المنشورات
الجن والشياطين
هَذَا الجن ثلاثة أنواع: جان، وجن، وشياطين، ولا خلاف أَن الكل خلقوا قبل آدَم.
فأما الجان: ففيه ثلاثة أقوال، أحدها: أَنَّهُ أَبُو الجن، رواه أَبُو صَالِح، والضحاك عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ مخلوق من نار.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، قَالَ: أخبرنا ابن المذهب، قال: أخبرنا أحمد بْن جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ 55: 15، وَخُلِقَتِ الْمَلائِكَةُ مِنْ نُورٍ» . وَرَوَى الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الْمَارِجُ لِسَانُ النَّارِ الَّذِي يَكُونُ فِي طَرَفِهَا إِذَا الْتَهَبَتْ.
وَرَوَى عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو الْجِنِّ اسْمُهُ سوما [2] ، فَقَالَ اللَّه لَهُ:
تَمَنَّ، فَقَالَ: أَتَمَنَّى أَنْ نَرَى وَلا نُرَى، وَأَنْ نَغِيبَ فِي الثَّرَى، وَأَنْ يَصِيرَ كَهْلَنَا شَابًا، فَأُعْطِيَ ذَلِكَ، فَإِنَّ الدَّهْرَ لَيَمُرُّ عَلَى إِبْلِيسَ فَيُهْرِمُهُ ثُمَّ يُصْبِحُ، وَهُوَ ابْنُ ثَلاثِينَ سَنَةً.
وَالثَّانِي: أَن الجان هُوَ الاثنين، قاله الْحَسَن، وعطاء، وَقَتَادَة، ومقاتل. [3] والثالث: أَن الجان مسيخ الجن.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَاكِمُ، وَيَحْيَى بْنُ محمد المدبر، قالوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ النَّقُورِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عبيد الله بن جشامة، قَالَ: حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عباس، قال: الْجَانُ مَسِيخُ الْجِنِّ، كَمَا أَنَّ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ مَسِيخُ الإِنْسِ.
وَأَمَّا الشياطين: فَكُل متجبر عات من الجن. وَهُوَ مأخوذ من شطن أي بَعْد عَن الخير وقيل بَعْد غوره فِي الشر. وَكَذَلِكَ المارد والعفريت.
وَقَدْ رَوَى الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الشَّيَاطِينُ وِلْدَانُ إِبْلِيسَ لا يَمُوتُونَ إِلا مَعَ إِبْلِيسَ.
وَالْجِنُّ: يَمُوتُونَ، وَمِنْهُمُ الْمُؤْمِنُ وَمِنْهُمُ الْكَافِرُ.
وَقَالَ السدي: فِي الجن شيعة وقدرية ومرجئة.
قَالَ عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن العاص: خلق اللَّه الجن قبل آدَم بألفي سَنَة.
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الْغِيلانِ، فَقَالَ: «هِيَ شَجَرَةُ الْجِنِّ» . وَقِيلَ عِنْدَ عُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّ الْغِيلانَ تَتَحَوَّلُ عَنْ خَلْقِهَا، فَقَالَ:
إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يَتَحَوَّلُ عَنْ خَلْقِهِ، وَلَكِنْ لَهُمْ سَحَرَةٌ كَسَحَرَتِكُمْ، فَإِذَا أَحْسَسْتُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَأَذِّنُوا.
وروى أبو الدرداء، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ الْجِنَّ عَلَى ثَلاثَةِ أَصْنَافٍ، صنف حيات وعقارب وَخَشَاشِ الأَرْضِ، وَصِنْفٍ كَالرِّيحِ فِي الْهَوَاءِ، وَصِنْفٍ عَلَيْهِم الْحِسَابُ وَالْعِقَابُ.
وَخَلَقَ الإِنْسَ عَلَى ثَلاثَةِ أَصْنَافٍ: صِنْفٍ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَعْقِلُونَ بِهَا، وَصِنْفٌ أَجْسَادُهُمْ أَجْسَادُ بَنِي آَدَمَ وَأَرْوَاحَهُمْ أَرْوَاحُ الشَّيَاطِينَ، وَصِنْفٍ فِي ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهِ» [1] .
واختلف النَّاس هل يدخل مسلمو الجن الْجَنَّة؟ فَقَالَ الضَّحَّاك: يدخلون الْجَنَّة ويأكلون ويشربون.
وَقَالَ مجاهد: يدخلونها ولكن لا يأكلون فِيهَا ولا يشربون، يلهمون من التسبيح والتقديس مَا يجد أَهْل الْجَنَّة من لذيذ الطعام والشراب.
وَقَالَ ليث بْن أَبِي سليم: ثوابهم أَن يجاروا من النار، ويقال لَهُمْ: كونوا ترابا.
مصادر و المراجع :
١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك
المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
(المتوفى: 597هـ)
16 ديسمبر 2023
تعليقات (0)