المنشورات

الفرق بين المعرفة والعلم

 أن المعرفة أخص من العلم لانها علم بعين الشئ مفصلا عما سواه، والعلم يكون مجملا ومفصلا قال الزهري: لا أصف الله بأنه عارف ولا أعنف من يصفه بذلك لان المعرفة مأخوذة من عرفان الدار يعني آثارها التي تعرف بها، قال ولا يجوز أن يكون علم الله تعالى بالاشياء من جهة الاثر والدليل، قال والمعرفة تمييز المعلومات فأومأ إلى أنه لا يصفه بذلك كما لا يصفه بأنه مميز، وليس ما قاله بشئ لان آثار الدار إن كانت سميت عرفانا فسميت بذلك لانها طريق إلى المعرفة بها وليس في ذلك دليل على أن كل معرفة تكون من جهة الاثر والدليل، وأما وصف العارف بأنه يفيد تمييز المعلومات في علمه فلو جعله دليلا على أن الله عارف كان أولى من المعلومات متميزة في علمه بمعنى أنها متخيلة له وإنما لم يسم علمه تمييزا لان التمييز فينا هو إستعمال العقل بالنظر والفكر اللذين يؤديان إلى تمييز المعلومات فلم يمتنع أن توصف معلوماته بأنها متميزة وإن كان لا يوصف بأنه مميز لان تميزها صفة لها لا له والمعرفة بها تفيد ذلك فيها لا فيه فكل معرفة علم وليس كل علم معرفة وذلك أن لفظ المعرفة يفيد تمييز المعلوم من غيره ولفظ العلم لا يفيد ذلك إلا بضرب آخر من التخصيص في ذكر المعلوم، والشاهد قول أهل اللغة إن العلم يتعدى إلى مفعولين ليس لك الاقتصار على أحدهما إلا أن يكون بمعنى المعرفة تعالى " لا تعلمونهم الله يعلمهم " (1) أي لا تعرفونهم الله يعرفهم، وإنما كان ذلك كذلك لان لفظ العلم مبهم فإذا قلت علمت زيدا فذكرته بإسمه الذي يعرفه به المخاطب لم يفد فإذا قلت قائما أفدت لانك دللت بذلك على أنك علمت زيدا على صفة جاز أن لا تعلمه عليها مع علمك به في الجملة، وإذا قلت عرفت زيدا أفدت لانه بمنزلة قولك علمته متميزا من غيره فاستغنى عن قولك متميزا من غيره لما في لفظ المعرفة من الدلالة على ذلك.
والفرق بين العلم والمعرفة إنما يتبين في الموضع الذي يكون فيه جملة غير مبهمة ألا ترى أن قولك علمت أن لزيد ولدا وقولك عرفت أن لزيد ولدا يجريان مجرى واحدا.






مصادر و المراجع :

١- معجم الفروق اللغوية

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید