المنشورات

الفرّاء

النحوي، اللغوي، المفسر: يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الأسدي، مولاهم الكوفي، أبو زكريا الفراء (1)، ذو التصانيف، صاحب الكسائي.
من مشايخه: أبو بكر بن عياش، وأبو الأحوص، وعلي بن حمزة الكسائي وغيرهم.
من تلامذته: سلمة بن عاصم، ومحمد بن الجهم السِمّري وغيرهما.
كلام العلماء فيه:
* تاريخ بغداد "قال ابن الأنباري: لو لم يكن لأهل بغداد والكوفة من النحاة إلا الكسائي والفرّاء لكفى، وقال بعضهم: الفرّاء أمير المؤمنين في النحو.

قال ثعلب: لولا الفراء لما كانت عربية ولسقطت لأنه خلَّصها، ولأنها كانت تتنازع ويدعيها كل أحد. كان ثقة إمامًا" أ. هـ.
* الفهرست لابن النديم: "كان الفراء يتفلسف في تأليفاته وتصنيفاته حتى يسلك في ألفاظه كلام الفلاسفة" أ. هـ.
* إنباه الرواة: "قال أبو عبد الله محمّد بن عمران في كتابه (المقتبس): كان الفراء يميل إلى الاعتزال" أ. هـ.
* مجموع الفتاوى لابن تيمية: "كان أحمد بن حنبل ينكر على الفراء وأمثاله ما ينكره، ويقول: كنت أحسب الفراء رجلًا صالحًا حتى رأيت كتابه في معاني القرآن" أ. هـ.
* السير: "قال سلمة: إني لأعجب من الفرّاء كيف يعظم الكسائي وهو أعلم بالنحو منه. ولقب بالفراء لأنه كان يفري الكلام" أ. هـ.
* البداية: "شيخ النحاة واللغويين والقراء، كان يميل له أمير المؤمنين في النحو.
ذكر أن المأمون أمره بوضع كتاب في النحو فأملاه وكتبه الناس عنه، وأمر المأمون بكتبه في الخزائن" أ. هـ.
* تهذيب التهذيب: "ذكره ابن حبان في الثقات .. علق عنه البخاري في موضعين في تفسير الحديد والعصر ولم يذكره المزي" أ. هـ.
* تقريب التهذيب: "صدوق" أ. هـ.
* بغية الوعاة: "كان يحب الكلام ويميل إلى الاعتزال، وكان فيه عُجْب، وكان زائد العصبية على سيبويه، وكان يتفلسف في تصانيفه ويسلك ألفاظ الفلاسفة" أ. هـ.
* قلت: في كتاب (معاني القرآن) للفرّاء إعداد ودراسة الدكتور إبراهيم الدسوقي إشراف ومراجعة الدكتور عبد الصبور شاهين.
حيث قال تحت عنوان: الفراء ومذاهب عصره:
"وكان عصر الفراء ثريًا هائجًا بالتيارات المذهبية والعقائدية المختلفة. فكان هناك الاعتزال، والتشيع، والسلفية، والأشاعرة، والفراء بين كل هذه المذاهب، يقف مميزًا بموافقة المعتدلة، التي تأخذ من كل مذهب أحسنه، وتترك أو تحاول أن تنقذ زلاته، وينطلق هذا من عقلية متفتحة واعية، تستند إلى ثقافة واسعة، وتَشَبُّعٍ كامل من مناهل الثقافة في ذلك العصر.
فظهور المعتزلة كفرقة منظمة كان في حدود المائة الأولى من الهجرة على يد أبي حذيفة واصل بن عطاء، الذي انتحل مذهب معبد الجهني، وغيلان الدمشقي، وأبي علي الهواري، والذين انقسموا بدورهم إلى عدة فرق اختلفت في كثير من المسائل الثانوية، كالهذيلية التي تزعمها أبو هذيل العلاف المتوفى سنة (235 هـ)، والبشْرِيَّة التي تزعمها بشر بن المعتمر المتوفى (201 هـ)، والجاحظية التي تُنْسَب إلى الجاحظ المتوفى سنة (255 هـ) والنِّظَّامِيَّة التي تنسب إلى النَّظَّام.
وكما نعلم أن المعتزلة كانوا في بادئ الأمر يوجهون نشاطهم الجدلي إلى مخالفي الإسلام الذين كانوا يحاولون النيل منه، ولكن هذا النشاط اتجه بعد ذلك إلى السنة، وأصحاب الأثر.
وقد أثار المعتزلة كثيرًا من القضايا مثل: القول بالعدل، فالله تعالى عادل لا يظلم الناس شيئًا، ومن ثم فلهم حرية الإرادة والاختيار، فلم يقيدهم بقضاءٍ وقَدَرٍ سابق، بل جعلهم أحرارًا يختارون ما يشاءون، ليكونوا محلًا للثواب والعقاب. وإلا فكيف يتأتّى من الله العادل أن يعاقب شخصًا على ذنب قد فُرِضَ عليه من قبل، وقيده به في كتاب.
والقضية الثانية التي أثارها المعتزلة هي: قضية التشبيه، ويرى المعتزلة ضرورة نفي التشبيه عن الله سبحانه وتعالى، وتأويل كل ما ورد من الآيات التي تشير إلى التشبيه من قريب أو بعيد، في مثل قوله تعالى {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيهِ} فالله لا يشبه المخلوقين في الشعور بالهين والأهون، وقوله: {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} وقوله: {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} وغير ذلك مما يُشَبِّهُ الله بالمخلوقين في الهيئة والتصرفات.
وكان الفراء على صلة وثيقة بأنصار هذا المذهب كثمامة بن الأشرس والجاحظ، والأخفش المعتزلي، والخليفة المأمون، ذلك الذي كان أكبر نصير للمعتزلة، وعلى يده ذاق العذاب كثير من العلماء الذين أنكروا القول بخلق القرآن بإيعاز من القاضي أحمد بن دؤاد، وإن كان ثمامة بن الأشرس هو الذي أغواه أولًا، ودعاه إلى الاعتزال.
ومن ثم تأثر بفكرهم، ولكنه تأثر الواعي الذي لا يأخذ الأمور على علاتها، بل يمحص، ويبحث ويأخذ منها ما يوافق العقل، ولا يتنافى مع الشرع، فكان يدافع عن الاختيار عند الإنسان، ويرى أنه حر في اختيار أفعاله، وبذلك يكون الحساب يوم القيامة، فليس الله بظلام للعبيد. وكان حينما يتعرض لآية من الآيات المخالفة لحرية الإرادة يتأولها كما يتأولها المعتزلة، حين يتشددون في وجوب تأويل معنى الهداية والإضلال، حيث قالوا في الهداية: إنها على معنى الإرشاد وإبانة الحق، وليس له تعالى من هداية القلوب شيء، وقالوا في الإضلال: إنه بمعنى الإخبار بأنه ضال، أو على معنى جازاه على ضلالته، إلى غير ذلك من التأويلات التي يقتضيها المقام.
وكذلك في مسألة التشبيه، فتراه يذهب أيضًا إلى التأويل، تنزيهًا لله سبحانه وتعالى عن التشبيه بالخلق في الطعام والرزق وأعضاء الجسم وغيرها.
وكان الفراء أيضًا على صلة وثيقة بأهل السنة في ذلك العصر، فهو ينزع منازعهم، وينكر تفسير القرآن بالرأى كما فعل أبو عبيدة في كتابه (مجاز القرآن). ويولي الإجماع -أي إجماع الصحابة- كثيرًا من الإهتمام كمصدر من مصادر التشريع، على حين أنكره كثير من المعتزلة، وعلى رأسهم النظام، ويهتم بالرواية في تفسير المعاني ويحتج بالحديث الشريف، ويعتنق مبدأ الإعجاز اللغوي في القرآن، ويدافع عنه دفاعًا حارًا ضد نزعة فكرية من المعتزلة الذين يرون أن إعجاز القرآن في معانيه وإخباره بالمغيبات.
وكانت للفراء أيضًا صلات وثيقة بالشيعة أسهمت في خلقها ظروف نشأته بالكوفة، وهي بالعراق أهم موطن للشيعة من قديم، وفيها جامع معروف "بمشهد عليّ" وولده الحسين عليهما السلام، وإليه يحج الشيعة. فليس غريبًا يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} طلوع الشمس من مغربها وقوله: {وَلَو اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ} يقال إن الحق هو الله: ويقال: إنه التنزيل، لو نزل بما يريدون أ. هـ. هذه بعض المواضع التي يمكن من خلالها المعرفة على نفسه الفلسفي أو المتأول لها .. والله أعلم.
من أقواله: الشذرات: "قال الفراء: أموت وفي نفسي من حتى شيء لأنها تجلب الحركات الثلاث".
وفي المنتظم: "قال له محمّد (ابن الحسن الفقيه) ابن خالة الفراء: يا أبا زكريا فأنت الآن قد أمعنت النظر في العربية فنسألك عن باب من الفقه؟ قال: هات على بركة الله. قال: ما تقول في رجل صلى وسهى فسجد سجدتي السهو فسهى فيهما؟ ففكر الفراء ساعة، ثم قال: لا شيء عليه. قال له محمد، ولم؟ قال: لأن التصغير عندنا لا تصغير له، وإنما السجدتان إتمام الصلاة فليس للتمام تمام. فقال محمد: ما ظننت أن آدميًا يلد مثلك".
وفي إنباه الرواة: "عن الفراء قال كنت أنا وبشر المرّيسي في بيت واحد عشرين سنة ما تعلم مني شيئًا ولا تعلمت منه شيئًا".
وفاته: سنة (207 هـ) سبع ومائتين.
من مصنفاته: "معاني القرآن" مطبوع مشهور، و "البهي" وغير ذلك.





مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید