المنشورات

الفرق بين القياس وبن الاجتهاد

 أن القياس حمل الشئ على الشئ في بعض أحكامه لوجه من الشبه وقيل حمل الشئ على الشئ وإجراء حكمه عليه لشبه بينهما عند الحامل، وقال أبو هاشم
رحمه الله: " حمل شئ على شئ وإجراء حكمه عليه " ولذلك سمي المكيال مقياسا من حيث كان يحمل عليه ما يراد كيله، وكذلك يسمون ما يقدر به النعال مقياسا أيضا، ولذلك يستعمل القياس في شئ من غير إعتبار له بغيره وإنما يقال قست الشئ بالشئ فلا (1) يقال لمن شبه شيئا بشئ من غير أن يحمل أحدهما على الآخر ويجري حكمه عليه قايس، ولو جاز ذلك لجاز أن يسمى الله تعالى قايسا لتشبيه الكافر بالميت والمؤمن بالحي والكفر بالظلمة والايمان بالنور، ومن قال القياس إستخراج الحق من الباطل فقد أبعد لان النصوص قد يستخرج بها ذلك ولا يسمى قياسا، ومثال القياس قولك إذا كان ظلم المحسن لا يجوز من حكيم فعقوبة المحسن لا تجوز منه، والفقهاء يقولون هو حمل الفرع على الاصل لعلة الحكم، والاجتهاد موضوع في أصل اللغة لبذل المجهود، ولهذا يقال إجتهد في حمل الحجر إذا بذل مجهوده فيه ولا يقال إجتهدت في حمل النواة، وهو عند المتكلمين ما يقتضي غلبة الظن في الاحكام التي كل مجتهد فيها مصيب ولهذا يقولون قال أهل الاجتهاد كذا وقال أهل القياس كذا فيفرقون بينهما، فعلى هذا الاجتهاد أعم من القياس لانه يحتوي على القياس وغيره، وقال الفقهاء الاجتهاد بذل المجهود في تعرف حكم الحادثة من النص لا بظاهره ولا فحواه، ولذلك قال معاذ: أجتهد رأيي فيما لا أجد فيه كتابا ولا سنة، وقال الشافعي: الاجتهاد والقياس واحد وذلك أن الاجتهاد عنده هو أن يعلل أصلا ويرد غيره إليه بها،
فأما الرأي فما أوصل إليه الحكم الشرعي من الاستدلال والقياس ولذلك قال معاذ: أجتهد رأيي، وكتب عمر هذا ما رأى عمر وقال علي عليه السلام: رأي ورأي عمر أن لا يبعن ثم رأيت بيعهن، يعني امهات الاولاد، وفيه دلالة على بطلان قول من يرد الرأي ويذمه، والترجيح ما أيد به العلة والخبر إذا قابله ما يعارضه، والاستدلال أن يدل على أن الحكم في الشئ ثابت من غير رده إلى أصل، والاجتهاد لا يكون إلا في الشرعيات وهو مأخوذ من بذل المجهود واستفراغ الوسع في النظر في الحادث ليرده إلى المنصوص على حسب ما يغلب في الظن وإنما يوسع ذلك مع عدم الدلالة والنص ألا ترى انه لا يجوز لاحد أن يقول إن العلم بحدوث الاجسام إجتهاد كما أن سهم الجد إجتهاد، ولا يجوز أن يقال وجوب خمسة دراهم في مائتي درهم مسألة إجتهاد لكون ذلك مجمعا عليه، وقد يكون القياس في العقليات فالفرق بينه وبين الاجتهاد ظاهر.






مصادر و المراجع :

١- معجم الفروق اللغوية

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید