات كثيرة فسألته يومًا عن ذلك فقال إنه خطر لي يومًا أن أصلي كل صلاة مرتين ففعلت ذلك زمانًا ثم خطر لي أن أصلي كل صلاة ثلاث مرات ففعلت ذلك زمانًا وخفّ على ثم خطر لي أن أصلي كل صلاة أربع مرات ففعلت ذلك زمانًا وخف علي فعله وأنسيت هل قال لي خمس مرات أولًا، وكان صحيح القراءة سريعها كأنها السيل إذا انحدر سريع الكتابة كتب ختمة في جمعة وكان يكتب السيرة التي له في عشرين يومًا وهي مجلدان كبيران وكان صحيح العقيدة جيد الذهن يفهم به النكت العقلية ويسارع إليها ولكنه جمد ذهنه لاقتصاره به على النقل .... " أ. هـ.
قلت: في مقدمة كتابه (النفح الشذي في شرح جامع الترمذي) بقلم الدكتور أحمد معبد عبد الكريم .. "ثم إن فضل الله العمري قرر أن الصفدي كان منحرفًا عن شيخه ابن سيد الناس واعتبر ثناءه عليه من الفضل الذي شهدت به الأعداء" أ. هـ.
• البداية والنهاية: "اشتغل بالعلم فبرع وساد أقرانه في علوم شثى من الحديث والفقه والنحو من العربية وعلم السير والتواريخ وغير ذلك من الفنون.
وقد جمع سيرة حسنة في مجلدين، وشرح قطعة حسنة من أول جامع الترمذي ... وغير ذلك، وله الشعر الرائق الفائق، والنثر الموائق ... وله العقيدة السلفية الموضوعة على الآي والأخبار والآثار
والاقتفاء بالآثار النبوية ... ويذكر عنه سوء أدب في أشياء أخر سامحه الله فيها" أ. هـ.
• الدرر: "كان طيب الأخلاق سلمًا صاحب دعابة ولعب صدوقًا في الحديث ... قال البرزالي: كان أحد الأعيان معرفة وإتقانًا وحفظًا للحديث وتفهمًا في علله وأسانيده عالمًا بصحيحه وسقيمه مستحضرًا للسيرة له حظ من العربية حسن التصنيف صحيح العقيدة سريع القراءة جميل الهيئة كثير التواضع طيب المجالسة خفيف الروح ظريفًا كيسًا له الشعر الرائق والنثر الفائق وكان محبًا لطبة الحديث ولم يخلف في مجموعه مثله" أ. هـ.
• طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة: "عليه مآخذ في دينه وهديه والله يصلحه وإيانا" أ. هـ.
• قلت: قال محقق كتاب (النفح الشذي) الدكتور أحمد معبد عبد الكريم (1/ 36): "وصفه البرزالي -وهو معاصره والصفدي- وهو تلميذه الملازم- بأنه كان صحيح العقيدة، وقال ابن كثير: وله العقيدة السلفية الموضوعة على الأي والأخبار والآثار، والإقتفاء بالآثار النبوية".
وقال المحقق وتحت عنوان (الانتقادات الموجهة إليه، والجواب عليها) صفحة (1/ 38): "فالصفدي مع وصفه لشيخه بجودة الذهن، وتوقده، قال: ولكن جمّد ذهنه لافتقاره به على النقل، وقال أيضًا: ولو كان اشتغاله بقدر ذهنه، كان بلغ الغاية القصوى، ولكنه كان فيه لعب، ثم استدرك قائلًا: على أنه ما خلّف مثله، لأنه كان متناسب الفضائل.
وقال أيضًا: ولو كان اشتغاله على قدر ذهنه، لبلغ الغاية القصوى، لكنه كان يتلهى عن ذلك بمعاشرة الكبار.
وقال الذهبي -بعد الثناء عليه-: وعليه مآخذ في دينه، وهديه، والله يصلحه وإيانا.
وقال أيضًا: ولو أكب على العلم كما ينبغي، لشدت إليه الرحال، ولكنه كان يتلهى عن ذلك بمباشرة الكتبة.
وقال ابن كثير -بعد الثناء على عقيدته وخُلقه وعلمه كما تقدم-: ولم يسلم من بعض الانتقاد ... ويذكر عنه سوء أدب، في أشياء أخر، سامحه الله فيها.
وقال الكمال الأدفوي -قرين المؤلف- في كتابه البدر السافر: وخالط أهل السفه وشراب المُدام، فوقع في الملام، ورُشِق بسهام الكلام، والناس مقارن، والقرين يكرم ويهان باعتبار المقارن.
والجواب عن كل ذلك من وجهين:
أولًا: إن الذين ذكروا هذه الأمور، وقد سبقوها أو اتبعوها بذكر محاسن له تكفي في دفع تأثير تلكم الانتقادات في علمه ودينه وخلقه، وكأنهم يشيرون إلى أنه مع رفعة مكانته وشهرته بالعلم والخلق، لم يسلم من بعض الانتقادات التي وجهت إليه وإن كانت غير فادحة في مقابل محاسنه الكثيرة. ويتضح ذلك في مثل قول الصفدي مثلًا؛ فإنه بعد أن قال: (ولكنه كان فيه لعب) استدرك قائلًا على أنه ما خلف مثله، ولأنه كان متناسب الفضائل.
وأيضًا ابن كثير والأدفوي، قد عقبا على انتقادهما السابق بأنه مع ذلك لم يخلف بعده في مجموعه علمًا ومعرفة.
وقال الذهبي بعد وصفه بالدعابة واللعب: إنه كان صدوقًا في الحديث، وإن محاسنه جمة (1).
ثانيًا: وصفه بحمود الذهن، لاقتصاره على النقل، يرده ما سيأتي في دراسة شرحه للترمذي، من أنه جعل من منهجه إبداء آرائه وترجيحاته، وردوده وتعقباته على من سبقه من العلماء، وقد ذكرت هناك أمثلة تؤيد ذلك.
كما رددت في دراسة الكتاب أيضًا على قول الإدفوي قرين المؤلف: إنه قصد أن يتبع شيخه ابن دقيق العيد، فوقف دون ما يريد.
وأما نقد الذهبي له بأنه: كان يتلهى عن الاشتغال بالعلم بمباشرة الكتبة، فيجاب عنه بما ذكره الصفدي: أن الشيخ لما عين في جملة الموقعين بديوان الإنشاء -كما سيأتي- تقديرًا لموهبته في حسن الخط والأسلوب، صعب عليه الاستمرار في المنصب واستعفى منه فأعفي (2).
وكذلك نقد الصفدي له بأنه لم يشتغل بالعلم على قدر ذهنه، لأنه كان فيه لعب، ذكر الصفدي أنه رآه في المنام في سنة 744 هـ أي بعد وفاته بنحو عشر سنوات، وقال له: رأيت الترجمة التي عملتها، وما كنت تحتاج إلى تينك اللفظتين، أو ما هذا معناه. قال الصفدي: ففطنت في النوم لما قال، وكشطتهما، لأنهما لم يكونا من كلامي في حقه (3) أقول: ولم يحدد الصفدي اللفظتين، ولكن ابن حجر حددهما بأنهما قول الصفدي: "كان يتلعب" (4) وعلى ذلك فهما باقيتان في ترجمته لشيخه كما سبق نقلهما بلفظ"كان فيه لعب" (5)، فلعله كشطهما من نسخته ضط، ثم بقيتا في نسخ غيره- وعلى كل فإن إقراره بكشطهما، وبراءته من نسبتهما إلى شيخه ابتداء، يكفي في رجوعه عن ذلك، ثم إن ابن فضل الله العمري قرر أن الصفدي كان منحرفًا عن شيخه ابن سيد الناس، واعتبر ثناءه عليه من الفضل الذي شهدت به الأعداء (6) فإذا لاحظنا هذا كان استبعاد نقده مؤكدًا.
وقول الإدفوي: إن المؤلف خالط أهل السفه والشراب، يعني من الأمراء ونحوهم، وقول الصفدي أيضًا: إنه كان يتلهى عن الاشتغال بالعلم بمعاشرة الكبار، وكذا قول ابن كثير: إنه يذكر عنه سوء أدب في أشياء أخرى، وقول الذهبي: عليه مآخذ في دينه. كل ذلك قد برئ منه ابن سيد الناس، فقد ذكر ابن حجر أن الملك الناصر (يعني محمّد بن قلاوون) رأى جنازة ابن سيد الناس حافلة، فسأل الجلال القزويني في صبيحة ذلك اليوم، فذكر له مقداره، وكان الفخر ناظر الجش يغض من ابن سيد الناس، فقال للناصر: إنه مع ذلك كان يعاشر الأمراء، والوزراء قديمًا، قال: ويسد عندهم، فذكر ذلك الناصر للجلال القزويني، "رئيس قضاة الشافعية"، والتقى الإخنائي رئيس قضاة المالكية، فبرآه من ذلك، وشهدا بعدالته ونزاهته، وعفته (1).
أقول: فهذه شهادة براءة له من قاضين عدليين، مع أمن المجاملة له منهما، لأن هذا كان بعد وفاته.
ومن جهة أخرى فإن الأدفوي قرين المؤلف وشريكه في ملازمة ابن دقيق العيد، فانتقاده للمؤلف من تحامل الأقران، خاصة وأن ابن دقيق العيد كما تقدم كان يؤثر ابن سيد الناس على غيره من تلامذته بما فيهم الأدفوي.
وبهذا تندفع الانتقادات القادحة عن المؤلف جملة وتفصيلًا، والكمال لله وحده" أ. هـ.
وفاته: سنة (734 هـ) أربع وثلاثين وسبعمائة.
من مصنفاته: "عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير"، و "بشرى اللبيب بذكر الحبيب".






مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید