المنشورات

السَّنُوسِي

المفسر، المقرئ: محمّد بن يوسف بن عمر بن شعيب السنوسي الحسني من جهة الأم، أبو عبد الله.
ولد: سنة (832 هـ) اثنتين وثلاثين وثمانمائة.
من مشايخه: أبو إسحاق إبراهيم التازي، وأبو الحسن القلصادي الأندلسي وغيرهما.
من تلامذته: الملالي وغيره.
كلام العلماء فيه:
* تعريف الخلف: "فهو في علوم الباطن قطب رحاها وشمس ضحاها، قد غاب بكلامه فيها في غيب الله تعالى، واطّلع على معادن أسراره ومطالع أنواره، يؤثر حب مولاه ويراقبه، لا يأنس بأحد بل يفر كثيرًا إلى الخلوات، يطيل الفكرة في معرفته فانكشفت له عجائب الأسرار، وتجلّت له الأبصار، فصار من وارثي الأنبياء جامعًا بين الحقيقة والشريعة على أكمل وجه، له لطائف الأحوال وصالح الأقوال والأفعال، باطنه حقائق التوحيد، وظاهره زهد وتجريد، وكلامه هداية لكل مريد، كثير الخوف طويل الحزن، يسمع لصدره أنين من شدة خوفه، مستغرقًا في الذكر فلا يشعر بمن معه، مع تواضع وحسن خلق ورقة قلب، رحيمًا متبسمًا في وجه من لقيه، مع إقبال وحسن كلام" أ. هـ.
* فهرس الفهارس: "وله (ثبت صغير) ذكر فيه إسناده حديث الأولية وحديث الضيافة على الأسودين والمصافحة والمشابكة، ولبس الخرقة ومناولة السبحة وتلقين الذكر على طريق شيخه أبي إسحاق إبراهيم التازي وهو عندي منه نسخة" أ. هـ.
* قال إسعيد عليوان في رسالته التي قدمها لنيل شهادة الدكتوراه في دراسته وتحقيقه لشرح مختصر محمد بن يوسف السنوسي في المنطق لسنة (86 - 1987 م) ما نصه:
"السنوسي يعد من المفكرين الجزائريين القلائل الذين تركوا لنا مؤلفات في المنطق واهتمامه به راجع إلى تأثره بكل من ابن تومرت (ت: 524 هـ) الذي شرح مرشدته في العقيده، وشيخه الغزالي (ت: 505 هـ) وذلك لأن المفكرين في المغرب كانوا ينفرون من المنطق قبل دخول ابن تومرت إليها، وإتيانه بمنهج شيخه الغزالي والأشاعرة عمومًا في التأويل والمنهج العقلي".
وقال: "والسنوسي ظلم كثيرًا ممن أتى بعده، فعده بعضهم درويشًا وعدّه بعضهم متعصبًا جامدًا".
وقال من خلال كلامه على الحياة الثقافية في وقت السنوسي: "أما علم الكلام فقد سيطرت فيه الأشعرية على عقول الناس وقد أدخلها الموحدون وحطموا بها ما كان عند المرابطين من تصورات حشوية أو تجسيمية فدعو إلى تأويل القرآن حسب روح الأشعرية في معانيها العامة، والسنوسي من الذين تأثروا بهذه النزعة كما هو واضح في عقائده".
وقال في ذكر عقيدة التوحيد لديه: "وقد كثرت كتبه فيه -أي التوحيد- وتنوعت .. من الكبرى إلى الصغرى إلى غيرها وهو في أساسها تلخيص لعقيدة الأشعري".
وكان ذلك لأسباب ذكرها صاحب الرسالة، ومن أهمها: "تمكين بعض الناس عن الفهم الصحيح للعقائد والرد على الشبهات التي يبثها النصارى واليهود، ودرء أباطيل المنحرفين من الصوفية .. ".
ثم ذكر صاحب الرسالة التي كتب منها:
1 - العقيدة الكبرى: وقد سماها (عقيدة أهل التوحيد المخرجة بعون الله من ظلمات الجهل وربعة التقليد، المرغمة بفضل الله تعالى أنف كل مبتدع وعنيد) .. وقد تعرض فيه السنوسي لأهم عقائد الأشعري كإثبات وجه الله وما يجب له من الصفات وما يجوز وما يستحيل وبراهين ذلك ..
2 - شرح العقيدة الكبرى: وقد سماها (عمدة أهل التوفيق والتسديد في شرح عقيدة أهل التوحيد) وهو شرح مفصل للكتاب السابق.
وبعدما ذكر له الكتب الأخرى التي ألفها في العقائد كالعقيدة الصغرى المسماة (أم البراهين)، والعقيدة الوسطى وشرحها وغيرها.
وكلها في تبيين وشرح عقائد الأشعرية واستخدامها في بيان الحجة على أهل النزاع من الفرق والمذاهب والأديان الأخرى في وقته. وله أيضًا -ذكرها صاحب الرسالة- كتاب (شرح أسماء الله الحسنى) وقصيدة له في العقيدة سميت بـ (الدهرية) يرد فيها على مذهب الدهرية والزنادقة والملاحدة بأدلة علمية وغيرها، وله تفسير أيضًا فسر القرآن الكريم كله في مسجده. وقال عنه صاحب الرسالة: "والسنوسي متأثر في تفسيره بعلم الكلام مما جعله مطبوعًا بطابع عقائدي .. ، وقد تأثر كذلك بالزمخشري مع أنه معتزلي مما يدل على عدم تعصبه وأخذه الحق أي وجد".
ثم قال: "أما ما سجله من نفسيره للقرآن فهو ما يأتي: تفسير سورة الفاتحة: وهو تفسير طويل نسبيًا ... وهو تفسير عقائدي ولغوي ناقش فيه الفرق الإسلامية، وهو يحلل ويعلل ويستنتج ويستشهد ويأتي بإشارات صوفية تدل على قوة إيمانه وشدة تعلقه بربه، وهو بذلك بعيد عن شطحات الصوفية وخرافاتهم .. ".
ثم ذكر له تفاسير أخرى في تفسيره لبعض السور، أو اختصار حواشي على بعض التفاسير.
ثم ذكر إسعيد عليوان تصوفه وطريقة أخذه لها حيث جعلها على عدة نقاط هي: 
1. لباسه الخرقة الشريفة: وقد حدثه عن شيخه الذي ألبسها له بالحرم الشريف وأخبره بسند اللبس ..
2. الضيافة على التمر والماء، وذلك أن الشيخ التارزى أضافه تمرًا وماء وأخبره بسند الضيافة على التمر والماء ..
3. المصافحة: وقد صافح إبراهيم التازي السنوسي ..
4. المشابكة: وشابكه قائلًا له: شابكني فمن شابكني دخل الجنة، وقد ذكر الملالي سند هذه المشابكة ..
5. السبحة: فأمره بالسبحة وبين له أنها من صفات الشيوخ الأولياء، وقد أورد لمريده السنوسي سند الذين رؤيت في أيديهم ..
6. تلقين الذكر: وقد لقنه الذكر وبين له سند ذلك ..
7. تلقين حديث الرحمة .. "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" (1).
ثم ذكر صاحب الرسالة مفهوم التصوف عند السنوسي في اللباس والخلوة واتخاذ شيخ واسطة وموقفه من العقل والذوي وموقفه من الكرامات والمكاشفات، ثم ذكر أربعة شروط في تقرير السنوسي لمعنى الولي وهي:
1. أن يكون عارفًا بأصول الدين حتى يفرق بين الخلق والخالق وبين النبي ومدعي النبوة.

2. أن يكون عالمًا بأحكام الشريعة نقلًا وفهمًا ...
3. التخلق بالخلق المحمود الذي يدل عليه الشرع والعقل.
4. ملازمة الخوف له أبدًا سرمدًا.
ويذكر صاحب الرسالة لكل منها بعض الشرح الذي كان يؤكد عليه السنوسي لكل منها ثم قال إسعيد عليوان: "وتلميذه الملالي يقرر أن هذه الشروط الأربعة متوفرة فيه وزيادة -حيث يقول-: ولا خفاء أن الشيخ قد خصّه الباري سبحانه بهذه الشروط الأربعة وزائد عليها زيادة لا يمكن وصفها، ومنحه سبحانه معارف ربانية، وعلوم لدنية، وأنوار إلهية .. ".
ثم يذكر لباسه والخلوة التي اختلف مفهومها عند المتصوفة وما ذكر الملالي تلميذه حيث يقول: "والسنوسي كان يحب العزلة بحيث يتمنى في بعض الأحيان أن لا يرى أحدًا ولا يراه أحد .. ".
وفي اتخاذ الشيخ واسطة لتلقين الإسلام حيث يقول صاحب الرسالة: "والسنوسي لا يقر بهذا -أي التلقين- بل ينتقد هؤلاء في ذلك، ويرى أن كثيرًا من المتصوفة إذا لاح لهم شيء من روائح المعرفة اغتروا بذلك وعلى العارف أن يحكم العقل أولًا، فإذا حكم العقل ونظر واهتدى بالبرهان القطعي إلى صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعرف شرف رتبته عند الله قدمه وعزل نفسه عن كل نظر وأسلم نفسه إلى الرسول وحكمه في ظاهره وباطنه" هذا ما أورده تلميذه الملالي عنه كما أورده صاحب الرسالة وأوردته ملخصًا.
قلت: إليك بعض النصوص التي تدل على عقيدته من كتابه (عمدة أهل التوفيق والتسديد في شرح عقيدة أهل التوحيد الكبرى).
طبعة مصر سنة (1316 هـ في مطابع جريدة الإسلام: حيث قال في صفحة (12): "وأما القسم الثاني وهو الاعتقاد فينقسم قسمين مطابق لما في نفس الأمر ويسمى الاعتقاد الصحيح كاعتقاد عامة المؤمنين المقلدين وغير مطابق ويسمى الاعتقاد الفاسد المركب كاعتقاد الكافرين أجمعوا على كفر صاحبه وأنه آثم غير معذور مخلد في النار اجتهد أو قلد ولا يعتد بخلاف من خالف في ذلك من المبتدعة واختلفوا في الاعتقاد الصحيح الذي حصل بمحض التقليد فالذي عليه الجمهور والمحققون من أهل السنة كالشيخ الأشعري والأستاذ والقاضي وإمام الحرمين وغيرهم من الأئمة أنه لا يصح الاكتفاء به في العقائد الدينية وهو الحق الذي لا شك فيه وقد حكى غير واحد الإجماع عليه وكأنه لم يعتد بخلاف الحشوية وبعض أهل الظاهر إما لظهور فساده وعدم مثانة علم صاحبه أو لانعقاد إجماع السلف قبله على ضده".
وفي صفحة (124) قال: "اختلف الناس في أخص وصف الباري جل وعلا فقال قوم من المعتزلة إنه القدم وقد سبق رده ومنهم من زعم أنه حال توجب له تعالى كونه حيًّا عالمًا قادرًا مريدًا ولا إفصاح في هذه المقالة عن هذه الصفة ونقل الشيخ أن خاصية الإله القدرة على الاختراع واختاره الفخر في بعض كتبه واحتج له بأن موسى صلوات الله وسلامه على نبينا وعليه أجاب فرعون لما سأله عن حقيقة رب العالمين قال له رب السماوات والأرض وما بينهما فلولا أن ذلك خاصية الإله لما كان الجواب لائقًا قال ابن التلمساني ولا حجة له في ذلك فإنما كما يسأل بها ويراد بالسؤال فهم الحقيقة كذلك قد تطلق لطلب تمييز الحقيقة وما ذكره موسى عليه السلام يصلح لتمييزه تعالى عن سائر الممكنات وأما قول الشيخ أن تلك خاصية الإله لعله أراد أن هذا الوصف لا يثبت لغير الله تعالى ردًّا على المعتزلة إذ تزعم أن العبد يشارك الله تعالى في ذلك باعتبار أنه يوجد أفعاله عندهم ولم يرد أنه أخص وصف ذاته فإن القدرة على الاختراع عنده من صفات المعاني التي يستدعي الاتصاف بها تقرر الذات بدونها في العقل فلا تكون أخص وصف الذات وإلا لدار ذلك والله أعلم.
قلت: وإذا تبين لك أن أخص وصف الباري جل وعلا مجهول عرفت أن ذاته غير معروفة للبشر وهو الأصح من القولين وإليه ذهب القاضي وإمام الحرمين وحجة الإسلام والإمام الفخر في أكثر كتبه".
وقال في صفحة (130): " (ص) فصل ثم نقول يتعين أن تكون هذه الصفات كلها قديمة إذ لو كان شيء منها حادثًا للزم أن لا يعرى عنه أو عن الإتصاف بضده الحادث ودليل حدوثه طريان عدمه لما علمت من استحالة عدم القديم وما لا يتحقق ذاته بدون حادث يلزم حدوثه ضرورة وقد تقدم مثل ذلك في الاستدلال على حدوث العالم.
(ش) (1) [لما فرغ من إقامة البرهان على ثبوت الصفات شرع في إثبات أحكام واجبة لها فمن ذلك القدم ودليل وجوبه لكل ما يتصف به تعالى أنه لو كان شيء من صفاته جل وعلا حادثًا للزم حدوثه والتالي باطل لما عرفت من وجوب قدمه تعالى فالمقدم مثله وبيان الملازمة ما أشرنا إليه في أصل العقيدة من أنه لو كان شيء من صفاته تعالى حادثًا للزم أن لا يعرى عنه أو عن ضده الحادث لما عرفت فيما مضى وسنعيد أيضًا برهانه فيما بعد من أن القابل للشيء لا يخلو عنه أو عن ضده وما لا يعرى عن الحوادث لا يسبقها وما لا يسبقها كان حادثًا مثلها وهو معنى قولي وما لا تتحقق ذاته بدون حادث يلزم حدوثه ضرورة أي ما لا يمكن مفارقة ذاته للحوادث يلزم حدوثه ضرورة إذ لو كان هو قديمًا ووصفه الملازم له حادثًا لكان مفارقًا لوصفه اللازم كيف وقد تحقق أنه لا يفارقه وأما قولي ودليل حدوثه طريان عدمه فهو جواب عن سؤال مستشعر من قولي للزم أن يعرى عنه أو عن الاتصاف بضده الحادث وتقريره أن يقال لا نسلم أنه لو كان شيء من صفاته تعالى حادثًا للزم حدوثه قولكم لأنه لا يعرى عنه، أو عن ضده الحادث تمنع أن ضده حادث بل يجوز أن يكون قديمًا فحينئذ إنما يلزم أن لا يعرى عن ذلك الحادث أو عن ضده القديم وذلك لا يستلزم حدوثه لأنه لم يلزم أن ذاك من قدمه تعالى وحدوث بعض صفاته عروه عن جميع أوصافه لفرض القدم في بعضها وهو أضداد تلك الأوصاف الحادثة وجوابه أنه يلزم من تقدير الحدوث لصفة من صفاته أن يكون ضدها حادثًا ويستحيل أن يكون قديمًا وذلك لأنه لو كان قديمًا لما طرأ عدمه لما عرفت من استحالة عدم القديم فإذا لا يمكن الاتصاف بصفة حادثة إلا وضدها أو مثلها اللذان سبق الاتصاف بهما ثم طرا عدمهما حادثان ضرورة لأن ما ثبت قدمه استحال عدمه هذا معنى قولي ودليل حدوثه أي حدوث ضد الوصف الحادث طريان عدمه يعني بدليل الاتصاف بهذا الوصف الحادث إذ يستحيل أن يتصف به مع بقاء ضده الذي اتصف به قبل وإلا اجتمع الضدان وقوله لما علمت من استحالة عدم القديم بيان لكون طريان العلم على الضد دليلًا على وجوب حدوثه واستحالة قدمه وقوله وقد تقدم مثل ذلك في الاستدلال على حدوث العالم يعني تقدم له الدليل الثاني لحدوث العالم حيث استدل على حدوثه بحدوث صفاته أي فلو كان شيء من صفاته تعالى حادثًا لدل على حدوثه كما دل حدوث صفاته أي فلو كان شيء من صفاته تعالى حادثًا لدل على حدوثه كما ما دل حدوث صفات العالم على حدوثه إذ وجه الدلالة واحد والدليل يجب طرده فيستحيل أن يوجد في موضع ولا يدل على مدلوله".
وفي صفحة (173) قال:
(ص). ويصح إثبات هذا العقد وهو الوحدانية بالدليل السمعي ومنعه بعض المحققين، وهو رأيي لأن ثبوت الصانع لا يتحقق بدونها ولا أثر للدليل السمعي في ثبوت الصانع فكذا ما يتوقف عليه والله أعلم.
(ش) اعلم أن عقود التوحيد على ثلاثة أقسام الأول ما لا يصح الاستدلال عليه إلا بالدليل العقلي القطعي وهو كل ما يتوقف ثبوت المعجزة عليه، وذلك كوجوده تعالى وقدمه وبقائه وعلمه وقدرته وحياته وإراداته، إذ لو استدل بالسمعي على هذه الأمور للزم الدور. الثاني ما لا يصح الاستدلال عليه إلا بالسمعي وهو كل ما يرجع إلى وقوع جائز كالبعث وسؤال الملكين في القبر والصراط والميزان والثواب والعقاب والجنة والنار ورؤيته تعالى وغير ذلك مما لا يحصى كثرة لأن غاية ما يدرك العقل وحده من هذه الأمور جوازها أما وقوعها فلا طريق له إلا السمع الثالث ما يصح الاستدلال عليه بالأمرين أعني السمع والعقل بحيث يستقل كل واحد منهما بالدلالة عليه وهو ما ليس بوقوع جائز ولا يتوقف ثبوت المعجزة عليه وذلك كإثبات سمعه تعالى وبصره وكلامه وكجواز تلك الأمور التي أخبر الشرع بوقوعها وقد اختلف في معرفة الوحدانية فقيل هي من هذا القسم الثالث فيصح الاستناد فيها إلى كل واحد من العقل والسمع بمعنى أن كل منهما على الانفراد يخرج من وصف التقليد وقيل بل هي من القسم الأول الذي لا يصح الاستدلال عليه إلا بالعقل والحاصل أنه لا خلاف في صحة الاستناد إلى النقل وحده في عقد الوحدانية واختلف في صحة الاستناد فيها إلى السمع وحده فقيل نعم، وقيل لا والأول رأي الإمامين إمام الحرمين والإمام الفخر والثاني رأي بعض المحققين وإليه ميل شرف الدين بن التلمساني، وهو الذي اخترت في هذه العقيدة لما سنذكره. قال في المعالم: اعلم أن العلم بصحة النبوة لا يتوقف على العلم بكون الإله واحدًا فلا جرم أمكن إثبات الوحدانية بالدلائل السمعية وإذا ثبت هذا فنقول أن الكتب الإلهية أطبقت على التوحيد فوجب أن يكون التوحيد حقًّا قال ابن التلمساني يعني بالتوحيد اعتقاد الوحدة لله تعالى والإقرار بها".
* الأصول التي بنى عليها المبتدعة مذهبهم في الصفات: "السنوسي الذي زعم أن الكتاب والسنة لا يحتج بما فيهما إلا إذا اعتبره العقل، ولم يرفضه، فقال: "وأما من زعم أن الطريق بدءًا إلى معرفة الحق: الكتاب والسنة، ويحرم ما سواهما، فالردّ عليه: أن حجيتهما لا تُعرف إلا بالنظر العقلي. وأيضًا: قد وقعت فيهما ظواهر من اعتقدها على ظاهرها: فقد كفر عند جماعة وابتدع".
فالوصول إلى الحقّ لا يمكن عن طريق الكتاب والسنة -عند السنوسي- ما لم يوافق عقله وعقل أمثاله على ما جاء فيهما.
والعقل البشري قاصر، قد يردّ كثيرًا من النصوص بوهم التشيه، أو غيره.
وهذا ما فعله السنوسي حين ردّ كثيرًا من نصوص الكتاب والسنة، مدعيًا أنها ظواهر، وذكر أن من اعتقدها يكفر -في قول البعض- على وجه التقرير منه لهذا القول.
وهذا كله رجع صدى لقانون الرازي وأقوال أسلافه وخلوفه -قبل السنوسي- لم يخرج عنها السنوسي قيد شعرة؛ فهم يقولون: إذا تعارض ما يسمى بالقواطع العقلية -عندهم- مع الدلالة النقلية؛ فهم بين أمرين باطلين؛ إما أن يكذبوا النقل، أو يصرفوه عن ظاهره المراد -وهو التحريف المذموم" أ. هـ.
من أقواله: تعريف الخلف: "سأله بعض أصحابه ممن يبحث عن أحواله لأي شيء يتلوّن وجهُك وتتغير كثيرًا مع الانقباض، فأجابه بعد تمنع بشرط أن لا يخبر أحدًا فقال: نعم، فقال الشيخ: أطلعني الله تعالى على رؤية جهنم وما فيها، نعوذ بالله منها، فمن حينئذ صرت أتغيّر وأحزن إلى الآن، فهذا سبب تغيُّري، ورأيت مقيدًا موضع آخر من كراماته أن رجلًا اشترى لحمًا من السوق فسمع الإقامة في المسجد فدخل واللحم في قبه، فخاف من طرحه فوات ركعة، فكبر كذلك، فلما سلّم ذهب لداره فطبخ اللحم فبقي إلى العشاء، فأرادوا طرحه فإذا هو بدمه لم يتغير، فقالوا: لعله لحم شارف فباتوا يوقدون عليه إلى الصبح فلم يتغير عن حاله حين وضعوه في القدر، فتذكر الرجل فذهب إلى الشيخ فأعلمه فقال له: يا بني أرجو الله أن كل من صلّى ورائي أن لا تعدو عليه النار، ولعل هذا اللحم من ذلك، ولكن اكتم ذلك أ. هـ. وسمعتُ أيضًا أنه كان في صغره إذا مرّ مع الصبيان على الإمام ابن مرزوق الحفيد وضع يده على رأسه ويقول: نقرة خالصة" أ. هـ.
وفاته: سنة (895 هـ) خمس وتسعين وثمانمائة.
من مصنفاته: "تفسير سورة ص وما بعدها من السور"، و"شرح الآجرومية" نحو، و"المقدمات" في التوحيد، و"مختصر في القراءات السبع" وغير ذلك.






مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید