المنشورات

الفرق بين العقل والنفس والروح

 قال بعض المحققين: العقل جوهر مجرد عن المادة، وهو الذي يدرك المعاني الكلية والحقائق المعنوية.
مشتق من عقل البعير عقلا، إذا شده، سمي به، لانه يمنع صاحبه عن ارتكاب مالا ينبغي، مثل العقال.
وهذا الجوهر سمي نفسا باعتبار تعلقه بالبدن، وهي النفس الناطقة، ويسمى عقلا باعتبار نسبته إلى عالم القدس لما فيه من
معنى الاشتقاق.
قال بعض الافاضل: العقل يطلق في كلام العلماء على عشرة معان.
وفي الاحاديث على ثلاثة معان: أحدها: الطبيعة التي خص بها الانسان يميز بها بين الخير والشر.
ويقابلها الجنون، وأدنى مراتبه مناط التكليف، وهو موجود في المؤمن والكافر.
وثانيها: الطبيعة التي بها مناط السعادة الاخروية، وهي القوة الداعية إلى الخيرات الصارفة عن اكتساب السيئات.
وإليه أشار الصادق عليه السلام بقوله: " من كان عاقلا كان له دين، ومن كان له دين دخل الجنة.
" وقوله عليه السلام: " العقل: ما عبد به الرحمان واكتسب به الجنان ".
وثالثها: ما كان بمعنى العلم أخذا من التعقل وهو المعنى المقابل للجهل.
كما في قول الرضا عليه السلام: " صديق كل امرئ عقله، وعدوه جهله ".
ومثله حديث العقل، وجنوده، والجهل وجنوده.
وأما النفس: فتطلق على النفس الناطقة كما عرفت، وهي المعبر عنها بقولك: (أنا) .
وهي التي عنى الله سبحانه [21 / أ] بقوله تعالى: " أن النفس بالنفس " (1) .
وعلى العقل كما عرفت باعتبار تعلقه بالبدن، وهي النفس الناطقة.
وعلى القوة الداعية إلى الشرور، والموقعة صاحبها في المحذور.
وهي التي عنى الله سبحانه بقوله: " إن النفس لامارة بالسوء " (1) .
وعلى الروح أيضا، كما ورد في الاخبار، وكما ورد في حسنة إدريس القمي (2) قال: سمعت أبا عبد الله يقول: إن الله عزوجل يأمر ملك الموت برد نفس المؤمن ليهون عليه ويخرجها من أحسن وجهها فيحصل من ذلك أن للعقل ثلاثة إطلاقات، وللنفس أربعة.
وإن كلا منهما يطلق على الآخر في مادة وتنفرد النفس في ثلاث، فيكون بينهما عموم وخصوص من وجه.
وأما الروح: فهي ما به الحياة.
وقد تطلق على النفس أيضا.
قلت: ويؤيد هذا الفرق ما رواه العياشي (3) عن الباقر عليه السلام في تفسير قوله تعالى: " الله يتوفى الانفس حين موتها والتي لم تمت في منامها " (4) قال: " ما من أحد ينام إلا عرجت نفسه إلى السماء وبقيت روحه في بدنه وصار بينهما سبب كشعاع الشمس، فإن أذن الله في قبض روح أجابت الروح النفس.
وإن أذن الله في رد الروح أجابت النفس الروح ... " الحديث.
والظاهر أن المراد برد (5) الروح إبقاؤها في البدن.
وقال بعض المفسرين في تفسير الآية: إن التوفي مستعمل في الاول حقيقة، وفي الثاني مجازا (6) .
والتي تتوفى عند الموت هي نفس الحياة التي إذا زالت زالت معها النفس، والتي تتوفى عند النوم هي النفس التي بها العقل، والتمييز، وهي التي تفارق النائم فلا يعقل (1) .
والفرق بين قبض النوم وقبض الموت أن قبض النوم يضاد اليقظة وقبض الموت يضاد الحياة.
(اللغات) .






مصادر و المراجع :

١- معجم الفروق اللغوية

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید