المنشورات

الفرق بين الشكر والحمد

أن الشكر هو الاعتراف بالنعمة على جهة التعظيم للمنعم، والحمد الذكر بالجميل على جهة التعظيم المذكور به أيضا ويصح على النعمة وغير النعمة، والشكر لا يصح إلا على النعمة ويجوز أن يحمد الانسان نفسه في امور جميلة يأتيها ولا يجوز أن يشكرها لان الشكر يجري مجرى قضاء الدين ولا يجوز أن يكون للانسان على نفسه دين فالاعتماد في الشكر على ما توجبه النعمة وفي الحمد على ما توجبه الحكمة.
ونقيض الحمد الذم إلا على إساءة ويقال الحمد لله على الاطلاق ولا يجوز أن يطلق إلا لله لان كل إحسان فهو منه في الفعل أو التسبيب، والشاكر هو الذاكر بحق المنعم بالنعمة على جهة التعظيم، ويجوز في صفة الله شاكر مجازا، والمراد أنه يجازي على الطاعة جزاء الشاكرين على النعمة ونظير ذلك قوله تعالى " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا " (1) وهذا تلطف في الاستدعاء إلى النفقة في وجوه البر والمراد أن ذلك بمنزلة القرض في إيجاب الحق، وأصل الشكر إظهار الحال الجميلة فمن ذلك دابة شكور إذا ظهر فيه السمن مع قلة العلف، وأشكر الضرع إذا امتلا وأشكرت السحابة إمتلات ماء، والشكير قضبان غضة تخرج رخصة بين القضبان العاسية، والشكير من الشعر والنبات صغار نبت خرج بين الكبار مشبهة بالقضبان الغضة، والشكر بضع المرأة، والشكر على هذا الاصل إظهار
حق النعمة لقضاء حق المنعم كما أن الكفر تغطية النعمة لابطال حق المنعم فإن قيل أنت تقول الحمد لله شكرا فتجعل الشكر مصدرا للحمد فلولا إجتماعهما في المعنى لم يجتمعا في اللفظ قلنا هذا مثل قولك قتلته صبرا واتيته سعيا والقتل غير الصبر والاتيان غير السعي، وقال سيبويه: هذا باب ما ينصب من المصادر لانه حال وقع فيها الامر وذلك كقولك قتلته صبرا ومعناه أنه لما كان القتل يقع على ضروب وأحوال بين الحال التي وقع فيها القتل والحال التي وقع فيها الحمد فكأنه قال قتلته في هذه الحال، والحمد لله شكرا أبلغ من قولك الحمد لله حمدا لان ذلك للتوكيد والاول لزيادة معنى وهو أي أحمده في حال إظهار نعمه علي.






مصادر و المراجع :

١- معجم الفروق اللغوية

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید