المنشورات

الصّحابي

[في الانكليزية] Follower of the Prophet
[ في الفرنسية] Compagnon du Prophete بالفتح منسوب إلى الصّحابة وهي مصدر بمعنى الصّحبة، وقد جاءت الصحابة بمعنى الأصحاب، والأصحاب جمع صاحب، فإنّ الفاعل يجمع على أفعال كما صرّح به سيبويه وارتضاه الزمخشري والرّضي. فالقول بأنّه جمع صحب بالسكون اسم جمع كركب أو بالكسر مخفّف صاحب إنّما نشأ من عدم تصفّح كتاب سيبويه، هكذا يستفاد من جامع الرموز والبرجندي. وفي الصّراح أصحاب جمع الصّحب مثل فرخ وأفراخ وجمع الأصحاب الأصاحيب. وفي المنتخب صاحب بمعنى يار جمع أو صحب وجمع صحب أصحاب وجمع أصحاب أصاحيب.
وعند أهل الشرع هو من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الثّقلين مؤمنا به ومات على الإسلام. والمراد «3» باللقاء، أعمّ من المجالسة والمماشاة ووصول أحدهما إلى الآخر وإن لم يكالمه، ويدخل فيه رؤية أحدهما الآخر سواء كان ذلك اللقاء بنفسه أو بغيره، كما إذا حمل شخص طفلا وأوصله إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، وسواء كان ذلك اللقاء مع التمييز والعقل أو لا، فدخل فيه من رآه وهو لا يعقل فهذا هو المختار.
وقيل كلّ من روى عنه حديثا أو كلمة ورآه رؤية فهو من الصّحابة فقد اشترط المكالمة. وقيل كلّ من أدرك الحلم وقد رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم وعقل أمر الدين فهو من الصّحابة، ولو صحبه عليه السلام ساعة واحدة فقد اشترط العقل والبلوغ. والتعبير باللّقى أولى من قول بعضهم الصّحابي من رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم لأنّه يخرج به ابن أمّ مكتوم ونحوه من العميان مع كونهم صحابة بلا تردد، والمراد «4» بالرؤية واللقاء ما يكون حال حياته عليه السلام. فلو رأى بعد موته قبل دفنه كأبي ذؤيب الهذلي «5» فليس بصحابي على المشهور. فقولنا من جنس.
وقولنا لقي النبي صلّى الله عليه وسلّم احتراز عمّن لم يلقه كالمخضرمين فإنّهم على الصحيح من كبار التابعين كما عرفت.
قيل إن ثبت أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم ليلة الإسراء كشف له عن جميع من في الأرض فينبغي أن يعدّ من كان مؤمنا به في حياته في هذه الليلة وإن لم يلاقه في الصحابة لحصول الرؤية من جانبه صلّى الله عليه وسلّم. وقيل لا يعدّ في الصّحابة لأنّ إسناد لقي إلى ضمير من دون النبي يخرجه. وقولنا من الثقلين يخرج الملائكة لأنّ الثقلين هما الإنس والجنّ كما في الصراح وغيره. وقولنا مؤمنا به يخرج من لقيه صلّى الله عليه وسلّم حال كونه غير مؤمن به، سواء لم يكن مؤمنا بأحد من الأنبياء كالمشرك، أو يكون مؤمنا بغيره من الأنبياء عليهم السلام كأهل الكتاب. لكن هل يخرج من لقيه مؤمنا بأنّه سيبعث ولم يدرك البعثة كورقة بن نوفل «1»؟ ففيه تردّد كما قال النووي.
فمن أراد اللقاء حال نبوته عليه السلام فيخرج عنه، ومن أراد أعمّ من ذلك يدخل فيه. وقولنا ومات على الإسلام يخرج من ارتدّ بعد أن لقيه مؤمنا ومات على الرّدّة مثل عبد الله بن جحش «2» وابن خطل «3». وأمّا من لقيه مؤمنا به ثم ارتدّ ثم أسلم سواء أسلم حال حياته أو بعد موته، وسواء لقيه ثانيا أم لا فهو صحابي على الأصح، وقيل ليس بصحابي. ويرجّح الأول قصة الاشعث بن قيس فإنّه ممّن ارتدّ وأتي به إلى أبي بكر الصديق أسيرا فعاد إلى الإسلام فقبل منه ذلك وزوّجه أخته، ولم يتخلف أحد من ذكره في الصحابة ولا عن تخريج أحاديثه في المسانيد وغيرها.
وفي عدم تقييد اللقاء بزمان محدود أو غير محدود قليلا كان أو كثيرا إشارة إلى اختيار مذهب جمهور المحدّثين والشافعي واختاره أحمد بن حنبل ولذا قال: الصّحابي من صحبه عليه السلام صغيرا كان أو كبيرا، سنة أو شهرا أو يوما أو ساعة، أو رآه. واختاره أيضا ابن الحاجب لأنّ الصّحبة تعمّ القليل والكثير بحسب اللغة، فأهل الحديث نقلوا على وفق اللغة

 

مصادر و المراجع :

١- موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم

المؤلف: محمد بن علي ابن القاضي محمد حامد بن محمّد صابر الفاروقي الحنفي التهانوي (المتوفى: بعد 1158هـ)

٢- شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم

المؤلف: نشوان بن سعيد الحميرى اليمني (ت ٥٧٣هـ)

٣- لسان العرب

المؤلف: محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى (ت ٧١١هـ)

٤- تاج العروس من جواهر القاموس

المؤلف: محمّد مرتضى الحسيني الزَّبيدي

٥- كتاب العين

المؤلف: أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري (ت ١٧٠هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید