المنشورات

الفرق بين اللطف والتوفيق

 أن اللطف هو فعل تسهل به الطاعة على العبد ولا يكون لطفا إلا مع قصد فاعله وقوع ما هو لطف فيه من الخير خاصة، فأما إذا كان ما يفع عنده قبيحا وكان الفاعل له قد أراد ذلك فهو إنتقاد وليس بلطف.
والتوفيق فعل ما تتفق معه الطاعة وإذا لم
تتفق معه الطاعة لم يسم توفيقا ولهذا قالوا إنه لا يحسن الفعل.
وفرقا آخر وهو أن التوفيق لطف يحدث قبل الطاعة بوقت فهو كالمصاحب لها في وقته لان وقته يلي وقت فعل الطاعة ولا يجوز أن يكون وقتهما واحدا لانه بمنزلة مجئ زيد مع عمرو وإن كان بعده بلا فصل فأما إذا جاء بعده بأوقات فإنه لم يجئ معه، واللطف قد يتقدم الفعل بأوقات يسيرة يكون له معها تأثير في نفس الملطوف له ولا يجوز أن يتقدمه بأوقات كثيرة حتى لا يكون له معها في نفسه تأثير، فكل توفيق لطف وليس كل لطف توفيقا ولا يكون التوفيق ثوابا لانه يقع قبل الفعل ولا يكون الثواب ثوابا لما لم يقع ولكن التسمية بموفق على جهة المدح يكون ثوابا على ما سلف من الطاعة، ولا يكون التوفيق إلا لما حسن من الافعال يقال وفق فلان للانصاف ولا تقول وفق للظلم ويسمى توفيقا وإن كان منقضيا في حال ما وصف به أنه توفيق فيه كما يقال زيد وافق عمروا في هذا القول وإن كان قول عمرو قد انقضى، واللطف يكون التدبير الذي ينفذ في صغير الامور وكبيرها فالله تعالى لطيف ومعناه أن تدبيره لا يخفى عن شئ ولا يكون ذلك إلا باجرائه على حقه.
والاصل في اللطيف التدبير ثم حذف واجريت الصفة للمدبر على جهة المبالغة وفلان لطيف الحيلة إذا كان يتوصل إلى بغيته بالرفق والسهولة ويكون اللطف حسن العشرة والمداخلة في الامور بسهولة، واللطف أيضا صغر الجسم خلاف الكثافة واللطف أيضا صغر الجسم وهو خلاف الخفاء في المنظر، وفي اللطيف
معنى المبالغة لانه فعيل، وفي موفق معنى تكثير الفعل وتكريره لانه مفعل، والعصمة هي اللطيفة التي يمتنع بها عن المعصية إختيارا والصفة بمعصوم إذا أطلقت فهي صفة مدح وكذلك الموفق فإذا اجري على التقييد فلا مدح فيه ولا يجوز أن يوصف غير الله بأنه يعصم ويقال عصمه من كذا ووفقه لكذا ولطف له في كذا فكل واحد من هذه الافعال يعدي بحرف وهاهنا يوجب أيضا أن يكون بينهما فروق من غير هذا الوجه الذي ذكرناه وشرح هذا يطول فتركته كراهة الاكثار واصولهما في اللغة واشتقاقاتهما أيضا توجب فروقا من وجوه اخر فاعلم ذلك.





 مصادر و المراجع :

١- معجم الفروق اللغوية

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید