المنشورات

المكّي البَطَّاوري

اللغوي، المقرئ: محمّد بن محمّد بن عليّ بن عبد الرّحمن الشرشالي، أَبو حامد، البطاوري المكي.
ولد: سنة (1274 هـ) أربع وسبعين ومائتين وألف.
من مشايخه: والده، ومحمد بن أحمد الرغاي الرياضي وغيرهما.
من تلامذته: محمّد المدني بن الحسني، والسيد عبد الحفيظ الفاسي وغيرهما.
كلام العلماء فيه:
* الأعلام: "أديب من القضاة له اشتغال بالحديث والتفسير من أهل الرباط في المغرب كان شيخ جماعتها" أ. هـ.
* قلت: ومن كتاب "شخصيات مغربية" ينقل عن بعض الكتب، ونذكر عنه ما نصه: "ففي شرح رائية الشيخ حسن العطار في العربية المسمى (منح الأوطار من نفح العطار): وعلم الشرع هو ما دونه أهل الشرع لبيان ألفاظ القرآن أو السنة النبوية لفظًا وإسنادًا أو لإظهار ما قصد بالقرآن من التفسير والتأويل، أو لإثبات ما يستفاد منهما أعني الأحكام الأصلية الاعتقادية، أو الأحكام الفرعية العملية، أو تعيين ما يتوصل به من الأصول في استنباط تلك الفروع، أو ما دون لمدخليته في استخراج تلك المعاني من الكتاب والسنة أعني الفنون الأدبية هو ما قاله العلامة الحفيد رحمه الله تعالى وهو شامل للمقاصد والوسائل، فالمقاصد كحفظ القرآن والتفسير والحديث والفقه والكلام والتصوف على رأي فيهما".
وقال: "وقالوا في الماء: هو أعز مفقود، وأهون موجود، دخل الشَّعْبيّ على مسلم بن قتيبة فقال له: ما تشتهى يا شعبي؟ قال أعز مفقود، وأهون موجود، فقال: يا غلام: اسقه الماء، ومن معنى أنه أعز مفقود: ما حكى أن بعض الصوفية قال لبعض الملوك: أرأيت لو فقدت جرعة ماء أكنت تشتريها بنصف ملكك؟ قال: نعم، قال: أرأيت لو حبس عنك خروجها أكنت مفتديًا بالنصف الآخر؟ قال: نعم، قال فإنما قيمة ملكك شربة وبولة.
وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيءٍ حَيٍّ} صدق ربنا سبحانه كل شيء من الماء حتى من النار قال سبحانه {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا} وجاء في الواقعة {أَفَرَأَيتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا} فالنار من الشجر والشجر من الماء، تقول العرب: في كل شجر نار، واستمجد المرخ والعفار، أي كثر في هذين النوعين من الشجر لأنهما رخوان كالكلخ عندنا يحك بعضه ببعض فتخرج من بينهما النار بقدرة الله تعالى وفيهما الرطوبة التي هي ضرب من الماء كذا فسره الإمام المهدوي، وفي هذه المسألة أخطأ إبليس لعنه الله بقياسه الفاسد قال الله تعالى حكاية عنه: {قَال أَنَا خَيرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} يعني آدم - عليه السلام - ولم يعلم اللعين أن آدم إن كان نقل من الطين مرة فقد نقل اللعين مرتين، لأن النار من الشجر والشجر من الطين.
قال المترجم: ومما تلقيته من بعض شيوخنا رضي الله عنهم: أن أول ما خلق الله من الأجسام بعد نور نبينا محمّد - صلى الله عليه وسلم - - الهواء وهو ما بين السماء والأرض على ما لابن عربي في الفتوحات قال: وهو أصل الموجودات قال: وبه صلاح العالم، والهواء هو أحد العناصر الأربعة التي هي: النار والهواء والماء والتراب ويجمعهما: (نهمت) والهواء هو أصلها لأنه حار رطب، فإذا غلبت حرارته، وحقيقة الماء هواء غلبت رطوبته بدليل أن الماء إذا غلى على النار وترك عليها يبس ورجع إلى أصله الذي هو الهواء، لأن البخار الصاعد من الماء إلى الجو حال غليانه يصير هواء، والتراب ناشيء عن الماء لأن الماء إذا يبس وجمد صار ترابًا، وأول ما جمد من الماء حجر بمكة ملء الكف منه حيى الله جميع الأرض ولهذا سميت مكة أم القرى".
ومن كتاب (الدروس الحديثية في المجالس الحفيظية): "قال في كلمة (- رضي الله عنه -): جملة دعائية، قال الإمام أَبو حيان في النهر: ورضي الله تعالى عن عبده فعله به ما يفعل الراضي بما يرضى عنه وهو إيصال الخير إليه هدوء الرضى في لغة العرب ضد السخط يقال رضي الشيء وبه وعنه وعليه رضوانًا ويضمان ومرضاة هو قال الطيبي: الرضوان هو الرضى الكثير، ولما كان أعظم الرضى رضي الرحمن خص لفظ الرضوان في القرآن بما كان من الله سبحانه وتعالى قال عَزَّ وَجَلَّ: {إلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللهِ}. وقال: {يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا} قال: {برَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ} وفي مفردات الراغب يقال رضي يرضى فهو مرضى ومرضو أ. هـ. فياء رضي أصلها الواو فلتطرفها إثر كسرة قلبت ياء، قالوا ورضى العبد عن الله أن لا يكره ما يجري به قضاؤه، ورضي الله تعالى عن العبد هو أن يراه مؤتمرًا لأمره، ومنتهيًا عن نهيه. قال: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}، وقال سبحانه {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} رضي الله عنهم في الأزل وسابق علم القدم ويبقى رضاه إلى الأبد لأن رضاه صفته الأزلية، الباقية الأبدية لا تتغير بتغير الحدثان، ولا بالوقت والزمان. ولا بالطاعة والعصيان، وإذا هم في اصطفانيته باقون إلى الأبد لا يسقطون من درجاتهم بالزلات ولا بالبشرية والشهوات، لأن أهل الرضى محروسون برعايته لا تجري عليهم نعوت أهل البعد وصاروا متصفين بوصف رضاه فرضوا عنه كما رضي عنهم كما قال تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} وهذا بعد قذف نور الإنس بقلوبهم بقوله {فَأَنْزَلَ الْسَّكِينَةَ عَلَيهِمْ} فسكنت قلوبهم إليه واطمأنت به لتنزل اليقين هو نقله الإمام العارف بالله سيدي عبد الرحمن الفاسي في حاشية الجلالين، ولذلك "والله أعلم".
قلت: ونقل من بعض أشعاره قال: (ومما قلته في الوجهة الحجازية
وأنشدتها تجاه الحجرة النبوية على مشرفها أفضل الصلاة وأزكى السلام وذلك في عام أربعة وثلاثمائة وألف. من بحر الكامل:
قرب المزار أثار كامن لوعتي ... لما سرت ريح الصبا بمهمة
فالقلب يخفق من سرور تارة ... ويذوب طورًا من عظيم مهابة
يا قسوة القلب العليل بدائه ... كم صرت تجري بي لأعظم حسرة
وأراك يا قلب نهجت مناهجا ... للسوء كم أردت سوأي وأصمت
أوقعتني في معضل أضنى الحشا ... وسلكت بي سبل الغرور بحيلتي
لما ترادفت الوساوس فيك لم ... تبرح تخيل كل سوء ظنت
ونعم لقد ساءت فعالي جملة ... فاعتدت سوء الظن أقبح شيمة
فعن الجميل تكاسلي لما قسا ... قلبي وعيني لا تجود بعبرة
فهلكت لولا أن لي ذخرًا به ... أرجو وآمل أن تقوم حالتي
المصطفى بحر الوفا عين الشفا ... من كل داء في الفؤاد وعلة
يا سيد السادات يا نور الهدى ... وأجل من يرجى لكشف ملمة
يا صفوة الرحمن يا خير الورى ... يا خير مبعوث بأشرف ملة
يا خاتم الرسل الكرام وحائز الر ... تب العظام وأصل كل فضيلة
يممت حضرتك الشريفة قاصدا ... نيل الشفاء بلثم تربة طيبة
إلى آخر التائية البالغة أبياتًا كلها توسل وتضرع وتعلق بجناب الرسول الأعظم".
قال: ومما قلته في المواجهة الشريفة من بحر البسيط:
يا سيدي يا رسول الله يا أملي ... كم لي أرجى أن أضحى مناجيكا
وقد سعدت ونلت ما أؤمله ... لما تمثلت في أعقاب ناديكا
يا حسرتي أن قفلت عن جنابكم ... قاسى قلب وصفرا من أياديكا
حاشا وكلا وأنت الجود أجمعه ... والجود والفضل معنى من معانيكا
وهو يقول: وقلت مستشفعًا بسيد الشهداء عم سيدنا ومولانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيدنا حمزة - رضي الله عنه - وأرضاه وأنشدتها بضريحه الأنور من المتقارب:
3 - فيا زائري طيبة نلتم ... كمال المنا وتمام الوطر
وفزتم بكل هنا وسرور ... وحزتم جمالًا وعزا بهر
هنيئًا مريئًا لنا كلنا ... سعدنا بزورة خير مضر
سعدنا بزورة نور الهدى ... فيا فوزنا بالحبيب الأغر
فهذي الجنان وهذا النعيم ... وهذي الشموس وهذا القمر
وهذا الجلال وهذا الجمال ... وهذا الكمال الذي يعتبر
وهذا البقيع وسكانه ... وهذا قباء وهذا الأثر
وهذا الرسول رسول الإله ... وهذا عتيق وهذا عمر
وهذي جبال مدينته ... ومن بينها أحد قد ظهر
فنعم المحب لخير الورى ... ونعم الحبيب لخير البشر
ونعم الذي قد أقام به ... ونعم الضرِيح به قد زهر
بحمزة عم إمام الورى ... وليث الوغى من كريم نفر
قطب رحى كل مكرمة ... كما قد أتى في صحيح الأثر
يجاب الدعاء بأعتابه ... ونور سنى مجده قد بهر
فيا سيد الشهداء ومن ... به يتوسل أهل البصر
لأنت شفيعي للمصطفى ... وأنت ملاذي ونعم الوزر
وأنت عيادي وأنت غياثي ... وأنت اعتمادي وأنت المفر
عليك من الله رضوانه ... يعم رحابك ذات الغرر
ويروي ثرا الشهدا الأكرمين ... بنشر عبير وعرف عطر
وها أنا لذت بحانبك الـ .. ــعظيم وفضلك فينا اشتهر
وحاشاك أن تطرد الملتجئ ... وأنتم ذوو الجود والمفتخر
فقلبي عليك بزلاته ... وذنبي عظيم وعجزي ظهر
فكن شافعًا في للمصطفى ... ينيلني الأمن من ذا الحذر
ويعطف لي عطفة يتجلى ... بها عن فؤادي كل كدر
ويمنحني السؤل والمرتجى ... ويشفع لي يوم تبدو العبر
ويجعلنا في كفالته ... ومن غاب من أخوتي أو حضر
فهذا سؤالي وأنت الوسيـ ... ـــلة للمصطفى في سنى المقر
عليه صلاة من الله ما ... بدا بارق وتلاه مطر
وما هب ريح الصبا فانثنت ... غصون الرُّبا وفروع الشجر
وآله طرا وأزواجه ... وأصحابه التابعين الأثر
قلت: وما نقلناه آنفًا يشهد لما عليه صاحب الترجمة من السلوك الصوفي الواضح لديه ... والله أعلم.
وفاته: سنة (1355 هـ) خمس وخمسن وثلاثمائة وألف.
من مصنفاته: "هامية الطرب" في شرح لامية العرب، و"شرح مقدمة ابن الجزري" في التجويد، و"شرح الأرجوزة الفائقة المستعذبة الرائقة فيما يحتاج الأتاي إليه ويتوقف شربه وإقامته عليه" في الشاي، وأهل المغرب يسمونه الأتاي طبع في حياته، ثم كان يوصي بإتلافه لاشتماله على شيء من المجون.




مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید