المنشورات

" قائدي أعظم" (محمد علي جناح)

" ليس هناك ما يجمعنا بكم، فأبطالنا التاريخيون، أعداءٌ لكم، ومن تعتبرونهم أبطالًا تاريخيين، هم في نظرنا خونة، انتصارتنا التاريخية أيام حزنٍ لكم، وأنتصارتكم نكباتٌ لنا، البقرة إلهٌ لكم، وطعامٌ لنا، أنتم وثنيون، ونحن مسلمون، لن يزول الخلاف بيننا وبينكم، لن يحكمنا هندوسٌ بعد اليوم، أملنا الوحيد يكمن في باكستان الإسلامية! "
(محمد علي جناح)
الحقيقة أنني كلّما تقدمت أكثر في هذا الكتاب، وفتشت أكثر في صفحاتٍ خلت من التاريخ، وجدت أن أمة الإسلام هي أكثر أمةٍ تعرضت للتشويه في تاريخ الأرض منذ نشأتها، فلماذا يركز الإعلام الغربي على القس المسيحي (مارتن لوثر كنج) الزعيم الأمريكي الأسود الذي طالب بالمساواة مع البيض، في نفس الوقت الذي يهمش فيه نفس الإعلام شخصية إسلامية مثل (مالكوم إكس)، والذي سبق رفيقه المسيحي بسنواتٍ طوالٍ في كفاحه ضد العنصرية؟ ولماذا يركز الإعلام العالمي (الغربي منه والعربي!) على القائد الهندوسي (ألمهاتما غاندي) في الوقت الذي يُهمَّش فيه دور القائد المسلم (محمد علي جناح) أول من نادى بتحرير الهند من سيطرة التاج البريطاني؟
الإجابة عندي لا تخرج عن سببين:
(أولًا): طمس تاريخ كل قائد مسلم، ليكون ذلك مقدمة لتشويه صورته "قتل الشخصية"!
(ثانيًا): تحويل أنظار الناس نحو الطرق التي انتهجها القادة الغير مسلمين، لأن المسلمين لم يتعلموا من محمد بن عبد اللَّه أن يقاوموا المحتل بالإضراب عن الطعام ورعي الغنم (كما فعل غاندي)، بل إن المسلم مستعدٌ أن يضحي بآخر نقطةٍ من دمه في سبيل أرضه وعرضه!
وأذكر أنني شاركت ذات مرة في برنامجٍ إعلامي لقناة أجنبية كان السؤال فيها يدور حول إستعداد العرب للتحول لاستراتيجية (غاندي) السلمية في المطالبة بالحقوق الوطنية بدلًا من العنف "المقاومة"، فكان تعليقي بسيطًا للغاية حين قلت للمذيع: إذا كانت طريقة (غاندي) قد نجحت في الهند، فطريقة (مانديلا) التي تستخدم العنف قد آتت أكلها أيضًا في جنوب أفريقيا! فالشعب الواقع تحت الاحتلال هو الشعب الوحيد الذي يحق له أن يختار طريقة المقاومة التي تناسبه، فالمحتَل (اسم مفعول) لا المحتَل (اسم فاعل) هو صاحب القرار الأول والأخير في اتباع المنهج الذي يناسبه!
ومحمد علي جناح الذي لا يعرفه أكثرنا كان قائد المسلمين في الهند، وعندما نقول الهند في ذلك الوقت فإننا نقصد بها شبه القارة الهندية، والتي تضم الآن كلًا من "الهند" و"باكستان" و"بنغلادش". فقد رأينا فيما سبق أن المسلمين هم الذين كانوا يحكمون الهند لأكثر من ألف سنة، إلا أن الوضع تغير بوصول المنصر الصليبي البرتغالي (فاسكو دي غاما) عام 1498 م إلى سواحل الهند، ليقيم جيوبًا للبرتغاليين في أرض الهند الإسلامية، وبعد ذلك دخل الإنجليز إلى الهند تحت مسمى (شركة الهند الشرقية) (Honourable East India Company)،  لتكون هذه الشركة نواة لفترة استعمارية "استخرابية" طويلة دامية في شبه القارة الهندية. وفي نهاية القرن التاسع عشر تحرك الهنود لنيل حقوقهم الوطنية، فكان المسلمون الهنود هم دعاة الاستقلال، قبل أن ينضم الهندوس إلى تلك الحركة التحررية، فأسس الهنود المسلمون والهندوس "المؤتمر الوطني الهندي" الذي أعلنوه عام 1884 م. لتبدأ عملية المطالبة بالاستقلال، برز على ساحتها أولًا محامي مسلم فصيح اللسان، قوي الشخصية، اسمه (محمد علي جناح)، قبل أن يفتح الإنجليز الأبواب لشخصية هندوسية تدعى بـ (موهانداس كارما شند غاندي) الشهير بـ (المهاتما غاندي) خوفًا منهم لبزوغ نجم القائد الإسلامي للهند! فكان جناح يدعو في بداية الأمر إلى دولة موحدة للهنود متساوية الحقوق، إلا أن الأغلبية الهندوسية كانت ترفض إعطاء الأقلية المسلمة (كانت تبلغ وقتها 100 مليون!) حقوقًا متساوية مع الهندوس، وبعد أن لاحظ القائد الإسلامي محمد علي جناح تحيز بريطانيا لصالح الهندوس، أعلن تأسيس "العصبة الإسلامية"، وفي عام 1930 م دعا شاعر الهند الأعظم (محمد إقبال) إلى فكرة استقلال الجزء الإسلامي من شبه القارة الهندية، وفي سنة 1933 م ظهرت للوجود كلمة "باكستان" كاسم لدولة إسلامية مستقلة، وهو اسم اقترحه طالب مسلم في جامعة "كمبردج" اسمه (تشودرى رحمت علي). وهى كلمة عجيبة في غاية البلاغة، فلكل حرف منها مغزاه وتعنى ككل "الأرض الطاهرة"! فحرف "الباء" يرمز إلى إقليم "البنجاب" وحرف "الألف" يأتى من "الأفغانية" والتى هى اسم قديم لإقليم الحدود، و"الكاف" منها يأتى من إقليم "كشمير" والذى لا يزال الجزء الكبير منه يرزخ تحت نير الإحتلال الهندي، وحرف "السين" يرمز إلى إقليم "السند" و"تان" من إقليم "بلوشستان". ويعنى الجزء الأول منها "باك" الطاهرة والجزء الثانى "ستان" الأرض. فتولى محمد على جناح (قائدي أعظم كما يسميه الهنود) مهمة قيادة كفاح المسلمين بتميزه القيادى وعزيمته الصلبة حتى وصل بها فى نهاية المطاف إلى الاستقلال عن البريطانيين والهنادكة، وبعد أشهر قليلة من إعلانه استقلال المسلمين، توفي القائد الأعظم محمد علي جناح من شدة التعب والإرهاق الذي بذله في سبيل تأسيس دولة الباكستان، التي أصبحت فيما بعد، أول دولة إسلامية تمتلك سلاح الردع النووي!
ومن الهند نفسها، هاجر خياط مسلم اسمه (حسين كاظم ديدات) إلى جنوب أفريقيا بحثًا عن لقمة العيش، مصطحبًا معه طفلًا صغيرًا سيُكتب اسمه حين يكبر بحروفٍ من نور في سجل الخلود الإسلامي!
يتبع. . . . . . {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}





مصادر و المراجع :

١- مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ

المؤلف: جهاد التُرباني

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید