المنشورات
آدَم أخذ فِي البكاء إِلَى أَن نزلت عَلَيْهِ التوبة:
قَالَ ابْن عَبَّاس: بكى آدَم وحواء عَلَى مَا فاتهما من نعم الْجَنَّة مائتي سَنَة، لَمْ يأكلا وَلَمْ يشربا أربعين يوما، وَلَمْ يقرب آدَم حواء مائة سَنَة [8] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الْوَهَّاب بْن الْمُبَارَك، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن بْن عَبْد الْجَبَّارِ، أَخْبَرَنَا عَلِي بْن أَحْمَد الملطي، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن دوست، حَدَّثَنَا ابْن صَفْوَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن، حَدَّثَنَا روح بْن عُبَادَة، حَدَّثَنَا هِشَام، عَنْ الْحَسَن، قال: أهبط آدم [من] [1] الجنة فبكى ثلاثمائة سَنَة لا يرفع رأسه إِلَى السماء ولا يلتفت إِلَى المرأة ولا يضع يده عَلَيْهَا [2] .
قَالَ القرشي: وحدثنا مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن أَبِي حاتم، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْد بْن يُونُس، عَنْ أَبِي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ، عَنْ أَبِي الهذيل، عَنْ وهب بْن منبه، قَالَ: أوحى اللَّه إِلَى آدَم: يا آدَم مَا هذه الكآبة الَّتِي بوجهك والبلية الَّتِي قَدْ أحاطت بك؟ قَالَ: خروجي من دار البقاء إِلَى دار الفناء، من دار النعم إِلَى دار الشقاء. قَالَ: ثُمَّ إِن آدَم سجد سجدة عَلَى جبل الهند مائة عام يبكي حَتَّى جرت دموعه فِي وادي سرنديب، فأنبت اللَّه لِذَلِكَ الوادي من دموع آدَم الدار صيني والقرنفل، وجعل طير ذَلِكَ الوادي الطواويس، ثُمَّ إِن جبريل أتاه فَقَالَ: يا آدَم ارفع رأسك فَقَدْ غفر لَكَ، فرفع رأسه ثُمَّ أتى الْبَيْت فطاف أسبوعا فَمَا أتمه حَتَّى خاض فِي دموعه إِلَى ركبتيه ثُمَّ أتى موضع المقام وصلى فِيهِ ركعتين، وبكى حَتَّى جرت دموعه عَلَى الأَرْض.
قُلْت: وَكَانَ السبب فِي قبول توبة آدَم أَنَّهُ تلقى كلمات فقالها فتيب عليه، وذلك قوله تعالى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ 2: 37 [3] .
واختلف المفسرون فِي تلك الكلمات عَلَى وجوه قَدْ ذكرناها فِي التفسير [4] ، والذي نختاره من الأقوال.
مَا أَخْبَرَنَا بِهِ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن حنيف، أَخْبَرَنَا عَلِي بْن الفضل، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الصَّمَد، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن خريم، حدثنا عبد الحميد بن حميد، حدثنا أَبُو غسان، حَدَّثَنَا مَالِك بْن إِسْمَاعِيل النهدي، عن زهير بْن مُعَاوِيَة الجشمي، عَنْ خصيف، عَنْ مجاهد: فَتَلَقَّى آدَمُ من رَبِّهِ كَلِماتٍ 2: 37 [1] . قَالَ: هُوَ قَوْله: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا ... 7: 23 [2] إِلَى آخر الآية [3] .
قَالَ قَتَادَة: تاب اللَّه عَلَى آدَم يَوْم عاشوراء.
ومن الأحداث:
إِن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أنزل ياقوتة من ياقوت الْجَنَّة، فجعلها فِي موضع الكعبة، وأمر آدَم أَن يتوجه إِلَى مَكَّة فيطوف.
قَالَ قَتَادَة: قَالَ اللَّه: يا آدَم إني أهبطت لَكَ بيتا تطوف بِهِ كَمَا يطاف حول عرشي، وتصلي عنده/ كَمَا يصلى عِنْدَ عرشي، فانطلق إِلَيْهِ آدَم فمد لَهُ فِي خطوه وَكَانَ بَيْنَ خطوه مفازة، فلم تزل تلك المفاوز بَعْد ذَلِكَ، فأتى الْبَيْت فطاف بِهِ.
وَفِي حَدِيث أَبِي صَالِح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَن آدَم بنى الْبَيْت من خمسة أجبل من طور سيناء، وطور زيتا ولبنان والجودي، وبنى قواعده من حراء، فلما فرغ من بنائه خرج بِهِ الْمَلِك إِلَى عرفات، فأراه المناسك الَّتِي يفعلها النَّاس، ثُمَّ قدم بِهِ مَكَّة فطاف بالبيت أسبوعا.
قَالَ ابْن عَبَّاس: حج من الهند أربعين حجة عَلَى رجليه.
وقيل: إِن آدَم التقى بحواء عَلَى عرفات فتفارقا ثُمَّ رجع بها إِلَى الهند فاتخذا مغارة يأويان إِلَيْهَا.
ومن الأحداث:
إِن اللَّه تَعَالَى مسح ظهر آدَم بنعمان، وأخرج ذريته.
أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ، أخبرنا الحسن بن عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ يَعْنِي ابْنَ حَازِمٍ، عَنْ كَلْثُومَ بْنِ جَبْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«أَخَذَ اللَّهُ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آَدَمَ بِنُعْمَانَ- يَعْنِي عَرَفَةَ- فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَةٍ ذَرَأَهَا فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذُّرِّ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قَبْلا، قَالَ: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ 7: 172 [1] . أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ الرُّمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبُيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلّ: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ من ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ 7: 172، قَالَ: جَمَعَهُمْ فَجَعَلَهُمْ أَزْوَاجًا ثُمَّ صَوَّرَهُمْ وَاسْتَنْطَقَهُمْ فَتَكَلَّمُوا ثُمَّ أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ 7: 172 قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُ عَلَيْكُمُ السَّمَواتِ السَّبْعَ وَالأَرْضِينَ السَّبْعِ وَأُشْهِدُ عَلَيْكُمْ أَبَاكُمْ آَدَمَ أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمْ نَعْلَمْ بِهَذَا، اعْلَمُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ غَيْرِي، وَلا تُشْرِكُوا بِي شَيْئًا، سَأُرْسِلُ إِلَيْكُمْ رُسُلِي يَذَكِّرُونَكُمْ عَهْدِي وَمِيثَاقِي، وَأُنْزِلُ عَلَيْكُمْ كُتُبِي، قَالُوا: شَهِدْنَا بِأَنَّكَ رَبَّنَا وَإِلَهَنَا لا رب لنا غيرك، فرفع عليهم آَدَمُ يَنْظُرُ إِلَيْهُمْ فَرَأَى الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ وَالْحَسَنَ الصُّورَةَ وَدُونَ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا رَبِّ أَلا سَوَّيْتَ بَيْنَ عِبَادِكَ، فَقَالَ: إِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ أُشْكَرَ، وَرَأَى [آدَم] [2] الأَنْبِيَاءَ فِيهِمْ مِثْلَ السِّرَجِ عليهم النور، خصوا بميثاق أخرى فِي الرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ أَخَذْنا من النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ ... 33: 7 إلى قوله ... عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ 2: 87 [3] وَكَانَ فِي تِلْكَ الأَرْوَاحِ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا أَبُو بَكْر بْن مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا مَالِكُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، أَنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَهُ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ الْجُهَنِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ:
«إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ آَدَمَ ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ بِيَمِينِهِ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرَّيَّةً، فَقَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلاءِ لِلْجَنَّةِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ، ثُمَّ مَسَحَ عَلَى ظَهْرِهِ فَاسْتَخْرَجَ [مِنْهُ] [1] ذُرَّيَّةً، فَقَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلاءِ لِلنَّارِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ [يعملون] » [2] . فقال رجل: يا رسول الله ففيم العمل؟ فقال: «إن الله عز وجل إِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلْجَنَّةِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّة، فَإِذَا خَلَقَ الْعَبْدُ لِلنَّارِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ عَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيُدْخِلُهُ بِهِ النَّارَ» [3] .
قَالَ أَحْمَد: وَحَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن [ابن] [4] عباس، قال: لما نزلت آية الدّين، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنَّ أَوَّلَ مَنْ جَحَدَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَأَخْرَجَ مِنْهُ مَا هُوَ ذَارٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَجَعَلَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ ذُرِّيَتَهُ، فَرَأَى فيهم رجل يُزْهِرُ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: ابْنُكَ دَاوُدُ، قَالَ: أَيْ رَبِّ كَمْ عُمْرُهُ؟ قَالَ: سِتُّونَ عَامًا، قَالَ: أَيْ رَبِّ زِدْ فِي عُمْرِهِ، قَالَ: لا إِلا أَنْ أَزِيدَهُ مِنْ عُمْرِكَ [5]- وَكَانَ عُمْرُ آدَمَ أَلْفَ عَامٍ- فَزَادَهُ [مِنْ عُمْرِهِ] [6] أَرْبَعِينَ عَامًا فَكَتَبَ اللَّهُ عليه بِذَلِكَ كِتَابًا، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ الْمَلائِكَةَ، فَلَمَّا احْتُضِرَ آدم وأتته الملائكة لتقبضه، قال: إنه قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعُونَ عَامًا، فَقِيلَ: إِنَّكَ وَهَبْتَهَا لابْنِكَ دَاوُدَ، قَالَ: مَا فَعَلْتُ، فَأَبْرَزَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ الْمَلائِكَةَ» . وَقَدْ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ الأَشِيبِ، عَنْ حَمَّادٍ فَزَادَ فِيهِ: « ... ثُمَّ أَكْمَلَ اللَّهُ لآَدَمَ أَلْفَ سنة، وأكمل لداود مائة سنة» [7] .
مصادر و المراجع :
١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك
المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
(المتوفى: 597هـ)
16 ديسمبر 2023
تعليقات (0)