المنشورات

" قائد انتفاضة الموريسكيين" محمد بن أمية (سليل عائلة الأبطال)

" ثم انتقلنا إلى غرف أخرى، فرأينا فيها ما تقشعر لهوله الأبدان، عثرنا على آلات رهيبة للتعذيب، منها آلات لتكسير العظام، وسحق الجسم البشري، كانوا يبدأون بسحق عظام الأرجل، ثم عظام الصدر والرأس واليدين تدريجيا، حتى يُهشم الجسم كله، ويخرج من الجانب الآخر كتلة من العظام المسحوقة، والدماء الممزوجة باللحم المفروم"
(من مذكرات الكولونيل الفرنسي ليموتسكي، الذي كان أحد الذين أَكتشفوا محاكم التفتيش)
كما قرأت أكثر في تاريخ أمة الإِسلام، وجدت صفحات مشرقة لأبطالٍ عظام ينتمون لعائلة بني أمية بالتحديد، ففهمت أكثر سبب الهجوم الشرس عليهم من المستشرقين الصليبيين وعملائهم من الشيعة الروافض، فواللَّه الذي لا إله إلا هو، ما رأيت عائلة ضحت في سبيل الإِسلام والمسلمين عبر جميع مراحل التاريخ الإِسلامي من الصين إلى الأندلس مثل عائلة بني أمية البطلة، وبذلك أصبح تشويه تاريخ هذه العائلة يساوي بالضرورة تشويه تاريخ الإِسلام بمجمله، فالحذر الحذر في الطعن بهذه العائلة الإِسلامية البطلة من قريبٍ أو بعيدٍ، فلقد سمعت بأذني شيوخًا محسوبين على أهل السنة والجماعة يهاجمون بني أمية، من دون أن يعلم هؤلاء أنهم بذلك يطعنون بتاريخ أمتهم بقصدٍ أو بغير قصدٍ!
وبطلنا الآن بطلٌ تخرج من مدرسة بني أمية بن حرب، وسرّ عظمة هذا البطل يكمن في أنه قد ظهر وقتٍ من أصعب أوقات المسلمين في التاريخ على الإطلاق، فقد ظهر هذا القائد الإِسلامي العظيم في الأندلس، ولكنه لم يظهر في زمن الخلافة الأموية القوية هناك، أو زمن صقر قريش عبد الرحمن الداخل الأموي رحمه اللَّه، أو حتى في زمن ملوك الطوائف على علاته، بل ظهر هذا البطل بعد سقوط الأندلس بعشرات السنوات، وبالتحديد في زمن محاكم التفتيش!. . . . . . وما أدراك ما محاكم التفتيش؟!!
وقبل أن نخوض في قصة البطل الأموي محمَّد بن أمية، أرى أنه من الفائدة بمكان أن نعطي لمحة بسيطة عن محاكم التفتيش الكاثوليكية لسببين اثنين، أولهما: هو تقدير لمدى عظمة هذا البطل الإِسلامي والذي يكمن سر عظمته بظهوره في وقت صعب للغاية مثل هذا الوقت بالتحديد. والثاني وهو الأهم: هو وضع أكبر قدر من المعلومات الموثقة من مؤرخي الغرب أنفسهم لشباب هذه الأمة لكي يتسلحوا بها ليخرسوا لسان كل قذر يحاول وصم الإِسلام بالإرهاب، فنحن لا ننكر أن هناك من شباب المسلمين المغفل من هو إرهابي، ولكننا لم نجد في تاريخ المسلمين على الإطلاق مباركة من علماء هذه الأمة لأي مجرم يعمل على قتل الآمنين، ولكننا في حالة محاكم التفتيش لا نرى مباركة من القساوسة النصارى فحسب، بل نرى اشتراكا لهم بالتعذيب بمباركةٍ من بابا الفاتيكان نفسه، ولقد آن الأوان للكنيسة الكاثوليكية في الفاتيكان أن تقدم الاعتذار لجرائم المسيحيين في حق المسلمين الأندلسيين، كما سبق وأن قدمت اعتذارًا رسميًّا على جرائم المسيحيين ضد اليهود! أما شباب هذه الأمة، فعليهم أن يتسلحوا بالعلم، لا بالعنف، فأنت عندما تستخدم العنف لإسكات صوت قذرٍ واحدٍ من أولئك الذين يطعنون بالإِسلام ونبيه، فسيخرج لك مكانه ألف صوت يشتمون رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أما إذا رددت عليه بالعلم والوثائق التاريخية، فإنك ستخرسه إلى الأبد، وما يدريك لعله يتحول إلى مسلمٍ بعد ذلك، وقد كان كثيرٌ من الصحابة في جاهليتهم لا يسبون النبي وحسب، بل يتمنون قتله بأيديهم، فالعلم سلاح المؤمن، وهو سلاح الأمة الأقوى الذي حكمت به مشارق الأرض ومغاربها، أما الآن فلنستعرض سويةً قصة محاكم التفتيش ولنبدأها من ساعة الصفر، وبالتحديد من يوم 2 يناير من عام 1492 م يوم سقوط الأندلس:
1492:- 2 يناير/ كانون الثاني: السلطان أبو عبد اللَّه الصغير يسلم مفاتيح غرناطة واضعًا بذلك نهاية للحكم الإِسلامي في الأندلس الذي دام ثمانية قرون، تضمنت شروط التسليم تعهد السلطات الإسبانية باحترام عقائد وعادات المسلمين الأوروبيين في الأندلس والذين يقدرون بالملايين. ولكن ذلك السلطان المسكين نسي أن أولئك القوم لا يلتزمون بعهودهم أبدًا, ولعله اطمأن على التزام المسيحيين بتلك الإتفاقية بعد أن طلب من بابا الفاتيكان نفسه أن يوقع على تلك الإتفاقية، وطبعًا وقع البابا المجرم بالعشرة على تلك الإتفاقية، التي ما لبث أن نكث بها خروج السلطان مباشرة، فياله من دينٍ هذا الذي يحيى الغدر والخيانة! وما هي إلا أيام حتى طرد المسيحيون اليهودَ الذين كانوا يعيشون في الأندلس بأمان وسلام في ظل حكم المسلمين، وطبعًا لم يجد اليهود إلا الخلافة الإِسلامية العثمانية لاستقبالهم على أرضها ليعيشوا في سلام بعد أن طردهم المسيحيون، المضحك في الموضوع أن هؤلاء اليهود بالتحديد الذين أنقذهم المسلمون العثمانيون هم الذين سيعملون بعد ذلك على تدمير الخلافة الإِسلامية العثمانية بعد ذلك بأربعة قرون ونيف! (وسنتطرق إلى ذلك بالتفصيل في نهاية هذا الكتاب)، المهم أن الملكة القذرة إيزابيلا (التي لم تكن تغتسل) وزوجها الملك فرديناند أصدروا أمرًا ملكيًا بتنصير كل الموريسكيين، والموريسكيون: هم المسلمون الإسبان الذين بقوا في بلادهم ظنًا منهم أنهم سيلاقون المعاملة الحسنة من إخوتهم الإسبان المسيحيين المشتركين معهم في القومية والعنصر، هؤلاء الموريسكيون المساكين والذين لا يعرف عنهم شباب المسلمين شيئًا، كانوا ضحية أكبر عملية إرهابية شهدها التاريخ الإنساني منذ آدم وإلى يوم الناس هذا، فلقد رفض الموريسكيون تغيير دين الإِسلام، فحاول القساوسة في البداية أن يغرّوهم بالطرق السلمية لتنصيرهم، ولكن هيهات! فأنى لهذا القلب الذي عرف معنى التوحيد أن يعبد صليبًا من خشب أو حتى من ذهب؟! عند ذلك بدأ الإسبان عملياتهم الإرهابية الحقيرة بقتل المسلمين الموريسكيين، فانتفض المسلمون الموريسكيون في جميع أنحاء الأندلس ليعلنوها ثورة ضد النصارى، قبل أن يستخدم هؤلاء المجرمون أبشع وسائل القتل في حق الموريسكيين لإخماد انتفاضاتهم الشعبية.
والسائل يتساءل هنا:
لماذا لم يهاجر الموريسكيون المسلمون من بلادهم الأندلس بعد سقوط الحكم الإِسلامي فيها وتولي النصارى لمقاليد الحكم؟ ألم يكن الأجدر بهم أن يهربوا بدينهم إلى المغرب الإِسلامي ويتركوا الأندلس؟
والحقيقة أن هذا السؤال شغلني شخصيًا، فقد تساءلت عن سر بقاء الموريسكيين في إسبانيا رغم كل ما كانوا يعانوه من قتل واضطهاد، بل إنني لا أخفيكم سرًا بأنني في لحظة معينة ظننت أن أولئك الموريسكيين رضوا بالذل والإهانة في حكم النصارى حتى لا يفقدوا بيوتهم وحدائقهم الغناء في الأندلس! والحقيقة أنني عثرت على معلومة تاريخية أثبتت لي خَطأ ذلك الظن السوء، فلقد قامت الملكة المجرمة (إيزابلا) بمشورة من كبير القساوسة الكاثوليك الكاردينال (ثيسنيروس) بإصدار مرسوم ملكي تأمر فيه المسلمين الإسبان باعتناق المسيحية أو مغادرة البلاد. لكنها فرضت على الراغبين في الرحيل إتاوات وغرامات مستحيلة لا يملكها فقراء المسلمين، ولكن الأنكى من ذلك أنها فرضت على كل من ينوي المغادرة من المسلمين التخلي عن أطفالهم الصغار ليتم تنصيرهم! وهنا يتساءل الإنسان مرة أخرى: كيف لقلب امرأة المفترض أنها أنثى وأم لعدة أطفال أن تصدر قرارًا إجراميًا مثل هذا القرار المخيف الذي يفرق بين الأمهات وأطفالهن؟! والحقيقة أنني لم أجد إلا تفسيرًا منطقيًا واحدًا يفسر هذه القسوة المرعبة لهذه الملكة الإسبانية، إلا أنني عثرت على معلومة جانبية ذكرها مؤرخو الإسبان قد تفسر لنا هذه القسوة: فالتفسير الوحيد الذي أجده هو أن قلب إيزابلا قد مات بالفعل بسبب بسيط هو بعدها عن الماء!!! وأنا لا أنقل إلا ما كتبه مؤرخو الإسبان بأنها لم تغتسل إلا مرتين: الأولى يوم ولادتها سنة 1451 م والثانية ليلة دخلتها سنة 1469 م، وبغض النظر عن يوم ولادتها التي اغتسلت فيه بدون إرادتها، فإن جسدها القذر لم يلمس الماء طيلة 52 سنة إلا مرة واحدة، واللَّه سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}، فلا شك إذا أنها كانت بقلب ميت لتصدر مثل ذلك القرار اللا إنساني بفصل الأطفال عن أمهاتهم، زاد من ذلك طبعا إيمانها الصليبي القوي وما كانت تجده من نصوص قتل الأطفال في الكتاب المقدس! هذا كله دفع الموريسكين لإخفاء إسلامهم وإظهار أنهم تنصروا، انتظارًا لفرج اللَّه من أحد المسلمين ليحررهم من ظلم النصارى. ولكن فرج اللَّه لم يأتِ للمورسكيين، فأتى مكانه ابتلاء اللَّه! فقد أراد اللَّه أن يختبر قوة إيمانهم بمحاكم التفتيش، ومحاكم التفتيش هو مصطلح للإجراءات المرعبة التي كان الإسبان النصارى يمارسوها بحق المسلمين من إخواننا الموريسكيين، تبدأ هذه المحاكم باقتحام بيوت كل من يُشتبه بأنه يخفي إسلامه، فإذا وجدوا في بيته ورقة صغيرة فيها آية من كلام واللَّه، أو إذا وجدوا البيت خاليًا من لحم الخنزير أو الخمور، عندها تبدأ أصعب مرحلة من التعذيب والذي لا يُوصف بكلمات، ولقد استغربت بالفعل خلال زيارتي لمدينة "غرناطة" قبل عامٍ من الآن، من سر شراهة سكان ولاية الأندلس الإسبانية بالتحديد للحم الخنزير الذي يبيعونه في كل مكان، بل إنني عندما أردت أن أطلب طبق طعامٍ مكونٍ من الأسماك البحرية، تفاجأت أنهم يخلطون لحم الخنزير مع السمك!
والآن لنبقى مع شهادة أحد الجنود الفرنسيين المسيحيين الذين أرسلهم نابليون بونابرت سنة 1808 م في حملة عسكرية على إسبانيا، ليروي لنا بنفسه ما الذي وجده الفرنسيون في كنائس الإسبان بعد مرور أكثر من 300 سنة من التعذيب المستمر للمورسكيين المسلمين:
"أخذنا حملة لتفتيش أحد الأديرة التي سمعنا أن فيها ديوان تفتيش، وكادت جهودنا تذهب سدى ونحن نحاول العثور على قاعات التعذيب، إننا فحصنا الدير وممراته وأقبيته كلها. فلم نجد شيئًا يدل على وجود ديوان للتفتيش. فعزمنا على الخروج من الدير يائسين، كان الرهبان أثناء التفتيش يقسمون ويؤكدون أن ما شاع عن ديرهم ليس إلا تهمًا باطلة، وأنشأ زعيمهم يؤكد لنا براءته وبراءة أتباعه بصوت خافت وهو خاشع الرأس، توشك عيناه أن تطفر بالدموع، فأعطيت الأوامر للجنود بالاستعداد لمغادرة الدير، لكن اللفتنانت "دي ليل" استمهلني قائلًا: أيسمح لي الكولونيل أن أخبره أن مهمتنا لم تنته حتى الآن؟!! قلت له: فتشنا الدير كله، ولم نكتشف شيئًا مريبًا. فماذا تريد يا لفتنانت؟! قال: إنني أرغب أن أفحص أرضية هذه الغرف فإن قلبي يحدثني بأن السر تحتها. عند ذلك نظر الرهبان إلينا نظرات قلقة، فأذنت للضابط بالبحث، فأمر الجنود أن يرفعوا السجاجيد الفاخرة عن الأرض، ثم أمرهم أن يصبوا الماء بكثرة في أرض كل غرفة على حدة -وكنا نرقب الماء- فإذا بالأرض قد ابتلعته في إحدى الغرف. فصفق الضابط "دي ليل" من شدة فرحه، وقال ها هو الباب، انظروا، فنظرنا فإذا بالباب قد انكشف، كان قطعة من أرض الغرفة، يُفتح بطريقة ماكرة بواسطة حلقة صغيرة وضعت إلى جانب رجل مكتب رئيس الدير. أخذ الجنود يكسرون الباب بقحوف البنادق، فاصفرت وجوه الرهبان، وعلتها الغبرة. وفُتح الباب، فظهر لنا سلم يؤدي إلى باطن الأرض، فأسرعت إلى شمعة كبيرة يزيد طولها على متر، كانت تضئ أمام صورة أحد رؤساء محاكم التفتيش السابقين، ولما هممت بالنزول، وضع راهب يسوعى يده على كتفي متلطفًا، وقال لي: يا بني: لا تحمل هذه الشمعة بيدك الملوثة بدم القتال، إنها شمعة مقدسة. قلت له، يا هذا إنه لا يليق بيدي أن تتنجس بلمس شمعتكم الملطخة بدم الأبرياء، وسنرى من النجس فينا، ومن القاتل السفاك!؟! وهبطت على درج السلم حتى وصلنا إلى آخر الدرج، فإذا نحن في غرفة كبيرة مرعبة، وهي عندهم قاعة المحكمة، في وسطها عمود من الرخام، به حلقة حديدية ضخمة، وربطت بها سلاسل من أجل تقييد المحاكمين بها. وأمام هذا العمود كانت المصطبة التي يجلس عليها رئيس ديوان التفتيش والقضاة لمحاكمة الأبرياء. ثم توجهنا إلى غرف التعذيب وتمزيق الأجسام البشرية التي امتدت على مسافات كبيرة تحت الأرض. رأيت فيها ما يستفز نفسي، ويدعوني إلى القشعريرة والتقزز طوال حياتي! فقد رأينا غرفًا صغيرةً في حجم جسم الإنسان، بعضها عمودي وبعضها أفقي، فيبقى سجين الغرف العمودية واقفا على رجليه مدة سجنه حتى يموت، ويبقى سجين الغرف الأفقية ممدًا بها حتى الموت، وتبقى الجثث في السجن الضيق حتى تبلى، ويتساقط اللحم عن العظم، وتأكله الديدان، ولتصريف الروائح الكريهة المنبعثة من جثث الموتى فتحوا نافذة صغيرة إلى الفضاء الخارجي، وقد عثرنا في هذه الغرف على هياكل بشرية ما زالت في أغلالها. كان السجناء رجالًا ونساءً، تتراوح أعمارهم ما بين الرابعة عشرة والسبعين، وقد استطعنا إنقاذ عدد من السجناء الأحياء، وتحطيم أغلالهم، وهم في الرمق الأخير من الحياة. كان بعضهم قد أصابه الجنون من كثرة ما صبوا عليه من عذاب، وكان السجناء جميعًا عرايا، حتى اضطر جنودنا إلى أن يخلعوا أرديتهم ويستروا بها بعض السجناء. أخرجنا السجناء إلى النور تدريجيًا حتى لا تذهب أبصارهم، كانوا يبكون فرحًا، وهم يقبّلون أيدي الجنود وأرجلهم الذين أنقذوهم من العذاب الرهيب، وأعادوهم إلى الحياة، كان مشهدًا يبكي الصخور. ثم انتقلنا إلى غرف أخرى، فرأينا فيها ما تقشعر لهوله الأبدان، عثرنا على آلات رهيبة للتعذيب، منها آلات لتكسير العظام، وسحق الجسم البشري، كانوا يبدؤون بسحق عظام الأرجل، ثم عظام الصدر والرأس واليدين تدريجيا، حتى يهشم الجسم كله، ويخرج من الجانب الآخر كتلة من العظام المسحوقة، والدماء الممزوجة باللحم المفروم، هكذا كانوا يفعلون بالسجناء الأبرياء المساكين، ثم عثرنا على صندوقٍ في حجم جسم رأس الإنسان تمامًا، يوضع فيه رأس الذي يريدون تعذيبه بعد أن يربطوا يديه ورجليه بالسلاسل والأغلال حتى لا يستطيع الحركة، وفي أعلى الصندوق ثقب تتقاطر منه نقط الماء البارد على رأس المسكين بانتظام، في كل دقيقة نقطة، وقد جُنّ الكثيرون من هذا اللون من العذاب، ويبقى المعذب على حاله تلك حتى يموت. وآلة أخرى للتعذيب على شكل تابوت تثبت فيه سكاكين حادة، كانوا يلقون الشاب المعذب في هذا التابوت، ثم يطبقون بابه بسكاكينه وخناجره. فإذا أغلق مزق جسم المعذب المسكين، وقطعه إربًا إربًا. كما عثرنا على آلات كالكلاليب تغرز في لسان المعذب ثم تشد ليخرج اللسان معها, ليقص قطعة قطعة، وكلاليب تغرس في أثداء النساء وتسحب بعنفٍ حتى تتقطع الأثداء أو تبتر بالسكاكين. وعثرنا على سياط من الحديد الشائك يُضرب بها المعذبون وهم عراة حتى تتفتت عظامهم، وتتناثر لحومهم"
أكتفي بهذا القدر من شهادة هذا الضابط الفرنسي، لكي لا أعكر مزاج القارئ الكريم أكثر من ذلك، ولعلنا الآن فهمنا لماذا أخفى الرئيس الأمريكي (أبراهام لِنكون) إسلامه، فهذا الذي ذكرته لا يمثل إلا الشيء اليسير من ألوان التعذيب المرعبة التي قام بها المسيحيون بمباركة من بابا الفاتيكان نفسه، أما الكلاب القذرة التي تدعي أن الإِسلام انتشر بحد السيف وأن دينهم هو دين المحبة فأهديهم بعض كلمات المؤرخ الفرنسي (غوستاف لوبون) في كتابه "حضارة العرب" حيث يقول عن محاكم التفتيش: "يستحيل علينا أن نقرأ دون أن ترتعد فرائضنا من قصص التعذيب والاضطهاد التي قام بها المسيحيون المنتصرين على المسلمين المنهزمين، فلقد نصّروهم عنوة، وسلموهم لدواوين التفتيش التي أحرقت منهم ما استطاعت من المجموع. واقترح القس "بليدا" قطع رؤوس كل المسلمين دون أي استثناء ممن لم يعتنقوا المسيحية بعد، بما في ذلك النساء والأطفال، وهكذا تم قتل أو طرد ثلاثة ملايين مسلم".
وكعادة عظماء أمة الإِسلام. . . . . خرج من رحم هذه العذابات شابٌ من المورسكيين تبدو عليه ملامح قرشيّة اسمه:
(فرناندو دو قرطبة وبالور) (Fernand de cordoba y Valor)  ومثل مالكوم إكس كان يعلم أن هذا الاسم ليس اسمه الحقيقي، بل اسم مسيحي سماه به النصارى، وكان يعلم أنه من سلالة رجالٍ عظماء يُقال لهم "بنو أمية"، فغير فرناندو اسمه إلى محمَّد بن أمية، ليقود أروع انتفاضة عرفتها الأندلس بعد سقوطها, ليعيد توحيد صفوف المورسكيين، وليكوِّن جيشا شعبيًا قوامه من المدنيين المورسكيين، ليحارب به الإمبراطورية الإسبانية، فيحقق به المستحيل!. . . . . فقد يندهش البعض حين يعلم أن القوات الشعبية لمحمد بن أمية الأموي استطاعت من أن تحرر مدينة "ألمرية" ومدينة "مالقا" من أيدي النصاري الكستاليين، وللتذكير فقط: نحن نتحدث عن وقت سقطت فيه الأندلس منذ أكثر من 75 سنة! بل إن هذا القائد الإِسلامي العظيم سليل الشرفاء من بني أمية، استطاع أن يشعلها انتفاضة إسلامية في ربوع إسبانيا سميت في التاريخ بـ "انتفاضة جبال البشرات"، فاضطر الملك الإسباني "فيليبي الثاني" أن يطلب العون من "إمبراطورية النمسا" لإنقاذ إسبانيا من ذلك الصقر القرشي، وفعلًا استطاعت هذه القوات الإمبراطورية أن تقمع هذه الإنتفاضة الشعبية، ليُستشهد البطل الأموي العظيم محمَّد بن أمية في سبيل اللَّه، ليطوي بذلك صفحة مشوقة في سجل أبيض كتبه رجالٌ من قريش ينتمون إلى آل أمية بن حرب، فيضيف بذلك اسمه إلى أسماء أجداده: عمرو بن العاص، وأبي سفيان ابن حرب، وعقبة بن نافع، ويزيد بن معاوية، وعبد الرحمن الداخل، وعبد الرحمن الناصر، وعمر بن عبد العزيز، والفارس الإِسلامي البطل: معاوية بن أبي سفيان رحمهم اللَّه جميعًا. (سيظهر في نهاية الكتاب من على قمة جبال الهملايا في الهند بطل أموي آخر وذلك التاسع عشر الميلادي!).
ولكن كيف ولماذا سقطت الأندلس؟ ومن هو الرجل العظيم الذي أنقذ تراث الأندلس من الضياع؟!
يتبع. . . . .




مصادر و المراجع :

١- مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ

المؤلف: جهاد التُرباني

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید