المنشورات

(قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (31))

قَوْلُهُ تَعَالَى: (يُقِيمُوا الصَّلَاةَ) : فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ; أَحَدُهَا: هُوَ جَوَابُ «قُلْ» وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ ; تَقْدِيرُهُ: قُلْ لَهُمْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ يُقِيمُوا ; أَيْ إِنْ تَقُلْ لَهُمْ يُقِيمُوا ; قَالَهُ الْأَخْفَشُ.
وَرَدَّهُ قَوْمٌ ; قَالُوا: لِأَنَّ قَوْلَ الرَّسُولِ لَهُمْ لَا يُوجِبُ أَنْ يُقِيمُوا. وَهَذَا عِنْدِي لَا يُبْطِلُ قَوْلَهُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْعِبَادِ الْكُفَّارَ بَلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِذَا قَالَ الرَّسُولُ لَهُمْ: أَقِيمُوا الصَّلَاةَ، أَقَامُوهَا ; وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: «لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا» .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: حُكِيَ عَنِ الْمُبَرِّدِ، وَهُوَ أَنَّ التَّقْدِيرَ: قُلْ لَهُمْ أَقِيمُوا، يُقِيمُوا ; فَيُقِيمُوا الْمُصَرَّحُ جَوَابُ أَقِيمُوا الْمَحْذُوفِ، وَحَكَاهُ جَمَاعَةٌ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِإِفْسَادِهِ ; وَهُوَ فَاسِدٌ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ يُخَالِفُ الشَّرْطَ، إِمَّا فِي الْفِعْلِ أَوْ فِي الْفَاعِلِ أَوْ فِيهِمَا، فَأَمَّا إِذَا كَانَ مِثْلَهُ فِي الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ فَهُوَ خَطَأٌ، كَقَوْلِكَ: قُمْ تَقُمْ، وَالتَّقْدِيرُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْوَجْهِ: إِنْ يُقِيمُوا يُقِيمُوا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْأَمْرَ الْمُقَدَّرَ لِلْمُوَاجَهَةِ، وَيُقِيمُوا عَلَى لَفْظِ الْغَيْبَةِ ; وَهُوَ خَطَأٌ إِذَا كَانَ الْفَاعِلُ وَاحِدًا. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ مَجْزُومٌ بِلَامٍ مَحْذُوفَةٍ، تَقْدِيرُهُ: لِيُقِيمُوا فَهُوَ أَمْرٌ مُسْتَأْنَفٌ، وَجَازَ حَذْفُ اللَّامِ لِدَلَالَةِ «قُلْ» عَلَى الْأَمْرِ.
وَ (يُنْفِقُوا) مِثْلَ يُقِيمُوا.
(سِرًّا وَعَلَانِيَةً) : مَصْدَرَانِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ.





مصادر و المراجع :

١-التبيان في إعراب القرآن

المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى : 616هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید