المنشورات

أثير الدين أبو حيان

النحوي، اللغوي، المفسر المقرئ: محمّد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الغرناطي الأندلسي، أثير الدين، الجياني النِّفْزيّ (1).
ولد: سنة (654 هـ) أربع وخمسين وستمائة.
من مشايخه: عبد الوهاب بن الفرات، ومحمد بن الدهان وغيرهما.
من تلامذته: الكمال الأدفوي، وتقي الدين السبكي وغيرهما.
كلام العلماء فيه:
* الوفيات: "برع في علم العربية وصنف فيها التصانيف وشغل الناس مدة طويلة قرأ عليه أكابر أهل العلم وطال عمره وبعد صيته، درَّس في التفسير بالجامع الطولوني" أ. هـ.
* الدرر: "كان له إقبال على أذكياء الطلبة يعظمهم وينوه بقدرهم وكان كثير النظم من الأشعار والموشحات كان ثبتًا فيما ينقله عارفًا باللغة وأما النحو والتصريف فهو الإمام المطلق فيهما خدم هذا الفن أكثر عمره حتى صار لا يذكرهر أحد في أقطار الأرض فيهما غيره وله اليد الطولى في التفسير والحديث وتراجم الناس ومعرفة طبقاتهم خصوصًا المغاربة.
كان آخر من قرأ على أبي الجود فقرأ عليه وحضر مجلس الشيخ شمس الدين الأصبهاني وكان ظاهريًا وانتمى إلى الشافعية. وكان أبو البقاء يقول إنه لم يزل ظاهريًا. قلت -أي ابن حجر- كان أبو حيان يقول محال أن يرجع عن مذهب الظاهر من علق بذهنه.
قال الكمال جعفر: سالمًا في العقيدة من البدع الفلسفية والاعتزال والتجسم وجرى على مذهب الأدب في الميل إلى محاسن الشباب ومال إلى مذهب أهل الظاهر" أ. هـ.
وكان يعظم ابن تيمية ومدحه بقصيدة ثم انحرف عنه وذكره في تفسيره الصغير بكل سوء ونسبه إلى التجسيم فقيل إن سبب ذلك أنه بحث معه في العربية فأساء ابن تيمية على سيبويه فساء ذلك أبا حيان وانحرف عنه وقيل بل وقف على كتاب العرش فاعتقد أنه مجسم" أ. هـ.
* الطالع السعيد: "قالوا: إن أبا حيان كان ظاهريًا حتى في النحو" أ. هـ.
* النجوم: "أنه كان مالكيًا" أ. هـ.
قلت: قال الأدفوي في الطالع السعيد: "وقد انفرد ابن تغري بردي بهذه الدعوى ولم أجد من يقول بها" أ. هـ.

