المنشورات

(قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (سُبْحَانَكَ) : سُبْحَانَ اسْمٌ وَاقِعٌ مَوْقِعَ الْمَصْدَرِ، وَقَدِ اشْتُقَّ مِنْهُ سَبَّحْتُ وَالتَّسْبِيحُ، وَلَا يَكَادُ يُسْتَعْمَلُ إِلَّا مُضَافًا ; لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تُبَيِّنُ مَنِ الْمُعَظَّمُ، فَإِذَا أُفْرِدَ عَنِ الْإِضَافَةِ كَانَ اسْمًا عَلَمَا لِلتَّسْبِيحِ لَا يَنْصَرِفُ لِلتَّعْرِيفِ، وَالْأَلِفُ وَالنُّونُ فِي آخِرِهِ مِثْلَ عُثْمَانَ، وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ مُنَوَّنًا عَلَى نَحْوِ تَنْوِينِ الْعَلَمِ إِذَا نُكِّرَ، وَمَا يُضَافُ إِلَيْهِ مَفْعُولٌ بِهِ ; لِأَنَّهُ الْمُسَبَّحُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا ; لِأَنَّ الْمَعْنَى تَنَزَّهْتَ، وَانْتِصَابُهُ عَلَى الْمَصْدَرِ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ سَبَّحْتُ اللَّهَ تَسْبِيحًا.
(إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا) : مَا مَصْدَرِيَّةٌ ; أَيْ إِلَّا عِلْمًا عَلَّمْتَنَاهُ، وَمَوْضِعُهُ رَفْعٌ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ مَوْضِعِ لَا عِلْمَ كَقَوْلِكَ: لَا إِلَهُ إِلَّا اللَّهُ.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَا بِمَعْنَى الَّذِي، وَيَكُونُ عِلْمٌ بِمَعْنَى مَعْلُومٍ أَيْ لَا مَعْلُومَ لَنَا إِلَّا الَّذِي عَلَّمْتَنَاهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِالْعِلْمِ ; لِأَنَّ اسْمَ لَا إِذَا عَمِلَ فِيمَا بَعْدَهُ لَا يُبْنَى. (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ) : أَنْتَ مُبْتَدَأٌ، وَالْعَلِيمُ خَبَرُهُ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ إِنَّ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَنْتَ تَوْكِيدًا لِلْمَنْصُوبِ، وَوَقَعَ بِلَفْظِ الْمَرْفُوعِ لِأَنَّهُ هُوَ الْكَافُ فِي الْمَعْنَى ; وَلَا يَقَعُ هَاهُنَا إِيَّاكَ لِلتَّوْكِيدِ ; لِأَنَّهَا لَوْ وَقَعَتْ لَكَانَتْ بَدَلًا، وَإِيَّاكَ لَمْ يُؤَكَّدْ بِهَا.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَصْلًا لَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ.
وَ (الْحَكِيمُ) : خَبَرٌ ثَانٍ، أَوْ صِفَةٌ لِلْعَلِيمِ عَلَى قَوْلِ مَنْ أَجَازَ صِفَةَ الصِّفَةِ، وَهُوَ صَحِيحٌ ; لِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ هِيَ الْمَوْصُوفُ فِي الْمَعْنَى.
وَالْعَلِيمُ بِمَعْنَى الْعَالِمِ. وَأَمَّا الْحَكِيمُ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْحَاكِمِ، وَأَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْمُحْكَمِ.





مصادر و المراجع :

١-التبيان في إعراب القرآن

المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى : 616هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

<div>البيت من معلقة طرفة بن العبد. يقول: إنّ الأيام ستكشف لك ما كان مستترا عنك وستأتيك الأخبار من غي...

المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

<div>البيت لقطري بن الفجاءة، والخطاب لنفسه.</div><div>والشاهد: «فصبرا»، و «صبرا» حيث حذف منه فعله وه...

المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

<div>فما حسن أن تأتي الأمر طائعا … وتجزع أن داعي الصبابة أسمعا</div><div>قفا ودعا نجدا ومن حل بالحمى...

المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

<div>البيت لامرئ القيس من معلقته.</div><div>وقوله: أفاطم: الهمزة لنداء القريب، وفاطم: بالفتح، منادى...

المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

منسوب إلى أبي النجم، وقيل لغيره.<br><div><div>والبيت شاهد على استخدام المثنى بالألف دائما وهو «غايتا...

المزید