* المقفى: "الإمام الأوحد، الأبرع، العلامة، الحافظ، المبحر في علم القرآن، والحديث والعربية، واللغة والأدب، والتاريخ.
لم يحفظ في النحو كتابًا، وإنما استحضر منه ما لا يحصر بكثرة المطالعة حتى صار إمام النحويين من الإطلاق، وشيخ الأدباء غير مدافع ...
وكان ثبتًا فيما ينقله، محررًا لما يقوله عارفًا باللغة، ضابطًا لألفاظها انفرد في زمانه بالإمامة في علمي النحو والتصريف .... وكان له يد طولى في تفسير القرآن، وفي علم الحديث ومعرفة الشروط، وشروع الفقه، وكان ظاهري المذهب متعصبًا لأبي محمّد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم، مائلًا إلى مذهب الإمام الشافعي معظمًا لتقي الدين أحمد بن تيمية مصوبًا لرأيه" أ. هـ.
* نفح الطيب: "قال ابن مرزوق الخطيب: هو شيخ النحاة بالديار المصرية وشيخ المحدثين بالمدرسة المنصورية، انتهت إليه رياسة التبريز في علم العربية واللغة والحديث، سمعت عليه وقرأت عليه أ. هـ.
وكان خاليًا من الفلسفة والاعتزال والتجسيم، وكان أولًا يعتقد في الشيخ تقي الدين بن تيمية وامتدحه بقصيدة ثم إنه انحرف عنه لمّا وقف على كتاب (العرش) له" أ. هـ.
* ذيل تذكرة الحفاظ: "قال الذهبي: هو الإمام العلامة ذو الفنون حجة العرب عالم الديار المصرية وصاحب التصانيف البديعة، وله عمل جيد في هذا الشأن وكثرة طلب.
قال العلائي: كان علامة كثير النقل والاطلاع جدًّا إلى ما لا يوصف لكنه ظاهري التصرف جامد في البحث وكان لسانه مسترسلًا في الوقيعة في الناس جدًّا إلى آخر عمره لا يتورع عن ذكر أحد سواء كان من أئمة الإسلام المتقدمين أو المتأخرين فالله تعالى يسامحه فإنه لم يقلع عن ذلك إلى آخر وفاته قال: وسمعت منه أشياء من ذلك بشعة" أ. هـ.
قلت: ومن كتاب "أبو حيان النحوي" للدكتورة خديجة الحديثي: حيث قالت تحت عنوان: عقيدته صفحة (75): (ذكرنا أن أبا حيان كان عفًا معروفًا بحسن دينه وعقيدته بعيدًا عن الملذات، وكان في أول أمره مالكيًا ثم ثمذهب بالظاهرية وهو في الأندلس حيث كان هذا المذهب منتشرًا يومذاك وكان يقول: "محال أن يرجع عن مذهب الظاهر من علق بذهنه" ولكنه عندما جاء إلى مصر وجد مذهب الظاهر مهجورًا فيها فتمذهب للشافعي. وقد سئل عن ذلك فقال: "بحسب البلدة" حيث كان المذهب السائد في مصر هو المذهب الشافعي ومن هنا اعتنق هذا المذهب الذي كان الاهتمام به وبتدريسه كبيرًا. وكان أبو حيان يفضل آراء الشافعي وتلاميذه في تفسير القرآن وعرض الخلافات بين المذاهب المختلفة، وقد مدحه بقصيدة مطولة.
ميله إلى الإمام علي:
ومال أبو حيان إلى محبة الإمام علي بن أبي طالب (- رضي الله عنه -)، وكان يقال إنه شيعي، ولكن ردوده عليهم في كتبه تنفي تشيعه، ومن أمثله ذلك قوله في تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَال إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}.
يقول: "وقيل أن آزر عم إبراهيم وليس بأبيه وهو قول الشيعة، يزعمون أن آباء الأنبياء لا يكونون كفارا، وظواهر القرآن ترد عليهم ولا سيما محاورة إبراهيم أبيه في غير ما آية".
نفوره عن الفلسفة:
وكان بعيدا عن الفلسفة والاعتزال والتجسيم والتناسخ حتى إنه تعجب من اشتغال أهل مصر بالفلسفة علنا، يقول: "ولما حللت بديار مصر ورأيت كثيرا من أهلها يشتغلون بجهالات الفلاسفة ظاهرا من غير أن ينكر ذلك أحد تعجبت من ذلك إذ كنا نشأنا في جزيرة الأندلس على التبرؤ من ذلك والإنكار له وأنه إذا بيع كتاب في المنطق إنما يباع خفية، وأنه لا يتجاسر أن ينطق بلفظ المنطق إنما يسمونه: (المفعل) حتى إن صاحبنا وزير الملك ابن الأحمر أبا عبد الله محمد بن عبد الرحمن المعروف بابن الحكيم كتب إلينا كتابًا من الأندلس يسألني أن أشتري أو أستنسخ كتابًا لبعض شيوخنا في المنطق فلم يتجاسر أن ينطق بالمنطق وهو وزير فسماه في كتابه لي بالمفعل".
ولعل هذا يرجع إلى حالة الفلاسفة بالأندلس في عهد أبي حيان وما قبله وما أصابهم من تنكيل، فعندما ظهر ابن رشيد واعتنى بمقالات الفلاسفة وتعظيمهم أغرى به علماء الإسلام بالأندلس حتى أوقع به وضرب وأهين على رؤوس الأشهاد.
وكان أبو حيان يرد على الرازي والزمخشري وغيرهما من علماء المعتزلة (1)، ولا يرى في آرائهم فائدة لأنهم قد ابتعدوا عن ظاهر القرآن وما تنطق به عباراته الواضحة الجلية.
وخلاصة القول إنه كان بعيدا عن الفلسفة والفلاسفة والاعتزال، وإنه كان ينحو منحى أهل السنة والسلف، ومرد ذلك اعتناقه المذهب الظاهري أول الأمر وتمذهبه للشافعي بعد وصوله إلى مصر واشتغاله بالعلم والتفسير" أ. هـ.
وفي صفحة (195) قالت: "نقل أبو حيان آراء الفرق الصوفية والاعتزالية والإمامية وغيرها واحتج بآراء كثير من الفقهاء واعتمد على أقوالهم في تفسير المسائل الفقهية والأحكام الشرعية" أ. هـ.
قلت: هو أشعري العقيدة لا سيما في الصفات. إمام عصره في النحو واللغة والتفسير. وكان يعظم شيخ الإسلام ابن تيمية فلما اجتمع مع شيخ الإسلام وقع بينهما مسألة نقل فيها أبو حيان شيئًا عن سيبويه فقال له ابن تيمية: هل سيبويه في النحو لقد أخطأ سيبويه في ثلاثين أو ثمانين موضعًا من كتابه لا تعرفها أنت ولا هو فغضب أبو حيان وأعرض عن شيخ الإسلام ورماه في تفسيره النهر -وهو مختصر البحر المحيط- بكل سوء. وعندما كان يقول الشعر في مدح شيخ الإسلام أصبح ينظم الشعر للطعن فيه. وفي تفسيره (النهر الماد) نسب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى التجسيم.

ومن قرأ في تفسير أبي حيان (البحر المحيط) وجده أشعريًا في تأويل الصفات، ويجعل عمدته في هذا الباب عند خلاف أئمة الأشاعرة كالرازي والباقلاني وابن عطية وغيرهم، انظر في تأويله وتحريفه لصفة الرحمة (17/ 1)، والإرادة في قوله تعالى: {مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا} (124/ 1)، وصفة الاستهزاء (70/ 1)، وغيرها من الصفات وقد ذكره محمّد بن عبد الرحمن المغراوي في كتابه (المفسرون بين التأويل والإثبات في آيات الصفات) ضمن الأشاعرة من المفسرين (2/ 147). وكان أبو حيان يفخر بالبخل كما يفخر الناس بالكرم، وكان يبكي إذا سمع القرآن ويجري دمعه إذا سمع الأشعار الغزلية.




مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید